إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤٩

(بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ) : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بالبأس وهو مضاف و «هم» أعرب. شديد : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة.

(تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول. جميعا : مفعول به ثان منصوب بتحسب بمعنى تظنهم وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى مجتمعين على كلمة واحدة ذوي ألفة واتحاد ومتفقين ..

(وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. قلوب : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. شتى : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى متفرقة وهي جمع «شتيت» بمعنى : وحالهم أن قلوبهم متفرقة.

(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة بمعنى : لا يفهمون أن التفرق يوهن قواهم.

(كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٥)

(كَمَثَلِ الَّذِينَ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : مثل اليهود كمثل وهو مضاف. مثل : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان والجملة الفعلية المقدرة بعده صلة الموصول لا محل لها.

(مِنْ قَبْلِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : كانوا أو وجدوا و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.

٦١

قريبا : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة المنونة متعلق بفعل محذوف تقديره : عذبوا أو قتلوا زمانا قريبا بمعنى في زمان قريب في معركة بدر وقد أنيبت الصفة «قريبا» مناب الموصوف ظرف الزمان «زمانا».

(ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال بمعنى : لم يلبثوا أن ذاقوا .. وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وبال : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه ثان بعد أن أضيف إليه المضاف إليه الأول «أمر» بمعنى : سوء عاقبة كفرهم وعداوتهم للرسول أي ذاقوا عذاب القتل في الدنيا.

(وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) : الواو استئنافية. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم محذوف. عذاب : مبتدا مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. أليم : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع مثله بالضمة المنونة.

(كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) (١٦)

(كَمَثَلِ الشَّيْطانِ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة. الشيطان : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(إِذْ قالَ) : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بفعل محذوف على المعنى أي مثل المنافقين في حث اليهود وإغرائهم على القتال كمثل الشيطان حين أغوى الإنسان وقال له اكفر. قال : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «قال ..» في محل جر بالإضافة.

(لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ) : جار ومجرور متعلق بقال. اكفر : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت.

٦٢

(فَلَمَّا كَفَرَ) : الفاء استئنافية. لما : اسم شرط غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية متعلق بالجواب. كفر : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي كفر بربه والجملة الفعلية «كفر» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف.

(قالَ) : تعرب إعراب «كفر» والجملة الفعلية «قال ..» جواب شرط غير جازم لا محل لها .. أي قال الشيطان.

(إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ) : الجملة المؤولة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل وكسر نون «إن» لحذف نون الوقاية ومراعاة لحركة تجانس الياء والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». بريء : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة. منك : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «بريء».

(إِنِّي أَخافُ) : أعرب و «إن» هنا تفيد التعليل. أخاف : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا.

(اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) : لفظ الجلالة مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة والجملة الفعلية «أخاف الله» في محل رفع خبر «إن». رب : بدل من لفظ الجلالة أو صفة له سبحانه منصوب مثله وعلامة النصب الفتحة وهو مضاف. العالمين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) (١٧)

(فَكانَ عاقِبَتَهُما) : الفاء استئنافية تفيد هنا التسبيب. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. عاقبة : خبر «كان» مقدم منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه و «ما» علامة التثنية.

(أَنَّهُما فِي النَّارِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل في محل نصب اسم «أن» و «ما» علامة التثنية. في النار : جار ومجرور

٦٣

متعلق بخبر «أن» المحذوف. التقدير : مستقران في النار و «أن» وما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع اسم «كان» المؤخر.

(خالِدَيْنِ فِيها) : حال من ضمير الغائبين الاثنين أي الشيطان الغاوي والإنسان المغوي منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. فيها : جار ومجرور متعلق بخالدين وكرر الظرف للتأكيد.

(وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) : الواو استئنافية. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. جزاء : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة. الظالمين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى ذلك الخلود جزاء الظالمين أنفسهم وهم الكافرون.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١٨)

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) : أداة نداء. أي : منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» زائدة للتنبيه. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب بدل من «أي». آمنوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها.

