فكيف يصحّ عندهم حمل الخلفاء الاثني عشر على الصلحاء؟!
على أنّ الحكم بصلاح من زعمهم من الصلحاء باطل ؛ لما ستعرف في الجزء الثالث (١).
وأمّا ابن عبد العزيز (٢) ؛ فيكفيه أنّه من الشجرة الملعونة في القرآن (٣) ، الّذين رآهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ينزون على منبره نزو القردة ،
__________________
(١) سيأتي ذلك في الجزء السابع وفق تجزئتنا الجديدة للكتاب.
(٢) هو : أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص ، وأمّه : أمّ عاصم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطّاب.
ولد سنة ٦٣ ه ، وولي الخلافة بعهد من سليمان بن عبد الملك سنة ٩٩ ه ، ودامت أيّام ملكه سنتين وخمسة أشهر وخمسة أيّام.
جلد رجلا بالسوط لشتمه معاوية.
كان مترفا منعّما ، يختال في مشيته ، من أعطر الناس وألبسها ، كان يشترى له الثوب بأربعمئة دينار ، وعندما يلمسه يقول : ما أخشنه وأغلظه!
قال عبد الله بن عطاء التميمي : كنت مع عليّ بن الحسين في المسجد ، فمرّ عمر بن عبد العزيز وعليه نعلان شراكهما فضّة ، وكان من أمجن الناس وهو شابّ.
وقال بعضهم : كنّا نعطي الغسّال الدراهم الكثيرة حتّى يغسل ثيابنا في أثر ثياب عمر بن عبد العزيز ؛ من كثرة الطيب فيها ـ يعني : المسك ـ.
وكان هو أوّل خليفة دوّنت له صنعة الغناء والألحان ، فقد صنع أيّام إمارته على الحجاز سبعة ألحان يذكر سعاد فيها كلّها!
كان من المتشدّدين بالقول بأنّ كلّ شيء بقضاء وقدر ، قدرا لازما ، وقضاء مبرما حتميا ، لا دخل للعبد فيه ولا تأثير ؛ ليبرّر للأمويّين سياستهم وتسلّطهم وأفعالهم ؛ وله رسالة في معتقده هذا ؛ وقد ناظر غيلان الدمشقي في ذلك ، وكان يقول له : يا غيلان! والله ما طنّ ذباب بيني وبينك إلّا بقدر.
انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٥ / ٢٥٣ و ٢٥٧ ، الأغاني ٩ / ٢٨٩ و ٣٠٠ ، حلية الأولياء ٥ / ٣٤٦ ـ ٣٥٣ ، الاستيعاب ٣ / ١٤٢٢ ، تاريخ دمشق ٤٨ / ١٩٣ ، مناقب آل أبي طالب ٤ / ١٥٥ ، سير أعلام النبلاء ٥ / ١١٤ رقم ٤٨.
(٣) إشارة إلى قول الله عزّ وجلّ : ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ... ) سورة الإسراء ١٧ : ٦٠.