إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٧

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٧

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٦٧

١

٢

٣
٤

سورة النور

معنى السورة : النور هو الضوء .. وهو خلاف ـ أي ضد ـ الظلمة ويجمع على «أنوار» ولكن الضوء أقوى وأسطع من النور .. والضوء : هو ما يشع بذاته كضوء الشمس والنار .. أما «النور» فهو مكتسب من جسم آخر كنور القمر .. ومما يؤكد صحة أن الضوء أقوى من النور قوله تعالى في سورة «يونس» : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) أي جعل الشمس ذات ضياء وجعل القمر ذا نور.

يقال : أنار الصبح إنارة : بمعنى : أضاء وهو فعل لازم ومثله القول : نور تنويرا واستنار استنارة كلها أفعال لازمة بمعنى : ونار الشيء ينور نيارا ـ بكسر النون ـ بمعنى : أضاء أيضا فهو نير ـ اسم فاعل ـ وهذا يتعدى بالهمزة والتضعيف ونورت المصباح تنويرا : بمعنى : أزهرته ونورت بالفجر تنويرا : أي صليتها في النور فالباء للتعدية.

تسمية السورة : لقد شرف الله تعالى «النور» فسمى إحدى سور القرآن الكريم به .. وشرفه مرة أخرى بوصفه ـ عزوجل ـ ذاته المقدسة به بقوله ـ عزّ من قائل ـ في السورة نفسها : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) صدق الله العظيم. المعنى : الله ذو نور السموات وصاحب نور الأرضين .. أي هو الحق .. شبهه بالنور في ظهوره وبيانه .. وصفة نوره العظيمة الشأن في الإنارة أو الإضاءة كصفة كوة .. ـ غير النافذة ـ في الجدار فيها سراج ضخم ثاقب .. في قنديل من زجاج أزهر شبهه في زهرته بأحد الدراري من الكواكب كالمشتري والزهرة والمريخ يتوقد من زيت شجرة مباركة هي شجرة الزيتون .. وقد استعار الله تعالى «النور» للحق والقرآن والبرهان في مواضع أخرى.

٥

فضل قراءة السورة : قال سيد الكائنات رسول الله الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «النور» أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد كل مؤمن ومؤمنة فيما مضى وفيما بقي» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وذكر مجاهد أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : علموا رجالكم سورة «المائدة» وعلموا نساءكم سورة «النور». وكتب عمر ـ رضي الله عنه ـ لبعض ولاته ـ جمع وال : أن تعلموا سورة النساء والأحزاب والنور.

إعراب آياتها

(سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (١)

(سُورَةٌ أَنْزَلْناها) : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هذه سورة مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة وجاء المبتدأ نكرة لأنه موصوف ويجوز أن تكون «سورة» مبتدأ حذف خبره المقدم .. التقدير : فيما أوحيناه إليك يا محمد سورة .. أنزلناها : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ـ نعت ـ لسورة وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع و«نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و«ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها) : الجملتان الفعليتان معطوفتان بواوي العطف على جملة «أنزلناها» وتعربان إعرابها. فيها : جار ومجرور متعلق بأنزلنا بمعنى : سورة أوحيناها وفصلناها وأوحينا فيها.

(آياتٍ بَيِّناتٍ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. بينات : صفة ـ نعت ـ لآيات منصوبة مثلها وعلامة نصبها الكسرة المنونة للسبب نفسه .. بمعنى : واضحات وتكرير «أنزلنا» جاء لمزيد العناية بإنزال هذه السورة.

(لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل من أخوات «إن» الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب

٦

اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور. تذكرون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» أي تتذكرون بمعنى : تتعظون حذفت إحدى تاءيه تخفيفا. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢)

(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) : مبتدأ مرفوع بالضمة. والزاني : معطوف بالواو على «الزانية» مرفوع أيضا بالضمة وقدرت الحركة على الياء منع من ظهورها الثقل. وخبر المبتدأ محذوف بتقدير : فيما فرض عليكم الزانية والزاني أو بمعنى : مما يتلى عليكم حكم الزانية والزاني فحذف المبتدأ المؤخر المضاف «حكم» وحل المضاف إليه «الزانية» محله أي جلدهما. وقيل : يجوز أن يكون الخبر جملة «فاجلدوا» وإنما دخلت الفاء لكون الألف واللام في «الزانية» و«الزاني» بمعنى : الذي وتضمينه معنى الشرط. التقدير : التي زنت والذي زنى فاجلدوهما كما يقال : من زنى فاجلدوه كما ورد في الآية الكريمة الرابعة .. هذه بعض وجوه إعرابها ولكن الوجه الأول من الإعراب أصوب.

(فَاجْلِدُوا كُلَّ) : الفاء سببية. اجلدوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. كل : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(واحِدٍ مِنْهُما) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. منهما : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «واحد» الميم علامة الجمع أو عماد والألف علامة التثنية أو تكون «ما» علامة التثنية بمعنى : فعاقبوهما بالجلد أي فاضربوهما. أو يكون الجار والمجرور «منهما» متعلقا بصفة لكل.

(مِائَةَ جَلْدَةٍ) : نائبة عن المصدر ـ المفعول المطلق ـ لبيان العدد وقد أضيفت إلى المصدر الحقيقي منصوبة وعلامة نصبها الفتحة. جلدة :

٧

مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة وهو في الأصل تمييز حقيقي جر هنا لوقوعه بعد مائة.

(وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تأخذ : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور. بهما : يعرب إعراب «منهما» وقدم على «رأفة» فهو في محل نصب حال.

(رَأْفَةٌ) : فاعل مرفوع بالضمة المنونة بمعنى ولا تأخذكم عليهما رحمة أو شفقة.

(فِي دِينِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بتأخذ. الله : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ) : حرف شرط جازم. كنتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه. تؤمنون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بتؤمنون. واليوم : معطوف بالواو على لفظ الجلالة ويعرب مثله بمعنى وتؤمنون باليوم أي وتصدقون باليوم. الآخر : صفة ـ نعت ـ لليوم مجرور مثله وعلامة جره الكسرة.

(وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما) : الواو عاطفة. اللام لام الأمر. يشهد : فعل مضارع مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه سكون آخره و«عذاب» مفعول به مقدم منصوب وعلامة نصبه الفتحة و«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة والألف علامة التثنية لا محل لها أو تكون الهاء في محل جر بالإضافة والميم عمادا والألف علامة التثنية أو تكون «ما» هي علامة التثنية المعنى : وليحضر معاقبتهما.

٨

(طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. من المؤمنين : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «طائفة» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : جماعة من المؤمنين.

(الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (٣).

(الزَّانِي لا يَنْكِحُ) : مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. لا : نافية لا عمل لها. ينكح : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «لا ينكح ..» في محل رفع خبر المبتدأ.

(إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) : أداة حصر لا عمل لها. زانية : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. أو : حرف عطف للتخيير. مشركة : معطوفة على «زانية» وتعرب إعرابها.

(وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) : هذا القول الكريم معطوف بالواو على ما قبله ويعرب إعرابه و«ها» ضمير متصل ـ ضمير الغائبة ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. وعلامة رفع «زان» الضمة المنونة المقدرة على الياء المحذوفة لأنه اسم منقوص نكرة.

(وَحُرِّمَ ذلِكَ) : الواو استئنافية. حرم : فعل ماض مبني على للمجهول مبني على الفتح. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع نائب فاعل. اللام للبعد والكاف حرف خطاب.

(عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) : جار ومجرور متعلق بحرم وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته.

