أحد (وَقَعَدُوا) حال مقدّرة بـ «قد» ، أي : قالوا قاعدين عن القتال (لَوْ أَطاعُونا) لو أطاعونا إخواننا فيما أمرناهم به من القعود في البيت وترك الخروج إلى القتال (ما قُتِلُوا) كما لم نقتل.
(قُلْ) استهزاء بهم (فَادْرَؤُا) فادفعوا (عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ما تقولون من أنّكم تقدرون على دفع القتل عمّن كتب عليه ، فادفعوا عن أنفسكم الموت وأسبابه ، فإنّه أحرى بكم. وحذف الجزاء لدلالة ما قبله عليه. والأمر بدرء الموت عن الأنفس للاستهزاء ، أي : إن كنتم رجالا دفّاعين لأسباب الموت فادرؤا جميع أسبابه حتّى لا تموتوا.
ولمّا كان معنى الآية أنّ القعود غير مغن ، فإنّ أسباب الموت كثيرة ، وكما أنّ القتال يكون سببا للإهلاك والقعود يكون سببا للنجاة ، قد يكون الأمر بالعكس ، فما يدريكم أنّ سبب نجاتكم القعود ، وأنّكم صادقون في مقالتكم؟! وما أنكرتم أن يكون غيره؟! فلا يقال : قد كانوا صادقين في أنّهم دفعوا القتل عن أنفسهم بالقعود ، فما معنى قوله : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)؟ وروي أنّه مات يوم قالوا هذه المقالة سبعون منافقا.
(وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٧١))
ولمّا حكى الله قول المنافقين في المقتولين الشهداء ، تثبيطا للمؤمنين عن جهاد الأعداء ، ذكر بعده ما أعدّ الله تعالى للشهداء من الكرامة ، وخصّهم به من