إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٩

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٩

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٣٦

١

٢

٣
٤

سورة فصلت

معنى السورة : فعل ماض مبني للمجهول .. بمعنى : ميزت نحو فصلت آيات الكتاب : أي ميزت وجعلت تفاصيل في معان مختلفة .. ويقال : فصلت الشيء ـ أفصله ـ تفصيلا : بمعنى : جعلته فصولا متمايزة .. ومنه جزء المفصل ـ بفتح الصاد .. اسم مفعول ـ سمي بذلك لكثرة فصوله وهي السور الشريفة و «الفصول» جمع «الفصل» ويقال : فصل الكلام : أي بينه وهو ضد أجمله.

تسمية السورة : سميت إحدى سور القرآن الكريم بالفعل «فصلت» والتسمية مأخوذة من الآية الكريمة الثالثة من هذه السورة الكريمة التي جاء بها قوله تعالى : (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) وفي الآية الكريمة السابعة والثلاثين قال تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) وبسبب هذه الآية الكريمة سميت سورة «فصلت» أيضا سورة «السجدة» وسميت فصلت لورود قوله تعالى في آية أخرى في الآية الرابعة والأربعين : (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ ..) صدق الله العظيم. وفي الآية الكريمة المذكورة آنفا (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ ..) بمعنى : وضحت بعض آياته عن بعضها الآخر باختلاف الفواصل والمعاني. وقوله (قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) معناه : لقوم يعرفون درجته من السمو ومنزلته من الفصاحة والبيان والإعجاز. وكلمة «أعجمي» في قوله تعالى (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ ..) منسوبة إلى «الأعجم» وهو الذي لا يفصح ولا يبين كلامه وإن كان من العرب أي في لسانه عجمة .. أي لو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا أقرآن أعجمي ومخاطب عربي؟ فهلا وضحت آياته وبينت بلسان نفقهه .. أي نفهمه؟

٥

فضل قراءة السورة : قال نبي الله العادل محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ «فصلت» أعطاه الله بكل حرف عشر حسنات» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ. أخرج عبد بن حميد وأبو يعلى والبغوي : إن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قرأها على عتبة بن ربيعة إلى قوله تعالى : (فَإِنْ أَعْرَضُوا) ـ الآية الثالثة عشرة ـ وكانت قريش قد أرسلته مندوبا عنها ليفاوض النبي في ترك دعوته ويقدموا له المال والنساء وغيرهما فعاد عتبة قائلا عن القرآن : والله ما هو بشعر ولا كهانة.

إعراب آياتها

(حم) (١)

هذه الأحرف وأمثالها التي تبدأ بها السور الشريفة شرحت بصورة مفصلة في سورة «يوسف».

(تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (٢)

(تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) : خبر «حم» مرفوع بالضمة المنونة إن جعلت «حم» في موضع رفع مبتدأ على أنها اسم للسورة. وإن جعلت «حم» تعديدا للحروف كان «تنزيل» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هذا القرآن تنزيل. من الرحمن : جار ومجرور في محل رفع متعلق بتنزيل أو بصفة محذوفة منه. الرحيم : صفة ـ نعت ـ للرحمن مجرور مثله وعلامة جره الكسرة بمعنى من الله الرحمن الرحيم. فأقيمت الصفة مقام الموصوف وعلى هذا التقدير يكون «الرحمن الرحيم» صفتين ـ نعتين ـ للفظ الجلالة سبحانه.

(كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٣)

(كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ) : خبر ثان للمبتدإ «حم» أي خبر بعد خبر إن جعلت «حم» اسما للسورة وإن جعلت «حم» تعديدا للحروف أعرب «كتاب» بدلا من «تنزيل» أو خبرا ثانيا للمبتدإ المحذوف وهو مرفوع بالضمة المنونة أو يكون «كتاب» خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا كتاب أو يكون «تنزيل» مبتدأ وخبره «كتاب» وجاز الابتداء بتنزيل وهو اسم نكرة

٦

لأنه عرف بعد تخصصه بالصفة. فصلت : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. آياته : نائب فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «فصلت آياته» في محل رفع صفة ـ نعت لكتاب.

