رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز - ج ٨

عزّ الدين عبدالرزاق بن رزق الله الرسعني الحنبلي

رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز - ج ٨

المؤلف:

عزّ الدين عبدالرزاق بن رزق الله الرسعني الحنبلي


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة الأسدي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٨٨

أن يكون المفعول محذوفا ، فتقديره : خلق كل شيء.

ثم خصّص جنس الإنسان بالذكر ؛ لشرفه ، وكونه المخاطب بالتكاليف فقال : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ).

وقوله : (مِنْ عَلَقٍ) على جمع علقة ، تدل على إرادة جنس الإنسان.

قوله تعالى : (اقْرَأْ) [تكرير](١) توكيد. ثم استأنف فقال : (وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) أي : الذي لا نظير له في كرمه.

وفي قوله : (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) عقيب قوله : (الْأَكْرَمُ) تنبيه على أن إفادة العلم كرم محض ، وتنبيه على فضل علم الكتابة ؛ لما فيه من المنافع التي لا يحيط بها علما سوى الله عزوجل ، وبه انتظام علم الدنيا والآخرة. وقد ذكرت في سورة" نون" طرفا من فضائل القلم.

ومن بديع ما سمعت فيه ما أنشدنيه صاحبنا أبو نصر بن عثمان بن خليفة الموصلي الحنبلي لنفسه :

أيّها الصاحب الكريم ومن

أصبح زين الكتّاب والأصحاب

بيراع ريعت له نوب الدّهر

وهانت به جميع الصّعاب

وإذا ما يشاء أمرا فلا يحفل

يوما بالصّارم القرضاب

فهو يجزي للأولياء بأري

ولأعدائه بشري وصاب

أقسم الله باسمه وكفاه

[مفخرا](٢) إذ أتى بنصّ الكتاب

__________________

(١) في الأصل : تكير. والتصويب من ب.

(٢) في الأصل : فخرا. والمثبت من ب.

٦٨١

والمعنى : علّم الإنسان الكتابة بالقلم ، علّم الإنسان من العلوم والصنائع ما لم يعلم.

(كَلاَّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى (٧) إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى (٨) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (٩) عَبْداً إِذا صَلَّى (١٠) أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى (١٢) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٣) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى (١٤) كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (١٥) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (١٦) فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ (١٨) كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) (١٩)

قوله تعالى : (كَلَّا) ردع عن الطغيان بالنعمة ، وإن لم يذكر ؛ لدلالة الكلام عليه.

وعامة المفسرين يقولون : المعنى : حقا.

(إِنَّ الْإِنْسانَ)(١) يعني : أبا جهل (لَيَطْغى).

قال الكلبي : كان إذا أصاب مالا زاد في ثيابه ومركبه وطعامه وشرابه ، فذلك طغيانه (٢).

(أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) قال ابن قتيبة (٣) : المعنى : أن رأى نفسه استغنى.

وقال غيره (٤) : يقال في أفعال القلوب : رأيتني وعلمتني ، ولو كانت بمعنى

__________________

(١) في الأصل زيادة قوله : " لفي خسر". وهو خطأ. وموضعه في سورة العصر.

(٢) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٥٢٨) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٧٦) بلا نسبة.

(٣) تفسير غريب القرآن (ص : ٥٣٣).

(٤) هو قول الزمخشري في الكشاف (٤ / ٧٨٣).

٦٨٢

الإبصار لامتنع في فعلها الجمع بين الضميرين. و"(اسْتَغْنى)" هو المفعول الثاني.

قال عبد الله بن مسعود : منهومان لا يشبعان : طالب علم ، وصاحب الدنيا. أما طالب العلم فيزداد رضى الرحمن ، وأما طالب الدنيا فيزداد في الطغيان ، ثم قرأ : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى)(١).

قال مقاتل (٢) : ثم خوّفه الله تعالى بالرجعة فقال : (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى).

