إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤٩

(قالُوا لَمْ نَكُ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. لم : حرف نفي وجزم وقلب. نك : فعل مضارع مجزوم بلم وهو فعل ناقص وعلامة جزمه سكون آخره ـ النون ـ أصله نكون ـ حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين حذفت وجوبا وحذفت الواو وبقيت الضمة دالة عليها كما حذفت النون تخفيفا ولكثرة الاستعمال وحذفت جوازا واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن وجملة «لم نك من المصلين» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(مِنَ الْمُصَلِّينَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «نكن» المحذوف وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) (٤٤)

(وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) : معطوفة بالواو على «لم نك» في الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. نطعم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. المسكين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والجملة الفعلية «نطعم المسكين» في محل نصب خبر «نكون».

(وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ) (٤٥)

(وَكُنَّا نَخُوضُ) : الواو عاطفة. كنا : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان». نخوض : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن وجملة «نخوض مع الخائضين» في محل نصب خبر «كان» بمعنى كنا نشرع في الباطل ..

(مَعَ الْخائِضِينَ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بنخوض وهو مضاف ويدل على المصاحبة والاجتماع و «الخائضين» مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أو يكون الظرف «مع» ظرف مكان ـ مفعولا فيه ـ متعلقا

٤٠١

بصفة ـ نعت ـ لحال محذوف تقديره : خائضين كائنين مع الخائضين أي ندخل مع أهل الباطل في باطلهم.

(وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) (٤٦)

(وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) : معطوف بالواو على «كنا نخوض» في الآية الكريمة السابقة ويعرب إعرابه. بيوم : جار ومجرور متعلق بنكذب. الدين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : بيوم الجزاء أي يوم القيامة.

(حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ) (٤٧)

(حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ) : حرف غاية وابتداء لا عمل له. أتى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. اليقين : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى : الموت.

(فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) (٤٨)

(فَما تَنْفَعُهُمْ) : الفاء استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. تنفع : فعل مضارع مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم بمعنى فلا تفيدهم شفاعة الملائكة والأنبياء والصالحين أي لا شافع فلا شفاعة.

(شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) : فاعل مرفوع بالضمة. الشافعين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) (٤٩)

(فَما لَهُمْ) : الفاء استئنافية. ما : اسم استفهام يفيد الإنكار والتوبيخ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر المبتدأ المحذوف.

٤٠٢

(عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) : جار ومجرور متعلق بمعرضين بمعنى : عن التذكير وهو العظة أي القرآن الكريم أو غيره من المواعظ. معرضين : حال من ضمير الغائبين في «لهم» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي صادين عن سماعه.

(كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ) (٥٠)

(كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ) : الجملة في محل نصب حال ثانية من ضمير الغائبين وهي حرف مشبه بالفعل يفيد التشبيه من أخوات «إن» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب اسم «كأن». حمر : خبر «كأن» مرفوع بالضمة المنونة وهي جمع «حمار» بمعنى حمير نافرة شاردة. مستنفرة : صفة لحمر مرفوعة مثلها بالضمة المنونة.

(فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) (٥١)

(فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ثانية لحمر ويجوز أن تكون في محل نصب حالا منها بعد وصفها بمستنفرة وهي فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. من قسورة : جار ومجرور متعلق بفرت. بمعنى كأنهم حمر وحشية هربت من أسد مذعورة.

(بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً) (٥٢)

(بَلْ يُرِيدُ كُلُ) : حرف استئناف للإضراب لا عمل له. يريد : فعل مضارع مرفوع بالضمة. كل : فاعل مرفوع بالضمة.

(امْرِئٍ مِنْهُمْ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. من : حرف جر بياني. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «امرئ».

(أَنْ يُؤْتى) : حرف مصدري ناصب. يؤتى : فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر ونائب الفاعل

٤٠٣

ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجملة «يؤتى صحفا ..» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل «يريد».

(صُحُفاً مُنَشَّرَةً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. منشرة : صفة ـ نعت ـ للموصوف «صحفا» منصوبة مثلها بالفتحة المنونة بمعنى : قراطيس تنشر وتقرأ كالكتب التي يتكاتب بها.

(كَلاَّ بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ) (٥٣)

(كَلَّا بَلْ لا) : حرف زجر وردع لا محل له أي ردعهم عن تلك الإرادة وزجرهم عن اقتراح الآيات. بل : حرف عطف وإضراب و «لا» نافية لا عمل لها.

(يَخافُونَ الْآخِرَةَ) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الآخرة : مفعول به منصوب بالفتحة.

(كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ) (٥٤)

(كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ) : حرف زجر وردع لا عمل له. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». تذكرة : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة أي زجر لهم عن إنكارهم الآخرة .. والهاء في «إنه» يعود على القرآن الكريم.

(فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) (٥٥)

(فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ والفاء استئنافية. وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». شاء : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بمن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وحذف مفعول شاء التقدير : فمن شاء أن يذكره أي ذكره والجملة الفعلية «شاء» صلة الموصول لا محل لها. ذكره : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء فلا محل

٤٠٤

لها وتعرب إعراب «شاء» والفعل «شاء» في محل جزم لأنه جواب الشرط والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به أي اتعظ به وقرأه.

(وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) (٥٦)

(وَما يَذْكُرُونَ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. يذكرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف مفعوله اختصارا لأنه معلوم كما حذف مفعول «يشاء» للسبب نفسه.

(إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) : أداة حصر لا عمل لها. أن : حرف مصدري ناصب. يشاء : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. وجملة «يشاء الله» صلة حرف مصدري لا محل لها .. و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف بتقدير إلا بمشيئة الله بمعنى : إلا أن يقسرهم على الذكر ويلجئهم إليه لأنهم لا يؤمنون اختيارا.

(هُوَ أَهْلُ التَّقْوى) : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. أهل : خبر «هو» مرفوع بالضمة. التقوى : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : هو حقيق بالتقوى والمغفرة.

(وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) : معطوف بالواو على «أهل التقوى» ويعرب إعرابه أي مرفوع بالضمة والمغفرة : مجرور بالكسرة الظاهرة.

***

٤٠٥

سورة القيامة

معنى السورة : القيامة : هي الانبعاث من الموت أي هو يوم البعث من الأرماس : أي القبور جمع «رمس» ففي ذلك اليوم المهول ينفخ إسرافيل وهو من الملائكة المقربين إلى الله تعالى في الصور ـ أي البوق ـ فيميت الناس جميعا وفي النفخة الثانية يبعثهم من أجداثهم ويحشرون في ذلك اليوم وهو يوم الحساب والجزاء. يقال قام ـ يقوم ـ قوما وقياما أي انتصب واقفا .. ومنه قام الأمر : بمعنى : اعتدل.

تسمية السورة : إن هذا اليوم العظيم الجلل ورد في القرآن الكريم بتسميات كثيرة .. وسميت إحدى سور القرآن الكريم به لعظمته وكرمه الله تعالى بإقسامه به في الآية الكريمة الأولى من هذه السورة الشريفة فقال عزّ من قائل : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) صدق الله العظيم. وليوم القيامة أسماء وردت في آيات الله البينات فسمي اليوم الموعود في قوله عزوجل في سورة «البروج» : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ) واليوم الموعود : أي ويوم القيامة. وسمي يوم الفصل في سورة «النبأ» : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً) ويوم الفصل هو اسم آخر لهذا اليوم العظيم ذي المعارج. ومن أسماء يوم القيامة : الدهر وهو عند الله تعالى يومان : يوم الدنيا ويوم القيامة .. ومن أسمائه أيضا : يوم الجمع سمي بذلك لأن الخلائق تجتمع فيه للحساب .. ومن أسمائه كذلك : يوم التلاقي .. لأن فيه تتلاقى الأرواح والأجساد وأهل السماء والأرض .. وسمي أيضا يوم الآزفة .. لأزوفه أي لقربه ومن أسماء ذلك اليوم المهول : القارعة لأنها تقرع الناس بالذعر وتقرع الأجرام السماوية بالانفطار أي التشقق والانتشار .. وسميت القيامة : العمامة .. لأنها تعم الناس كما سميت في سورة «عبس» الصاخة أي الصيحة التي تصم الآذان لشدتها وهي نفخة إسرافيل في الصور وهي أي القيامة شيء فظيع تنكره النفوس لهوله فتهلع النفوس منه .. وسمي أيضا يوم الزحام وسمي بالنكر في قوله تعالى في سورة «القمر» : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ)

٤٠٦

والداعي هو إسرافيل و «نكر» بمعنى فظيع. وقال الإمام علي ـ عليه‌السلام ـ قبل يوم القيامة يأتي دخان من السماء يدخل في أسماع الكفرة حتى يكون رأس الواحد منهم كالرأس الحنيذ ـ أي الساخن ويعتري المؤمن منه كهيئة الزكام وتكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص.

فضل قراءة السورة : قال النبي محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «القيامة» شهدت له وجبريل يوم القيامة أنه كان مؤمنا بيوم القيامة».