(قُرْآناً عَرَبِيًّا) : مفعول به منصوب على المدح والاختصاص أي أراد بهذا الكتاب المفصل قرآنا من صفته كذا وكذا ويجوز أن يكون منصوبا على الحال أي فصلت آياته في حال كونه قرآنه عربيا وعلامة نصبه الفتحة المنونة. عربيا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قرآنا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة ويجوز أن يكون «قرآنا عربيا» حالين «وقرآنا» حالا موطئة أي موصوفة بمعنى بينت أحكامه حال كونه قرآنا عربيا في ألفاظه.

(لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) : جار ومجرور متعلق بتنزيل أو بفصلت بمعنى لقوم عرب يعرفون أي تنزيل من الله لأجلهم أو فصلت آياته لهم. والأجود أن يكون الجار والمجرور متعلقا بصفة مثل ما قبله وما بعده بمعنى قرآنا عربيا كائنا لقوم عرب. يعلمون : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى يعرفون ما نزل عليهم من الآيات المفصلة المبينة بلسانهم العربي المبين لا يلتبس عليهم شيء منه.

** (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة .. و «كتاب» هو اسم من أسماء كتاب الله الكريم «القرآن» كالتنزيل والذكر والكتاب بمعنى ميزت آياته أي بينت أحكامه من حلال أو حرام ووضحت معانيه وجعلت تفاصيل في معان مختلفة من أحكام وأمثال ومواعظ ووعيد وغير ذلك أي بينت ولخصت بلسان عربي يفقه ـ أي يفهم ـ وقرآنا منصوب على الاختصاص مفعولا به بفعل محذوف تقديره أعني وأخص .. وبمعنى : أريد بهذا الكتاب المفصل قرآنا من صفته كيت وكيت. أو جاء نصبه حالا بتقدير فصلت آياته في حال كونه قرآنا عربيا لقوم يعلمون قدره فحذف مفعول «يعلمون» وهو «قدره» اختصارا لأنه معلوم.

** (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) : جاء هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة المعنى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين : إنما أنا بشر مثلكم ولست ملكا أو جنيا لا يمكنكم مقابلته ومجادلته .. عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال : كان رسول الله

٧

ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إذا نزل عليه الوحي يسمع عنده دوي كدوي النحل فمكثنا ساعة فاستقبل القبلة ورفع يده وقال : اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وارض عنا وأرضنا.

وعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ فشق عليهم ذلك وقالوا : أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : الله الواحد الصمد : ثلث القرآن باعتبار معانيه لأنه أحكام وأخبار وتوحيد وقد اشتملت هي على الثلث.

ويقال : الله واحد : وهو وصف الباري تعالى. فيقال : هو الواحد وهو الأحد لاختصاصه بالأحدية فلا يشركه فيها غيره .. ولهذا لا ينعت به غير الله تعالى. وقول المؤذن : الله أكبر الله أكبر في دعوته الناس للصلاة .. تكون الجملة الاسمية الثانية لا نشاء تكبير ثان وليست تأكيدا للجملة الأولى بخلاف قوله : «قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة» والقول الثاني «الله أكبر» في محل رفع خبر ثان للمبتدإ «لفظ الجلالة جيء به لتأكيد الخبر الأول. قال الشاعر :

فلست أبالي حين أقتل مسلما

على أي جنب كان لله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشأ

يبارك على أوصال شلو ممزع

«الشلو» وجمعه : أشلاء : بمعنى : أعضاء اللحم ومن الإنسان : أعضاء جسمه بعد التفرق. وممزع : بمعنى مقطع.