والرّجعى : مصدر ؛ كالبشرى ، بمعنى : الرجوع.

(أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى * عَبْداً إِذا صَلَّى) استفهام في معنى الإنكار ، وتعجيب للمخاطب.

أخرج الترمذي من حديث ابن عباس قال : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلي ، فجاء أبو جهل فقال : ألم أنهك عن هذا؟ فانصرف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فزبره ، فقال أبو جهل : إنك لتعلم ما بها ناد أكثر مني ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ* سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ). قال ابن عباس : والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله» (٣).

وقال أبو هريرة : قال أبو جهل : هل يعفّر محمد وجهه بين أظهركم؟ قالوا : نعم. قال : فبالذي يحلف به لئن رأيته يفعل ذلك لأطأنّ على رقبته ، فقيل له : ها هو ذاك يصلي ، فانطلق ليطأ على رقبته ، فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه ، ويتّقي بيديه ، فأتوه فقالوا : ما لك يا أبا الحكم؟ فقال : إن بيني وبينه خندقا من نار وهولا

__________________

(١) أخرجه الدارمي (١ / ١٠٨ ح ٣٣٢) ، وابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٥٠). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٦٤) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

(٢) تفسير مقاتل (٣ / ٥٠١).

(٣) أخرجه الترمذي (٥ / ٤٤٤ ح ٣٣٤٩).

٦٨٣

وأجنحة ، فقال نبي الله : والذي نفسي بيده ، لو دنا مني لا ختطفته الملائكة عضوا عضوا ، فأنزل الله عزوجل : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى * عَبْداً إِذا صَلَّى) إلى آخر السورة (١).

فتبين بهذا أن الناهي : أبو جهل.

والمعنى : أخبرني عمن ينهى بعض عباد الله عن صلاته.

(أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى) قال عامة المفسرين : المعنى : أرأيت إن كان المنهي عن الصلاة على الهدى.

(أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى) يعني : الإخلاص والتوحيد.

(أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ) الناهي أبو جهل (وَتَوَلَّى) عن الإيمان.

قال الفراء (٢) : المعنى : أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى وهو كاذب متولّ عن الذّكر؟ فأيّ شيء أعجب من هذا.

وقال ابن الأنباري : [التقدير : أرأيته مصيبا](٣).

وقال صاحب الكشاف (٤) : المعنى : أرأيت إن كان ذلك الناهي على طريقة سديدة فيما ينهى عنه من عبادة الله ، أو كان آمرا بالمعروف والتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقد ، وكذلك إن كان على التكذيب والتّولّي عن الدين

__________________

(١) أخرجه مسلم (٤ / ٢١٥٤ ح ٢٧٩٧) ، والنسائي (٦ / ٥١٨ ح ١١٦٨٣) ، وأحمد (٢ / ٣٧٠ ح ٨٨١٧) ، والطبري (٣٠ / ٢٥٦). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٦٥) وعزاه لأحمد ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي.

(٢) معاني الفراء (٣ / ٢٧٨).

(٣) في الأصل : المعنى : أرأيته مصليا. والمثبت من ب.

(٤) الكشاف (٤ / ٧٨٣).

٦٨٤

الصحيح ، كما [نقول](١) نحن. (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) ويطلع على أحواله من هداه وضلاله فيجازيه على حسب ذلك. وهذا وعيد.

قال (٢) : فإن قلت : ما متعلق" أرأيت"؟

قلت : " الذي ينهى" مع الجملة الشرطية ، وهما في موضع المفعولين.

فإن قلت : فأين جواب الشرط؟

قلت : هو محذوف ، تقديره : إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ، ألم يعلم بأن الله يرى.

وإنما حذف لدلالة ذكره في جواب الشرط الثاني.

فإن قلت : كيف صحّ أن يكون" ألم يعلم" جوابا للشرط؟

قلت : كما صحّ في قولك : إن أكرمتك أتكرمني؟ وإن أحسن إليك زيد هل تحسن إليه؟.

