(شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٩))
ثمّ بيّن وحدانيّته بنصب الدلائل الدالّة عليها ، وإنزال الآيات الناطقة بها ، فقال : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) شبّه سبحانه دلالته على وحدانيّته بالأفعال الّتي لا يقدر عليها غيره ، والآيات الناطقة بتوحيده ، مثل سورة الإخلاص وآية الكرسي وغيرهما ، بشهادة الشاهد في البيان والكشف. وكذلك قوله : (وَالْمَلائِكَةُ) بالإقرار بها (وَأُولُوا الْعِلْمِ) بالإيمان بها والاحتجاج عليها. فشبّه إقرار الملائكة وأولي العلم بشهادة الشاهد في الكشف والبيان.
(قائِماً بِالْقِسْطِ) مقيما للعدل فيما يقسم للعباد من الأرزاق والآجال ، وفيما يأمر به عباده من الإنصاف والعمل على التسوية فيما بينهم. وانتصابه على أنّه حال مؤكّدة من اسم الله ، كقوله : (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً) (١). وإنّما جاز إفراده بها ، ولم يجز : جاء زيد وعمرو راكبا ، لعدم اللبس ، كقوله تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) (٢).
(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) كرّره للتأكيد ، ومزيد الاعتناء بمعرفة أدلّة التوحيد ، والحكم به بعد إقامة الحجّة ، وليبني عليه قوله : (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فيعلم أنّه الموصوف بهما.
__________________
(١) البقرة : ٩١.
(٢) الأنبياء : ٧٢.