** (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة وفيه حذف الموصوف «الأعمال» وحلت الصفة «الصالحات» محله وقيل : إن الصالحات من الصفات التي تجري مجرى الأسماء .. و «ممنون» بمعنى : أجر غير ممتن به عليهم .. وبمعنى : مقطوع .. مأخوذ من «من الحبل ـ يمنه منا ـ من باب «قتل» بمعنى : قطعه. ومثله : من عليه بالشيء وامتن عليه به أيضا بمعنى : أنعم عليه به والاسم منه «المنة» بكسر الميم. ومننت عليه منا : بمعنى عددت له ما فعلت له من الصنائع مثل أن تقول له : أعطيتك وفعلت لك وهو تعيير وتكدير تنكسر منه القلوب فلهذا نهى الشارع عنه بقول تعالى : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) صدق الله العظيم. و «المن» هو القطع ومن هنا يقال : المن أخو المن أي الامتنان بتعديد الصنائع أخو القطع والهدم .. فإنه يقال : مننت الشيء منا أيضا : إذا قطعته فهو ممنون والمنون ـ بفتح الميم ـ هو المنية اسم مؤنث وكأنها اسم فاعل من «المن» وهو القطع لأنها تقطع الأعمار والمدد وتنقص العدد وتأتي لفظة «المنية» مفردة وجمعا وفي قوله تعالى «أجر غير ممنون» بمعنى غير مقطوع أو غير منقوص. ولهذا اعتبر من الأخطاء الشائعة قول بعضهم لصاحبه : أنا ممنون أو ممتن لك .. لأن هاتين اللفظتين تعبير عامي بالنسبة للمراد أي لا يصح القول بهما في مجال الشكر لأن معناهما شرح آنفا والصحيح أن يقال أنا شاكر لك بمعنى : مديون لك أو لمعروفك وإحسانك إلي.

** (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة .. المعنى قل يا محمد للمشركين من قومك معنفا وموبخا أتكفرون بالله الذي خلق الأرض قائمة في مدة يومين أو في مقدار يومين .. ولم يذكر الموصوف لفظ الجلالة لأنه معلوم بل ذكرت الصفة الاسم الموصول .. كما حذف المضاف «مدة .. أو مقدار» وأقيم المضاف إليه «يومين» مقامه.

٨

** (ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ) : أي ذلك المتصف بما ذكر أي ذلك القادر الخالق هو موجد جميع الكائنات .. فحذف النعت أو البدل المشار إليه «القادر .. الخالق ـ اختصارا لأن ما قبله دال عليه.

** (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العاشرة. بمعنى وقدر في الأرض أقوات عمارها في تتمة أربعة أيام وبعد حذف المضاف إليه الأول «عمار» أوصل المضاف «أقوات» إلى المضاف إليه الثاني «ها» فصار : «أقواتها» كما حذف المضاف «تتمة» وحل المضاف إليه «أربعة» محله .. و «السائلين» هم المتساءلون وهي جمع «سائل .. يقال سأل ـ يسأل ـ سؤالا ومسألة نحو : سألت الله العافية : بمعنى طلبتها وسألته عن كذا : بمعنى استعلمته .. ومن تخريجات الفعل : تسأل وتسول بمعنى : استعطى ومن معاني «السائل ـ اسم الفاعل ـ المستعطي .. و «السائلة» مؤنث «السائل» عن حكيم بن حزام ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : «اليد العليا خير من اليد السفلى» بمعنى : اليد المنفقة خير من اليد السائلة .. وقيل : وما رأينا في تاريخ الأبطال الميل إلى ذل السؤال والبطالة والكسل. ومن جوامع كلمه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : لا تسأل الناس شيئا ولو سقط سيفك أو سوطك. وقد كان أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ راكبا ناقته فسقط سوطه وحوله جمع كبير فأناخ ناقته. وقال رضي الله عنه : سمعت حبي محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يقول : لا تسأل الناس شيئا ولو سقط سوطك.