(اتَّقُوا اللهَ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما) : الواو استئنافية. اللام لام الأمر. تنظر : فعل مضارع مجزوم باللام وعلامة جزمه سكون آخره. نفس : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

٦٤

(قَدَّمَتْ لِغَدٍ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. وهي فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. لغد : جار ومجرور متعلق بقدمت بمعنى : ليوم القيامة والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما قدمته لغد .. أي ما قدمت من عمل صالح ليوم القيامة. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي.

(وَاتَّقُوا اللهَ إِنَ) : الواو عاطفة. اتقوا الله : سبق إعرابها كررت للتأكيد. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.

(اللهَ خَبِيرٌ) : لفظ الجلالة اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. خبير : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.

(بِما تَعْمَلُونَ) : الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بخبير. تعملون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وجملة «تعملون» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : بما تعملونه ـ أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «تعملون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير : خبير بأعمالكم.

(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (١٩)

(وَلا تَكُونُوا) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تكونوا : فعل مضارع ناقص مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «تكون» والألف فارقة.

(كَالَّذِينَ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب خبر «تكون». الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه والجملة الفعلية «نسوا الله» صلة الموصول لا محل لها.

٦٥

(نَسُوا اللهَ) : فعل ماض مبني على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة بمعنى : نسوا حق الله أي طاعته سبحانه. أي تركوا أوامره سبحانه ونواهيه.

(فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) : الفاء سببية. أنسى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول. أنفس : مفعول به ثان منصوب بأنسى المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى : فجعلهم الله تعالى ناسين حق أنفسهم بالخذلان وهو عقاب منه سبحانه لهم.

(أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) : أعرب في الآية الكريمة الثامنة مع الفارق في المعنى.

(لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ) (٢٠)

(لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ) : نافية لا عمل لها. يستوي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. أصحاب : فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف. النار : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. أي لا يتساوى ..

(وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ) : الجملة معطوفة بالواو على جملة «لا يستوي أصحاب النار» وتعرب مثلها. أصحاب : مبتدأ مرفوع بالضمة.

(الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : لا يتعادلان. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين في محل رفع مبتدأ ثان وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين. الفائزون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والجملة الاسمية «هم الفائزون» في محل رفع خبر أصحاب والجملة الاسمية «أصحاب الجنة هم الفائزون» جملة تفسيرية لا محل لها.

٦٦

(لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (٢١)

(لَوْ أَنْزَلْنا) : حرف شرط غير جازم. أنزل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «أنزلنا» ابتدائية لا محل لها.

(هذَا الْقُرْآنَ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به. القرآن : بدل من اسم الإشارة منصوب مثله بالفتحة.

(عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ) : جار ومجرور متعلق بأنزلنا. اللام واقعة في جواب «لو». رأيته : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية «لرأيته خاشعا ..» جواب شرط غير جازم لا محل لها.

(خاشِعاً مُتَصَدِّعاً) : حالين منصوبين من الضمير «الهاء» في «رأيته» وعلامة نصبهما الفتحة المنونة وأعربا حالين لأن الفعل من رؤية العين لا القلب .. المعنى متذللا متشققا لكثرة ما فيه من الزواجر والعظات.

(مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «خاشعا» أو برأيت. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم وعلامة الجر الكسرة.

(وَتِلْكَ الْأَمْثالُ) : الواو استئنافية. تي : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. الأمثال : بدل من «تلك» مرفوع بالضمة والإشارة إلى هذا المثل وغيره.

(نَضْرِبُها لِلنَّاسِ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ «تلك» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. للناس : جار ومجرور متعلق بنضرب.

٦٧

(لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) : حرف مشبه بالفعل من «أخوات إن» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب اسم «لعل». يتفكرون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف المفعول به اختصارا ولأن ما قبله يدل عليه بمعنى : لعلهم يتدبرون تلك الأمثال فيعودون إلى طريق الصواب.

(هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) (٢٢)

(هُوَ اللهُ) : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الله لفظ الجلالة : خبر «هو» مرفوع للتعظيم بالضمة.

(الَّذِي لا إِلهَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة ـ نعت ـ للفظ الجلالة. والجملة بعده صلة الموصول لا محل لها. لا : نافية للجنس تعمل عمل «إن». إله : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف وجوبا. التقدير : لا إله موجود أو معبود أو كائن أي لا إله .. يستحق العبادة وحده بحق ..

(إِلَّا هُوَ) : أداة استثناء. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع بدل من موضع «لا إله» لأن موضع «لا» وما عملت فيه رفع بالابتداء ولو كان موضع المستثنى نصبا لكان إلا إياه.

(عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) : صفة ثانية للفظ الجلالة أو خبر ثان للمبتدإ «هو» ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو عالم مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف. الغيب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والشهادة : معطوفة بالواو على «الغيب» وتعرب مثله بمعنى : عالم السر والعلانية أو عالم ما غاب عن العباد وما شاهدوه أي الموجود المدرك أي ما خفي وغاب وما شهد ورؤي.

٦٨

(هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) : بدل من «هو الله الذي» ويعرب إعرابه. الرحيم : صفة ـ نعت ـ للرحمن والأفصح أن يكون خبرا ثانيا ـ خبرا بعد خبر ـ للمبتدإ «هو».

(هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٢٣)

(هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة. الملك : صفة ثانية للفظ الجلالة أو خبر ثان للمبتدإ «هو» ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره هو أي هو الملك أي المالك مرفوع وعلامة رفعه الضمة. وبقية أسماء الله الحسنى تعرب إعراب «الملك» وأما معانيها فهي القدوس : البليغ في النزاهة عما يستقبح أي الكثير الطهر .. السلام : ذو السلامة من كل نقص وهو مصدر وصف به مبالغة في وصفه سبحانه كونه سليما من النقائص. المؤمن : أي واهب الأمن .. و «المهيمن» وأصله : مفيعل ـ مؤيمن ـ إلا أن همزته قلبت هاء ومعناه : الحافظ الرقيب على كل شيء. العزيز : المنيع في انتقامه. الجبار : القاهر أو من جبر عباده : أي أصلح حالهم. المتكبر : البليغ الكبرياء والعظمة .. وقيل : المتكبر عن ظلم عباده.

(سُبْحانَ اللهِ) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف تقديره : أسبح وهو مضاف. الله لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.

(عَمَّا يُشْرِكُونَ) : مكونة من «عن» حرف جر و «ما» المصدرية. يشركون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وجملة «يشركون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بأسبح. التقدير والمعنى : أنزه الله تنزيها والله تعالى بريء من شركهم أو إشراكهم.

٦٩

(هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢٤)

(هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ) : أعرب في الآية الكريمة الثانية والعشرين بمعنى خالق الصور للكائنات.

(لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) : الجملة الاسمية صفة أخرى للفظ الجلالة. له : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. الأسماء : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. الحسنى : صفة ـ نعت ـ للأسماء مرفوعة بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.

(يُسَبِّحُ لَهُ ما) : الجملة الفعلية في محل رفع صفة أخرى للفظ الجلالة وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة. له : جار ومجرور متعلق بيسبح. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) : ورد في الآية الكريمة الأولى وأعرب في الآية الكريمة الأولى من سورة «الحديد».