فإن قلت : فما" أرأيت" الثانية وتوسطها بين مفعولي" أرأيت"؟

قلت : هي زائدة مكررة للتوكيد.

قوله تعالى : (كَلَّا) ردع لأبي جهل عن نهيه عباد الله عن الصلاة.

ثم تهدده فقال : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) يعني : عن إيذاء محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ونهيه عن الصلاة (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) أي : لنأخذنّ بناصيته ولنسحبنّه بها إلى النار.

والسّفع : القبض على الشيء وجرّه بشدة (٣). وأنشدوا قول عمرو بن معدي

__________________

(١) في الأصل : تقول. والمثبت من ب ، والكشاف (٤ / ٧٨٣).

(٢) أي : الزمخشري في الكشاف (٤ / ٧٨٣ ـ ٧٨٤).

(٣) انظر : اللسان (مادة : سفع).

٦٨٥

كرب :

قوم إذا سمعوا الصّريخ رأيتهم

من [بين](١) ملجم مهره أو سافع (٢)

قوله تعالى : (ناصِيَةٍ) بدل من" الناصية" ، وجاز بدل النكرة عن المعرفة ؛ لأنها وصفت (٣).

والتقدير : لنسفعا بناصية (كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) ، وتأويله : بناصية صاحبها كاذب خاطئ ، كما يقال : فلان نهاره صائم ، وليله قائم.

(فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) على حذف المضاف ، أي : أهل ناديه.

(سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) قال عطاء : هم الملائكة الغلاظ الشداد (٤).

قال مقاتل (٥) : هم خزنة جهنم.

قال الفراء (٦) : لا واحد للزبانية من لفظها. وقال : كان الكسائي يقول : لم أسمع للزبانية بواحد ، ثم قال بأخرة : واحد الزبانية زبنيّ ، فلا أدري أقياسا منه أو سماعا.

قال الزمخشري (٧) : كأنه نسب إلى الزّبن ، ثم غيّر للنسب ، كقولهم : أمسى.

__________________

(١) زيادة من ب.

(٢) البيت لعمرو بن معدي كرب. انظر : ديوانه (ص : ١٤٥) ، واللسان (مادة : سفع) ، والبحر (٨ / ٤٨٧) ، والدر المصون (٦ / ٥٤٧) ، وتاج العروس (مادة : سفع).

(٣) انظر : التبيان (٢ / ٢٩٠) ، والدر المصون (٦ / ٥٤٧).

(٤) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٧٩).

(٥) تفسير مقاتل (٣ / ٥٠٢).

(٦) معاني الفراء (٣ / ٢٨٠).

(٧) الكشاف (٤ / ٧٨٤ ـ ٧٨٥).

٦٨٦

وقال أبو عبيدة (١) : واحده : زبنيّة ؛ [كعفريّة](٢) ، وهو كل متمرد من إنس أو جان.

قال ابن قتيبة (٣) : هو مأخوذ من الزّبن ، وهو الدّفع ، كأنهم يدفعون أهل النار إليها.

قوله تعالى : (كَلَّا) ردع لأبي جهل (لا تُطِعْهُ) يا محمد في ترك الصلاة ، (وَاسْجُدْ) لله (وَاقْتَرِبْ) إليه بالسجود.

وفي الحديث : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء» (٤).

ومن مستبعد التفسير : قول زيد بن أسلم : اسجد يا محمد ، واقترب أنت يا أبا جهل من النار (٥).

__________________

(١) مجاز القرآن (٢ / ٣٠٤).

(٢) في الأصل : كعقربة. والتصويب من ب.

(٣) تفسير غريب القرآن (ص : ٥٣٣).

(٤) أخرجه مسلم (١ / ٣٥٠ ح ٤٨٢).

(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٥١). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٦٦) وعزاه لابن أبي حاتم.

٦٨٧

سورة القدر

بسم الله الرّحمن الرّحيم

وهي خمس آيات (١).

قال ابن عباس في رواية أبي صالح : هي مكية (٢).