إعراب آياتها

(لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) (١)

(لا أُقْسِمُ) : زائدة نافية أدخلت على فعل القسم لتوكيده وقد اختلف حول زيادتها من عدم زيادتها وقالوا : لا تزاد «لا» في أول الكلام. وإنما تزاد في وسطه فقيل : هي صلة مثلها في «لئلا يعلم أهل الكتاب» وأجيبوا بأن القرآن الكريم في حكم سورة واحدة متصل بعضه ببعض والوجه أن يقال هي للنفي والمعنى في ذلك أنه لا يقسم بالشيء إلا إعظاما له كما قال الزمخشري وأضاف : ويدلك على ذلك قوله تعالى «فلا أقسم بمواقع النجوم» فكأنه بإدخال حرف النفي يقول : إن إعظامي له بإقسامي به كلا إعظام .. يعنى أنه يستأهل فوق ذلك. وقيل : إن «لا» نفي لكلام ورد قبل القسم كأنهم أنكروا البعث فقيل : لا .. أي ليس الأمر على ما ذكرتم ثم قيل : أقسم بيوم القيامة وقيل : إن لا التي قبل أقسم زيدت توطئة للنفي بعده وقدر المقسم عليه المحذوف هاهنا منفيا تقديره : لا أقسم بيوم القيامة لا تتركون سدى. أقسم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا.

(بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) : الباء حرف جر. يوم : مقسم به مجرور بباء القسم وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بأقسم. القيامة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة والقسم بهذا اليوم فيه تعظيم وتفخيم له أي تأكيد تحقق البعث.

٤٠٧

(وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) (٢)

الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. اللوامة : صفة ـ نعت ـ للنفس مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. واللفظة اسم فاعل من صيغ المبالغة ـ فعالة بمعنى فاعلة ـ أي النفس الكثيرة اللوم لصاحبها إن بدا منه تقصير أو شرع بمعصية فتلومه على عدم الطاعة.

(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) (٣)

(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ) : الجملة جواب القسم لا محل لها بتقدير : لتبعثن. الهمزة همزة إنكار وتعجيب بلفظ استفهام. يحسب : فعل مضارع مرفوع بالضمة. بمعنى : أيظن. الإنسان : فاعل مرفوع بالضمة أي هذا الكافر.

(أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) : أصلها : أن : أدغمت في «لن» و «أن» ملغاة لأن العرب إذا جمعت بين حرفين عاملين ألغت أحدهما. و «لن» حرف نفي ونصب واستقبال. نجمع : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. عظامه : مفعول به منصوب بالفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه. أو تكون «أن» مخففة من «أن» الثقيلة واسمها ضمير شأن محذوف بتقدير : أنه لن .. وخبرها مفصول عنها بحرف نفي وجملة «لن نجمع عظامه» في محل رفع خبر «أن» و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «يحسب» بمعنى : بلى نجمعها بعد تفرقها ورجوعها رميما ورفاتا بالتراب.

(بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) (٤)

(بَلى قادِرِينَ) : حرف جواب لا عمل له يجاب به عن النفي ويقصد به الإيجاب وهو هنا بمعنى الجمع أي بلى نجمعها و «قادرين» حال من الضمير في «نجمع» العظام أي قادرين على تأليف جمعها وإعادتها إلى التركيب الأول أي يكون عامل الحال هنا محذوفا جوازا لأنه دلت على حضور معناه قرينة حالية أي نجمعها وهو منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.

٤٠٨

(عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) : حرف جر. أن : حرف مصدري ناصب. نسوي : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن وجملة «نسوي بنانه» صلة حرف مصدري لا محل لها. و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بقادرين بمعنى قادرين على تسوية بنانه. بنانه : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى أصابعه أو بمعنى نجعلها أي نسوي أصابع يديه ورجليه ونجعلها مستوية شيئا واحدا.

(بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) (٥)

(بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ) : حرف استئناف للإضراب لا عمل له أو تكون الجملة معطوفة على «أيحسب» فتكون مثلها استفهاما. يريد : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الإنسان : فاعل مرفوع بالضمة.

(لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) : اللام لام «كي» في معنى «موضع» أن لورودها بعد فعل الإرادة. يفجر : فعل مضارع منصوب باللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يفجر» صلة حرف مصدري لا محل لها والمصدر المتكون من اللام وما بعدها في محل نصب مفعول به للفعل «يريد» وهذا التقدير قول الفراء والكوفيين في حين يرى الأخفش الذي يتفق مع ما ذهب إليه سيبويه والزجاج والمبرد أن اللام حرف جر للتعليل ونصب الفعل يكون بأن مضمرة بعدها أي بعد اللام لا بها وهي جارة للمصدر المنسبك من «أن» والفعل. أمامه : ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بيفجر وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه بمعنى : ليدوم على فجوره فيما بين يديه من الأوقات وفيما يستقبله من الزمان. أي أن يتمادى في عصيانه ويدوم عليه.

(يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) (٦)

٤٠٩

(يَسْئَلُ أَيَّانَ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير فيه جوازا تقديره هو. أيان : اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب ظرف زمان متعلق بخبر مقدم محذوف.

(يَوْمُ الْقِيامَةِ) : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف. القيامة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : يسأل مستهزئا مستبعدا قيام الساعة : متى قيامها؟

(فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) (٧)

(فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) : الفاء استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه وجوابه في الآية الكريمة العاشرة. برق : فعل ماض مبني على الفتح. البصر : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «برق البصر» في محل جر بالإضافة.

(وَخَسَفَ الْقَمَرُ) (٨)

الآية الكريمة معطوفة بالواو على «برق البصر» وتعرب إعرابها بمعنى وذهب ضوؤه فاظلم.

(وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (٩)

(وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) : الواو عاطفة. جمع : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. الشمس : نائب فاعل مرفوع بالضمة. والقمر : معطوف بالواو على «الشمس» ويعرب مثله بمعنى : جمعا في الطلوع من المغرب بمعنى : جمع بينهما في ذهاب ضوئهما عند قيام الساعة.

(يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ) (١٠)

(يَقُولُ الْإِنْسانُ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. يقول : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الإنسان : فاعل مرفوع بالضمة.

(يَوْمَئِذٍ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بيقول وهو مضاف و «إذا» اسم مبني على السكون الظاهر على آخره في محل جر مضاف إليه وحرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين : سكونه وسكون التنوين والجملة

٤١٠

المحذوفة المعوض عنها بالتنوين في محل جر بالإضافة. التقدير يومئذ يخسف القمر وتجمع الشمس والقمر يقول الإنسان .. والجملة الاسمية «أين المفر» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي إذ ذلك.

(أَيْنَ الْمَفَرُّ) : يعرب إعراب «أيان يوم القيامة» في الآية الكريمة السادسة. و «المفر» مصدر بمعنى : الفرار.

(كَلاَّ لا وَزَرَ) (١١)

(كَلَّا لا وَزَرَ) : حرف ردع وزجر أي ردع عن طلب المفر. لا : أداة نافية للجنس تعمل عمل «إن». وزر : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبر «لا» محذوف وجوبا بمعنى : لا ملجأ ولا منجى كائن. والجملة في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف فيقال له : كلا أي ارتدع ..

** (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ .. بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) : هذا القول الكريم هو نص الآيتين الكريمتين الثالثة والرابعة .. المعنى أيظن هذا المنكر للبعث أن لا نعيد جمع عظامه بعد ما تفرقت في الأرض وصارت رفاتا باليا؟ بلى نقدر على جمعها وتسوية أصابعه وأعضائه الأخرى. و «بلى» : حرف جواب يأتي ردا على نفي أو تقع جوابا لاستفهام منفي. أي يجاب به عن النفي ويقصد به الإيجاب وهو حرف تصديق مثل «نعم» وتختص بالإيجاب سواء كان ما قبلها مثبتا أو منفيا في حالة وقوعها بعد الاستفهام أي هي جواب للتحقيق توجب ما يقال لأنها ترك للنفي .. وهي حرف ضد «لا» فإذا قيل : ما قام وقلت في الجواب : بلى. فمعناه : إثبات القيام وإذا قيل : أليس كان كذا وقلت : بلى فمعناه : التقرير والإثبات ولا تكون إلا بعد نفي أما في أول الكلام وأما في أثنائه كما في الآية الكريمة المذكورة. فالتقدير : بلى نجمعها. وقد يكون مع النفي استفهام وقد لا يكون فهو أبدا يرفع حكم النفي ويوجب نقيضه وهو الإثبات كقوله تعالى في سورة «الأعراف» (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا) لأنهم لو قالوا : نعم. لكان كفرا ومثله قوله تعالى في سورة «التين» : (أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ) وعن النبي محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أنه كان إذا قرأها قال : «بلى وأنا على ذلك من الشاهدين» بمعنى : نعم الله أحكم الحاكمين. ولهذا أصبح هذا القول ـ الجواب ـ مطلوبا في السنة النبوية.

