في حديث الترمذي عن جابر (١) ، وحديث أحمد عن أبي سعيد (٢).
فإنّ كلّ واحد من هذه الأقوال صريح في بطلان خلافة المشايخ الثلاثة ؛ لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم رتّب عدم ضلال أمّته دائما وأبدا على التمسّك بالثقلين.
وبالضرورة ، أنّ الضلال واقع ولو أخيرا ؛ لاختلاف الأديان وفساد الأعمال ، فيعلم أنّهم لم يتمسّكوا في أوّل الأمر بالعترة والكتاب ، وأنّ خلافة الثلاثة خلاف التمسّك بهما ، ولذا وقع الضلال.
ولا يرد النقض بأنّ الأمّة تمسّكت بالعترة ـ حين بايعت عليّا عليهالسلام ـ ومع ذلك وقع الضلال المذكور ؛ وذلك لأنّ المراد هو التمسّك بالعترة كالكتاب بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا فصل.
على أنّ الأمّة لم تتمسّك بعليّ عليهالسلام بعد مبايعته ؛ لمخالفة الكثير منهم له حتّى انقضت أيّامه بحرب الأمّة.
فأين تمسّكها بالعترة؟! وأين تمسّكها بالكتاب ، وهو قد قاتلهم على تأويله؟!(٣).
فإن قلت : لعلّ المراد : أنّكم إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ما دمتم متمسّكين بهما ، فلا يدلّ ضلالهم أخيرا على عدم تمسّكهم أوّلا.
قلت : هذا احتمال خارج عن الظاهر ، حتّى بلحاظ قوله ـ في خبري الترمذي المذكورين ـ : « ما إن تمسّكتم به » و « ما إن أخذتم به » ؛ لأنّ « ما » فيهما مفعول به ل « تركت » و « تارك » ، لا ظرفية زمانية.
__________________
(١) سنن الترمذي ٥ / ٦٢١ ح ٣٧٨٦.
(٢) ص ٥٩ من الجزء الثالث. منه قدسسره.
(٣) راجع : ج ٥ / ٨٥ وما بعدها من هذا الكتاب.