يحمده الناس عليها ، ويثنوا عليه بما ليس فيه من الزهد والعبادة وغير ذلك.
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فهو يملك أمرهم ، ولا يكون لهم خلاص من عذابه (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيقدر على عقابهم. وقيل : هو ردّ لقولهم : (إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ) (١).
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ (١٩٠))
ولمّا بيّن سبحانه أنّ له ملك السموات والأرض عقّبه ببيان الدلالة على ذلك ، فقال : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي : في إيجادهما بما فيهما من العجائب والبدائع (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أي : تعاقبهما ومجيء كلّ منهما خلف الآخر (لَآياتٍ) لدلائل واضحة على وجود الصانع ووحدته ، وكمال علمه ، وعظم قدرته ، وباهر حكمته (لِأُولِي الْأَلْبابِ) لذوي العقول الخالصة عن شوائب الحسّ وكدورات الوهم ، كما سبق في سورة البقرة (٢) ، فإنّ أرباب الألباب إذا نظروا إليها نظر الاستدلال يجدونها مضمّنة بأعراض حادثة لا تنفكّ عنها ، وما لا ينفكّ عن الحادث حادث ، وإذا كانت حادثة فلا بدّ لها من محدث موجد ، لأنّ حدوثها يدلّ على أن لها محدثا قادرا. ودلّ ما فيها من البدائع والأمور الجارية على غاية الانتظام على كون محدثها عالما قديما ، لأنّه لو كان محدثا لكان محتاجا إلى محدث ، فيؤدّي إلى التسلسل.
__________________
(١) آل عمران : ١٨١.
(٢) راجع ص : ٢٧٥ ذيل الآية ١٦٤.