بأنّه قد يكون قبلها بعض الأجور. ويؤيّده قوله عليهالسلام : «القبر روضة من رياض الجنّة ، أو حفرة من حفر النيران». فالمراد أنّ تكميل الأجور وتوفيتها يكون ذلك اليوم.
(فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ) نجّي وبعّد عنها. والزحزحة في الأصل تكرير الزحّ ، وهو الجذب بعجلة. (وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ) بالنجاة من الهلكة ونيل المراد. والفوز الظفر بالبغية.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من أحبّ أن يزحزح عن النار ويدخل الجنّة ، فلتدركه منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، ويأتي إلى الناس ما يحبّ أن يؤتى إليه». وهذا شامل للمحافظة على حقوق الله وحقوق العباد.
(وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا) أي : لذّاتها وزخارفها (إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) شبّهها بالمتاع الرديء الّذي يدلّس به على المستام حتى يشتريه ثم يتبيّن له رداءته. والمدلّس هو الشيطان. وهذا لمن آثرها على الآخرة ، فأمّا من طلب بها الآخرة فهي له متاع بلاغ. والغرور مصدر ، أو جمع غارّ.
وفي الآية دلالة على أنّ أقلّ نعيم من الآخرة خير من نعيم الدنيا بأسره ، ولذلك قال عليهالسلام : «موضع سوط في الجنّة خير من الدنيا وما فيها». وفيها دلالة على أنّ كلّ حيّ سيموت.
(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٨٦))
ثمّ بيّن أنّ الدنيا دار محنة وابتلاء ، وأنّها إنّما زويت (١) عن المؤمنين ليصبروا
__________________
(١) أي : صرفت.