فكيف يستفيض بينهم نقل هذه الفضيلة العظيمة؟!
وثانيا : إنّه منقوض بانشقاق القمر ، الذي هو معجزة لنبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) ، ولا يشاركه فيها عليّ حتّى تتوفّر الدواعي إلى إخفائها ، ومع ذلك لم يروها أكثر من رواة ردّ الشمس.
ودعوى ابن تيميّة الفرق بأنّ انشقاق القمر كان بالليل وقت نوم الناس (٢) ، باطلة ؛ لما في « صحيح البخاري » في تفسير : ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ) (٣) ، عن أنس ، قال : سأل أهل مكّة أن يريهم آية ، فأراهم انشقاق القمر (٤).
وفي « سنن الترمذي » ، في تفسير هذه السورة ، عن جبير بن مطعم ، قال : انشقّ القمر على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى صار فرقتين ، على هذا الجبل ، وعلى هذا الجبل ؛ فقالوا : سحرنا محمّد! فقال بعضهم : لئن كان سحرنا فما يستطيع أن يسحر الناس كلّهم (٥).
وثالثا : إنّ السبب في عدم تواتر نقل مثل هذه الوقائع في الكتب ، هو أنّ عامّة الناس كانوا أمّيّين ، وما كان التاريخ والتأليف مألوفا بين من يعرف الكتابة منهم ، بلا فرق بين المسلمين وغيرهم ؛ ولذا لم يعرف مؤلّف في تلك العصور ، ولم يصل إلينا من معجزات النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا القليل ،
__________________
(١) صحيح البخاري ٥ / ٥٩ ـ ٦٠ ح ١٣٧ ـ ١٣٩ ، صحيح مسلم ٨ / ١٣٢ ـ ١٣٣ ، مسند أحمد ١ / ٣٧٧ و ٤١٣ و ٤٤٧ وج ٣ / ٢٧٥ وج ٤ / ٨٢ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٢ / ٢٦٢ ـ ٢٦٨ ، الشفا بتعريف حقوق المصطفى ١ / ٢٨٠ ـ ٢٨٣.
(٢) منهاج السنّة ٨ / ١٧١.
(٣) سورة القمر ٥٣ : ١.
(٤) صحيح البخاري ٦ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ح ٣٦١.
(٥) سنن الترمذي ٥ / ٣٧٢ ح ٣٢٨٩.