حصول ما تعلّقت به إرادته بلا مهلة ، بطاعة المأمور المطيع بلا توقّف.
فالمعنى : أنّ ما قضاه من الأمور وأراد كونه يتكوّن ويدخل تحت الوجود من غير امتناع ولا توقّف ، كالمأمور المطيع إذا أمر لا يتوقّف. أكّد بهذا استبعاد الولادة ، لأنّ من كانت هذه صفته في كمال القدرة فحاله مبائنة لحال الأجسام في توالدها. ففيه تقرير لمعنى الإبداع ، وإيماء إلى حجّة خامسة ، وهي : أنّ اتّخاذ الولد ممّا يكون بأطوار ومهلة ، وفعله تعالى يستغني عن ذلك.
وقرأ ابن عامر بالنصب على «أن» المقدّر ، والباقون بالرفع على تقدير : فهو يكون.
والسبب في الضلالة أنّ أرباب الشرائع المتقدّمة كانوا يطلقون الأب على الله تعالى باعتبار أنّه السبب الأوّل ، حتى قالوا : إنّ الأب هو الربّ الأصغر ، والله سبحانه وتعالى هو الربّ الأكبر ، ثمّ ظنّت الجهلة منهم أنّ المراد به معنى الولادة ، فاعتقدوا ذلك تقليدا ، ولذلك كفر قائله ، ومنع منه مطلقا ، حسما لمادّة الفساد.
(وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (١١٨) إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (١١٩) وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٢٠) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٢١))