بعدهم ، كقولهم : السمن منوان بدرهم ، أي : منوان منه.
ومعنى (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ) : يعتددن هذه المدّة ويتركن الزينة. وتأنيث العشر باعتبار الليالي ، لأنّها غرر الشهور والأيّام ، ولذلك لا يستعملون التذكير في مثله قطّ ذهابا إلى الأيّام ، حتى إنّهم يقولون : صمت عشرا. ويشهد له قوله : (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً) ثمّ قال : (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً) (١).
(فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) أي : انقضت عدّتهنّ (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) أيّها الأئمّة أو الأولياء أو المسلمون جميعا (فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَ) من التعرّض للخطّاب واستعمال الزينة (بِالْمَعْرُوفِ) بالوجه الّذي لا ينكره الشرع. ومفهومه أنّهنّ لو فعلن ما ينكره فعليهم أن يكفّوهنّ ، فإن قصّروا فعليهم الجناح.
وهذه الآية ناسخة لقوله : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ) (٢) وإن كانت متقدّمة عليها في التلاوة.
(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) فيجازيكم عليه.
(وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٣٥))
ولمّا قدّم ذكر عدّة النساء وجواز الرجعة فيها للأزواج ، عقّبه ببيان حال غير
__________________
(١) طه : ١٠٣ ـ ١٠٤.
(٢) البقرة : ٢٤٠.