على أنّ تلك المحاكمة لو صحّت في نفسها لم تمنع من تقدّم إسلام أمير المؤمنين عليهالسلام على أبي بكر وخديجة وزيد ؛ لأنّ تقدّم إسلامهم على أمثالهم لا ينافي تقدّم إسلام صبيّ على إسلامهم ، كما صرّح بعض الأخبار بتقدّم إسلامه على إسلام أبي بكر (١).
والحقّ أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام ولد مسلما مقرّا بشهادة : أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كالنبيّ ، فإنّهما معصومان طاهران من حين ولادتهما.
أترى أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان غير مؤمن بربّه ، ولا عارفا بنبوّته ، كما يتخيّله الجاهلون ، حتّى زعموا أنّ خديجة وورقة علّماه نبوّته ، كما سبق في آخر « مباحث النبوّة » (٢)؟!
كيف لا؟! وقد خلقهما الله سبحانه نورا واحدا قبل أن يخلق آدم كما مرّ (٣) ..
وهما خيرة الله من أرضه ؛ روى الحاكم في « المستدرك » (٤) ، عن أبي هريرة ، وصحّحه على شرط الشيخين ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أما ترضين أنّ الله اطّلع إلى أهل الأرض فاختار رجلين ، أحدهما أبوك ، والآخر بعلك ».
__________________
(١) المعارف ـ لابن قتيبة ـ : ٩٩ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٣ ، الرياض النضرة ٣ / ١١٠ ، ذخائر العقبى : ١١١ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٣ / ٢٠٠ و ٢٢٨ ، كنز العمّال ١٣ / ١٦٤ ح ٣٦٤٩٨.
(٢) راجع : ج ٤ / ١٣٧ ـ ١٤١ من هذا الكتاب.
(٣) تقدّم في مبحث حديث النور ، في الصفحات ٥ ـ ٢٢ من هذا الجزء.
(٤) ص ١٢٩ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٤٠ ح ٤٦٤٥ ]. منه قدسسره.