***

٧٠

سورة الممتحنة

معنى السورة : الممتحنة «لغة» اسم مفعول للمؤنث لأنه مضموم الأول ـ الميم ـ مفتوح ما قبل الآخر ـ الحاء ـ والتاء المدورة : علامة تأنيث .. ومذكره : الممتحن .. أما اسم الفاعل فهو الممتحن ومؤنثه : الممتحنة .. واسم الفاعل يكون مضموم الأول ـ الميم ـ مكسور ما قبل الآخر ـ الحاء ـ وفعله : امتحن .. خماسي بمعنى : اختبر .. والفعل الثلاثي منه ـ أي المجرد وليس المزيد ـ هو «محن» نحو : محنته ـ أمحنه ـ محنا .. من باب «نفع» بمعنى : اختبرته ومثله امتحنته .. والاسم : المحنة .. وجمعها : المحن وهي التي يمتحن بها الإنسان من بلية .. قيل سميت بذلك لأن الإنسان الذي تصيبه يمتحن صبره عند إصابته ببلية أو مكروه كقوله تعالى في سورة «الحجرات» : (أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى) صدق الله العظيم .. أي عرف الله عزوجل أن قلوبهم أهل أي جديرة بالتقوى بعد أن جربها للتقوى ومرنها عليها.

تسمية السورة : أخرج البخاري ومسلم عن المسور ومروان بن الحكم أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لما عاهد كفار قريش يوم الحديبية جاءه نساء من المؤمنات .. فأنزل الله تعالى آية كريمة سماها باسم سورة «الممتحنة» لأن هذه السورة الشريفة فيها هذه الآية الكريمة التي أمر المؤمنين أن يختبروا النساء المهاجرات من مكة إلى المدينة بعد صلح الحديبية واللاتي آمن حديثا .. ليتأكدوا من صدق رغبتهن في الإسلام. قال تعالى في الآية الكريمة العاشرة من هذه السورة الكريمة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) صدق الله العظيم. لا جناح عليكم : أي لا إثم عليكم أن تتزوجوهن إن دفعتم لأزواجهن المهور التى دفعوها لهن والكوافر : جمع «كافرة» وعصم : جمع «عصمة».

٧١

فضل قراءة السورة : قال النبي الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «الممتحنة» كان له المؤمنون والمؤمنات شفعاء يوم القيامة» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

إعراب آياتها

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) (١)

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) : أداة نداء. أي : منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» زائدة للتنبيه. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب بدل من «أي». آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي) : ناهية جازمة. تتخذوا : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والألف فارقة بمعنى : احذروا أن تتخذوا. عدوي : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها كسرة تجانس الياء والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى : أعدائي.

(وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) : معطوف بالواو على «عدوي» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور. أولياء : مفعول به ثان منصوب بتتخذوا المتعدي إلى مفعولين ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعلاء ـ وفي آخره ألف زائدة.

٧٢

(تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير المخاطبين في «تتخذوا» أو في محل نصب صفة لأولياء ويجوز أن تكون استئنافية لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. إلى : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بإلى والجار والمجرور متعلق بتلقون. الباء حرف جر زائد للتوكيد تعدى الفعل بها. المودة : اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه مفعول «تلقون» ويجوز أن يكون الجار والمجرور متعلقا بتلقون ويكون المفعول به محذوفا ومعنى «تلقون إليهم بالمودة» أي تلقون إليهم أخبار الرسول الكريم بسبب المودة التي بينكم وبينهم.

(وَقَدْ كَفَرُوا) : الواو حالية والجملة في محل نصب حال من ضمير المخاطبين في «لا تتخذوا» أو من «تلقون» أو من ضمير الغائبين في «إليهم» بمعنى : لا تتولوهم أو توادوهم وهذه حالهم. قد : حرف تحقيق. كفروا : تعرب إعراب «آمنوا».

(بِما جاءَكُمْ) : الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بكفروا. جاءكم : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور بمعنى بما أوحاه الله إليكم.

(مِنَ الْحَقِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما» التقدير : حالة كونه من الحق. و «من» بيانية أي بالقرآن.

(يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير الغائبين في «كفروا» أو تكون استئنافية لا محل لها للتفسير أي تفسير كفرهم وعتوهم. يخرجون : تعرب إعراب «تلقون». الرسول : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة أي يخرجونه من مكة.

