إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤٩

ينهى والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أو يكون المراد : السامع أي أخبرني أيها السامع عن ..

(الَّذِي يَنْهى) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول للفعل «رأى» والرؤية هنا ليست بصرية والجملة الشرطية في الآية الكريمة الحادية عشرة في محل نصب مفعول به ثان. ينهى : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.

(عَبْداً إِذا صَلَّى) (١٠)

(عَبْداً إِذا صَلَّى) : مفعول به منصوب بالفعل «ينهى» وعلامة نصبه الفتحة المنونة. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون في محل نصب متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه وحذف جوابه اختصارا لأن ما قبله يدل عليه. والمراد بالاسم «عبدا» هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ صلى : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو وحذف جواب الشرط اختصارا التقدير : هل هو محق في نهي هذا العبد؟ وهل أمن على نفسه العقاب؟

(أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى) (١١)

(أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ) : أعربت وكررت للتوكيد. إن : حرف شرط جازم. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وحذف جواب الشرط. التقدير والمعنى : أخبرني عن حال هذا الناهي إن كان في عمله هذا على هدى أي على طريق الهدى والرشاد حينما أمر غيره بترك عبادة الله وطاعة رسوله فهو إذن ليس على هدى ولا تقوى وجواب الشرط بتقدير : أيظن أنه ناج من عقابنا؟ كلا.

(عَلَى الْهُدى) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» المحذوف بمعنى : إن كان هذا الرجل الناهي في عمله هذا على الهدى بمعنى : مهتديا. وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر أو كان أمره صادرا عن هدى.

٦٦١

(أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى) (١٢)

(أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى) : حرف عطف. أمر : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بالتقوى : جار ومجرور متعلق بأمر وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. أي بتقوى الله والخوف من عقابه وبعد حذف المضاف إليه عوض المضاف «تقوى» عن هذا الحذف بالألف واللام.

(أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (١٣)

(أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) : سبق إعرابهما. كذب : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو وجواب الشرط هو الآية الكريمة التالية. وتولى : معطوفة بالواو على جملة «كذب» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على آخره للتعذر بمعنى : أخبرني يا محمد عن حال هذا المكذب برسالتك المعرض عن الإيمان وأعرض عن ذكري.

(أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) (١٤)

(أَلَمْ يَعْلَمْ) : الألف ألف توبيخ وإنكار بلفظ استفهام. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يعلم : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أي هذا المعرض عن طاعة الله.

(بِأَنَّ اللهَ يَرى) : الباء زائدة للتأكيد أو تكون حرف جر للمصدر. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة اسم «أن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. و «أن» وما بعدها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «يعلم». يرى : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وحذف مفعول «يرى» اختصارا .. أي : يراه وسيحاسبه على أعماله أو أن الله يعلم ما يفعله.

(كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) (١٥)

٦٦٢

(كَلَّا لَئِنْ) : بمعنى «حقا» أو هي حرف زجر وردع لا عمل له أي ردع لأبي جهل وخسور له عن نهيه عن عبادة الله تعالى وأمره بعبادة اللات. اللام موطئة للقسم ـ اللام المؤذنة ـ إن : حرف شرط جازم.

(لَمْ يَنْتَهِ) : حرف نفي وجزم وقلب. ينته : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة الياء ـ وبقيت الكسرة المجانسة للياء دالة عليها. وهو فعل الشرط في محل جزم بإن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «إن لم ينته» اعتراضية بن القسم المحذوف وجوابه لا محل لها.

(لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) : اللام واقعة في جواب القسم المقدر. والجملة الفعلية جواب القسم لا محل لها أو يكون جواب القسم قد سد مسد الجوابين. نسفعن : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة ونون التوكيد الخفيفة لا محل لها. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. وأبدلت نون التوكيد الخفيفة ألفا عند الوقوف عليها وهي تالية فتحة كما في التنوين. بالناصية : جار ومجرور متعلق بنسفع بمعنى : لئن لم يرجع أبو جهل عما هو فيه لنأخذن بناصيته ولنسحبنه إلى النار أي إن لم يرتدع هذا الناهي عن الصلاة ويكف عن إيذاء عبدنا ـ رسولنا محمد ـ لنقبضن من شعره بقوة ونرميه في النار.

(ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) (١٦)

(ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) : بدل من «الناصية» الأولى مجرور مثلها وعلامة جرها الكسرة المنونة وأبدلت من المعرفة وهي نكرة لأنها وصفت فاستقلت بفائدة. كاذبة خاطئة : صفتان ـ نعتان ـ لناصية مجرورتان مثلها وعلامة جرهما الكسرة المنونة بمعنى ناصية شخص كاذب آثم.

(فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) (١٧)

(فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) : الفاء استئنافية أو واقعة في جواب شرط محذوف بتقدير : إن شاء أبو جهل فليدع .. اللام لام الأمر والفعل «يدع» فعل مضارع

٦٦٣

مجزوم باللام وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الواو ـ وبقيت الضمة دالة عليها. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ناديه : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة بمعنى : فليدع قومه المجتمعين في مجلسه.

(سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) (١٨)

(سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) : السين حرف استقبال ـ تسويف ـ للتأكيد. ندع : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة ـ الساقطة ـ خطا واختصارا وتخفيفا. وقيل : سقطت الواو لأنها ساكنة واستقبلتها اللام الساكنة فبنوا الخط عليه. وبقيت الضمة دالة على الواو المحذوفة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. الزبانية : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة أي ملائكة العذاب ليتولوا تعذيبه. وهم ملائكة غلاظ أشداء موكلون بتعذيب الكفار في النار جمع «زبنية». أو زباني.

(كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) (١٩)

(كَلَّا لا تُطِعْهُ) : بمعنى : حقا أو هو حرف ردع وزجر لا عمل له وهو ردع لأبي جهل. لا : ناهية جازمة. تطعه : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والهاء ضمير متصل ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به وحذفت الياء ـ أصله : تطيع ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين بمعنى : أثبت يا محمد على ما أنت عليه من عصيان أبي جهل في ترك الصلاة.

(وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) : الواو عاطفة. اسجد : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. واقترب : معطوفة بالواو على جملة «اسجد» وتعرب إعرابها بمعنى : ودم على سجودك أي على صلاتك وتقرب إلى ربك.

***

٦٦٤

سورة القدر

معنى السورة : القدر ـ بفتح الدال وسكونها : هو ما يقدره الله من القضاء. وقيل : الفتح أي فتح الدال : أفصح في هذا المعنى. وقدر الشيء : معناه : مبلغه ويجوز فتح الدال ومنه قدر الله. و «قدره» بسكون الدال هو في الأصل مصدر كما جاء في قوله تعالى في سورة «الأنعام» : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) بمعنى : وما عظموه حق تعظيمه. ويقال : ما لي عليه مقدرة ـ بكسر الدال وفتحها ـ بمعنى : قدرة ومنه قولهم المقدرة تذهب الحفيظة أي الغضب وهذا رجل ذو مقدرة ـ بضم الدال : بمعنى : ذو يسار وأما إذا أريد القضاء والقدر فيقال : المقدرة ـ بفتح الدال فقط. ويقال : قدر الشيء ـ يقدره ـ قدرا ـ من بابي «ضرب» و «نصر» بمعنى : قدره .. من التقدير.

تسمية السورة : ونظرا لخطر هذه الليلة المباركة وشرفها على سائر الليالي ولتقدير الأمور فيها كقوله تعالى في سورة «الدخان» : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) فقد كرمها الله وشرفها بتسمية إحدى سور القرآن الكريم بها .. وفيها نزل القرآن الكريم وقيل : سبب إنزال القرآن الكريم في هذه الليلة المباركة هو أنه أنزل جملة واحدة من السماء السابعة إلى السماء الدنيا وأمر السفرة الكرام بانتساخه في ليلة القدر وكان جبريل ـ عليه‌السلام ـ ينزل على رسول الله محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ نجوما نجوما. وليلة القدر في أكثر الأقاويل : في شهر رمضان واختلفوا في وقتها ؛ ولعل الداعي إلى إخفائها هو أن يحيي من يزيدها الليالي الكثيرة طلبا لموافقتها فتكثر عبادته ويتضاعف ثوابه وأن لا يتكل على الناس عند إظهارها على إصابة الفضل فيها فيفرطوا في غيرها.

فضل قراءة السورة : قال أبلغ البلغاء ـ بلغاء العرب والعجم ـ محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «القدر» أعطي من الأجر كمن صام رمضان وأحيا ليلة القدر» وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من صلى في هذه الليلة مائة ركعة أرسل الله إليه مائة ملك .. ثلاثون يبشرونه بالجنة وثلاثون يؤمنونه من عذاب النار

٦٦٥

وثلاثون يدفعون عنه آفات الدنيا وعشرة يدفعون عنه مكايد الشيطان» صدق رسول الله. وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح ثم يجاهد العدو بالنهار حتى يمسي فعمل ذلك ألف شهر فأنزل الله : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) عملها ذلك الرجل.