** سبب نزول الآية : قال عدي بن ربيعة لرسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : يا محمد حدثني عن يوم القيامة متى يكون أمره فأخبره الرسول فقال : لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك ولم أؤمن به .. أو يجمع الله هذه العظام بعد بلاها؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة التي قبلها أي الآيتين الكريمتين الثالثة والرابعة.

٤١١

** (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة .. المعنى : فإذا تحير البصر وزاغ وفزع ودهش لما رأى ما كان يكذبه .. من برق الرجل ـ يبرق ـ برقا .. من باب «طرب» أي تحير إذا نظر إلى البرق فرمش بصره وقال الجوهري : برق الرجل : إذا تحير فلم يطرف فإذا قلت «برق البصر» من باب «دخل» فإنما تعني : بريقه .. إذا شخص .. وبرق عينه تبريقا : إذا وسعها وأحد النظر ومنه أيضا : برق السيف وغيره : بمعنى : تلألأ والاسم منه : البريق. والبرق ـ وجمعه بروق ـ هو السحاب ويقال : هذا برق الخلب وبرق خلب بالإضافة فيهما وبرق خلب بالصفة .. أي هو الذي ليس فيه مطر و «البراق» بضم الباء : هو اسم دابة ركبها النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ليلة المعراج .. أي ليلة العروج إلى السماء وبرقت السماء ـ برقا ـ وبروقا : أي ظهر منها البرق وأبرق الرجل : وعد بالشر.

** (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة .. المعنى : وجمع بينهما في ذهاب ضوئهما وهو أمارة لقيام الساعة ـ القيامة ـ أو جمع الاثنان في الطلوع من المغرب وذكر الفعل «جمع» مع فاعله المؤنث «الشمس» لأن الشمس مؤنث مجازي ولأن «القمر» لفظة مذكرة فغلب المذكر.

** (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة عشرة .. المعنى : بل الإنسان حجة بينة ناطقة بعمله شاهدة على نفسه .. وصفت النفس بالبصارة على المجاز كما وصفت الآيات بالإبصار في قوله تعالى في سورة «النمل» : (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً) أو عين بصيرة .. وأنث خبر المبتدأ «الإنسان» بصيرة للمبالغة أو جاءت التاء كما ذكر على معنى : حجة بينة .. أي الإنسان حجة بينة على نفسه. يقال : بصر الرجل ـ يبصر بالشيء ـ بصرا وبصرا ـ بفتح الباء وبضمها .. من باب «ظرف» بمعنى : علم به فهو بصير ـ فعيل بمعنى فاعل ـ ومنه قوله تعالى في سورة «طه» : (بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ) والتبصر : هو التأمل أما التبصير فهو التعريف والإيضاح والبصيرة : الحجة وفي قوله تعالى (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) قال الأخفش : جعله هو البصيرة كما تقول للرجل : أنت حجة على نفسك .. أما «البصر» فهو النور الذي تدرك به الجارحة المبصرات وجمعه : أبصار .. والفعل «بصر» بمعنى : علم يتعدى بالباء ـ بصرت به ـ في اللغة الفصحى وقد يتعدى بنفسه وهو ذو بصر وبصيرة : بمعنى : صاحب علم وخبرة. ومن معاني «البصيرة» أيضا : الفطنة العبرة .. العقل .. الشاهد .. يقال : جوارحه بصيرة عليه : أي شهود عليه وهي بمعنى «الحجة» كما في الآية الكريمة المذكورة .. وقيل إن سبب تأنيث «بصيرة» للمبالغة.

** (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة عشرة .. المعنى. لا تحرك لسانك بالقرآن يا محمد وأنت تتلقاه من الملك «جبريل» قبل أن يتم وحيه عليك لتعجل بحفظه.

** سبب نزول الآية : أخرج البخاري ومسلم وأحمد عن ابن عباس قال : كان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إذا نزل الوحي يحرك به لسانه يريد أن يحفظه فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة.

