رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز - ج ٨

عزّ الدين عبدالرزاق بن رزق الله الرسعني الحنبلي

رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز - ج ٨

المؤلف:

عزّ الدين عبدالرزاق بن رزق الله الرسعني الحنبلي


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة الأسدي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٨٨

يدخل النار إلا كافر ، وليس كما ظنوا ، هذه نار مخصوصة (١) موصوفة بعينها ، [ولأهل النار منازل](٢). فلو كان [كل](٣) من لا يشرك بالله لا يعذب ، لم يكن في قوله : (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [النساء : ٤٨] فائدة.

قال أبو عبيدة (٤) : والأشقى بمعنى : الشقي. وأنشد :

تمنى رجال ...

 ...............

وقد سبق.

(وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) أبو بكر الصديق رضي الله عنه (٥). قال الواحدي (٦) : يعني : أبا بكر ، في قول الجميع.

ثم وصفه فقال : (الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى) يطلب أن يكون عند الله [زاكيا](٧) ، لا يطلب رياء ولا سمعة.

ولا محل لقوله : " يتزكى" من الإعراب إن جعلته بدلا من" يؤتي" ؛ لأنه داخل في حكم الصلة (٨). وإن جعلته حالا فمحله : النصب (٩).

__________________

(١) قوله : " مخصوصة" ساقط من ب.

(٢) زيادة من ب ، ومعاني الزجاج (٥ / ٣٣٦).

(٣) زيادة من معاني الزجاج ، الموضع السابق.

(٤) مجاز القرآن (٢ / ٣٠١).

(٥) قوله : " أبو بكر الصديق رضي الله عنه" ساقط من ب.

(٦) الوسيط (٤ / ٥٠٥).

(٧) في الأصل : زكيا. والتصويب من ب.

(٨) قال أبو حيان في البحر المحيط (٨ / ٤٧٩) : وهو إعراب متكلف.

(٩) ذكر هذين الوجهين الزمخشري في الكشاف (٤ / ٧٦٩). وانظر : الدر المصون (٦ / ٥٣٦).

٦٦١

قوله تعالى : (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى) أي : لم يفعل ذلك مجازاة ليد أسديت إليه.

وروى عطاء عن ابن عباس : أن أبا بكر لما اشترى بلالا بعد أن كان يعذّب ، قال المشركون : ما فعل هذا إلا ليد كانت لبلال عنده ، فنزلت هذه الآية (١).

قوله تعالى : (إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) استثناء منقطع.

(وَلَسَوْفَ يَرْضى) أبو بكر الصديق ، لما ينال في الجنة من الكرامة عند الله تعالى ، والزلفى لديه.

__________________

(١) انظر : أسباب النزول للواحدي (ص : ٤٨٠) ، والوسيط (٤ / ٥٠٥) ، وزاد المسير (٩ / ١٥٢).

٦٦٢

سورة الضحى

بسم الله الرّحمن الرّحيم

وهي إحدى عشرة آية مكية (١).

قال الإمام أبو الفرج ابن الجوزي رحمه‌الله (٢) : اتفق المفسرون على أن هذه السورة نزلت بعد انقطاع الوحي مدة. ثم اختلفوا في سبب انقطاعه على ثلاثة أقوال :

أحدها : أن اليهود سألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن ذي القرنين ، وأصحاب الكهف ، وعن الروح فقال : سأخبركم غدا ، ولم يقل : إن شاء الله ، فاحتبس عنه الوحي.

الثاني : لقلة النظافة في بعض أصحابه.

الثالث : لأجل جرو كان في بيته. قاله زيد بن أسلم.

وفي مدة احتباسه عنه أقوال ذكرناها في مريم (٣).

(وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (٣) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (٤) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (٥) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى (٧) وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى (٨) فَأَمَّا

__________________

(١) انظر : البيان في عدّ آي القرآن (ص : ٢٧٧).

(٢) زاد المسير (٩ / ١٥٤ ـ ١٥٥).

(٣) عند الآية رقم : ٦٦.

٦٦٣

الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (٩) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (١٠) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)(١١)

وفي الصحيحين من حديث جندب قال : «قالت امرأة من قريش لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما أرى شيطانك إلا قد ودّعك ، فنزلت : (وَالضُّحى * وَاللَّيْلِ إِذا سَجى * ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى)(١).