وقال الضحاك ومقاتل (٣) : مدنية.

(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(٥)

قال الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) اتفقوا على أن الكناية في" أنزلناه" للقرآن (٤) ، ولم يجر له ذكر ؛ ثقة بعلم السامع به ؛ لموضع نباهته وشهرته.

__________________

(١) انظر : البيان في عدّ آي القرآن (ص : ٢٨١).

(٢) انظر : زاد المسير (٩ / ١٨١).

(٣) تفسير مقاتل (٣ / ٥٠٣). وانظر : الماوردي (٦ / ٣١١) ، وزاد المسير (٩ / ١٨١).

(٤) في هامش ب : قال البزار : حدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن مسلم البطين والمنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : أنزل الله القرآن إلى السماء الدنيا ليلة القدر جملة واحدة ، فكان جبريل ينزل ، يعني على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. كذا قال ، وقد صح ـ يعني هذا ـ عن ابن عباس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٦٨٨

وقال الزجاج (١) : لم يجر له ذكر في هذه السورة ، [ولكنه](٢) جرى فيما قبلها.

وقد ذكرنا كيفية إنزاله في ليلة القدر في مقدمة الكتاب.

والكلام في ليلة القدر تحصره فصول :

الفصل الأول : اختلفوا في تسميتها بليلة القدر على خمسة أقوال :

أحدها : أنه من القدر ، الذي هو بمعنى : العظمة ، من قولك : لفلان قدر ، فسميت بذلك ؛ لعظم قدرها عند الله تعالى. قاله الزهري (٣).

الثاني : أنه من القدر ، الذي [هو](٤) بمعنى : الضيق ؛ كقوله : (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) [الطلاق : ٧] أي : ضيّق عليه.

فالمعنى : هي ليلة تضيق فيها الأرض بالملائكة الذين ينزلون من عند الله بالخير والرحمة. قاله جماعة ، منهم : الخليل بن أحمد (٥).

الثالث : أن الأمور تقدّر فيها ، كما قال : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [الدخان : ٤] ، وقد سبق تفسيره في الدخان (٦). قاله قوم ، منهم : ابن قتيبة (٧).

الرابع : أنه أنزل فيها كتاب ذو قدر ورحمة ، ذات قدر ، وملائكة [ذوو](٨)

__________________

(١) معاني الزجاج (٥ / ٣٤٧).

(٢) في الأصل : لكنه. والمثبت من ب.

(٣) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٨٢).

(٤) زيادة من ب.

(٥) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٨٢).

(٦) (ج ٧ / ١٦٠).

(٧) تفسير غريب القرآن (ص : ٥٣٤).

(٨) في الأصل : ذو. والمثبت من ب.

٦٨٩

أقدار (١).

الخامس : أن من لم يكن له قدر صار بمراعاتها ذا قدر. قاله أبو بكر الوراق (٢).

الفصل الثاني : اختلفوا هل هي باقية أو كانت في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خاصة؟ على قولين.

والصحيح : أنها باقية.

واختلفوا هل هي مخصوصة بشهر رمضان ، أو تكون في جميع السنة؟ على قولين.

والصحيح : اختصاصها بشهر رمضان.

وذهب الأكثرون إلى اختصاص الأفراد من العشر الأخير منه بها ، وعليه تدل الأحاديث الصحيحة والآثار ، على ما سنذكره.

واختلفوا أيّ لياليه أخصّ بها؟ على أقوال :

أحدها : ليلة سبع وعشرين (٣). قاله علي وابن عباس وعائشة وجمهور الصحابة والتابعين فمن بعدهم.

وكان أبيّ بن كعب يحلف ولا يستثني : أنها ليلة سبع وعشرين ، وإليه ذهب الإمام أحمد رضي الله عنه (٤).

__________________

(١) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٨٢) حكاية عن علي بن عبيد الله.

(٢) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير ، الموضع السابق.

(٣) ودليله : حديث ابن عمر الآتي.