إعراب آياتها

(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (١)

(إِنَّا أَنْزَلْناهُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مدغم بنون «إن» مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» أو تكون إحدى النونين قد حذفت تخفيفا. أنزلناه : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بالضمير «نا» و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.

(فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) : جار ومجرور متعلق بأنزلنا. القدر : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى ابتدأ إنزال القرآن الكريم في هذه الليلة العظيمة من ليالي شهر رمضان المبارك.

(وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) (٢)

(وَما أَدْراكَ) : الواو عاطفة. ما : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أدراك : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على «ما» والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. وجملة «أدراك» في محل رفع خبر «ما».

(ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ليلة : خبر «ما» مرفوع بالضمة. القدر : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والجملة الاسمية «ما ليلة القدر» في محل نصب مفعول أدرى.

٦٦٦

** (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) : في هذا القول الكريم يكون الضمير «الهاء» في «أنزلناه» عائدا على القرآن الكريم. وجاء سبحانه بالضمير دون ذكر اسم القرآن وإن لم يتقدم له ذكر لأنه معلوم أو لأن القرآن الكريم نزل جملة واحدة في ليلة القدر إلى السماء الدنيا.

** (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) : «ما» هنا للتعجب .. بمعنى : ما هي؟ بمعنى : وأي شيء أعلمك ما ليلة القدر أي إنك لا علم لك بكنهها ومدى عظمها و «أدراك» معلقة عن «ما» لتضمنه معنى الاستفهام بمعنى : وما أعلمك ما هذه الليلة وما فضلها والاستفهام هنا «ما» لتعظيم شأن هذه الليلة أي تفخيما لشأنها وتعظيما لها فوضع الظاهر «ليلة القدر» موضع المضمر «ما هي» لأنه أعظم منه.

(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (٣)

(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ) : مبتدأ مرفوع بالضمة. القدر : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. خير : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة وأصله : أخير ـ وهذه اللفظة ممنوعة من الصرف على وزن «أفعل» صيغة تفضيل ومن وزن الفعل إلا أن حذف الألف منها أفصح بمعنى ليلة تقدير الأمور وقضائها أفضل.

(مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) : جار ومجرور متعلق بخير. شهر : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. بمعنى العمل في هذه الليلة والفضل فيها أفضل من ألف شهر ليس في هذه الشهور ليلة القدر.

(تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) (٤)

(تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر ثان للمبتدإ «ليلة القدر» أو تكون في محل نصب حالا منها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة وأصله : تتنزل حذفت إحدى التاءين تخفيفا. الملائكة : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى : تنزل الملائكة إلى السماء الدنيا وقيل : إلى الأرض في هذه الليلة المباركة.

(وَالرُّوحُ فِيها) : معطوف بالواو على «الملائكة» ويعرب إعرابه. فيها : جار ومجرور متعلق بتنزل أي جبريل ـ عليه‌السلام ـ وقيل : خلق من الملائكة لا تراهم الملائكة إلا عند تلك الليلة يتنزلون تباعا.

٦٦٧

(بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «الملائكة» أي حافين حول الخلق مأمورين أو مسيرين بإذن ربهم. رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى بأمر ربهم.

(مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) : جار ومجرور متعلق بتنزل. أمر : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : من أجل كل أمر وقيل : من : بمعنى : الباء أي بكل أمر قضاه الله. أو قدر في تلك السنة .. أو للسنة التي تليها.

(سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (٥)

(سَلامٌ هِيَ) : خبر مقدم على المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة وتقديمه على المبتدأ جوازا. هي : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ مؤخر أي لا يقدر الله فيها إلا السلامة والخير من أولها.

(حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) : حرف جر وهي غاية معناها هنا : إلى أو مع. مطلع : اسم مجرور بحتى وعلامة جره الكسرة. والجار والمجرور متعلق بتنزل أو بفعل محذوف يدل عليه «سلام» و «مطلع» بفتح اللام بمعنى «الطلوع» وهو مصدر. الفجر : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أي إلى طلوع فجر ليلة القدر.