والمرأة : هي أم جميل ، امرأة أبي لهب.

والمراد بالضحى : وقت الضحى ، وهو صدر النهار.

وقال الفراء (٢) : النهار كلّه.

وقرّره غيره بقوله : (أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى)(٣) [الأعراف : ٩٨] في مقابلة قوله : (بَياتاً).

(وَاللَّيْلِ إِذا سَجى) قال ابن عباس : أظلم (٤).

وقال قتادة : سكن (٥) ، يعني : استقر ظلامه ، فلا يزداد بعد ذلك.

وقال الأصمعي : سجوّ الليل : تغطية النهار (٦).

وقال الزمخشري (٧) : " سجى" : سكن وركد ظلامه.

__________________

(١) أخرجه البخاري (٤ / ١٩٠٦ ح ٤٦٩٨) ، ومسلم (٣ / ١٤٢٢ ح ١٧٩٧).

(٢) معاني الفراء (٣ / ٢٧٣).

(٣) في الأصل زيادة قوله : وهم.

(٤) ذكره الماوردي (٦ / ٢٩١) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٥٦).

(٥) أخرجه الطبري (٣٠ / ٢٣٠). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٤١) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.

(٦) انظر : لسان العرب (مادة : سجا) ، والوسيط (٤ / ٥٠٨).

(٧) الكشاف (٤ / ٧٧٠).

٦٦٤

وقيل : ليلة ساجية : ساكنة الريح.

وقيل : معناه : سكون الناس والأصوات فيه. وسجا البحر : سكنت أمواجه. وطرف ساج : فاتر.

قوله تعالى : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ) جواب القسم. ومعناه : ما قطعك قطع المودّع.

وقال أبو عبيدة (١) : " ما ودّعك" : من التوديع ، كما يودّع المفارق.

وقرأت على الشيخين أبي البقاء وأبي عمرو رحمهما‌الله ليعقوب [الحضرمي](٢) من رواية أبي حاتم عنه : " ودعك" بالتخفيف ، وهي قراءة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (٣) ، على معنى : ما تركك. كقول الشاعر :

وثمّ ودعنا آل عمرو وعامر

 ...................(٤)

(وَما قَلى) أي : أبغض ، يقال : قلاه يقليه قلى.

قال الزجاج (٥) : المعنى : وما قلاك ، كما قال : (وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ) [الأحزاب : ٣٥] ، المعنى : والذاكراته.

ولما كان قوله : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) مؤذنا بمكانته عند الله ، وأنه مواصله ومحبّه ، وهذا نهاية ما يكون من الكرامة (٦) قال : (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ

__________________

(١) مجاز القرآن (٢ / ٣٠٢).

(٢) في الأصل : الحرمي. والتصويب من ب.

(٣) انظر هذه القراءة في : زاد المسير (٩ / ١٥٧) ، والدر المصون (٦ / ٥٣٧).

(٤) صدر بيت ، وعجزه : (فرائس أطراف المثقفة السمر). وهو في : البحر (٨ / ٤٨٠) ، والدر المصون (٦ / ٥٣٧) ، والقرطبي (٢٠ / ٩٤) ، وروح المعاني (٣٠ / ١٥٦) ، والكشاف (٤ / ٧٧٠).

(٥) معاني الزجاج (٥ / ٣٣٩).

(٦) في ب : الإكرام.

٦٦٥

الْأُولى) أي : ما أعددت لك فيها من الكرامة وقرب المنزلة أعظم وأكمل مما أعطيتك في الدنيا.

(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) قال علي عليه‌السلام : هو الشفاعة في أمته حتى يرضى (١).

وقيل : استعلاؤه وظهور دينه على سائر الأديان.

قوله تعالى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى) أي : ضمّك إلى عمك أبي طالب ، وعطفه عليك ، حتى كنت آثر عنده من ولده.

(وَوَجَدَكَ ضَالًّا) عن معالم النبوة وشرائع الدين (فَهَدى) أي : أرشدك إليها ، كما قال : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) [الشورى : ٥٢].

وقال سعيد بن المسيب : لما خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مع ميسرة ـ غلام خديجة ـ إلى الشام أخذ إبليس بزمام ناقته فعدل به عن الطريق ، فجاء جبريل فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى الحبشة ، وردّه إلى القافلة ، فامتنّ الله عليه بذلك (٢).