(٤) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٨٧).

٦٩٠

الثاني : ليلة إحدى وعشرين (١) ، وهو مذهب الشافعي (٢).

الثالث : ليلة ثلاث وعشرين (٣). قاله عبد الله بن أنيس (٤).

الرابع : ليلة خمس وعشرين. قاله أبو بكرة ، ورواه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٥).

الإشارة إلى الدلائل على ذلك :

أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي ذر قال : «قلت يا رسول الله : أخبرني عن ليلة القدر أفي رمضان هي أو في غيره؟ قال بل : هي في رمضان ، قلت : تكون مع الأنبياء ما كانوا ، فإذا قبضوا رفعت ، أم هي إلى يوم القيامة؟ قال : بل هي إلى يوم القيامة ، قلت : في أي رمضان هي؟ قال : التمسوها في العشر الأول أو في العشر [الأواخر](٦) ، ثم حدّث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحدّث ، ثم اهتبلت (٧) غفلته ، فقلت : في أي العشرين هي؟ قال : فابتغوها في العشر الأواخر ، لا تسألني عن شيء بعدها ... وساق الحديث إلى آخره» (٨).

وفي أفراد البخاري من حديث ابن عباس ، أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ، في تاسعة تبقى ، أو سابعة تبقى ، أو في خامسة

__________________

(١) ودليله : حديث أبي سعيد الآتي.

(٢) انظر : الماوردي (٦ / ٣١٢) ، وزاد المسير (٩ / ١٨٤).

(٣) أخرجه أحمد (٢ / ٢٥١ ح ٧٤١٧) ، والبيهقي في سننه (٤ / ٣١٠ ح ٨٣٢٢).

(٤) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٨٦).

(٥) مثل السابق.

(٦) في الأصل : الآخر. والمثبت من ب ، ومسند أحمد (٥ / ١٧١).

(٧) في هامش الأصل : قوله : اهتبلت : أي : اغتنمت. كذا في النهاية (مادة : هبل).

(٨) أخرجه أحمد (٥ / ١٧١ ح ٢١٥٣٨).

٦٩١

تبقى» (١).

وفي أفراد مسلم من حديث ابن عمر ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من كان متحرّيا فليتحرّها ليلة سبع وعشرين ، أو قال : تحروها ليلة سبع وعشرين» (٢).

وفي أفراده أيضا من حديث زرّ قال : «سألت أبيّ بن كعب قلت : يا أبا المنذر ، إن أخاك ابن مسعود يقول : من يقم الحول يصب ليلة القدر ، فقال : [يرحمه](٣) الله ، لقد علم أنها في شهر رمضان ، وأنها ليلة سبع وعشرين ، قال : وحلف ، قلت : وكيف تعلمون ذلك؟ قال : بالعلامة أو بالآية التي أخبرنا بها ، تطلع ذلك اليوم ـ يعني : الشمس ـ لا شعاع لها» (٤).

وأخرج البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد قال : «اعتكف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم العشر الأول من رمضان واعتكفنا معه ، فأتاه جبريل فقال : إن الذي تطلب أمامك ، فاعتكف العشر الأوسط واعتكفنا معه ، فأتاه جبريل فقال : إن الذي تطلب أمامك ، ثم قام النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خطيبا صبيحة [عشرين](٥) من رمضان فقال : من كان اعتكف مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فليرجع ، فإني أريت ليلة [القدر](٦) وإني أنسيتها ، وإنها في العشر الأواخر في وتر ، وإني رأيت كأني أسجد في طين وماء ، فجاءت قزعة فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين ، فصلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأبصرته ، وإن أثر الماء والطين على

__________________

(١) أخرجه البخاري (٢ / ٧١١ ح ١٩١٧).

(٢) أخرجه مسلم (٢ / ٨٢٢ ح ١١٦٥).

(٣) في الأصل : يرحمك. والتصويب من ب.

(٤) أخرجه مسلم (٢ / ٨٢٨ ح ٧٦٢).