** (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية عشرة .. ثم قصد سبحانه إلى السماء أي توجهت إرادته لها أو عمد إلى خلق السماء فحذف المضاف «خلق» وحل المضاف إليه «السماء» محله .. وهي كتلة غازية ـ أي سديم ـ تشبه الدخان فقال للسماء والأرض ائتيا في الوجود طائعتين أو مكرهتين وقيل : المراد من هذا التعبير تصوير تأثير قدرته سبحانه فيهما وتأثرهما بالذات عنها وتمثيلها بالأمر المطاع وإجابة المطيع لأمر الخالق وفي كلمة «طائعين» جيء بهم في موضع «طائعات» وجاء الجمع بصيغة من يعقلون ـ أي بانتهائه بالياء والنون ـ لتناسب في رءوس الآي الشريف وعلى تأويل السموات والأرض بالأفلاك مثلا وما في معناه من المذكر ثم تغليب المذكر على المؤنث .. وتمثيلهما بالأمر المطاع وإجابة المطيع .. وتهيئتها للانتفاع بهما.

** (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الثانية عشرة .. المعنى : فخلقهن أي أتم خلقهن سبع سماوات في فترة أو مدة يومين .. فحذف المضاف «مدة» وحل المضاف إليه «يومين» محله. فيكون تمام خلق السموات والأرض في ستة أيام كما أشارت هذه الآية الكريمة والآية الكريمة العاشرة .. وفي قوله تعالى في هذه الآية : وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح ..» حول الكلام من الغيبة في «أوحى» إلى التكلم في «زينا» لفتا لنظر السامع لبديع ما يذكر بعده .. وحذف المشار إليه النعت أو البدل في «ذلك تقدير ..» أي ذلك الخلق هو تقدير العزيز ..

** (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة عشرة .. والمراد بالصاعقة : كناية عن العذاب الشديد الشبيه بنزول الصاعقة وأصله أنذرتكم بصاعقة فحذف الحرف الجار فأوصل الفعل .. و «مثل» تستعمل بمعنى «الشبه» وبمعنى : نفس الشيء.

٩

* (إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة عشرة بمعنى : وحين جاءتهم الرسل من قبلهم ومن بعدهم .. أي المتقدمون والمتأخرون وطلبوا منهم ناصحين ألا يعبدوا غير الله وحده .. أي جاءوهم من جميع جوانبهم ناصحين إياهم. وأنث الفعل «جاءت» مع فاعله المذكر «الرسل» على اللفظ لا المعنى لأن اللفظ بمعنى «جماعة» والمعنى الحقيقي هو جمع «رسول» وهو مذكر.

(بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) (٤)

(بَشِيراً وَنَذِيراً) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قرآنا» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وهو فعيل بمعنى فاعل. ونذيرا : معطوف بالواو على «بشيرا» ويعرب مثله بمعنى مبشر بما يسر للمؤمنين الصالحين ومنذر بسوء العاقبة للكافرين.

(فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ) : الفاء استئنافية. أعرض : فعل ماض مبني على الفتح. أكثر : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة وحذفت صلة الفعل بمعنى : فتولى أو فصد أكثرهم عنه أي عن قبوله.

(فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) : الفاء استئنافية. تفيد التعليل هنا. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. لا : نافية لا عمل لها. يسمعون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «لا يسمعون» في محل رفع خبر «هم» بمعنى : فهم لا يقبلون ولا يطيعون.

(وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ) (٥)

(وَقالُوا قُلُوبُنا) : الواو عاطفة. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. قلوب : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه والجملة الاسمية «قلوبنا في أكنة» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي كفار قريش.

١٠

(فِي أَكِنَّةٍ) : جار ومجرور في محل رفع خبر المبتدأ بمعنى : في أغطية على شكل حاجز لا يخترقه إليها ما تقوله يا محمد.

(مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ) : أصلها : من : حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأكنة. تدعو : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. إليه : جار ومجرور متعلق بفعل «تدعو» أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «تدعونا إليه» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بمن بتقدير من دعوتك إيانا إلى التوحيد.

(وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) : الواو عاطفة. في آذان : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. و «نا» أعرب في «قلوبنا». وقر : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : وفي آذاننا ثقل أو صمم عن سماع ما تقوله وتدعونا إليه.

(وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) : يعرب إعراب «وفي آذاننا وقر» الواو عاطفة. بينك : معطوف على «بيننا» ويعرب إعرابه والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ و «الحجاب» هو الحاجز للتفاهم بين الجانبين أو لشدة كرهنا لك لا نتبع رسالتك.

(فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. اعمل : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت بمعنى فاعمل على دينك أو في إبطال أمرنا. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». عاملون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى : عاملون على ديننا أو في إبطال أمرك.

(قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) (٦)

١١

القسم الأول من هذه الآية الكريمة أعرب في الآية الكريمة العاشرة بعد المائة من سورة «الكهف».

(فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. استقيموا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. إليه : جار ومجرور متعلق باستقيموا. بمعنى فاستووا إليه بالتوحيد والعبادة إليه. واستغفروه : معطوفة بالواو على «استقيموا» وتعرب إعرابها والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى وتوبوا إليه من شرككم واطلبوا غفرانه متوجهين إليه في أعمالكم.

(وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) : الواو استئنافية. ويل : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة. للمشركين : جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ المحذوف وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وويل : بمعنى الهلاك والعذاب أصلها : مصدر لا فعل له معناه : تحسر .. وقيل : هو اسم معنى كالهلاك وقيل هو واد في جهنم.

(الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) (٧)

(الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة ـ نعت ـ للمشركين ـ في الآية الكريمة السابقة. لا : نافية لا عمل لها. يؤتون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الزكاة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. والجملة الفعلية «لا يؤتون الزكاة» صلة الموصول لا محل لها.

(وَهُمْ بِالْآخِرَةِ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. والجار والمجرور «بالآخرة» متعلق بخبر «هم» كافرون أو يكون «الذين» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هم الذين.

١٢

(هُمْ كافِرُونَ) : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين في محل رفع بدل من ضمير الغائبين «هم» الأول. كافرون : خبر «هم» الأول مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (٨)

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن». آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب إعرابها. الصالحات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم بمعنى الأعمال الصالحات.

(لَهُمْ أَجْرٌ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن» اللام حرف جر و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. أجر : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.

(غَيْرُ مَمْنُونٍ) : صفة ـ نعت ـ لأجر مرفوع مثله بالضمة وهو مضاف. ممنون : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : غير مقطوع أولهم أجر ليست فيه منة عليهم أي لا يمن به.

(قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٩)

(قُلْ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت واوه ـ أصله : قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين.

(أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ) : الجملة المؤولة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الألف ألف توبيخ بلفظ استفهام. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في

١٣

محل نصب اسم «إن» والميم علامة جمع الذكور. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ تكفرون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى أتكفرون بالله ..

(بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ) : الباء حرف جر. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بتكفرون والجملة الفعلية «خلق الأرض» صلة الموصول لا محل لها. خلق : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الأرض : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى بالله الذي فحذف الموصوف وبقي النعت.

(فِي يَوْمَيْنِ) : جار ومجرور متعلق بخلق أو متعلق بحال محذوفة من «الأرض» بمعنى : خلقها قائمة في مدة يومين وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «تكفرون» وتعرب مثلها. له : جار ومجرور متعلق بتجعلون أو بحال مقدمة من «أندادا» أو يكون في محل نصب في مقام المفعول به الثاني لتجعلون. أندادا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : أشباها أو نظراء أي تتخيلون له أربابا مثله.

(ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب أي ذلك الذي قدر على خلق الأرض في يومين. رب : خبر مبتدأ محذوف تقديره هو مرفوع بالضمة وهو مضاف. العالمين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والجملة الاسمية «هو رب العالمين» في محل رفع خبر المبتدأ «ذلك» بمعنى رب الخلائق جميعا.

(وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ) (١٠)

١٤

(وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ) : الواو عاطفة. جعل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. فيها : جار ومجرور متعلق بجعل والجملة الفعلية «جعل فيها رواسي» لا محل لها لأنها داخلة ضمن صلة الموصول لعطفها على جملة «خلق الأرض». رواسي : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف بمعنى : رواسخ أي ووضع في الأرض جبالا رواسي أي رواسخ ثابتات. أي مرفوعة فوقها.

(مِنْ فَوْقِها) : جار ومجرور متعلق بصفة أخرى للموصوف المحذوف «جبال» و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.

(وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها) الجملتان الفعليتان معطوفتان بواوي العطف على جملة «جعل فيها» وتعربان إعرابها بمعنى وزاد فيها.

(أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى : أرزاق أهلها ومعايشهم وما يصلحهم. في أربعة : جار ومجرور متعلق بجعل أو بقدر أي وضع هذا وذلك.

(أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : في تتمة أو مقدار أربعة أيام. سواء : حال من «أربعة» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وهو حال من نكرة أي وصاحب الحال نكرة إلا أنه قرب شبهه بالمعرفة بعد تخصيصه بالإضافة. أو يكون منصوبا على المصدر ـ المفعول المطلق ـ بفعل محذوف تقديره استوت سواء بمعنى استواء. للسائلين : جار ومجرور متعلق بقدر وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى مستوية لمن سأل عن مدة خلق الأرض.

(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (١١)

١٥

(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) : حرف عطف. استوى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إلى السماء : جار ومجرور متعلق باستوى بمعنى قصد.

(وَهِيَ دُخانٌ) : الواو حالية والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال من السماء. هي : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. دخان : خبر «هي» مرفوع بالضمة المنونة.

(فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ) : معطوفة بالفاء على جملة «استوى إلى السماء» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل «قال» الفتحة الظاهرة على آخره والجار والمجرور «لها» متعلق بقال. وللأرض : معطوف بالواو على «لها» وهو متعلق بقال.

(ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين المخاطبين ـ المثنى ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. طوعا : حال من ضمير «ائتيا» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. أو : حرف عطف للتخيير. كرها : معطوف على «طوعا» ويعرب إعرابه بمعنى طائعتين أو مكرهتين.

(قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) : فعل ماض مبني على الفتح. التاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والألف ضمير متصل ـ ضمر الغائبتين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. أتينا : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل ماض على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين «ونا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل «طائعين» : حال من ضمير المتكلمين منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (١٢)

١٦

(فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) : الفاء عاطفة. قضى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هن» ضمير متصل ـ ضمير الإناث ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به بمعنى فمنعهن وقدرهن والضمير يرجع إلى السماء على المعنى كما قال «طائعين» ويجوز أن يكون ضميرا مبهما مفسرا بسبع سماوات. سبع : حال من ضمير الإناث منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. سماوات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة منصوب محلا لأنه تمييز جاء بعد عدد.

(فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى) : أعرب في الآية الكريمة التاسعة. وأوحى : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «قضى» وتعرب مثلها.

(فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) : جار ومجرور متعلق بأوحى. سماء : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة و «أمر» مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.

(وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا) : الواو عاطفة. زين : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. السماء : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الدنيا : صفة للسماء منصوبة مثلها.

(بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً) : جار ومجرور متعلق بفعل «زينا» وعلامة نصب «الدنيا» الفتحة المقدرة على الألف للتعذر وعلامة جر «مصابيح» الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه اسم ممنوع من الصرف على وزن ـ مفاعيل ـ وهو صيغة منتهى الجموع بعد ألفه أكثر من حرفين. حفظا : مفعول مطلق «مصدر» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والعامل محذوف تقديره وحفظناها حفظا. والواو حرف عطف. والجملة الفعلية «حفظناها حفظا» معطوفة بالواو على «زينا السماء» ويجوز أن يكون «حفظا» مفعولا له ـ لأجله .. أو من أجله ـ على معنى : وخلقنا المصابيح زينة وحفظا.

