و «لو» من حروف الشرط دالّة على انتفاء الأوّل لانتفاء الثاني ، ضرورة انتفاء الملزوم عند انتفاء لازمه. وفائدة هذه الشرطيّة إبداء المانع لذهاب سمعهم وأبصارهم مع قيام ما يقتضيه من البرق والرعد. وقوله : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) تقرير لهذه الشرطيّة ودليل عليها ، فإنّ المشيئة فرع القدرة.
ولمّا كان إسناد مشيئة الله تعالى بالأمور (١) القبيحة ، ونسبة إرادته إلى الأفعال السيّئة ـ كإيجاد الكفر والمعاصي في العباد ، على ما هو مذهب الأشاعرة ـ ضروريّ البطلان ، لاستلزامه رفع الاختيار الّذي هو مناط التكليف الشرعي ، وعموم قدرة الله تعالى على الأشياء لا يستلزم أن يكون كلّها في تحت مشيئته وإرادته كما لا يخفى ، فما قال البيضاوي : «إنّ فائدة هذه الشرطيّة التنبيه على أنّ تأثير الأسباب في مسبّباتها مشروطة بمشيئة الله تعالى ، وأنّ وجودها مرتبط بأسبابها واقع بقدرته ، وقوله : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) كالتصريح به والتقرير له» (٢) أمر غير معقول.
و «الشيء» ما يصحّ أن يوجد ، وهو يعمّ الواجب والممكن ، أو ما يصحّ أن يعلم ويخبر عنه ، فيعمّ الممتنع. ولمّا كان مشروطا (٣) في حدّ القادر أن لا يكون الفعل مستحيلا فالمستحيل مستثنى في نفسه عند ذكر القادر على الأشياء كلّها ، فكأنّه قيل : إنّ الله على كلّ شيء مستقيم ـ أي : قابل لتأثيره فيه ـ قدير. ونظيره : فلان أمير على الناس ، أي : على من وراءه منهم ، ولم يدخل فيهم نفسه وإن كان من جملة الناس. ويختصّ هاهنا بالممكن ، بدليل أنّ القدرة لا يمكن أن يتعلّق إلّا بشيء ممكن ، كما قال سيبويه في كتابه : «إنّ الشيء يقع على كلّ ما أخبر عنه من
__________________
(١) كذا في الخطّية ، ولعلّ الصحيح : إلى الأمور.
(٢) أنوار التنزيل ١ : ١٠٢.
(٣) في الخطّية : مشروط ، والصحيح ما أثبتناه.