(٥) في الأصل : إحدى وعشرين ، وهي خطأ. والتصويب من ب ، والصحيح (١ / ٢٨٠).

(٦) زيادة من ب ، والصحيح ، الموضع السابق.

٦٩٢

جبهته وأنفه» (١).

وأخرج الترمذي بإسناده عن أبي قلابة أنه قال : «ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر» (٢).

الفصل الثالث : في تفسيرها وفضيلتها.

قوله تعالى : (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) قال مجاهد : قيامها والعمل فيها خير من قيام ألف شهر وصيامها ليس فيها ليلة القدر (٣). وهو قول قتادة ، واختيار الفراء ، وابن قتيبة ، والزجاج (٤).

[وفي](٥) الصحيحين من حديث أبي هريرة ، أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» (٦).

وأخرج الإمام أحمد من حديث عبادة بن الصامت [نحوه](٧) ، وزاد : «غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» (٨).

__________________

(١) أخرجه البخاري (١ / ٢٨٠ ح ٧٨٠).

(٢) أخرجه الترمذي (٣ / ١٥٨).

(٣) أخرجه الطبري (٣٠ / ٢٥٩). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٦٩) وعزاه لعبد الرزاق وابن المنذر ومحمد بن نصر وابن أبي حاتم.

(٤) انظر : معاني الفراء (٣ / ٢٨٠) ، ومعاني الزجاج (٥ / ٣٤٧) ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة (ص : ٥٣٤). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٦٨) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر عن قتادة.

(٥) في الأصل : في. والمثبت من ب.

(٦) أخرجه البخاري (٢ / ٦٧٢ ح ١٨٠٢) ، ومسلم (١ / ٥٢٣ ح ٧٦٠).

(٧) زيادة من ب.

(٨) أخرجه أحمد (٥ / ٣١٨ ح ٢٢٧٦٥).

٦٩٣

وأخرج أيضا من حديث عائشة قالت : «يا رسول الله! إن وافقت ليلة القدر فبما أدعو؟ قال : قولي : اللهم! إنك عفو تحب العفو فاعف عني» (١).

وقال ابن عباس : ذكر للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم رجل من بني إسرائيل حمل السلاح في سبيل الله على عاتقه ألف شهر ، فعجب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لذلك ، وتمنى أن يكون ذلك في أمته ، فأعطاه الله ليلة القدر ، وقال : هي خير من الألف شهر التي حمل فيها الإسرائيلي السلاح في سبيل الله عزوجل (٢).

وقيل : إن الرجل فيما مضى ما كان يقال له عابد ، حتى يعبد الله ألف شهر ، فأعطيت هذه الأمة ليلة القدر ، وجعل إحياؤها خيرا من عبادة العابد من أولئك ألف شهر.

قوله تعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ) أي : تنزل الملائكة والروح جبريل إلى الأرض بالرحمة من الله تعالى ، والسّلام على أوليائه. ففي حديث أنس بن مالك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة (٣) من الملائكة ، يصلّون ويسلّمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله عزوجل» (٤).

(بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) أي : بأمره (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) أي : بكل أمر ؛ كقوله : (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) [الرعد : ١١].

والمعنى : بكل أمر قضاه الله عزوجل لتلك السنة إلى قابل.

__________________

(١) أخرجه أحمد (٦ / ١٨٢ ح ٢٥٥٣٤).

(٢) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٥٣٧) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٩١ ـ ١٩٢).

(٣) الكبكبة : الجماعة من الناس (اللسان ، مادة : كبب).

(٤) أخرجه البيهقي في الشعب (٣ / ٣٤٣ ح ٣٧١٧).

٦٩٤

وقيل : بكل أمر من الخير والبركة.

(سَلامٌ هِيَ) أي : ما هي إلا سلام.

قال مجاهد : لا يحدث الله فيها أذى ولا يرسل فيها شيطانا (١).

وقيل : هو تسليم الملائكة على المؤمنين (٢).

(حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) وقرأ الكسائي : " مطلع" بكسر اللام (٣).

وقد سبق ذكره في الكهف (٤) ، وذكر أمثاله في مواضعه.

__________________

(١) أخرج ابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٥٣) ، والبيهقي في الشعب (٣ / ٣٣٨ ح ٣٦٩٩) ، عن مجاهد. وذكره الماوردي (٦ / ٣١٤) ، والواحدي في الوسيط (٤ / ٥٣٧) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٩٤).

(٢) ذكره الماوردي (٦ / ٣١٤) ، والواحدي في الوسيط (٤ / ٥٣٧) ، كلاهما من قول الكلبي.

(٣) الحجة للفارسي (٤ / ١٣٤) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٧٦٨) ، والكشف (٢ / ٣٨٥) ، والنشر (٢ / ٤٠٣) ، والإتحاف (ص : ٤٤٢) ، والسبعة (ص : ٦٩٣).

(٤) عند الآية رقم : ٩٠.

٦٩٥

سورة لم يكن (١)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

وهي ثماني آيات (٢).

وهل هي مكية أو مدنية؟ فيه قولان (٣).

(لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١) رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً (٢) فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣) وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤) وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)(٥)

قال الله تعالى : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) وهم اليهود والنصارى ، (وَالْمُشْرِكِينَ) أي : [ومن](٤) المشركين.

وقرأ الأعمش : " والمشركون" عطفا على محل"(الَّذِينَ كَفَرُوا)" من

__________________

(١) وتسمى سورة البيّنة ، وسورة القيامة.

(٢) انظر : البيان في عدّ آي القرآن (ص : ٢٨٢).

(٣) الجمهور على أنها مدنية. وقال ابن عباس في رواية أبي صالح : مكية. وهو اختيار يحيى بن سلام.

انظر : تفسير الماوردي (٦ / ٣١٥) ، وزاد المسير (٩ / ١٩٥).

(٤) في الأصل : من. والتصويب من ب.

٦٩٦

الإعراب (١).

(مُنْفَكِّينَ) منفصلين عن كفرهم (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) وهي محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم الذي بين لهم ضلالهم.

وهذا تنبيه لمن آمن [من](٢) الفريقين على موقع نعمة الله عليهم ، بإرسال محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم إليهم.

(رَسُولٌ مِنَ اللهِ) بدل من" البينة" (٣) ، (يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً) يريد : ما تضمّنته الصحف المطهرة من القرآن.

والمراد بتطهيرها : تنزيهها عن الباطل.

(فِيها كُتُبٌ) أي : مكتوبات (قَيِّمَةٌ) مستقيمة عادلة ، فاصلة بين الهدى والضلال.

(وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) وهم الذين أقاموا على يهوديّتهم ونصرانيّتهم.

(إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) وهي (٤) محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإنهم لم يزالوا متّفقين على الإيمان به حتى بعث ، فتفرقوا ، فآمن بعض وكفر بعض (٥).

(وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) أي : إلا أن يعبدوا الله. وكذلك

__________________

(١) انظر هذه القراءة في : البحر (٨ / ٤٩٤) ، والدر المصون (٦ / ٥٥١).

(٢) زيادة من ب.

(٣) انظر : التبيان (٢ / ٢٩١) ، والدر المصون (٦ / ٥٥٢).

(٤) في ب : وهو.

(٥) وفي البينة قولان آخران ، أحدهما : أن المراد بالبيّنة : القرآن. قاله أبو العالية.

والثاني : ما في كتبهم من صحة نبوته صلى‌الله‌عليه‌وسلم. (انظر : تفسير الماوردي ٦ / ٣١٦ ، وزاد المسير ٩ / ١٩٧).

٦٩٧

هي في قراءة ابن مسعود (١).

قال الفراء (٢) : العرب تجعل اللام في موضع" أن".

والمعنى : وما أمروا في الكتابين إلا أن يعبدوا الله على صفة الإخلاص.

