فيقول ابن كثير وأبو عمرو : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ونافع وابن عامر والكسائي : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، إنّ الله هو السميع العليم. وحمزة : نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم. وأبو حاتم : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.
فمعنى الاستعاذة : الاستجارة. والعوذ والعياذ : اللجأ. فمعنى أستعيذ : أستجير ، ومعنى أعوذ : ألجأ.
والشيطان في اللغة : هو كلّ متمرّد من الجنّ والإنس والدوابّ ، ولذلك جاء في القرآن : شياطين الإنس والجنّ. ووزنه فيعال من : شطنت الدار ، أي : بعدت. وقيل : هو فعلان من : شاط يشيط ، إذا بطل. والأوّل أصحّ ، لأنّه جاء في الشعر شاطن بمعناه ، ولقولهم : تشيطن.
والرجيم : فعيل بمعنى مفعول ، من الرجم وهو الرمي.
وملخّص معناها : أنّي أستجير بالله ، أو ألجأ إلى الله من شرّ الشيطان ، أي : البعيد من الخير ، المفارق أخلاقه أخلاق جميع جنسه. وقيل : المبعد من رحمة الله. والرجيم أي : المطرود من السماء ، المرميّ بالشهب الثاقبة. وقيل : المرجوم باللعنة.
(إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ) لجميع المسموعات (الْعَلِيمُ) بجميع المعلومات.
وروي عن ابن عبّاس أنّ الله سبحانه أمر رسوله بالاستعاذة أوّلا ، ثمّ أمره أن يفتتح الكلام باسمه السامي على هذا الوجه.
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) الباء متعلّق بمحذوف تقديره : بسم الله أقرأ ، لأنّ الّذي يتلوه مقروء ، وكذلك يضمر كلّ فاعل ما يجعل التسمية مبدأ له ، وذلك أولى من أن يضمر «أبدأ» ، لصريح دلالته على ما يشرع فيه. والباء للاستعانة. وقيل : للمصاحبة ، والمعنى : متبرّكا باسم الله أقرأ ، كالباء في قوله : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) (١)
__________________
(١) المؤمنون : ٢٠.