** (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) : هذا القول الكريم ورد في بداية الآية الكريمة الثانية .. المعنى ولا تأخذكم بالزانية والزاني أدنى رحمة ورأفة أو شفقة في سبيل تأييد أو مناصرة دين الله .. فحذف المضاف والمضاف إليه الأول «سبيل مناصرة» وحل المضاف إليه الثاني والثالث «دين الله» محله ولفظة «مائة» و«مائة» بمعنى واحد .. وهما ـ عددا ـ عشر عشرات .. وتختلفان من حيث اللفظ والكتابة فإحداهما «مائة» تلفظ

٩

بكسر الميم وتكتب من دون ألف والثانية تلفظ مثل الأولى وتكتب بألف مع فتح الميم. وخرجوا من اللفظ الفعل «مأى» فقالوا : مأى القوم يمآهم مأيا : بمعنى : تممهم بنفسه «مائة» فالقوم ممئيون : أي كانوا تسعة وتسعين فصاروا معه «مائة» وأمأى القوم : بمعنى : صاروا «مائة» فهم ممئون. ويجوز أن يتعدى الرباعي «أمأى» فيؤدي معنى الفعل الثلاثي نحو أمأى القوم : بمعنى : تممهم بنفسه «مائة» وقيل : الأصل في اللفظة كتابتها من دون ألف أي «مائة» وقد أضافوا الألف إليها بعد الميم للتفريق بينها وبين «منه» و«فيه» و«فئة» وهذا ما يؤكده البصريون ويصرون على كتابتها بعد الميم المكسورة متبوعة بالألف في حين يرى الكوفيون حذف الألف من اللفظة وحجتهم في ذلك سهولة التفريق بين «مائة» و«منه» و«فيه» بعد أن وضع أبو الأسود الدؤلي الحركات للغة العربية. وجاء إصرار البصريين على كتابتها بالألف قبل أن يأمر الحجاج بن سوف نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر العدواني بنقط الحروف العربية قبل توزيع القرآن الكريم على الأمصار. وقيل : المائة : أصلها : مئي فحذفت لام اللفظة ـ أي الياء ـ وعوض عنها الهاء ليكون جبرا لما نقص مثل «عزين» وهي طائفة من الناس أو جماعات يأتون متفرقين .. وأصلها : عزة والهاء عوض عن اللام المحذوفة وهي واو الجماعة «عزون» فصار مثل جمع المذكر السالم ـ ملحقة به ـ ومثل «سنين» والقياس عند البصريين لهذا هو قولهم : ثلاث مئين .. أي إن جمع «مائة» هو «مئون». جاء في الصحاح : قال سيبويه : يقال : ثلاثمائة وحقه أن يقولوا ثلاث مئين أو مئات كثلاثة آلاف مميز الثلاثة إلى العشرة يكون جمعا نحو : ثلاثة رجال وعشرة دراهم ولكنهم شبهوه بأحد عشر وثلاثة عشر ـ أي عدد مركب ـ وقال ابن الأنباري : القياس عند أصحابنا : ثلاثمائة ـ بالتوحيد ـ أي بذكر «مائة» بعد «ثلاث» وليس مئين أو مئات وأضاف : وفي كتاب الله : ثلاثمائة سنين في سورة «الكهف» بالتوحيد. وكتاب الله نزل بأفصح اللغات. وقال : وأما «مئين» و«مئات» فهو عند أصحابنا شاذ. والآية الكريمة التي استشهد بها ابن الأنباري وردت فيها لفظة «ثلاث» مفصولة عن «مائة» وهذا هو الصواب .. أي فصل العدد من ثلاثة إلى تسعة عن «مائة» حتى يسهل وضع الحركة على آخر العدد وبالتحديد على العدد «ثماني» فلا يجوز كتابة العدد المركب «ثمانمائة» وإنما يكتب العدد مفصولا عن المعدود .. ثماني مائة حتى توضع الحركة على آخر «ثماني» وهو أي الياء حرف أصلي. علما بأن لفظة «مائة» وردت في القرآن الكريم ثماني مرات مكتوبة بالألف ولفظة «مائتين» وردت مرتين بالألف أيضا .. والألف بعد الميم ساكن غير منطوق به أي يكتب ولا يلفظ. وقد بقي الأدباء وغيرهم متمسكين بكتابة «مائة» بالألف كما وردت في القرآن الكريم.

