(ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى) يريد المحاويج منهم ، ولم يقيّد لعدم الالتباس. وقدّم ذوي القربى لأنّ إيتاءهم صدقة وصلة ، كما قال عليهالسلام : «صدقتك على المسكين صدقة ، وعلى ذي رحمك اثنتان». وقال عليهالسلام لفاطمة بنت قيس لمّا قالت : يا رسول الله ، إنّ لي سبعين مثقالا من ذهب ، فقال : «اجعليها في قرابتك». وعن الباقر والصّادق عليهماالسلام : أنّ المراد قرابة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما في قوله : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (١). (وَالْمَساكِينَ) جمع المسكين ، وهو الّذي أسكنته الخلّة ، وهي الحاجة. أو دائم السكون إلى النّاس ، لأنّه لا شيء له ، كالمسكير للدائم السكر (وَابْنَ السَّبِيلِ) المسافر المنقطع به. جعل من أبناء السبيل لملازمته له ، كما يقال للصّ القاطع : ابن الطريق. وقيل : هو الضيف ، لأنّ السّبيل يرعف (٢) به ، أي : يقدّمه إلى بيت الضيف. والقول الأوّل مرويّ عن أبي جعفر عليهالسلام ومجاهد ، والثاني عن ابن عبّاس وقتادة وابن جبير (وَالسَّائِلِينَ) الّذين ألجأتهم الحاجة إلى السّؤال. وقال عليهالسلام : «للسّائل حقّ وإن جاء على فرسه». (وَفِي الرِّقابِ) أي : صرف المال في تخليصها ، بمعاونة المكاتبين ، أو فكّ الأسارى ، أو ابتياع الرقاب لعتقها.
(وَأَقامَ الصَّلاةَ) المفروضة ، أي : أدّاها لميقاتها وعلى حدودها (وَآتَى الزَّكاةَ) أعطى زكاة ماله. يحتمل أن يكون المقصود منه ومن قوله : (آتَى الْمالَ) الزكاة المفروضة ، ولكن الغرض من الأولى بيان مصارفها ، وبالثاني أداؤها والحثّ عليها. وأن يكون المراد بالأوّل نوافل الصدقات ، أو حقوقا كانت في المال سوى الزكاة. وعن الشعبي قال : إنّ في المال حقّا سوى الزكاة ، وتلا هذه الآية ، فقال : ذكر إيتاء المال في هذا الوجوه ، ثمّ قفّاه بإيتاء الزّكاة.
__________________
(١) الشورى : ٢٣.
(٢) رعف يرعف : سبق وتقدّم. (لسان العرب ٩ : ١٢٣)