وقيل : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ضلّ وهو صغير في شعاب مكة ، فردّه الله على يدي عدوه أبي جهل إلى عمه (٣).

وقرأ الحسن بن علي عليهما‌السلام : " ووجدك ضال" بالرفع (٤) ، على معنى : وجدك شخص ضالّ فاهتدى بك ، ويكون التنكير هاهنا للتكثير ، كما قرّر في

__________________

(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٥١٠) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٥٧).

(٢) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٥٩).

(٣) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٥٨).

(٤) انظر هذه القراءة في : القرطبي (٢٠ / ٩٩).

٦٦٦

(عَلِمَتْ نَفْسٌ) [التكوير : ١٤].

(وَوَجَدَكَ عائِلاً) فقيرا ، تقول : عال ؛ إذا افتقر ، وأعال ؛ إذا كثر عياله (١). وقد ذكرناه في براءة (٢).

(فَأَغْنى) أي : فأغناك بالقناعة وشرف النفس.

وقيل : فأغناك بمال خديجة.

وقيل : بما أفاء عليك من الغنائم.

قال عليه‌السلام : «جعل رزقي تحت ظلّ رمحي» (٣).

قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) أي : لا تغلبه على ماله.

وقرأ ابن مسعود : " فلا تكهر" (٤) أي : لا تعبس في وجهه.

(وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) أي : لا تزجره ، إما أن تعطيه ، وإما أن ترده إلينا.

وقال جماعة من المفسرين : ليس بالسائل : المستجدي ، ولكنه طالب العلم.

(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) قال مجاهد : القرآن (٥).

وقيل : النبوة (٦).

__________________

(١) انظر : اللسان (مادة : عول).

(٢) عند الآية رقم : ٢٨.

(٣) ذكره البخاري في صحيحه (٣ / ١٠٦٧).

(٤) انظر هذه القراءة في : الطبري (٣٠ / ٢٣٣) ، والماوردي (٦ / ٢٩٥).

(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٤٤). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٤٥) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

(٦) أخرجه الطبري (٣٠ / ٢٣٣) عن مجاهد. وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٤٥) وعزاه لسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد.

٦٦٧

وقال جماعة ؛ منهم مقاتل (١) : هي عامة في جميع الخيرات.

قال الحسن : إذا أصبت خيرا أو عملت خيرا فحدّث به الثقة من إخوانك (٢).

وإنما ندب إلى التحديث بالنعم ؛ إظهارا للشكر.

قال مجاهد : قرأت على ابن عباس ، فلما بلغت : (وَالضُّحى) قال : كبّر إذا ختمت كل سورة ، حتى تختم (٣).

ويروى ذلك مرفوعا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٤).

وهكذا قرأت على شيخنا أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري اللغوي ، هلّلت وكبّرت من أول سورة الضحى ، ثم من أول كل سورة إلى آخر القرآن.

وقرأت عليه بالتهليل والتكبير في رواية أخرى من أول (أَلَمْ نَشْرَحْ).

وقرأت عليه في رواية أخرى بالتكبير من غير تهليل ، وجميع [ذلك](٥) عن ابن كثير بالاسناد المذكور في آخر كتاب المستنير لابن سوار رحمه‌الله.

__________________

(١) لم أقف عليه في تفسير مقاتل. وانظر قول مقاتل في : زاد المسير (٩ / ١٦٠).

(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٤٤). وذكره الماوردي (٦ / ٢٩٥) ، والسيوطي في الدر (٨ / ٥٤٥) وعزاه لابن أبي حاتم.

(٣) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٥١٣) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٦٠ ـ ١٦١).

(٤) أخرجه الحاكم (٣ / ٣٤٤ ح ٥٣٢٥) ، والبيهقي في الشعب (٢ / ٣٧١ ح ٢٠٧٩). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٣٩) وعزاه للحاكم وابن مردويه والبيهقي في الشعب.

(٥) زيادة من ب.

٦٦٨

سورة ألم نشرح

بسم الله الرّحمن الرّحيم

وهي ثماني آيات مكية (١).

(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (٤) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٦) فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ)(٨)

قال الله تعالى : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) هذا استفهام في معنى التقرير ، أي : قد فعلنا ذلك.

