(وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤))
وبعد ذكر قصّة أهل الكتاب بيّن ملّة إبراهيم على نبيّنا وعليهالسلام ، وخصاله الحميدة ، وخلاله المرضيّة ، ليتأسّوا به في الإسلام وقواعده ، فإنّهم كانوا يعتقدون به ويعظّمونه ، فقال : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) كلّفه بأوامر ونواهي. والابتلاء في الأصل التكليف بالأمر الشاقّ ، من البلاء ، لكنّه لمّا استلزم الاختبار بالنسبة إلى من يجهل العواقب ظنّ ترادفهما. والضمير لإبراهيم ، وحسن لتقدّمه لفظا وإن تأخّر رتبة ، لأنّ الشرط أحد التقدّمين.
والكلمات قد تطلق على المعاني ، فلذلك فسّرت بالخصال الثلاثين المحمودة : عشر في براءة (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ) (١) وعشر في الأحزاب (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) (٢) إلى آخر الآيتين ، وعشر في المؤمنين (٣) ، و (سَأَلَ سائِلٌ) (٤) إلى قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ).
وبالعشر (٥) الّتي هي من سننه ، خمس في الرأس : الفرق ، وقصّ الشارب ، والسواك ، والمضمضة ، والاستنشاق. وخمس في البدن : الختان ، والاستحداد (٦) ، والاستنجاء ، وتقليم الأظفار ، ونتف الإبط. وبمناسك (٧) الحجّ ، وبالكواكب ،
__________________
(١) التوبة : ١١٢.
(٢) الأحزاب : ٣٥.
(٣) المؤمنون : ١ ـ ١٠.
(٤) أي : في السورة التي فيها (سَأَلَ سائِلٌ) وهي سورة المعارج : ٢٢ ـ ٣٤.
(٥) أي : وفسّرت الكلمات أيضا بالعشر التي ...
(٦) في هامش الخطّية : «المراد به حلق العانة. منه».
(٧) عطف على : وبالعشر ، أي : وفسّرت الكلمات بمناسك ...