** (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) : في هذا القول الكريم ذكر الفعل «يشهد» وفاعله «طائفة» وذلك لأنه فصل عن فاعله بفاصل ولأن معنى «طائفة» هو «قوم» أو «ناس» فجاء تذكير الفعل على معنى «طائفة» لا على لفظها علما بأن «طائفة» لفظها مفرد ومعناها جمع.

** (وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) : في هذا القول الكريم الوارد في آخر الآية الكريمة الثالثة حذفت الصفة أو البدل المشار إليه لأن ما قبله دال عليه. التقدير : وحرم ذلك النكاح أي زواج الزواني. والمشركات على المؤمنين المتقين.

** سبب نزول الآية : نزلت في رجال ضعاف الإيمان من المهاجرين هموا أن يتزوجوا ببغايا يكرين أنفسهن لينفقن عليهم من كسبهن

١٠

** (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة الرابعة وفيه حذف الموصوف «النساء» اختصارا لأنه معلوم. التقدير والمعنى : والذين يقذفون النساء المحصنات بالزنى ـ الزنا ـ أي العفيفات اللاتي أحصنهن الزواج.

** (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخامسة .. التقدير : إلا التائبين من بعد ذلك القذف وأصلحوا ما أفسدوه بتدارك الضرر الذي سببوه .. أي وأصلحوا أعمالهم فحذف النعت أو البدل المشار إليه «القذف» اختصارا لأن ما قبله يفسره كما حذف مفعول «أصلحوا» وهو «ما أفسدوه».

** (فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة .. المعنى والتقدير : فالواجب شهادة أحدهم أو فعليهم شهادة أحدهم أي أن يشهد أربع شهادات بالله وذلك لرفع حد القذف عنه أي أن يحلف بالله أربع مرات من الأيمان ..

** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة حينما قذف هلال بن أمية امرأته بشريك بن سحماء. وفي رواية : نزلت بشأن عويمر العجلاني حينما قذفت امرأته برجل وجده معها.

** (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ) : هذا القول الكريم ورد في الآية الكريمة الحادية عشرة التقدير والمعنى : جزاء ما اكتسب من السوء فحذف المبتدأ «جزاء» وحل المضاف إليه «ما» الاسم الموصول محله وكتبت همزة «امرئ» على الكرسي اتباعا لحركة الراء واللفظة في حالة جر وتوضع الهمزة على الواو في حالة الرفع «امرؤ» وعلى الألف في حالة النصب «امرأ» أي إن وضع الهمزة يتبع حركة الراء. و«المرء» يعني الرجل أو الإنسان ومؤنثه «امرأة». ومثناه امرآن وجمعه : رجال من غير لفظه مثل «امرأة» التي تجمع على «نساء» من غير لفظها. وتلفظ كلمة «امرأة» بلغة أخرى فيقال : هذه مرأة ويجوز نقل حركتها ـ حركة همزتها ـ إلى الراء فتحذف فيقال : هذه مرة. قال الفيومي : وربما قيل فيها : امرأ .. بغير هاء اعتمادا على قرينة تدل على المسمى. قال الكسائي : سمعت امرأة من فصحاء العرب تقول أنا امرأ أريد الخير وجاءت لفظة «امرؤ» مضافة في اسم أحد شعراء المعلقات وهو امرؤ القيس ـ في حالة الرفع ـ وإمرئ القيس ـ في حالة الجر .. وإمرأ القيس ـ في حالة النصب واسم هذا الشاعر : امرؤ القيس بن حجر بن عمرو الكندي الذي سمى الملك الضليل ـ فعيل بمعنى فاعل ـ لأنه ضلل ملك أبيه .. أي ضيعه. وكان يعشق «عنيزة» ابنة عمه «شرحبيل».

** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة والتي بعدها عند ما استصحب النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ زوجته عائشة في بعض الغزوات وبينما هو قافل إذ انفرط عقدها فرجعت لتلتمسه فظن سائس راحلتها أنها في هودجها فسار مع الركب فلما رجعت لم تجد أحدا فمكثت مكانها فمر بها صفوان بن المعطل فرآها فأركبها ناقته وأوصلها إلى الجيش فاتهمها مسطح بن أثامة بصفوان وشايعه جماعة من المنافقين .. فنزل القرآن الكريم ببراءتها.

وفي رواية أخرى .. إن الذين جاءوا بالإفك ـ وهو أبلغ الكذب المعتمد وأسوأ الافتراء ـ على السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ أم المؤمنين بقذفها : هم جماعة منكم .. وهم عبد الله بن أبي .. وزيد بن رفاعة .. وحسان ابن ثابت .. ومسطح بن أثاثة .. وحمنة بنت جحش ومن ساعدهم وكان ابن أبي زعيم المنافقين الذين اتهموا عائشة بالفاحشة في غزوة بني المصطلق.

١١

(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٤)

(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) : الواو عاطفة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. وهو مضمن معنى الشرط أي من. يرمون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. المحصنات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم والجملة الفعلية «يرمون» في محل جزم لأنها فعل الشرط وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» وحذف المفعول به الموصوف اختصارا لأنه معلوم وحلت صفته «المحصنات» محله. التقدير والمعنى : والذين : يقذفون بالزنا النساء العفيفات اللاتي أحصنهن الزواج.

(ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا) : حرف عطف. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يأتوا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) : جار ومجرور متعلق بيأتوا. شهداء : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف على وزن «فعلاء» بمعنى يشهدون على ادعائهم.

(فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) : الجملة جواب شرط مضمن في محل جزم لأنه مقترن بالفاء. الفاء رابطة لجواب الشرط. اجلدوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى : فاضربوهم أو فعاقبوهم بالجلد. ثمانين : مفعول مطلق ـ لبيان العدد ـ ناب عن المصدر «جلدا» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. جلدة : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

١٢

(وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تقبلوا : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. اللام حرف جر و«هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بتقبلوا بمعنى : فلا تقبلوا منهم بعد ذلك.

(شَهادَةً أَبَداً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. أبدا : ظرف زمان يدل على الاستمرار والتأكيد للمستقبل متعلق بتقبلوا منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة لانقطاعه عن الإضافة.

(وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) : الواو استئنافية. أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. والكاف حرف خطاب. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ثان وحرك آخره بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الفاسقون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والجملة الاسمية «هم الفاسقون» في محل رفع خبر «أولئك».

(إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥)

(إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) : أداة استثناء. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مستثنى بإلا من الفاسقين أو إن ظاهر الآية ونظمها ـ كما يقول الزمخشري ـ أن تكون الجمل الثلاث بمجموعتين جزاء الشرط كأنه قيل ومن قذف المحصنات فاجلدوهم وردوا شهادتهم وفسقوهم أي فاجمعوا لهم الجلد والرد والتفسيق ـ وهو مصدر «فسقه» أي نسبه إلى الفسق .. بمعنى الفجور وهو الخروج عن طريق الحق والصواب. تابوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) : جار ومجرور متعلق بتابوا. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة اللام للبعد والكاف للخطاب.

١٣

(وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «تابوا» وتعرب إعرابها. الفاء استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله : لفظ الجلالة اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(غَفُورٌ رَحِيمٌ) : خبرا «إن» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة المنونة.

