ولمّا أمر الله سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالتوكّل ، بيّن معنى وجوب التوكّل عليه ، فقال : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ) كما نصركم يوم بدر (فَلا غالِبَ لَكُمْ) فلا أحد يغلبكم (وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ) ويمنعكم معونته ، ويخلّ بينكم وبين أعدائكم بمعصيتكم إيّاه ، كما خذلكم يوم احد (فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ) من بعد خذلانه ، أو من بعد الله. بمعنى : إذا جاوزتموه فلا ناصر لكم ، من قولك : ليس لك من يحسن إليك من بعد فلان ، تريد : إذا جاوزته. وهذا تنبيه على المقتضي للتوكّل ، وتحريض على ما يستحقّ به النصر من الله ، وتحذير عمّا يستجلب خذلانه.
(وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) فليخصّوه بالتوكّل عليه ، لما علموا أن لا ناصر سواه وآمنوا به. وهذا تنبيه على وجوب التوكّل على الله سبحانه.
(وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٦١) أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦٢) هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٦٣))
روي أن قطيفة حمراء فقدت يوم بدر ، فقال بعض المنافقين : لعلّ رسول الله أخذها ، فنزلت : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) وما صحّ أن يخون في الغنائم ، فإنّ النبوّة تنافي الخيانة. يقال : غلّ شيئا من المغنم يغلّ غلولا ، وأغلّ إغلالا ، إذا أخذه في خفية. ويقال : أغلّ إذا وجده غالّا ، كقولك : أبخلته إذا وجدته بخيلا. والمراد براءة الرسول عمّا اتّهم به.
وقيل : نزلت في غنائم أحد حين ترك الرماة المركز وطلبوا الغنيمة وقالوا :