والمعنى : فتحناه وفسحناه حتى احتمل أثقال النبوة ، ودعوة الثقلين ، والصبر عليهم ، ووسع ما استودعناك من العلم والحلم واليقين والرضا.

(وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) قال ابن عباس : حططنا عنك إثمك الذي سلف منك في الجاهلية (٢) ، كقوله : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ) [الفتح : ٢].

قال الزجاج (٣) : (أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) : أثقله حتى سمع له نقيض ، أي : صوت.

__________________

(١) انظر : البيان في عدّ آي القرآن (ص : ٢٧٧).

(٢) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٥١٦) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٦٢).

(٣) لم أقف عليه في معاني الزجاج. وانظر قول الزجاج في : الوسيط (٤ / ٥١٦).

٦٦٩

وهذا مثل معناه : أنه لو كان حملا يحمل لسمع نقيض ظهره.

وقيل : هذا إشارة إلى تخفيف أعباء النبوة عليه ، وتسهيل نهوضه بها.

(وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) بما خصصناك به من أنواع الكرامة والفضل.

وروى أبو سعيد الخدري : «أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سأل جبريل عليه‌السلام عن هذه الآية ، فقال : قال الله عزوجل : إذا ذكرت ذكرت معي» (١).

قال قتادة : فليس خطيب ، ولا متشهّد ، ولا صاحب صلاة ، إلا يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (٢). وهذا قول جمهور المفسرين.

وقيل : رفعنا لك ذكرك في السماء (٣).

وقيل : بأخذ الميثاق على الأنبياء وأممهم أن يؤمنوا بك ويقرّوا بفضلك (٤).

قوله تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) وجه ارتباطه بما قبله : أن المشركين أولعوا باحتقار الرسول والمؤمنين لأجل فقرهم ، حتى قالوا : (أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها) [الفرقان : ٨] ، فقرّره بهذه النعم الجسيمة المخصوصة به ، ثم قال : (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) أي : إن مع العسر الذي أنتم فيه يسرا. المعنى : [فلا](٥) تيأسوا من فضلي.

__________________

(١) أخرجه ابن حبان في صحيحه (٨ / ١٧٥ ح ٣٣٨٢). وفي هامش ب : خرجه ابن حبان في صحيحه من حديثه.

(٢) أخرجه الطبري (٣٠ / ٢٣٥) ، وابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٤٥). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٤٨) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل.

(٣) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٦٤) حكاية عن الثعلبي.

(٤) مثل السابق.

(٥) في الأصل : لا. والمثبت من ب.

٦٧٠

ثم كرر ذلك فقال : (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً).

قال ابن عباس : يقول الله تعالى : خلقت عسرا واحدا وخلقت يسرين ، فلن يغلب عسر يسرين (١).

وقال ابن مسعود : لو أن العسر دخل في جحر لجاء اليسر حتى يدخل معه ، قال الله تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً)(٢).

ويحكى عن العتبي قال : كنت ذات ليلة في البادية بحالة [من الغم](٣) ، فألقي في روعي بيت شعر فقلت :

أرى الموت لمن أصبح

مغموما له روّح

فلما جنّ الليل سمعت هاتفا يهتف من السماء ، يقول :

ألا أيها المرء ال

ذي الهمّ به برّح

وقد أنشد بيتا لم

يزل في فكره يسنح

إذا اشتدّ بك [العسر](٤)

ففكّر في" ألم نشرح"

فعسر بين يسرين

إذا أبصرته فافرح

قال : فحفظت الأبيات ، وفرّج الله تعالى غمّي (٥).

__________________

(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٥١٧).

(٢) أخرجه الطبري (٣٠ / ٢٣٦). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٥١).

(٣) زيادة من الوسيط (٤ / ٥١٩) ، وزاد المسير (٩ / ١٦٦).

(٤) في الأصل : الأمر. والمثبت من ب.

(٥) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٥١٩ ـ ٥٢٠) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٦٥ ـ ١٦٦).

٦٧١

فإن قيل : هذه الآثار وأقوال المفسرين متطابقة على أن العسر واحد واليسر اثنان ، وفي ظاهر التلاوة عسران ويسران؟

قلت : هو عسر واحد ؛ لأنه مذكور بلفظ التعريف.

