بالإسلام ، وقطع به عنكم أمر الجاهليّة ، وألّف بينكم ، فعلموا أنّها نزغة من الشيطان وكيد من عدوّهم ، فألقوا السلاح ، واستغفروا ، وعانق بعضهم بعضا ، وانصرفوا مع الرسول. فخاطبهم الله بعد ما أمر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن يخاطب أهل الكتاب ، إظهارا لجلالة قدرهم ، وإشعارا بأنّهم الأحقّاء بأن يخاطبهم الله تعالى ويكلّمهم ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) في إحياء الضغائن الّتي كانت بينكم في الجاهليّة (يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ).
ثم عظّم الشأن عليهم بأن قال : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ) أي : ومن أين يتطرّق إليكم الكفر (وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ) والحال أنّ آيات الله تتلى عليكم على لسان رسوله (وَفِيكُمْ رَسُولُهُ) وهو بين أظهركم يعظكم وينبّهكم. هذا إنكار وتعجيب لكفرهم في حال اجتمع لهم الأسباب الداعية إلى الإيمان ، الصارفة عن الكفر.
(وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ) ومن يتمسّك بدين الله ، أو يلتجئ إليه في مجامع أموره (فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) فقد حصل له الهدى لا محالة.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣))
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) حقّ تقواه وما يجب منها ، وهو