٧٣

(وَإِيَّاكُمْ) : الواو عاطفة. إيا : ضمير منفصل مبني على السكون في محل نصب معطوف على «الرسول» الكاف حرف للمخاطبين والميم علامة جمع الذكور بمعنى ويخرجونكم من مكة.

(أَنْ تُؤْمِنُوا) : حرف مصدرية ونصب. تؤمنوا : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «تؤمنوا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل المقدرة أي يخرجونكم من مكة لإيمانكم بمعنى من أجل أو بسبب إيمانكم ويجوز أن يكون المصدر المؤول في محل نصب متعلقا بمفعول لأجله محذوف بتقدير : كراهة إيمانكم.

(بِاللهِ رَبِّكُمْ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بتؤمنوا. رب : صفة ـ نعت ـ للفظ الجلالة أو بدل منه سبحانه مجرور وعلامة جره الكسرة و «كم» أعرب في كلمة «عدوكم».

(إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ) : حرف شرط جازم. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور وحذف جواب الشرط لتقدم معناه أي لدلالة ما قبله عليه. التقدير : فاحذروا ذلك أو بتقدير : إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي فلا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء أو بمعنى : إن كنتم أولياء فلا تتولوا أعدائي. خرجتم : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور بمعنى خرجتم من أوطانكم.

(جِهاداً فِي سَبِيلِي) : مفعول لأجله منصوب بالفتحة المنونة. في سبيلي : جار ومجرور متعلق بخرجتم أو بالمصدر «جهادا» على تأويل فعله أو

٧٤

بصفة محذوفة من «جهادا» ويجوز أن يكون حالا من ضمير المخاطبين في «خرجتم» بمعنى : مجاهدين. والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل جر مضاف إليه.

(وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي) : معطوف بالواو على «جهادا» ولم ينون لإضافته. مرضاة : مضاف إليه مجرور بالكسرة والياء أعرب في «سبيلي».

(تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) : تعرب إعراب «تلقون إليهم بالمودة» بمعنى : تخفون المودة إليهم أو تخبرونهم بالأخبار سرا بسبب المودة.

(وَأَنَا أَعْلَمُ) : الواو استئنافية. أنا : ضمير منفصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أعلم : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أنا» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا والأفصح يكون «أعلم» اسما مرفوعا بالضمة لأنه خبر «أنا» ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل» صيغة تفضيل ومن وزن الفعل بمعنى : وأنا مطلع رسولي بما تسرون أو وأنا أعلم أي عالم .. أو أعلم من أي منكم.

(بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ) : أعرب والجار والمجرور متعلق بأعلم. أخفيتم : تعرب إعراب «خرجتم» وجملة «أخفيتم» صلة الموصول لا محل لها الواو عاطفة. ما أعلنتم : معطوفة على «ما أخفيتم» وتعرب إعرابها بمعنى : وبما أظهرتم. وأخفيتم : أي أضمرتم.

(وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». يفعله : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى : ومن يفعل هذا النهي أو الإسرار أو يعود الضمير على «إلقائهم المودة واتخاذهم الأعداء أولياء. منكم : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «من» والميم علامة جمع الذكور. التقدير : حالة كونه منكم و «من» بيانية.

٧٥

(فَقَدْ ضَلَ) : الجملة وما بعدها جواب شرط جازم مقترن بالفاء مسبوقة بقد في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط و «قد» حرف تحقيق. ضل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى فقد أخطأ.

(سَواءَ السَّبِيلِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. السبيل : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أي طريق الحق والصواب.

(إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) (٢)

(إِنْ يَثْقَفُوكُمْ) : حرف شرط جازم. يثقفوكم : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور أي إن يظفروا بكم.

(يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها وهي فعل مضارع ناقص جواب الشرط وجزاؤه مجزوم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «يكون» والألف فارقة. لكم : جار ومجرور متعلق بيكونوا أو متعلق بحال مقدمة من «أعداء». أعداء : خبر «يكون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ) : الواو عاطفة. يبسطوا : فعل مضارع مجزوم لأنه معطوف على مجزوم «يكونوا» وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. إليكم : جار ومجرور متعلق بيبسطوا والميم علامة جمع الذكور. أيدي : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى يمدوها بالبطش.

(وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ) : معطوف بالواو على «أيديهم» ويعرب مثله. بالسوء : جار ومجرور متعلق بيبسطوا أي بالسب والشتم.

٧٦

(وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) : الواو عاطفة. ودوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى ويحبوا. لو : حرف مصدري لا عمل له. تكفرون : فعل مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «تكفرون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «لو» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل «ود» التقدير : ودوا قبل كل شيء كفركم ورجوعكم عن دينكم.

(لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٣)

(لَنْ تَنْفَعَكُمْ) : حرف نفي ونصب واستقبال. تنفع : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور.

(أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ) : فاعل مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور. الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. أولادكم : معطوف على «أرحامكم» ويعرب مثله. بمعنى : لن تفيدكم قراباتكم ولا أولادكم الذين توالون الكفار من أجلهم.

(يَوْمَ الْقِيامَةِ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بتنفع وهو مضاف. القيامة : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله سبحانه. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بيفصل وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور بمعنى يفصل الله بينكم وبين أقاربكم وأولادكم أي يفرق.

٧٧

(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) : أعرب في الآية الكريمة الرابعة من سورة «الحديد» بمعنى مطلع على أعمالكم.

** (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الأولى .. المعنى : يا أيها المؤمنون بالله ورسوله لا تتخذوا أعدائي وأعداءكم نصراء .. لأن كلمة «عدو» يستوي فيها المفرد والجمع وهي مفعول .. من «عدا» قال ابن السكيت : «فعول» إذا كان بمعنى «فاعل» كان مؤنثه بغير هاء نحو : رجل صبور وامرأة صبور إلا حرفا واحدا جاء نادرا قالوا : هذه عدوة الله. قال الفراء : وإنما أدخلوا الهاء تشبيها بصديقة لأن الشيء قد يبنى على ضده. وقال الفيومي : العدو : يقع على المفرد المذكر والمؤنث والجمع بلفظ واحد. وقيل : العدو : جاء على وزن المصدر فأوقع على الجمع إيقاعه على المفرد .. لأن فعله «عدا» يعدو ـ من باب «سما» وعداء وعدوا أيضا والمراد به في الآية الكافر أو المشرك.

** (تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) : المعنى : تفضون إليهم بالمودة المتبادلة بينكم لأن المسلمين كانوا بالمدينة والكفار المذكورين كانوا بمكة .. أي تلقون إليهم أخبار الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وأسرار صحبه المؤمنين بسبب المودة التي بينكم وبينهم أو تكون الباء زائدة للتأكيد تعدى الفعل بها إلى المفعول «المودة» مثل قوله تعالى في سورة «البقرة» : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ).

** سبب نزول الآية : نزلت الآية الكريمة في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى مشركي قريش يخبرهم مسير النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إليهم في غزوة الفتح سنة ثمان هجرية.

** (تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) : المعنى : تخفون المودة إليهم .. من أسر الشيء : بمعنى : أخفاه .. أو تبلغونهم بالأخبار سرا بسبب المودة .. والفعل الثلاثي «سر» نحو : سره الشيء ـ يسره ـ سرورا ومسرة : بمعنى : أعجبه وأفرحه وسر ـ ببنائه للمجهول بمعنى : فرح فهو مسرور ـ اسم مفعول .. وأسر الخبر : أي أخفاه والسر : هو ما يكتم وهو ضد الإعلان. وفي الآية الكريمة يجوز أن تكون الباء زائدة للتأكيد. قال الصغاني : أسررت المودة وبالمودة ودخول الباء حملا على نقيضه .. والشيء يحمل على النقيض كما يحمل على النظير ومنه قوله تعالى في سورة «الإسراء» : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) أي ولا ترفع صوتك ولا تخفضه ويقال : أسررت الشيء : بمعنى : أظهرته أي عكس أخفيته لأن الفعل من الأضداد والسرور : خلاف الحزن .. أما «السرر» بكسر السين وفتح الراء فهي واحد أسرار الكف والجبهة وهي خطوطهما وجمع الجمع : أسارير. وفي الحديث : «تبرق أسارير وجهه».