***

٦٦٨

سورة البينة

معنى السورة : البينة : مؤنث «البين» وهو الدليل والحجة .. وجمعها : بينات .. ومنه قيل : «آيات الله البينات» بمعنى : الواضحات بالأدلة والحجج .. وهي من «بين» بيانا ـ من باب «باع» أي اتضح فهو بين ومثله : أبان الشيء فهو مبين ـ اسم فاعل ـ وجاء «بائن» اسم فاعل للفعل «بان» على الأصل. وأبان إبانة وبين وتبين تبينا واستبان استبانة : كلها بمعنى : الوضوح والانكشاف والظهور والاسم منها : البيان .. وجميعها يستعمل لازما ومتعديا إلا الثلاثي فلا يكون إلا لازما. ويقال : بان الشيء : إذا انفصل فهو بائن ـ اسم فاعل ـ أما «البيان» فهو ما يتبين به الشيء من الدلالة والفصاحة وغيرها وتعني أيضا المنطق الفصيح. وهو أن البيان أحد فروع البلاغة العربية. قال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إن من البيان لسحرا .. أي إن بعضه سحر .. يضرب في استحسان المنطق وإيراد الحجة البالغة.

تسمية السورة : سمي الله سبحانه إحدى سور القرآن الكريم بالبينة تشريفا وتكريما للرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لأن المقصود بالبينة وهي الدلالة والحجة والبرهان هو رسول الله محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وقيل : المراد بها هنا : القرآن الكريم. وفي آيتها الكريمة الأولى جاء قوله تعالى : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) صدق الله العظيم. قيل : المراد هنا : القرآن أو النبي محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

فضل قراءة السورة : قال أفضل الخلائق محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ «لم يكن ..» كان يوم القيامة مع خير البرية مساء ومقيلا» صدق رسول الله .. وقوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : مع خير البرية مساء ومقيلا : معناه : مع خير الخليقة أو مع أفضلها من «برأه ـ يبرأه ـ برءا» : بمعنى : خلقه .. والفعل من باب «قطع» والبارئ ـ اسم فاعل ـ بمعنى الخالق وهو اسم من أسماء الله الحسنى. أما «مقيلا» فهو مصدر الفعل «قال» يقيل ـ قيلا ومقيلا : بمعنى : نام في منتصف النهار وهو أيضا موضع القيلولة أي الاستراحة في الظهيرة أو النوم فيها. وجاء

٦٦٩

في «التفسير الوجيز» أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لأبي بن كعب : «إن الله أمرني أن أقرأ عليك (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ ..) قال : وسماني لك؟ قال : نعم. فبكى».

إعراب آياتها

(لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) (١)

(لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ) : حرف نفي وجزم وقلب. يكن : فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين وحذفت الواو ـ أصله : يكون ـ لالتقاء الساكنين أيضا ولم تحذف النون هنا لأجل اتصال الساكنين بها فهي مكسورة لأجله وقوية بالحركة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع اسم «يكن» والجملة الفعلية بعده «كفروا» صلة الموصول لا محل لها.

(كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. من أهل : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول لأن «من» حرف جر بياني. التقدير : حالة كونهم من أهل الكتاب. الكتاب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى لا يزالون مقيمين على ما هم عليه.

(وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ) : معطوفة بالواو على «أهل الكتاب» مجرورة أيضا وعلامة الجر الياء لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. منفكين : خبر «يكن» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى متروكين بدون إرشاد وهداية.

(حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) : حرف غاية وجر بمعنى : إلى أن أو إلا أن. تأتي : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد «حتى» وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به وحرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ والجملة الفعلية «تأتيهم البينة» صلة حرف

٦٧٠

مصدري لا محل لها. البينة : فاعل مرفوع بالضمة و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحتى والجار والمجرور متعلق بمنفكين أي حتى مجيئهم الحجة الواضحة التي تظهر لهم الحق ..

(رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً) (٢)

(رَسُولٌ مِنَ اللهِ) : بدل من «البينة» مرفوع بالضمة المنونة. من الله : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من رسول.

(يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً) : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ثانية لرسول وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. صحفا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. مطهرة : صفة ـ نعت ـ للموصوف «صحفا» منصوب مثله بالفتحة المنونة بمعنى قراطيس مطهرة من الباطل والتحريف وهي القرآن الكريم والجملة الاسمية في الآية الكريمة التالية في محل نصب صفة أخرى للموصوف «صحفا».

(فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) (٣)

(فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم محذوف بمعنى فيها مكتوبات. كتب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. قيمة : صفة لكتب مرفوعة بالضمة المنونة.