(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) (٦)

(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) : معطوف بالواو على «والذين يرمون المحصنات» في الآية الكريمة الرابعة ويعرب إعرابه وعلامة نصب «أزواج» الفتحة. و«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ) : الواو حالية والجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير «يرمون». لم : حرف نفي وجزم وقلب. يكن : فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره وأصله : يكون. حذفت واوه تخفيفا ولالتقاء الساكنين. اللام حرف جر و«هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل نصب خبر «يكن» المقدم. شهداء : اسم «يكن» المؤخر مرفوع بالضمة.

(إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) : أداة حصر لا عمل لها. أنفس : بدل من «شهداء» مرفوع مثله بالضمة و«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ) : الفاء واقعة في جواب الاسم الموصول «الذين» المضمن معنى الشرط. شهادة : مبتدأ مرفوع بالضمة. أحد : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ثان. أربع : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.

(شَهاداتٍ بِاللهِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. بالله : جار ومجرور متعلق بشهادات على تأويل فعله أو متعلق بصفة محذوفة من «شهادات».

١٤

(إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) : الجملة المؤولة لا محل لها لأنها جواب القسم المضمن من «يشهد بالله أو يحلف بالله» و«إن» حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ من الصادقين : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إن» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ) (٧)

(وَالْخامِسَةُ أَنَّ) : معطوف بالواو على مبتدأ وهو مرفوع على الابتداء وعلامة رفعه الضمة. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و«أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع خبر المبتدأ.

(لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ) : اسم «أن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. عليه : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : تحل. والجملة الفعلية «تحل عليه» في محل رفع خبر «أن».

(إِنْ كانَ) : حرف شرط جازم. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو أي زوجها. وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه.

(مِنَ الْكاذِبِينَ) : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته.

(وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) (٨)

(وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ) : الواو استئنافية. يدرأ : فعل مضارع مرفوع بالضمة. عنها : جار ومجرور متعلق بيدرأ. العذاب : مفعول به مقدم منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى ويدفع عن المرأة العذاب أي الحد.

(أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ) : حرف مصدري ناصب. تشهد : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة

١٥

والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. أربع : مفعول مطلق نائب عن المصدر لبيان العدد. و«أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل «يدرأ».

(شَهاداتٍ بِاللهِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. بالله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بشهادات.

(إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) : يعرب إعراب «إنه لمن الصادقين» الوارد في الآية الكريمة السادسة.

(وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (٩)

(وَالْخامِسَةَ) : معطوفة بالواو على «أربع» في الآية الكريمة السابقة منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة أي وتشهد الخامسة. وبقية الآية الكريمة أعرب في الآية السابعة.

(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) (١٠)

(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ) : الواو استئنافية. لو لا : حرف شرط غير جازم ـ وتسمى حرف امتناع لوجود ـ فضل : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف. الله لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. وخبر المبتدأ محذوف وجوبا تقديره : موجود بمعنى : ولو لا تفضل الله عليكم .. وجواب «لو لا» أي جواب الشرط محذوف لدلالة الكلام عليه بمعنى : متروك وتركه دال على أمر عظيم لا يكتنه .. ورب مسكوت عنه أبلغ من منطوق به. وتقدير الجواب هو لسارع بمعاقبتكم أي لعاجلكم بالعقوبة.

(عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) : جار ومجرور متعلق بفضل والميم علامة جمع الذكور. ورحمته : معطوف بالواو على «فضل الله» ويعرب إعرابه والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة.

(وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) : الواو عاطفة. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله : لفظ الجلالة اسم «أن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة و«أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر أي

١٦

ولأن الله. أو يكون المصدر بعد نزع الخافض في محل رفع معطوفا على «فضل الله ورحمته» التقدير : ولو لا توبته وحكمته .. تواب حكيم : خبرا «أن» مرفوعان بالضمة.

(إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١١)

(إِنَّ الَّذِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن».

(جاؤُ بِالْإِفْكِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بالإفك :جار ومجرور متعلق بجاءوا أي بالكذب.

(عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة. منكم : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «عصبة» والميم علامة جمع الذكور ويجوز أن تكون «عصبة» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم. فتكون الجملة الاسمية «هم عصبة منكم» في محل رفع خبر «إن» و«العصبة» هي من العشرة إلى الأربعين وجاءت خبرا لمبتدإ مذكر على المعنى أي القوم بمعنى يراد بها : القوم.

(لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الإفك» والمخاطبون هم المؤمنون. المكذوب عليهم. لا : ناهية جازمة. تحسبوه : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول لأن الفعل من أفعال القلوب التي تنصب مفعولين. شرا : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. لكم : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «شرا» والميم علامة جمع الذكور.

(بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) : حرف إضراب للاستئناف. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. خير : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة.

١٧

لكم : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «خير» والميم علامة جمع الذكور بمعنى : هو خير لكم لما تؤجرون عليه.

(لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ) : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. امرئ : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. من : حرف جر و«هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «امرئ» و«من» حرف جر بياني.

(مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. اكتسب : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو .. والجار والمجرور «من الإثم» متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما» التقدير حال كونه من الإثم أي من الذنب و«من» حرف جر بياني والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : ما اكتسبه من الذنب.

(وَالَّذِي تَوَلَّى) : الواو استئنافية. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. تولى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(كِبْرَهُ مِنْهُمْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة بمعنى : معظمه. والجملة الفعلية «تولى كبره منهم» صلة الموصول لا محل لها. من : حرف جر بياني ـ من البيانية ـ و«هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «الذين» التقدير : حال كونه منهم.

(لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذي». له : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. عذاب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. عظيم : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع مثله بالضمة المنونة.

١٨

(لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ) (١٢)

(لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ) : حرف تحضيض بمعنى هلا لا عمل له يفيد التوبيخ. إذ : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب. سمعتموه : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والواو لإشباع الميم والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.

(ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ) : فعل ماض مبني على الفتح. المؤمنون : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. والمؤمنات : معطوفة على «المؤمنون» مرفوع بالضمة.

(بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا) : جار ومجرور متعلق بظن و«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. خيرا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى بالذين منهم من المؤمنين والمؤمنات أي بإخوانكم. الواو عاطفة. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى وقلتم. والجملة الاسمية بعده «هذا إفك مبين» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى : هذا بهتان عظيم أو كذب واضح بين.

(هذا إِفْكٌ مُبِينٌ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. إفك : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة. مبين : صفة ـ نعت ـ لإفك مرفوع مثله بالضمة المنونة.

(لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ) (١٣)

(لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ) : حرف تحضيض للتوبيخ بمعنى «هلا» لا عمل له. جاءوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير

١٩

متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. عليه : جار ومجرور متعلق بجاءوا. وسقطت الألف الفارقة بعد واو الجماعة خطا واختصارا.

(بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) : جار ومجرور متعلق بجاءوا. شهداء : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف على وزن «فعلاء» بمعنى : شهود.

(فَإِذْ لَمْ) : الفاء استئنافية. إذ : هنا تفيد الشرط بمعنى «إذا» أي فإذا عجزوا عن ذلك الإتيان بالشهداء الأربعة. لم : حرف نفي وجزم وقلب. والجملة الفعلية «لم يأتوا بالشهداء» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف.

(يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ) : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بالشهداء : جار ومجرور متعلق بلم يأتوا.

(فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ) : الفاء واقعة في جواب «إذ» أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. عند : ظرف مكان متعلق بخبر المبتدأ منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(هُمُ الْكاذِبُونَ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «أولئك». هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ثان وحرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ أو لإشباع الميم. الكاذبون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد ويجوز أن يكون «هم» ضمير فصل أو عمادا لا محل لها فتكون «الكاذبون» خبر «أولئك» إلا أن الوجه الأول أفصح.

(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١٤)

(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة العاشرة.

٢٠