قال الفراء (١) : العرب إذا ذكرت نكرة ثم أعادت بنكرة مثلها صارتا اثنتين ، كقولك : إذا اكتسبت درهما فأنفق درهما ، فالثاني غير الأول ، وإذا أعادتها معرفة فهي هي ، كقولك : إذا اكتسبت درهما فأنفق الدرهم ، فالثاني هو الأول.

ونحو هذا قال الزجاج (٢) : ذكر العسر بالألف واللام ، ثم ثنّى ذكره ، فصار المعنى : إن مع العسر يسرين.

وقال صاحب النظم : معنى الكلام : لا يحزنك ما يعيّرك به المشركون من الفقر ، فإن مع العسر يسرا عاجلا في الدنيا ، فأنجزه ما وعده بما فتح عليه. ثم ابتدأ فصلا آخر فقال : (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً). والدليل على ابتدائه ؛ تعرّيه من [الفاء و](٣) الواو ، وهو وعد لجميع المؤمنين ؛ لأنه يعني بذلك : إن مع العسر في الدنيا للمؤمنين يسرا في الآخرة ، وربما اجتمع له اليسران ؛ يسر الدنيا ويسر الآخرة (٤).

قال : وقوله : " لن يغلب [عسر](٥) يسرين" أي : يسر الدنيا والآخرة.

قوله تعالى : (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) أي : فاتعب. يقال : نصب ينصب نصبا ؛

__________________

(١) لم أقف عليه في معاني الفراء. وانظر قول الفراء في : زاد المسير (٩ / ١٦٤).

(٢) معاني الزجاج (٥ / ٣٤١).

(٣) زيادة من زاد المسير (٩ / ١٦٤).

(٤) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٦٤).

(٥) في الأصل : عسرا. والتصويب من ب.

٦٧٢

إذا تعب (١).

وهذا حث للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على النّصب في العبادة ؛ شكرا للذي أنعم عليه بشرح صدره ، ووضع وزره ، ورفع ذكره ، وتبديل عسره بيسره.

قال ابن مسعود : إذا فرغت من الفرائض ، فانصب في قيام الليل (٢).

وقال ابن عباس : إذا فرغت من الصلاة ، فانصب في الدعاء (٣).

وقال الحسن : إذا فرغت من جهاد عدوك ، فانصب في عبادة ربك (٤).

وقال مجاهد : إذا فرغت من أمر دنياك ، فانصب في عمل آخرتك (٥).

وقال الشعبي : فإذا فرغت من التشهد ، فادع لدنياك وآخرتك (٦).

(وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) قال الزجاج (٧) : اجعل رغبتك إليه وحده.

__________________

(١) انظر : اللسان (مادة : نصب).

(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٤٦). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٥١) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم.

(٣) أخرجه الطبري (٣٠ / ٢٣٦) ، وابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٤٦). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٥١) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.

(٤) أخرجه الطبري (٣٠ / ٢٣٧). وذكره الماوردي (٦ / ٢٩٩) ، والسيوطي في الدر المنثور (٨ / ٥٥٢).

(٥) أخرجه مجاهد (ص : ٧٦٨) ، والطبري (٣٠ / ٢٣٧). وذكره الماوردي (٦ / ٢٩٩) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٦٧).

(٦) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٥٢١) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٦٧).

(٧) معاني الزجاج (٥ / ٣٤١).

٦٧٣

سورة التين

بسم الله الرّحمن الرّحيم

وهي ثماني آيات (١). وهي مكية في قول عامة المفسرين.

ويروى عن ابن عباس وقتادة : أنها مدنية (٢).

(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧) أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ)(٨)

قال الله تعالى : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) قال ابن عباس : هو تينكم هذا وزيتونكم (٣).

قال أهل التفسير : أقسم الله بهما ؛ لامتيازهما بالفضل على سائر الثمار. فالتين فاكهة مستلذّة ، خالصة من شوائب النّغص ، [خالية](٤) من

__________________

(١) انظر : البيان في عدّ آي القرآن (ص : ٢٧٩).

(٢) انظر : الماوردي (٦ / ٣٠٠) ، وزاد المسير (٩ / ١٦٨).

(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٤٨) ، والحاكم (٢ / ٥٧٦ ح ٣٩٥١) كلاهما بلفظ : الفاكهة التي يأكلها الناس. وذكره السيوطي بلفظيهما في الدر المنثور (٨ / ٥٥٥) وعزاه لابن أبي حاتم والحاكم.

