على المقصود ، والمبالغة فيه ، فإنّه إذا كان كلّ كاسب مجزيّا بعمله ، فالغالّ مع عظم جرمه بذلك أولى.
والمعنى : ويعطى كلّ نفس جزاء ما كسبت وافيا (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) فلا ينقص ثواب مطيعهم ، ولا يزاد في عقاب عاصيهم.
ولمّا بيّن الله أنّ كلّ نفس توفّى جزاء ما كسبت من خير أو شرّ ، عقّبه ببيان من كسب الخير والشرّ ، فقال : (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ) رضا الله في ترك الغلول وامتثال الطاعة (كَمَنْ باءَ) رجع (بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ) بسبب فعل الغلول وسائر المعاصي (وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ). الفرق بين المصير والمرجع : أنّ المصير يجب أن يخالف الحالة الأولى ، ولا كذلك المرجع.
(هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ) شبّهوا بالدرجات ، أي : هم متفاوتون كما تتفاوت الدرجات ، لما بينهم من التفاوت في الثواب والعقاب. أو التقدير : ذوو درجات عنده ، كما جاء في الحديث : «إنّ أهل الجنّة ليرون أهل علّيّين كما يرى النجم في أفق السماء ، والنار دركات بعضها أسفل من بعض». (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) عالم بأعمالهم ودرجاتها ، فيجازيهم على حسبها.
(لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (١٦٤))
ثمّ ذكر سبحانه عظيم نعمته على الخلق ببعثة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) أنعم على من آمن مع الرسول من قومه. وتخصيصهم مع أنّ نعمة البعثة عامّة لزيادة انتفاعهم بها (إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) من نسبهم ، أو من