(وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى) أي : بالتوراة والإنجيل. أفردهما بالذكر بحكم أبلغ ، لأنّ أمرهما بالإضافة إلى موسى وعيسى مغاير لما سبق ، والنزاع وقع فيهما (وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ) جملة المذكورين منهم وغير المذكورين (مِنْ رَبِّهِمْ) منزلا عليهم من ربّهم.
(لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) أي : لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض ، كما فعلت اليهود والنصارى ، بل نؤمن بجميع الأنبياء وكتبهم. ولمّا كان «أحد» في سياق النفي مفيدا للعموم ، فصحّ دخول «بين» عليه.
(وَنَحْنُ لَهُ) أي : لله (مُسْلِمُونَ) مذعنون مخلصون.
(فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣٧) صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ (١٣٨))
ولمّا نزل قوله تعالى : (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ) الآية قرأها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على اليهود والنصارى ، فلمّا سمعت اليهود ذكر عيسى أنكروا وكفروا ، وقالت النصارى : إنّ عيسى ليس كسائر الأنبياء ، لأنّه ابن الله ، فنزلت : (فَإِنْ آمَنُوا) آمن هؤلاء الكفّار (بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ) أي : إيمانا مثل إيمانكم بالله وكتبه ورسله. فالباء مزيدة و «ما» مصدريّة. (فَقَدِ اهْتَدَوْا) أي : سلكوا طريق الهدى.
هذا من باب التبكيت والتعجيز ، كقوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) (١) لأنّ دين الحقّ واحد لا مثل له ، وهو دين الإسلام ، (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً
__________________
(١) البقرة : ٢٣.