** (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية .. ويثقفوكم : بمعنى يصادفوكم .. يظفروا بكم .. يقال : ثقفه ـ يثقفه ـ ثقفا .. من باب «فهم» بمعنى : صادفه .. وثقف الرجل .. من باب «ظرف» بمعنى : صار حاذقا أي ماهرا والفعل ـ جملة ـ ودوا : بمعنى : ويحبوا .. جاء اللفظ بالماضي وهو معطوف على مضارع لأنه يجري في باب الشرط مجرى المضارع .. وقوله «وألسنتهم بالسوء» معناه : ويبسطوا ألسنتهم بالطعن عليكم أي بالسب والشتم .. والسوء أيضا بمعنى : الشر أو من معاني «الشر» هو السوء .. أما «السيئ» فهو القبيح .. يقال : فلان سيئ الظن : بمعنى لا يظن خيرا في الناس قال تعالى في سورة «فاطر» : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) بمعنى : ولا

٧٨

يحيط. ومنه قالت العرب : من حفر لأخيه جبا وقع فيه منكبا. والجب : هو الحفرة أو البئر العميقة. والبئر : لفظة مؤنثة على الأغلب. وقيل : من أنثه جعله اسم البقعة ومن ذكره جعله اسم ماء أو اسم رجل قال الشعبي : في قولهم : يوم بدر .. بدر : هو بئر لرجل كان يدعى بدرا.

** (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة .. المعنى : لن تفيدكم قراباتكم ولا أولادكم .. وأصل «الرحم» هو بيت الولد «الجنين» في بطن أمه فاستعير للقربة .. ويفصل بمعنى : يفصل الله بينكم وبينهم فيدخل المؤمنين الجنة والكفرة النار.

** (كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة .. وفيه ذكر الفعل «بدا» مع فاعله المؤنث «العداوة» لأنه فصل عن الفاعل بفاصل ولأن «العداوة» مؤنث غير حقيقي ونون آخر «أبدا» لانقطاعه عن الإضافة لأن الأصل : أبد الدهر. أبد الآبدين.

** (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة وفيه أيضا ذكر الفعل «كان» مع اسمه المؤنث «أسوة» لأن «الأسوة» أي القدوة مؤنث غير حقيقي ولأنه مفصول عنه بفاصل أيضا ولأنه بمعنى التأسي .. وفيهم : بمعنى : في إبراهيم والذين معه من الأنبياء أو المؤمنين. ويرجو الله بمعنى : يطمع في ثوابه سبحانه وأجره أو يرجو لقاء الله ويطمع في فضل اليوم الآخر ـ أي الآخرة ـ عند الحساب.

** (أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) : المعنى : ولا ينهاكم الله عن مبرة أو الإحسان إلى هؤلاء الذين لم يقاتلوكم بسبب الدين ولم يخرجوكم من دياركم .. يقال : أقسط الرجل فهو مقسط ـ اسم فاعل بمعنى : عدل فهو عادل أي ولا ينهاكم عن معاملتهم بالعدل والإحسان إليهم. أما الفعل الثلاثي «قسط» نحو : قسط عن الحق .. وهو من باب جلس جلوسا وقسط قسوطا فمعناه جار .. والقسوط هو الجور والعدول عن الحق .. والقسط ـ بكسر القاف ـ هو العدل .. الحصة .. النصيب. ويقال : بر في يمينه : أي صدق. والبر ـ بكسر الباء ـ هو المبالغة في الإحسان نحو ـ بره ـ يبره ـ برا ـ أي أحسن إليه وبالغ .. وقيل في الأمثال : فلان لا يعرف الهر من البر ـ بكسر الهاء وكسر الباء ـ قال ابن الأعرابي : الهر : دعاء الغنم والبر : سوقها وروي المثل لا يعرف هرا من بر .. أي لا يعرف من يكرهه ممن يبره. والآية الكريمة المذكورة آنفا هي الآية الثامنة.

