وفي « الصواعق » ، في أوّل الباب المذكور ، عن أحمد وابن أبي حاتم ، عن أنس ، قال : « جاء أبو بكر وعمر يخطبان فاطمة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فسكت ولم يرجع إليهما شيئا ، فانطلقا إلى عليّ يأمرانه بطلب ذلك ... » الحديث (١).
ثمّ قال : « وفي رواية أخرى عن أنس أيضا ، عند أبي الخير القزويني الحاكمي : خطبها بعد أن خطبها أبو بكر ثمّ عمر ، فقال : قد أمرني ربّي بذلك ... » الحديث (٢).
وفي هذا دلالة أخرى على عدم أهليّتهما للتزويج بسيّدة النساء ؛ فإنّ منعهما ـ دون عليّ عليهالسلام بأمر الله ـ كاشف عن أنّ النظر في أمرها راجع إلى الله سبحانه مع وجود أبيها سيّد النبيّين ، الذي هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم.
كما عرفه عمر حيث قال في رواية ابن جرير المذكورة : « إنّه ينتظر أمر الله فيها » ، وليس ذلك إلّا لعظم شأنها عند الله تعالى وكرامتها عليه ، فلا يزوّجها إلّا بمن هو أهل لها ويليق بقدرها الرفيع ، فزوّجها في السماء بسيّد أوليائه ؛ وهو أدلّ دليل على فضله على الشيخين عند الله عزّ وجلّ وعند رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ والأفضل أحقّ بالإمامة.
ويا هل ترى أنّ الله تعالى يصون عنهما تزويج فاطمة ، ولا يعقبه ضرر ظاهرا ، وهو يرضى أن تزف إليهما إمامة الأمّة والحكم في الدين والدنيا ، والنفس والنفيس؟!
وأعظم من هذه الأحاديث في الدلالة على عدم أهليّتهما للزهراء
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ٢١٨.
(٢) الصواعق المحرقة : ٢١٨ و ٢١٩.