وإن ادّعى التواتر عند الشيعة والروافض ، فكلّ الناس يعلمون أنّ عدد الشيعة والروافض في كلّ عصر ، من العصر الأوّل إلى هذا العصر ، ما يبلغ حدّ الكثرة والاستفاضة ، فضلا عن حدّ التواتر ، فلا يمكن لهم دعوى التواتر في أيّ مدّعى كان.
وما ذكره من الأخبار في هذا الباب أكثرها ضعيف وموضوع ،
__________________
من العدم ، ممنوع ؛ لأنّ ذلك نشأ عن قلّة الإطّلاع على كثرة الطرق وأحوال الرجال وصفاتهم المقتضية لإبعاد العادة أن يتواطأوا على الكذب ، أو يحصل منهم اتّفاقا ...
قال : ومن أحسن ما يقرّر به كون المتواتر موجودا وجود كثرة في الأحاديث ، أنّ الكتب المشهورة المتداولة بأيدي أهل العلم شرقا وغربا ، المقطوع عندهم بصحّة نسبتها إلى مؤلّفيها ، إذا اجتمعت على إخراج حديث ، وتعدّدت طرقه تعدّدا تحيل العادة تواطؤهم على الكذب ، أفاد العلم اليقيني بصحّته إلى قائله ...
قال : ومثل ذلك في الكتب المشهورة كثير.
قلت : قد ألّفت في هذا النوع كتابا لم أسبق إلى مثله ، سمّيته : ( الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة ) ، مرتّبا على الأبواب ، أوردت فيه كلّ حديث بأسانيد من خرّجه ، وطرقه ، ثمّ لخّصته في جزء لطيف سمّيته : ( قطف الأزهار ) ، اقتصرت فيه على عزو كلّ طريق لمن أخرجها من الأئمّة ، وأوردت فيه أحاديث كثيرة ـ ثمّ ذكر مجموعة من الأحاديث ، إلى أن قال : ـ كلّها متواترة في أحاديث جمّة أودعناها كتابنا المذكور ، ولله الحمد ».
وللزبيدي صاحب « تاج العروس » كتاب « لقط اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة » ، أخرج فيه أكثر من سبعين حديثا متواترا ، واستدرك الكتّاني على السيوطي في كتاب « نظم المتناثر من الحديث المتواتر » ، وللشيخ نوح الحنفي رسالة في الأحاديث المتواترة.
وبعد هذا كلّه هل يصحّ أن يقال : ليس حديث متواتر إلّا قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « من كذب عليّ متعمّدا ... »؟!
انظر : مقدّمة ابن الصلاح : ١٥٧ ، المنهل الروي : ٣١ ـ ٣٢ ، لقط اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة : ١٧ وما بعدها ، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي ٢ / ١٧٦ ـ ١٧٨ ، مقباس الهداية ١ / ٩٢ وما بعدها.