** (أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة التاسعة .. المعنى وينهاكم الله عن اتخاذهم أنصارا وحلفاء .. وجاء الفعل «يتولى» بصيغة الإفراد على لفظ «من» وبصيغة الجمع في قوله «فأولئك هم الظالمون» على معنى «من» لأن «من» مفردة لفظا مجموعة معنى.

** (ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة العاشرة المعنى : ذلكم المذكور في الآية الكريمة أو إرجاع المهور من الجانبين هو حكم الله مع المشركين فحذفت الصفة أو البدل «المذكور» أي المشار إليه لأن ما قبله دال عليه .. أي يحكم الله بينكم بالعدل.

** سبب نزول الآية : أخرج البخاري ومسلم عن المسور ومروان بن الحكم أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لما عاهد كفار قريش يوم الحديبية جاءه نساء من المؤمنات فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة.

٧٩

** (وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية عشرة .. المعنى : وإن سبقكم وانفلت منكم أحد منهن .. وجاءت «شيء» معبرا بها عنهن من باب التحقير لأنها ارتدت.

** سبب نزول الآية : قال الحسن : نزلت الآية الكريمة في أم الحكم بنت أبي سفيان ارتدت فتزوجها رجل ثقفي ولم ترتد امرأة من قريش غيرها.

** (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ) : هذا القول الكريم هو مستهل الآية الكريمة الثانية عشرة .. أي إذا جاءك النساء المؤمنات يعاهدنك على الإسلام والطاعة فحذف الفاعل الموصوف «النساء» وحلت صفته «المؤمنات» محله وقد ذكر الفعل مع فاعله المؤنث لفصله عنه بضمير المخاطب. أو على تقدير النساء والنساء تأنيثه غير حقيقي وهو جمع «امرأة» من غير لفظها مثل قوله تعالى : (وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ ..) وخاطب سبحانه جلت قدرته رسوله الكريم محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ باسم النبوة دون ذكر اسمه تقريبا لمنزلته ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ عند خالق الكون تعالى. عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : «ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم فقال أصحابه : وأنت؟ قال نعم. كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة» قراريط : بمعنى : نقد. قال العتبي : ذكر ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ذلك لإظهار تواضعه مع كونه أكرم الخلق على ربه تعالى .. وتنبيه أمته على ملازمة التواضع واجتناب الكبر ولو بلغ أقصى المنازل الدنيوية وفيه اتباع لإخوانه من الرسل الذين رعوا الغنم. قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «بعث موسى وهو راعي غنم وبعث داود وهو راعي غنم عليهما وعليه صلوات الله وسلامه دائما وأبدا.

** (وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَ) : يقال : بهت ـ بضم الهاء وكسرها .. من بابي «قرب» و «تعب» بمعنى دهش وتحير ويتعدى بالحركة فيقال : بهته .. فبهت .. وبهتها بهتا. من باب «نفع» أي قذفها بالباطل وافترى عليها بالكذب والاسم منه هو البهتان وفي الآية الكريمة كنى سبحانه وتعالى بالبهتان المفترى عن الولد الذي تلصقه بزوجها كذبا فتقول : هو ولدي منك أي وصفه بصفة الولد الحقيقي فإن الأم إذا وضعت سقط الولد بين يديها ورجليها .. فالمراد بولد ملوط ينسبنه إلى الزوج.

** (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) :

هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة عشرة وفيه عبر عن المغضوب عليهم بالوصف بدل الضمير لبيان سبب الغضب أي انتقل من الإضمار «يئسوا» إلى الإظهار.

(قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (٤)

(قَدْ كانَتْ لَكُمْ) : حرف تحقيق. كانت : فعل ماض ناقص مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. لكم : جار ومجرور متعلق

٨٠