وروي أنّها لمّا نزلت جاء أبو طلحة : فقال : «يا رسول الله إنّ أحبّ أموالي إليّ بئر حا (١) ، فضعها حيث أراك الله. فقال : بخ بخ ذاك مال رابح أو رائح لك ، وإنّي أرى أن تجعلها في الأقربين. فقال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله ، فقسّمها في أقاربه».
وجاء زيد بن حارثة بفرس كان يحبّها فقال : هذه في سبيل الله ، فحمل عليها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أسامة بن زيد. فقال زيد : إنّما أردت أن أتصدّق بها. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ الله قد قبلها منك. وذلك يدلّ على أنّ إنفاق أحبّ الأموال على أقرب الأقارب أفضل ، وأنّ الآية تعمّ الإنفاق الواجب والمستحبّ.
ويروي عن ابن عمر أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم سئل عن هذه الآية فقال : «هو أن ينفق العبد المال وهو شحيح ، يأمل الدنيا ويخاف الفقر».
(وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ) من ايّ شيء كان ، طيّب تحبّونه ، أو خبيث تكرهونه. و «من» لبيان «ما». (فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) فيجازيكم بحسبه.
(كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاَّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٩٣) فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩٤) قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٩٥))
ولمّا بيّن الله سبحانه محاجّتهم في ملّة إبراهيم ، وكان ممّا أنكروا على
__________________
(١) بئر حابستان من بساتين المدينة ، أي : البستان الذي فيه بئر حا ، أضيف البئر إلى حا ، وكانت بساتين المدينة تدعى بالآبار التي فيها.