عليها. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو على البناء للمفعول ، على أنّه من الرجع. وقرأ الباقون على البناء للفاعل بالتأنيث غير يعقوب ، على أنّه من الرجوع.
(سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢١١) زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٢١٢))
ولمّا ذكر سبحانه شرائع الإسلام وأنّ النّاس فيها ثلاث فرق : مؤمن وكافر ومنافق ، ثمّ وعد وأوعد ، بيّن بعد ذلك أنّ تركهم الإيمان ليس لتقصير في الحجج ، ولكن لسوء طباعهم الخبيثة ، وخبث أعمالهم السّالفة قبل الإسلام ، فقال تقريعا لهم : (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ) أمر للرسول أو لكلّ أحد (كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) معجزة ظاهرة على أيدي أنبيائهم ، أو آية في التوراة شاهدة على صحّة نبوّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فمنهم من آمن ومنهم من جحد ، ومنهم من أقرّ ومنهم من بدّل. و «كم» استفهاميّة مقرّرة أو خبريّة ، ومحلّها النصب على المفعوليّة ، أو الرفع بالابتداء على حذف العائد من الخبر ، و «آية» مميّزها ، و «من» للفصل بين التمييز والمفعول.
(وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ) أي : آياته ، فإنّها سبب الهدى الّذي هو أجلّ النعم. وتبديلها بجعلها سبب الضلالة وازدياد الرجس ، أو بالتحريف والتأويل والزيغ (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ) من بعد ما تمكّن من معرفتها ، أو من بعد ما عرفها. وفيه تعريض بأنّهم بدّلوها بعد ما عقلوها (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) فيعاقبه أشدّ عقوبة ، لأنّه ارتكب أشدّ جريمة.