رسول الله بنو إسرائيل أكرم على الله منّا ، كان أحدهم إذا أذنب أصبحت كفّارة ذنبه مكتوبة على عتبة بابه : اجدع أنفك أو أذنك ، أو افعل كذا وكذا. فسكت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فنزلت الآية ، فقال عليهالسلام : ألا أخبركم بخير من ذلكم؟ وقرأ عليهم هذه الآية.
وعن عطاء : أنّ نبهان التمّار أتته امرأة تبتاع منه تمرا ، فقال لها : هذا التمر ليس بجيّد ، وفي البيت أجود منه ، وذهب بها إلى بيته فضمّها إلى نفسه وقبّلها. فقالت له : اتّق الله. فتركها وندم ، وأتى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وذكر له ، فنزلت الآية.
(قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١٣٧) هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٨))
ولمّا بين سبحانه ما يفعله بالمؤمن والكافر في الدنيا والآخرة ، بيّن أنّ ذلك عادته سبحانه في خلقه ، فقال : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ) وقائع سنّها الله تعالى في الأمم الخالية المكذّبة رسلها ، من الاستئصال بالعذاب ، وتبقية الديار للاتّعاظ والانزجار والاعتبار ، كقوله (وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) (١). وقيل : أمم. (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) لتعتبروا بما ترون من آثار هلاكهم ، وتنتهوا عن مثل ما فعلوه.
(هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) إشارة إلى قوله : «قد خلت» أو مفهوم قوله : «فانظروا» ، أي : أنّه مع كونه بيانا وإيضاحا لسوء عاقبة المكذّبين ، فهو زيادة بصيرة وموعظة للمتّقين. أو إشارة إلى ما لخّص وبيّن من أمر المتّقين والتائبين والمصرّين. وقوله : «قد خلت» اعتراض للبعث على الإيمان والتوبة. وقيل : إلى
__________________
(١) الأحزاب : ٦١ ـ ٦٢.