** (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى .. المعنى : لا يزال أهل الكتاب والمشركون بالله ـ عبدة الأصنام ـ ولفظة «منفكين» جمع «منفك» وهو اسم فاعل للفعل «انفك» وهذا الفعل من أخوات «كان» ومعناه : الدوام والاستمرار وبمعنى : دام وما زال وما برح وما فتئ وما انفك .. وكل هذه الأفعال من فئة واحدة مسبوقة بأداة النفي «ما» وأداة نفيه هنا جاء في أول الآية الكريمة «لم يكن» بمعنى : ما كان .. أي ما انفك .. وهذه الأفعال تلازم النفي.

** (رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية .. بمعنى يقرأ قراطيس مطهرة من الباطل وهي القرآن الكريم .. قال الخليل : ما كتب قر وما حفظ فر .. أي ما كتب يبقى .. وما حفظ ينسى. والصحف : جمع : صحيفة .. وهذه اللفظة تعني : الجريدة وجمعها : جرائد ولكنها بهذا المعنى مولدة وما زال الناس يكتبون ويطلقون هذه

٦٧١

اللفظة ويبدو أن اللفظة المولدة «جريدة» أخذت على معنى «جرد الكاتب الكتابة» بمعنى : عراها من الضبط ولعل هذا هو سبب تسمية الصحيفة بها. والأصل هو أن كلمة «جريدة» مفرد : جريد وهو سعف النخل وهو بصيغة ـ فعيل بمعنى : مفعول ـ وسمي جريدا لأنه مجرود : أي مأكول مثل «جريح بمعنى : مجروح» ويقال : جردت الأرض : إذا أصابها الجراد فهي مجرودة وسمي «الجراد» بهذا الاسم لأنه يجرد الأرض : أي يأكل ما عليها .. وجرد النخل من سعفه : بمعنى : أزيل ما عليه وإنما سميت «جريدة» وهي سعفة النخلة لأنه جرد عنها خوصها ولهذا لا يسمى جريدا ما دام عليه الخوص وإنما يسمى سعفا .. أما «الصحافة» بكسر الصاد ـ عند المحدثين فهي كتابة الجرائد ومنه : الصحافي : وهو الذي اتخذ مهنة الصحافة رزقا أو مهنة له شأنه في ذلك شأن الزراعي .. الصناعي .. التجاري .. الذين اتخذوا : الزراعة .. الصناعة .. التجارة مهنا أو أعمالا لهم. ولكن الزمخشري يقول : إنه صحفي ـ بفتحتين بعد نسبته إلى «الصحيفة» وهي قطعة من جلد أو قرطاس كتب فيه .. لا بل إن القرطاس : هو الصحيفة التي يكتب فيها أو هو الصحيفة من أي شيء كانت وجاءت النسبة إلى الصحيفة وصارت صحفيا كما ينسب إلى حنيفة فيقال : حنفي وما أشبه. وتجمع «الصحيفة» على «صحف» و «صحائف» مثل كريمة وكرائم.

** (فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة بمعنى : فيها مكتوبات مستقيمة ناطقة بالحق والعدل وهي جمع «كتاب» أي الذي يكتب فيه وبما أن أصله مصدر كالبناء فأوقع على المكتوب ومن جمع فمعناه : مكتوبات.

(وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) (٤)

(وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. تفرق : فعل ماض مبني على الفتح. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل.

(أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. وبني الفعل على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. الكتاب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى وما تفرقوا عن الحق أو تفرقهم فرقا. إلا : حرف تحقيق بعد النفي أو ما انقسموا فرقا في شأن الرسول محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

(مِنْ بَعْدِ ما) : جار ومجرور متعلق بتفرق. ما : مصدرية زمانية ويجوز أن يكون اسما موصولا بمعنى «الذي» مبنيا على السكون في محل جر بالإضافة. وعلى هذا المعنى الثاني تكون جملة «جاءتهم البينة» صلة الموصول لا محل لها.

٦٧٢

(جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالإضافة بتقدير : من بعد مجيئهم البينة. جاءت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ البينة : فاعل مرفوع بالضمة. أي الدليل الواضح.

(وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (٥)

(وَما أُمِرُوا) : الواو عاطفة. ما : نافية. أمروا : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة بمعنى : وما أمرهم الله تعالى في كتبهم.

(إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ) : حرف تحقيق بعد النفي. اللام حرف جر للتعليل ـ لام ـ كي ـ يعبدوا : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الله لفظ الجلالة مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. وجملة «يعبدوا الله» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بأمروا. التقدير : وما أمروا إلا بعبادة الله وحده أو لأجل عبادة الله وحده لا شريك له.

(مُخْلِصِينَ لَهُ) : حال من الضمير في «يعبدوا» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. له : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «مخلصين» أي مخلصين له العبادة.

(الدِّينَ حُنَفاءَ) : مفعول به لاسم الفاعلين «مخلصين» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. حنفاء : حال ثانية منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن «فعلاء» بمعنى مستقيمين أو متبعين سنة إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ أي مائلين عن العقائد الزائغة .. وهي جمع «حنيف».

٦٧٣

(وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ) : معطوفة بالواو على جملة «يعبدوا الله» وتعرب إعرابها بمعنى يؤدوها.

(وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ) : معطوفة بالواو على جملة «يقيموا الصلاة» وتعرب إعرابها أي ويعطوا الزكاة لمن يستحق.

(وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) : الواو استئنافية. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. والإشارة إلى إقام الصلاة وإيتاء الزكاة. دين : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة. القيمة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : دين الملة القيمة فحذف الموصوف المضاف إليه «الملة» وأقيمت الصفة «القيمة» مقامه بمعنى المستقيمة على الطريق القويم.

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) (٦)

(إِنَّ الَّذِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن».

(كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ) : أعربت في الآية الكريمة الأولى بمعنى : كفروا بالإسلام وعبدوا الأوثان.

(فِي نارِ جَهَنَّمَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» المحذوف بمعنى : يدخلون في نار .. جهنم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للتأنيث والمعرفة.

(خالِدِينَ فِيها) : حال منصوبة وعلامة نصبها الياء لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. فيها : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «خالدين» بتأويل فعله بمعنى ماكثين فيها دوما.

(أُولئِكَ هُمْ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر ثان لإن. أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ .. والكاف حرف خطاب. هم : ضمير رفع منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ ثان.

٦٧٤

(شَرُّ الْبَرِيَّةِ) : خبر «هم» مرفوع بالضمة. البرية : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة والجملة الاسمية «هم شر البرية» في محل رفع خبر «أولئك» بمعنى : شر الناس أو الخلق ويجوز أن تكون «هم» ضمير فصل «عمادا» لا محل له من الإعراب فتكون كلمة شر البرية» خبر «أولئك».

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) (٧)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة السابقة مع الفرق في المعنى. وعملوا : معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب مثلها. الصالحات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم بمعنى : وعملوا الأعمال الصالحات أو صالح الأعمال فحذف الموصوف المفعول «الأعمال» وحلت الصفة «الصالحات» محله. و «الصالحات» من الصفات التي جرت مجرى الأسماء شأنها في ذلك شأن «السيئات» بمعنى : أولئك هم أفضل الخليقة حالا ومصيرا يوم القيامة.

(جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) (٨)

(جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) : مبتدأ مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بخبر المبتدأ وهو مضاف. رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه ثان. والجملة الاسمية «جزاؤهم عند ربهم جنات» في محل رفع خبر ثان للمبتدإ «أولئك».

(جَنَّاتُ عَدْنٍ) : خبر المبتدأ «جزاؤهم» مرفوع بالضمة. عدن : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ـ نعت ـ لجنات وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. من تحت : جار ومجرور متعلق بتجري أو بحال من الأنهار. التقدير : تجري الأنهار كائنة

٦٧٥

تحتها و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. الأنهار : فاعل مرفوع بالضمة.

(خالِدِينَ فِيها أَبَداً) : حال من ضمير الغائبين «هم» في «جزاؤهم» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. فيها : جار ومجرور متعلق بخالدين. أبدا : ظرف زمان منصوب على الظرفية يدل على الاستمرار والتأكيد في المستقبل متعلق بخالدين. التقدير : أبد الدهر أو أبد الآبدين وبعد حذف المضاف إليه «الدهر» نون آخر المضاف «أبد» لانقطاعه عن الإضافة.

(رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال ثان من ضمير الغائبين في «جزاؤهم» وهي فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. عن : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن. والجار والمجرور متعلق برضي بمعنى : رضي عنهم فأحسن مثواهم وجزاءهم.

