لحرصهم على الدنيا.
(فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِ) «من» بيان لما اختلفوا فيه قبل إنزال الكتاب ، أي : للحقّ الّذي اختلف فيه من اختلف (بِإِذْنِهِ) بأمره ، أو بإرادته ولطفه (وَاللهُ يَهْدِي) باللطف والتوفيق (مَنْ يَشاءُ) من المكلّفين المسترشدين للحقّ (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) لا يضلّ سالكه ، فهو طريق الإسلام.
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ (٢١٤))
ثمّ ذكر سبحانه ما جرى على المؤمنين من الأمم الخالية ، تسلية لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ولأصحابه فيما نالهم من المشركين وأمثالهم ، وتشجيعا لهم على ثباتهم مع مخالفيهم ، لأنّ سماع أخبار الصالحين يرغّب في مثل أحوالهم ، فقال خاطبا به النبيّ والمؤمنين : (أَمْ حَسِبْتُمْ) «أم» منقطعة ، ومعنى الهمزة فيها التقرير وإنكار الحسبان واستبعاد (أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ) ولم يأتكم ، فإنّ أصل «لمّا» لم ، زيدت عليها ما ، وفيها توقّع (مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) حالهم الّتي هي مثل في الشدّة ، أي : مثل ما امتحنوا به (مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ) بيان له على الاستئناف. والبأساء نقيض النعماء ، والضرّاء نقيض السرّاء. وقيل : البأساء القتل ، والضرّاء الفقر ، أو البأساء شدّة الفقر ، والضرّاء المرض والجوع والخروج عن الأهل والمال.
(وَزُلْزِلُوا) وأزعجوا إزعاجا شديدا شبيها بالزلزلة بما أصابهم من الشدائد والأهوال (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) لتناهي الشدّة واستطالة المدّة ، بحيث تقطّعت حبال الصبر. وفي هذه الغاية دليل على تناهي الأمر في الشدّة