وقد أوضحنا أيضا في المبحث الثالث فساد قوله : « ولو لم يكن أبو بكر أصلح للأمامة ، لما اختاروه » .. فإنّ الاختيار لا يصلح أن يكون طريقا للإمامة ، على أنّ من اختاروه إنّما هم نفر محدود ، كما سبق (١).
ثمّ إنّ هذا الحديث ـ أعني : حديث الباب ـ قد رواه الحاكم في « المستدرك » (٢) من طرق ، عن ابن عبّاس ، وصحّحها ، وذكر في بعض طرقه أبا الصلت ، وقال : « ثقة مأمون » ، ونقل توثيقه عن ابن معين وأنّه قيل له : « أليس قد حدّث بهذا الحديث عن أبي معاوية؟! فقال : قد حدّث به جعفر بن محمّد الفيدي ، وهو ثقة مأمون ».
ومع ذلك زعم الذهبيّ أنّه موضوع ؛ لزعمه أنّ أبا الصلت ليس بثقة ولا مأمون (٣)!
وفيه : إنّه مناف لوصفه له في « ميزان الاعتدال » ب « الرجل الصالح » ، وقال : « إلّا أنّه شيعيّ جلد » (٤).
ولو سلّم أنّ أبا الصلت ليس ثقة ، فلا معنى للحكم بوضع الحديث مع رواية الفيدي الثقة له عن أبي معاوية.
وإذا صحّت الرواية إلى أبي معاوية فقد صحّ الحديث ؛ لأنّ أبا معاوية رواه عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس ؛ وكلّهم ثقات عندهم.
__________________
(١) راجع : ج ٤ / ٢٤٨ وما بعدها من هذا الكتاب.
(٢) ص ١٢٦ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٣٧ ح ٤٦٣٧ و ٤٦٣٨ ]. منه قدسسره.
وانظر : معرفة الرجال ـ لابن معين ـ ١ / ٧٩ رقم ٢٣١ وج ٢ / ٢٤٢ رقم ٨٣١ و ٨٣٢.
(٣) كما في « تلخيص المستدرك » ؛ انظر : المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٧ ح ٤٦٣٧.
(٤) ميزان الأعتدال ٤ / ٣٤٨ رقم ٥٠٥٦.