(٤) في الأصل : خالصة. والمثبت من ب.

٦٧٤

العجم (١) ، الواحدة منه على مقدار اللقمة ، إلى غير ذلك من منافعه الطيبة.

وأما الزيتون فإنه يعتصر منه الزيت ، ومنافعه كثيرة جدا.

وقال كعب الأحبار : التين : دمشق ، والزيتون : بيت المقدس (٢).

قال قتادة : التين : الجبل الذي عليه دمشق ، والزيتون : الجبل الذي عليه بيت المقدس (٣).

وقال ابن زيد : التين : مسجد دمشق ، والزيتون : مسجد بيت المقدس (٤).

وقيل : التين : جبال ما بين حلوان وهمذان ، والزيتون : جبال الشام (٥).

قال بعض العلماء (٦) : سمّيا بذلك ؛ لأنهما منبتا التين والزيتون.

قوله تعالى : (وَطُورِ سِينِينَ) قال كعب وجمهور المفسرين : هو الجبل الذي كلّم الله تعالى عليه موسى (٧).

و"(سِينِينَ)" لغة في سيناء ، وكذلك هو في قراءة علي عليه‌السلام ، وسعد بن أبي

__________________

(١) العجم ـ بالتحريك ـ : النّوى. والعامة تقوله : عجم ، بالتسكين (اللسان ، مادة : عجم).

(٢) أخرجه الطبري (٣٠ / ٢٣٩). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٥٥) وعزاه لابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر.

(٣) أخرجه الطبري (٣٠ / ٢٣٩) ، وابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٤٧). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٥٤) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر.

(٤) أخرجه الطبري (٣٠ / ٢٣٩). وذكره الماوردي (٦ / ٣٠٠) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٦٩).

(٥) هو قول الفراء. انظر : معاني الفراء (٣ / ٢٧٦).

(٦) هذا قول الزمخشري في الكشاف (٤ / ٧٧٨).

(٧) أخرجه الطبري (٣٠ / ٢٤٠). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٥٥) وعزاه لابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن كعب.

٦٧٥

وقاص ، وابن مسعود ، [وأبي الدرداء](١) ، إلا أن الأوّلين فتحا السين (٢).

وقرأ الجحدري وأبو رجاء مثل قراءة العامة ، إلا أنهما فتحا السين (٣). وقد ذكرنا معناه في قد أفلح (٤).

قال مقاتل (٥) : كلّ جبل فيه شجر مثمر [فهو](٦) سينين ، وسيناء بلغة [النّبط](٧).

قوله تعالى : (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) يعني : مكة ، يأمن فيه الخائف ، وهو من أمن الرجل يأمن أمانة فهو آمن.

وجواب القسم قوله : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ).

والصحيح : أنه اسم جنس.

(فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) أي : في أحسن صورة وأعدل هيئة.

قال ابن عباس : [منتصب](٨) القامة (٩).

__________________

(١) في الأصل : وابن أبي الدرداء. والتصويب من ب.

(٢) انظر هذه القراءة في : زاد المسير (٩ / ١٧٠) ، والدر المصون (٦ / ٥٤٣).

(٣) مثل السابق.

(٤) سورة المؤمنون ، عند الآية رقم : ٢٠.

(٥) تفسير مقاتل (٣ / ٤٩٨) ولفظه : كل جبل لا يحمل الثمر لا يقال له سيناء. وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٧٠).

(٦) زيادة من ب.

(٧) في الأصل : القبط. والتصويب من ب.

(٨) في الأصل : منصوب. والمثبت من ب.

(٩) ذكره الماوردي (٦ / ٣٠٢) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٧٢).

٦٧٦

قال المفسرون : خلق الله كلّ ذي روح مكبا على وجهه ، إلا الإنسان خلقه مديد القامة ، يتناول مأكوله بيده (١).

(ثُمَّ رَدَدْناهُ) بعد امتداد قامته واشتداد قوته (أَسْفَلَ سافِلِينَ) فصار عند الكبر [محدودب](٢) الظهر بعد الاعتدال ، مبيضّ الشعر بعد الاسوداد ، متقبّض الجلد بعد الانبساط ، هرما بعد شبابه ، ضعيفا بعد قوته ، خرفا بعد رصانة عقله ورزانة حلمه.

