(وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) كرّره للتوكيد والتذكير (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) هذا إشارة إلى أنّه تعالى إنّما نهاهم وحذّرهم رأفة بهم ومراعاة لصلاحهم. أو المعطوف والمعطوف عليه مشعران بأنّه ذو عقاب ليخشى عذابه ، وذو مغفرة لترجى رحمته.
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٣٢))
قيل : إنّ وفد نجران لمّا قالوا : إنّما نعبد المسيح حبّا لله ، فردّ الله سبحانه عليهم ، وجعل مصداق ذلك اتّباع رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : (قُلْ) يا محمّد لهؤلاء (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ) أي : إن كنتم صادقين في دعوى محبّة الله (فَاتَّبِعُونِي) فيما أمرتكم ونهيتكم.
والمحبّة عبارة عن ميل النفس إلى الشيء لكمال أدركته فيه ، بحيث يحملها على ما يقرّبها إلى ذلك الشيء. والعبد إذا علم أنّ الكمال الحقيقي ليس إلّا لله ، وأنّ كلّ ما يراه كمالا من نفسه أو غيره فهو من الله وبالله وإلى الله ، لم يكن حبّه إلّا لله وفي الله ، وذلك يقتضي إرادة طاعته ، والرغبة فيما يقرّبه إليه. فلذلك فسّرت المحبّة بإرادة الطاعة ، وجعلت مستلزمة لاتّباع الرسول في عبادته ، والحرص على مطاوعته.
وقوله : (يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) جواب الأمر ، أي : يرض عنكم ، ويكشف الحجب المانعة الوصول إليه عن قلوبكم ، بالتجاوز عمّا فرط منكم ، فيقرّبكم من جناب عزّه ، ويبوّئكم في جوار قدسه. عبّر عن ذلك بالمحبّة على