١٧

(ذلِكَ تَقْدِيرُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. تقدير : خبر «ذلك» مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف. أي تقدير الله ..

(الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. العليم : صفة ـ نعت ـ للعزيز مجرور مثله وعلامة جره الكسرة أو يكونان صفتين للفظ الجلالة أي تقدير الله العزيز العليم.

(فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) (١٣)

(فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ) : الفاء استئنافية. إن : حرف شرط جازم. أعرضوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة فعل الشرط في محل جزم بإن. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الفاء رابطة لجواب الشرط. قل : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. أصله : قول ـ حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين والجملة الفعلية «فقل ..» جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم بمعنى : فإن صدوا أو تولوا عنك فقل لهم .. والجملة الفعلية بعده «أنذرتكم ..» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً) : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. صاعقة : مفعول به ثان منصوب بأنذر وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(مِثْلَ صاعِقَةِ) : صفة ـ نعت ـ لصاعقة منصوب مثلها وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. صاعقة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة وحذف التنوين للإضافة.

(عادٍ وَثَمُودَ) : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة ونون آخر اللفظة لأنه ليس المراد بها اسم القبيلة. وثمود : معطوف

١٨

بالواو على «عاد» مجرور مثله بالفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف لأنها بتأويل القبيلة ومنع صرفها للتأنيث والتعريف ولم يمنع «عاد» لأنه يراد به هنا اسم الأب وليس اسم القبيلة وهو اسم رجل سميت به القبيلة وهم قوم هود.

(إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) (١٤)

(إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ) : اسم مبني على السكون بمعنى «حين» في محل نصب مفعول به بفعل محذوف تقديره اذكر. جاءت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ حرك بالضم ـ للوصل التقاء الساكنين ـ الرسل : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» في محل نصب مفعول به مقدم.

(مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) : جار ومجرور متعلق بجاء. أيدي : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الياء للثقل وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه ثان وجملة «جاءتهم الرسل ..» في محل جر مضاف إليه.

(وَمِنْ خَلْفِهِمْ) : معطوف بالواو على «من بين أيديهم» ويعرب إعرابه وعلامة جر «خلف» الكسرة الظاهرة على آخره بمعنى جاءوهم من جميع الجوانب ناصحين إياهم.

(أَلَّا تَعْبُدُوا) : أصله : أن بمعنى «أي» وهي مفسرة و «لا» ناهية جازمة. تعبدوا : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ويجوز أن تكون «أن» مخففة من «أن» الثقيلة أصله : بأنه لا تعبدوا واسم «أن» المخففة ضمير شأن مستتر تقديره : أنه. بمعنى قلنا لا تعبدوا أو على معنى بأن الشأن والحديث قولنا لكم لا تعبدوا وتكون جملة «لا تعبدوا» على الوجه الأول من إعراب «أن» المفسرة جملة تفسيرية لا محل لها وعلى الوجه الثاني تكون في محل رفع

١٩

خبر «أن» و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بقلنا.

(إِلَّا اللهَ قالُوا) : أداة حصر لا محل لها. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(لَوْ شاءَ رَبُّنا) : الجملة الشرطية وجوابها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لو : حرف شرط غير جازم. شاء : فعل ماض مبني على الفتح. رب : فاعل مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.

(لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. اللام واقعة في جواب الشرط. أنزل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ملائكة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي لأرسل ..

(فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ) : الفاء استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بخبر «إن» أي «كافرون». أرسلتم : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل والميم علامة الجمع.

(بِهِ كافِرُونَ) : جار ومجرور متعلق بأرسل. كافرون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : إنا بما تزعمون أنكم أرسلتم به إلينا كافرون.

(فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) (١٥)

٢٠