والسافلون : هم الضعفاء من الزمنى والأطفال والهرمى ، واحدهم : سفيل ، وسفل ، وسافل. قال المخبّل :

لئن رددت إلى النّعمان ثانية

إني إذا لسفيل الجدّ محروم

وقوله تعالى : (أَسْفَلَ سافِلِينَ) نكرة تعمّ الجنس ، كما تقول : فلان أكرم قائل ، ولا تقول : أكرم القائل ، إلا أن تجمع ، فإذا جمعت وأردت [به](٣) المعرفة قلت : أكرم القائلين ، وإن أردت النكرة قلت : أكرم قائلين. وهذا قول ابن عباس وعامة المفسرين.

وقال الحسن ومجاهد : ثم رددناه إلى النار (٤).

__________________

(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٤ / ٥٢٤).

(٢) في الأصل : محدوب. والتصويب من ب.

(٣) زيادة من ب.

(٤) أخرجه الطبري (٣٠ / ٢٤٥) ، وابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٤٨). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٥٦ ، ٥٥٧) وعزاه للفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد. ومن طريق آخر عن الحسن ، وعزاه لعبد بن حميد.

٦٧٧

قال أبو العالية : إلى النار في [شر](١) صورة ، في صورة خنزير (٢).

قال الواحدي (٣) : والنار أسفل سافلين ؛ لأن جهنم بعضها أسفل من بعض. والمعنى : ثم رددناه إلى أسفل سافلين.

ثم استثنى المؤمنين فقال : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) وهو استثناء متصل ، على قول الحسن ومجاهد ، ومنقطع على قول غيرهما. على معنى : لكن الذين كانوا صالحين ، من الهرمى ، (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ).

قال عكرمة : من ردّ منهم إلى أرذل العمر ، كتب له كصالح ما كان يعمل في شبابه (٤).

(فَما يُكَذِّبُكَ) أيها الإنسان (بَعْدُ) أن [استنارت](٥) لك دلائل قدرتي على البعث بما تشاهده من تقلّب أحوالك ، وآثار تصرفي فيك.

(بِالدِّينِ) أي : بالجزاء. أو فما يكذبك بعد أن تبيّنت قدرتي ودلائل وحدانيتي بديني ، الذي هو دين الإسلام.

(أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ) أي : بأقضى القاضين.

__________________

(١) في الأصل : أشر. والمثبت من ب.

(٢) أخرجه الطبري (٣٠ / ٢٤٥) ، وابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٤٩). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٥٧) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.

(٣) الوسيط (٤ / ٥٢٤).

(٤) أخرجه الطبري (٣٠ / ٢٤٤) ، وابن أبي حاتم (١٠ / ٣٤٤٩). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٥٥٧) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.

(٥) في الأصل : استنار. والتصويب من ب.

٦٧٨

قال مقاتل (١) : هو يحكم بينك يا محمد وبين مكذّبيك.

وقيل : أليس الله بأحكم الحاكمين صنعا [وتدبيرا](٢).

وقد ذكرنا ما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقوله إذا ختم هذه السورة في آخر القيامة.

__________________

(١) تفسير مقاتل (٣ / ٤٩٩).

(٢) في الأصل : وتقديرا. والمثبت من ب.

٦٧٩

سورة القلم

(وتسمى سورة العلق)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

وهي عشرون آية في المدني ، وتسع عشرة في الكوفي (١). وهي مكية بإجماعهم.

وقد أسلفنا أنها أول ما نزل من القرآن (٢) إلى قوله : (ما لَمْ يَعْلَمْ) ، وباقيها نزل في أبي جهل ، لعنه الله.

(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ)(٥)

قال الله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) قال صاحب الكشاف (٣) : محل"(بِاسْمِ رَبِّكَ)" : النصب على الحال ، أي : اقرأ مفتتحا باسم ربك ، قل : بسم الله ، ثم اقرأ.

فإن قلت : ما باله لم يذكر مفعول" خلق"؟

قلت : إما أن يكون المعنى الذي حصل منه الخلق فلا يستدعي مفعولا ، وإما

__________________

(١) انظر : البيان في عدّ آي القرآن (ص : ٢٨٠).

(٢) وذلك في مقدمة الكتاب ، وهي ضمن القسم المفقود من الكتاب.

(٣) الكشاف (٤ / ٧٨١).

٦٨٠