** (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والثلاثين .. المعنى : لا يؤمن بالبعث أي فلا صدق بالرسول والقرآن ولا صلى أي ولا أدى الفروض الواجبة أو فلا صدق ماله أي فلا زكاة. وكرر الحرف «لا» لدخوله على فعل ماض .. ومن أخطائهم قولهم : لا زال المطر منهمرا بدلا من قولهم : ما زال .. عند النفي إذ إن نفي الفعل الماضي يكون

٤١٢

بحرف النفي «ما» ولا يكون بحرف النفي الآخر «لا» في حين يجوز النفي بالحرفين «ما» و «لا» في الفعل المضارع نحو : لا يزال المطر منهمرا وما يزال الجو ملبدا بالغيوم أما مع الفعل الماضي فنقول : ما زال البث الإذاعي مستمرا ولا يأتي الفعل الماضي مسبوقا بحرف النفي «لا» إلا في حالات .. منها : إذا أردنا تكرر النفي كما في الآية الكريمة المذكورة آنفا وكما في قولنا : لا حضر ولا اعتذر وفي الدعاء نحو : لا بارك الله في كل مقصر بواجبه .. روي عن أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ عند ما مر به رجل ومعه ثوب فقال : أتبيع الثوب؟ فقال الرجل : لا عافاك الله! فقال رضي الله عنه ـ قد علمتم لو تعلمون. قل : لا وعافاك الله.

** (ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والثلاثين .. المعنى : ثم كذب برسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وأعرض عنه ثم ذهب إلى قومه يتبختر افتخارا بذلك .. وهو مشتق من مد ـ يمد ـ خطاه ـ أو من «المطيطاء» وهو التبختر ومد اليدين ولوي الظهر عند المشي .. قال الشاعر :

لا هيثم الليلة في المطي

ولا فتى إلا ابن خيبري

يريد لا مثل هيثم. يقول : لا مثل هيثم لمراعاة المطي ـ جمع مطية ـ وهي الدابة التي تركب كالبعير والناقة .. مأخوذ من التمطي : أي التي تمط في سيرها .. يقال امتطى الجمال الناقة : بمعنى : اتخذها مطية. قال الصحاح : التمطي : هو التبختر ومد اليدين في المشي .. وقيل : أصله : التمطط قلبت إحدى الطاءات ياء كما قالوا : التظني في التظنن.

** (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والثلاثين .. المعنى : ويل لك وهو دعاء عليه بأن يليه ما يكره. وقيل : أصله : أولاك الله ما تكرهه. واللام زائدة. وقيل : هي على وزن «أفعل» من «الويل» بعد قلب الأحرف. وجاء في الصحاح : قولهم : أولى لك : تهديد ووعيد. قال الأصمعي : معناه : قاربه ما يهلكه أي نزل به. قال ثعلب : ولم يقل أحد في «أولى» أحسن مما قاله الأصمعي .. ويقال : فلان أولى بكذا : بمعنى : أحرى به وأجدر. فالقول «أولى لك» إذن معناه : قد وليك الشر فاحذره. أما القول : أنت أولى. بهذا الشيء فمعناه : أنت أحق وأجدر به.

** سبب نزول الآية : قيل : نزلت هذه الآية الكريمة والآية الكريمة التي قبلها في أبي جهل حين كذب برسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وتولى عنه وأعرض ثم ذهب إلى قومه يتبختر افتخارا بذلك. وفي رواية : قال أبو جهل ـ لعنه الله ـ مخاطبا الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : بأي شيء تهددني؟ لا تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئا .. وإني لأعز أهل هذا الوادي فلما كان يوم بدر قتل.

(إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) (١٢)

(إِلى رَبِّكَ) : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم محذوف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.

(يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) : أعرب في الآية الكريمة العاشرة. المستقر : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة بمعنى استقرار العباد عند ربك خاصة يومئذ .. أي يوم الحساب والجزاء وهو يوم القيامة.

٤١٣

(يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) (١٣)

(يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ) : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. الإنسان : نائب فاعل مرفوع بالضمة. يومئذ : أعرب في الآية الكريمة العاشرة والظرف «يوم» متعلق بينبأ بمعنى : يخبر ..

(بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) : الباء حرف جر «وما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بينبأ بمعنى : بالذي. قدم : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «قدم» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به بمعنى : بما قدمه من عمل أو يكون العائد المحذوف شبه جملة. التقدير : بما قدم من عمل عمله. وأخر : معطوفة بالواو على «قدم» وتعرب إعرابها بمعنى : وبما أخره من عمل لم يعمله أو بما قدم من عمل الخير والشر وبما أخر سنة حسنة أو سيئة فعمل بها بعده.

(بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) (١٤)

(بَلِ الْإِنْسانُ) : حرف إضراب لا عمل له يفيد الاستئناف وكسر آخره لالتقاء الساكنين. الإنسان : مبتدأ مرفوع بالضمة.

(عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) : جار ومجرور متعلق ببصيرة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه. بصيرة : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة.

(وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) (١٥)

(وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) : الواو حالية. لو : مصدرية. ألقى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «ألقى معاذيره» صلة حرف مصدري لا محل لها و «لو» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف بتقدير : حتى إلقاء معاذيره والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير «ألقى»

٤١٤

بتقدير : مبدئا القاء معاذيره. معاذيره : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى : أعذاره وهو اسم جمع المعذرة. وبمعنى : ولو أكثر الاعتذار أي أعذارا فلا ينفعه ذلك لأنه كاذب.

(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) (١٦)

(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ) : ناهية جازمة. تحرك : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. به : جار ومجرور متعلق بتحرك أو بحال من الضمير في «تحرك» بمعنى : لا تحرك لسانك قارئا به أي بالقرآن أو بقراءة الوحي.

(لِتَعْجَلَ بِهِ) : اللام حرف جر للتعليل. تعجل : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. به : جار ومجرور متعلق بتعجل وجملة «تعجل به» صلة حرف مصدري لا محل لها بمعنى : لتأخذه على عجلة ولئلا ينفلت منك. و «أن» المضمرة وما بعده بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بتحرك. التقدير للتعجل به.

(إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (١٧)

(إِنَّ عَلَيْنا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا تعليل النهي عن العجلة. على : حرف جر و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم محذوف.

(جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) : اسم «إن» المقدم منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه الواو عاطفة. وقرآنه : معطوفة على «جمعه» ويعرب إعرابه بمعنى : جمعه في صدرك وإثبات قراءته في لسانك.

(فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) (١٨)

٤١٥

(فَإِذا قَرَأْناهُ) : الفاء استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه. قرأناه : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به بمعنى : فإذا قرأنا القرآن على لسان الملك «جبريل» عليك يا محمد.

(فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم فلا محل لها. الفاء واقعة في جواب الشرط. اتبع : فعل أمر مبني على سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. قرآنه : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه بمعنى فاتبع قراءته واستمع لها.

(ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) (١٩)

الآية الكريمة معطوفة بحرف العطف «ثم» على الآية الكريمة السابعة عشرة وتعرب إعرابها بمعنى إن علينا بيان القرآن بلسانك إذا أشكل عليك شيء من معانيه وأحكامه.

(كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) (٢٠)

(كَلَّا بَلْ) : حرف ردع وزجر أي ردع عن عادة العجلة وإنكار لها. بل : حرف إضراب للاستئناف.

(تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. العاجلة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى تعجلون في كل شيء أو تكون «العاجلة» صفة لموصوف مفعول به محذوف بمعنى : تحبون الحياة العاجلة. أو يكون الارتداع عن التعلق بحب الاغترار بالدنيا.

(وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) (٢١)

٤١٦

الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها بمعنى وتتركون الحياة الآخرة بمعنى وتتركون أيها الكفرة وراءكم الآجلة ـ أي الحياة الآخرة ـ غير مبالين بفداحة فعلتكم هذه.

(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) (٢٢)

(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة. يومئذ : أعرب في الآية الكريمة العاشرة بمعنى يوم القيامة. ناضرة : خبر المبتدأ «وجوه» مرفوع بالضمة المنونة أو يكون صفة ـ نعتا ـ لوجوه ويكون خبر المبتدأ «وجوه» هو كلمة «ناظرة» في الآية الكريمة التالية بمعنى : وجوه يوم القيامة ـ وجوه المؤمنين ـ بهية متهللة مضيئة سرورا وإشراقا.

(إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٢٣)

(إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم محذوف. ناظرة : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة والجملة الاسمية «إلى ربها ناظرة» في محل رفع خبر ثان للمبتدإ «وجوه» أو تكون «ناظرة» خبرا ثانيا للمبتدإ «وجوه» ويكون الجار والمجرور «إلى ربها» متعلقا بناظرة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى : رائية.

(وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) (٢٤)

الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة الثانية والعشرين وتعرب إعرابها بمعنى مقطبة شديدة العبوس.

(تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) (٢٥)

(تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ) : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ـ نعت ـ لباسرة أو لوجوه وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي بمعنى : تتوقع. أن : حرف مصدري ناصب. يفعل : فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة وجملة «يفعل بها فاقرة» صلة حرف مصدري لا محل لها.

٤١٧

(بِها فاقِرَةٌ) : جار ومجرور متعلق بيفعل. فاقرة : نائب فاعل مرفوع بالضمة المنونة. أو تكون صفة ـ نعتا ـ لنائب فاعل موصوف محذوف بتقدير : فعلة فاقرة بمعنى : داهية تكسر فقار ظهرها فحذف الموصوف «فعلة» وحلت الصفة «فاقرة» محله. و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به مفعول للفعل «تظن».

(كَلاَّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) (٢٦)

(كَلَّا إِذا) : حرف ردع وزجر أي ردع عن إيثار الدنيا على الآخرة بمعنى : ارتدعوا عن ذلك. إذا : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب أو يكون ظرفا لما يستقبل من الزمن خافضا لشرطه متعلقا بجوابه أو يكون في محل نصب بباسرة. والارتداع لهم عن تفضيل العاجلة على الآجلة.

(بَلَغَتِ التَّراقِيَ) : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها حركت بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على الروح أو النفس وإن لم يجر لهما ذكر لأن الكلام الذي وقعت منه يدل عليهما. التراقي : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهي جمع «ترقوة» وهي أعالي الصدر أي العظام المكتنفة لثغرة النحر عن يمين وشمال.

(وَقِيلَ مَنْ راقٍ) (٢٧)

(وَقِيلَ مَنْ راقٍ) : الواو عاطفة. قيل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والجملة الاسمية بعده في محل رفع نائب فاعل. من : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. راق : خبر «من» مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة قبل التنوين لأنه اسم نكرة منقوص ولالتقاء الساكنين : سكون الياء وسكون التنوين بمعنى : أيكم يرقيه ليشفيه مما به وقيل : هو من كلام الملائكة أي ملائكة الموت : أيكم يرقى بروحه ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟ بمعنى : من ينجيه ليشفى؟

٤١٨

(وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ) (٢٨)

(وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ) : الواو عاطفة. ظن : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي المحتضر. أنه : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «أن». الفراق : خبر «أن» مرفوع بالضمة بمعنى إن هذا الذي نزل به هو فراق الدنيا و «أن» وما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل «ظن» بمعنى : تحقق.

(وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) (٢٩)

(وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) : الواو عاطفة. التفت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها حركت بالكسر لالتقاء الساكنين. الساق : فاعل مرفوع بالضمة. بالساق : جار ومجرور متعلق بالتفت. بمعنى : التفت ساقه بساقه ضعفا والتوت عليها. أي التفت إحداهما بالأخرى.

(إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) (٣٠)

(إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم محذوف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه. يومئذ : سبق إعرابها. المساق : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة بمعنى يساق إلى الله يومئذ وإلى حكمه والجملة الاسمية «إلى ربك يومئذ المساق» جواب شرط غير جازم لا محل لها أي جواب «إذا» في الآية الكريمة السادسة والعشرين.

(فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) (٣١)

(فَلا صَدَّقَ) : الفاء عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. صدق : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. يعود على الإنسان في قوله (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) والجملة معطوفة على (يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) بمعنى : لا يؤمن بالبعث فلا صدق بالرسول والقرآن ولا صلى ويجوز أن يكون «فلا صدق» بمعنى «فلا صدق ماله» أي فلا زكاة فحذف المفعول اختصارا.

٤١٩

(وَلا صَلَّى) : معطوفة بالواو على «لا صدق» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة للتعذر وقيل : «لا» هنا بمعنى «لم» أي فلم يتصدق وكررت «لا» لدخولها على فعل ماض. والجملة الفعلية «فلا صدق ولا صلى» في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف أي ويقال : هذا ما صدق وما صلى.

(وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (٣٢)

(وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) : الواو زائدة. لكن : حرف عطف للاستدراك مهمل لا عمل له. كذب وتولى : تعرب إعراب «صدق وصلى» في الآية الكريمة السابقة بمعنى وأعرض بمعنى كذب برسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وأعرض عنه أو كذب بالقرآن والرسول وأعرض عنهما.

(ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) (٣٣)

(ثُمَّ ذَهَبَ) : حرف عطف. ذهب : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) : جار ومجرور متعلق بذهب والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه. يتمطى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية في محل نصب حال بمعنى : ثم ذهب إلى أهله يتبختر افتخارا بذلك أي بتكذيبه برسول الله وإعراضه عنه وهو مأخوذ أو مشتق من يمد خطاه .. أو من «المطيطاء» وهو التبختر ومد اليدين في المشي.

(أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٣٤)

(أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) : مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. لك : جار ومجرور متعلق بالخبر المحذوف بمعنى ويل لك .. وهو دعاء عليه بأن يليه مكروه. فأولى : معطوف بالفاء على «أولى لك» ويعرب إعرابه وحذف الجار «لك» اختصارا لأن ما قبله دال عليه. أو فأولاك الله ما تكرهه.

٤٢٠