وهو آخذ بيد عليّ يقول : « هذا أمير البررة ، وقاتل الفجرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله ـ يمدّ بها صوته ـ ، أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب » (١).
وهذا الذي رواه الحاكم عن جابر ، لكنّه ذكر صدر الحديث في مقام متأخّر (٢) ، وقد زعم ابن الجوزي أنّها كلّها موضوعة ؛ مستندا إلى اضطراب إسناد بعضها ، وجهل بعض الرواة في بعضها ، وأنّ بعضهم لا يجوز الاحتجاج به ، وبعضهم متّهم بسرقة هذا الحديث ، وبعضهم كذّاب (٣).
وأنت تعلم أنّ هذا لو تمّ لا يستوجب الحكم بوضع الحديث مع استفاضة طرقه ؛ وغاية ما يقتضيه ـ على نظر ـ عدم الاعتماد عليها.
على أنّ السيوطي في « اللآلئ » قد تعقّبه فقال : « حديث عليّ أخرجه الترمذي ، وحديث ابن عبّاس أخرجه الحاكم في ( المستدرك ) » ؛ ثمّ نقل كلام الحاكم الذي أشرنا إليه (٤).
ونقل عن الخطيب ، أنّه روى عن ابن معين توثيق أبي الصلت ، وأنّ القاسم بن عبد الرحمن الأنباري سأل ابن معين عن الحديث ، فقال : صحيح ..
قال الخطيب : أراد أنّه صحيح من حديث أبي معاوية (٥).
أقول : وفيه الكفاية في مطلوبنا.
__________________
(١) تاريخ بغداد ٢ / ٣٧٧ رقم ٨٨٧.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٨ ح ٤٦٣٩ وص ١٤٠ ح ٤٦٤٤.
(٣) الموضوعات ١ / ٣٥٣ ـ ٣٥٥.
(٤) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٠٤ ؛ وانظر : سنن الترمذي ٥ / ٥٩٦ ح ٣٧٢٣ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٧ ح ٤٦٣٧.
(٥) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٠٤ ؛ وانظر : تاريخ بغداد ١١ / ٤٩ ـ ٥٠ رقم ٥٧٢٨.