(حُنَفاءَ) على ملة إبراهيم (وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ) على الوجه الذي أمروا به ، (وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ) على [ما](٣) شرع لهم ، (وَذلِكَ) الذي أمروا به (دِينُ الْقَيِّمَةِ) أي دين الملّة المستقيمة.

ثم ذكر ما للفريقين في تمام السورة.

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ)(٨)

قرأ نافع وابن ذكوان : " البريئة" بالهمز على الأصل ؛ لأنه من : برأ الله الخلق. وقرأ الباقون : بتشديد الياء من غير همز (٤).

قال ابن قتيبة (٥) : أكثر العرب والقراء على ترك الهمز ؛ لكثرة الاستعمال.

__________________

(١) انظر هذه القراءة في : الدر المصون (٦ / ٥٥٢) ، والقرطبي (٢٠ / ١٤٤).

(٢) معاني الفراء (٣ / ٢٨٢).

(٣) زيادة من ب.

(٤) الحجة للفارسي (٤ / ١٣٥) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٧٦٩) ، والكشف (٢ / ٣٨٥) ، والنشر (١ / ٤٠٧) ، والإتحاف (ص : ٤٤٢) ، والسبعة (ص : ٦٩٣).

(٥) انظر قول ابن قتيبة في : زاد المسير (٩ / ١٩٩).

٦٩٨

قال مكي (١) : لما كثر استعمالهم لهذه الكلمة وفيها همزة ومدّة وياء ، والهمز أثقل من غيره ، خفّفوا الهمزة ، فأبدلوا منها ياء ، وأدغموا الياء الزائدة التي قبلها فيها.

قوله تعالى : (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) أي : خافه في الدنيا ، فعمل بطاعته.

__________________

(١) الكشف (٢ / ٣٨٥).

٦٩٩

سورة الزلزلة

بسم الله الرّحمن الرّحيم

وهي تسع آيات في المدني ، وثمان في الكوفي (١).

وهل هي مكية أو مدنية؟ فيه قولان (٢).

أخبرنا أبو المجد محمد بن محمد الكرابيسي ، أخبرنا الشيخان عبد الرزاق بن إسماعيل بن محمد وابن عمه المطهر بن عبد الكريم بن محمد قالا : أخبرنا عبد الرحمن بن حمد الدوني ، أخبرنا أبو نصر الكسار ، أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد السني ، أخبرنا أبو عبد الرحمن النسائي ، أخبرنا [محمد بن](٣) عبد الله بن يزيد ، عن أبيه (٤) ، عن سعيد (٥) ، حدثني عياش بن عباس (٦) ، عن عيسى بن

__________________

(١) انظر : البيان في عدّ آي القرآن (ص : ٢٨٣).

(٢) ممن قال بأنها مدنية : ابن عباس وقتادة ومقاتل والجمهور. وقال ابن مسعود وجابر وعطاء : مكية (انظر : تفسير الماوردي ٦ / ٣١٨ ، وزاد المسير ٩ / ٢٠١).

(٣) زيادة من سنن النسائي (٦ / ١٨٠). وانظر ترجمته في : التقريب (ص : ٤٩٠) ، وتهذيب الكمال (٢٥ / ٥٧٠).

(٤) عبد الله بن يزيد العدوي ، مولى آل عمر ، أبو عبد الرحمن المقرئ القصير ، ثقة ، مات بمكة سنة ثلاث عشرة ومائتين (تهذيب التهذيب ٦ / ٧٥ ، والتقريب ص : ٣٣٠).

(٥) هو سعيد بن أبي أيوب ، واسمه مقلاص الخزاعي. تقدمت ترجمته.

(٦) عياش بن عباس القتباني الحميري ، أبو عبد الرحيم ، ويقال : أبو عبد الرحمن المصري ، ثقة ، توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائة (تهذيب التهذيب ٨ / ١٧٦ ، والتقريب ص : ٤٣٧).

٧٠٠