(وَرَضُوا عَنْهُ) : الواو عاطفة. رضوا : فعل ماض مبني على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وأصله : رضيوا فحذفت الياء لسكونها وسكون واو الجماعة بعد أن نقلت ضمة الياء إلى ما قبلها. عنه : جار ومجرور متعلق برضوا.

(ذلِكَ لِمَنْ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. بمعنى : ذلك الجزاء. اللام حرف جر و «من» اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «ذلك» المحذوف بمعنى : ذلك الجزاء يعطى لمن. والجملة الفعلية بعده «خشي ربه» صلة الموصول لا محل لها.

(خَشِيَ رَبَّهُ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ربه : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه بمعنى لمن خاف مقام ربه.

٦٧٦

سورة الزلزلة ـ الزلزال

معنى السورة : الزلزلة بمعنى : الزلزال كالوسوسة بمعنى : الوسواس. يقال : تزلزلت الأرض : بمعنى : تحركت واضطربت والزلزال ـ بكسر الزاي ـ مصدر الفعل والاسم منه يلفظ بفتح الزاي .. وأصل الفعل «زلزل» هو فعل مزيد أي رباعي وأصله : زل .. وهذا الفعل مجرد يقال : زل ـ يزل ـ زللا .. من باب «تعب» أو «فرح» وهذا الباب لغة في الفعل والأفصح هو أن يكون من باب «ضرب» وإن قال الفراء مضارع هذا الفعل «يزل» أي بفتح الزاي .. يقال : زل الشيء عن مكانه ـ يزل ـ زللا : بمعنى : تنحى عنه. وللفعل «زل» معان كثيرة والاسم منه هو زلة ـ بكسر الزاي ـ ومصدره بفتح الزاي وهو بمعنى اسم المرة من الفعل .. ولعل أكثر معاني هذا الفعل شيوعا هو أخطأ .. نحو : زل الرجل في منطقه أو في فعله ـ يزل ـ زلة : بمعنى : أخطأ .. ومنه القول الشهير : إذا زل عالم ـ بكسر اللام .. اسم فاعل ـ زل بزلله عالم ـ بفتح اللام.

تسمية السورة : سميت إحدى سور القرآن الكريم بسورة «الزلزلة» تعظيما وترويعا من هذا الحدث الذي تضطرب فيه الأرض يوم القيامة وتسمى هذه السورة الشريفة في بعض المصاحف «الزلزال» ومن معاني الزلازل جمع «زلزال» هو الشدائد وهو ما تشير إليه الآية الكريمة الأولى من هذه السورة الشريفة : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) وهذا هو ما يحدث عند النفخة الثانية والآيات التي بعدها تظهر وتبين مدى هول ذلك اليوم.

فضل قراءة السورة : قال صفوة أنبياء الله تعالى الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة (إِذا زُلْزِلَتِ) أربع مرات كان كمن قرأ القرآن كله» صدق رسول الله وفي رواية : أخرج الترمذي وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن عمرو في حديث فيه : أن رجلا قال : أقرئني يا رسول الله سورة جامعة. فأقرأه (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) حتى إذا فرغ منها قال الرجل : والذي بعثك بالحق نبيا لا أزيد عليها أبدا. فقال الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : أفلح الرويجل ،

٦٧٧

أفلح الرويجل. وأخرج الترمذي أيضا عن أنس بن مالك أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ) ربع القرآن صدق رسول الله.

إعراب آياتها

(إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) (١)

(إِذا زُلْزِلَتِ) : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون في محل نصب متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه. زلزلت : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها حركت بالكسر لالتقاء الساكنين وجملة «زلزلت الأرض» في محل جر بالإضافة.

(الْأَرْضُ زِلْزالَها) : نائب فاعل مرفوع بالضمة. زلزال : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة والإضافة تدل على معنى زلزالها الشديد. المعنى : إذا اضطربت الأرض اضطرابها المقدر عند النفخة الثانية.

(وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) (٢)

(وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) : الواو عاطفة. أخرجت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها وحركت بالكسر لالتقاء الساكنين. الأرض : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية في محل جر بالإضافة أيضا. أثقال : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة وهي جمع «ثقل» وهو متاع البيت .. أي جعل ما تحمل الأرض في جوفها من الدفائن أثقالا.

(وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) (٣)

(وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) : الواو عاطفة. قال : فعل ماض مبني على الفتح. الإنسان : فاعل مرفوع بالضمة. ما : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام حرف جر و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «ما» المحذوف والجملة

٦٧٨

الاسمية «ما لها» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى : ما للأرض زلزلت هذه الزلزلة الشديدة ولفظت ما في بطنها؟ أي تساءل هذا الانسان الكافر الناكر للبعث.

(يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) (٤)

(يَوْمَئِذٍ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو بدل من «إذا» و «إذ» اسم مبني على السكون الظاهر : سكونه وسكون التنوين وهو في محل جر بالإضافة والجملة المعوض عنها بالتنوين في محل جر مضاف إليه ثان. التقدير : يومئذ تزلزل الأرض.

(تُحَدِّثُ أَخْبارَها) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم جواب «إذا زلزلت ..» لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. أخبار : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

** (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) : المعنى : وأخرجت الأرض من باطنها دفائنها من أموات وكنوز .. ودفائن .. جمع «ثقل» بكسر الثاء وسكون القاف .. أي جعل ما تحمل الأرض في جوفها أثقالا.

** (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) : المعنى في ذلك اليوم يوم زلزلة الأرض واضطرابها هذا الاضطراب الهائل تحدث الأرض الناس بلسان حالها عن أسباب هذه الزلزلة وتخبر بما عمل عليها من خير وشر وحذف مفعول الفعل «تحدث» الأول وهو «الناس» أو الخلق أي تخبر الخلق أخبارها يقال : تحدث ـ يتحدث ـ تحدثا .. وفعله المجرد الثلاثي «حدث» نحو : حدث الشيء يحدث ـ حدوثا .. من باب «قعد» بمعنى : تحدد وجوده فهو حادث وحديث .. وتحدث بالشيء بمعنى : أخبر كقوله تعالى في سورة «الضحى» : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) الفعل هنا أمر أي فأخبر الناس بنعمة ربك عليك يا محمد وهي النبوة والتحدث بنعمة الله شكر. وعن عبد الله بن غالب أنه كان إذا أصبح يقول : رزقني الله البارحة خيرا قرأت كذا وصليت كذا. فإذا قيل له : يا أبا فراس مثلك يقول مثل هذا؟ قال : يقول الله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) وأنتم تقولون : لا تحدث بنعمة الله. و «حدث» بمعنى : فتحدث أيضا. والتحديث بنعمة الله : هو شكرها وإشاعتها وقبل هذه الآية الكريمة ورد قوله تعالى : (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) والنهر : هو : الزجر. وعن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : إذا رددت السائل ثلاثا فلا يرجع فلا عليك أن تزبره ـ أن تنهره ـ وقيل : أما أنه ليس بالسائل المستجدي ولكن طالب العلم إذا جاءك فلا تنهره. ونعمة الله : هي ما ذكره سبحانه من نعمة الإيواء والهداية والإغناء وما عدا ذلك. وعن مجاهد : أي بالقرآن فحدث أي أقرئه وبلغ ما أرسلت به.

٦٧٩

(بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) (٥)

(بِأَنَّ رَبَّكَ) : الباء حرف جر. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربك : اسم «أن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه. والجملة الفعلية بعده «أوحى لها» في محل رفع خبر «أن» و «أن» وما بعدها ـ أي ومعموليها ـ بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بتحدث. بمعنى : تحدث أخبارها بسبب إيحاء ربك لها وأمره إياها بالتحديث أو أن يكون المعنى يومئذ تحدث بتحديث أن ربك أوحى لها أخبارها على أن تحديثها بأن ربك أوحى تحديث بأخبارها ويجوز أن يكون «بأن ربك» بدلا من أخبارها أي يومئذ تحدث بأخبارها بأن ربك أوحى لها لأننا نقول : حدثه كذا وحدثه بكذا.

(أَوْحى لَها) : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو اللام حرف جر و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بأوحى. و «لها» بمعنى : إليها. لأن اللام لام العاقبة أي عاقبت هنا «إلى».

(يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) (٦)

(يَوْمَئِذٍ) : أعرب في الآية الكريمة الرابعة بمعنى : يومئذ تزلزل الأرض وهو بدل من «إذا زلزلت الأرض ..»

(يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً) : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الناس : فاعل مرفوع بالضمة. أشتاتا : حال من «الناس» بمعنى : متفرقين منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : في ذلك اليوم المروع يخرج الناس أو يصدرون عن مخارجهم من القبور إلى الموقف متفرقين.

(لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) : اللام حرف جر ـ لام التعليل .. أي لام «كي» يروا : فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة.

٦٨٠