إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤٩

السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور بمعنى : إذا تحادثتم سرا .. أي إذا تساررتم ..

(فَلا تَتَناجَوْا) : الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها. الفاء رابطة لجواب الشرط. لا : ناهية جازمة. تتناجوا : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة أي فلا تتساروا لارتكاب الذنوب وتعدي الحدود.

(وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى) : الواو استئنافية للاستدراك. تناجوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بالبر : جار ومجرور متعلق بتناجوا. والتقوى : معطوفة بالواو على «البر» وتعرب مثله وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى ولكن تساروا لتأييد البر ..

(وَاتَّقُوا اللهَ) : معطوفة بالواو على «تناجوا» وتعرب إعرابها. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة.

(الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ للفظ الجلالة. إليه : جار ومجرور متعلق بتحشرون. تحشرون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.

(إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١٠)

(إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ) : كافة ومكفوفة. النجوى : مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. من الشيطان : جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ وهي النجوى بالإثم والعدوان من الشيطان أي من وسوسته لا من الرحمن.

٢١

(لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا) : اللام حرف جر للتعليل. يحزن : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به وفاعل «يحزن» ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الشيطان. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية «يحزن الذين آمنوا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بما في «النجوى من الشيطان» من معنى .. أي بيوسوس أي أن الشيطان يزين النجوى لهم فكأنه بوسوسته ليغيظ المؤمنين ويحزنهم.

(وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ) : الواو استئنافية. ليس : فعل ماض ناقص من «أخوات كان» مبني على الفتح. واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو .. يعود على الشيطان أو الحزن. الباء حرف جر زائد للتوكيد. ضار : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه خبر «ليس» بمعنى : وليس مضرهم و «ضار» اسم فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه وهو من إضافة اسم الفاعل إلى معموله لأنه في الأصل مفعوله.

(شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) : صفة ـ نعت ـ لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي ضررا شيئا أو تكون «شيئا» نائبة عن المصدر المحذوف. إلا : أداة حصر لا عمل لها. بإذن : جار ومجرور متعلق بضار. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة بمعنى إلا بمشيئته سبحانه.

(وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) : الواو استئنافية. على الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بيتوكلون. الفاء استئنافية .. اللام لام الأمر. يتوكل : فعل مضارع مجزوم باللام وعلامة جزمه سكون آخره حرك بالكسرة لالتقاء الساكنين. المؤمنون : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

٢٢

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (١١)

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ) : أعرب في الآية الكريمة التاسعة. قيل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح.

(لَكُمْ تَفَسَّحُوا) : جار ومجرور متعلق بقيل والميم علامة جمع الذكور. تفسحوا : الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : توسعوا ..

(فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا) : جار ومجرور متعلق بتفسحوا. الفاء واقعة في جواب الشرط. افسحوا : تعرب إعراب «تفسحوا» وجملة «فافسحوا» جواب شرط غير جازم لا محل لها بمعنى إذا قيل لكم ليفسح بعضكم عن بعض في المجالس فتوسعوا.

(يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وعلامة جزمه سكون آخره الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين ولفظ الجلالة «الله» فاعل مرفوع للتعظيم وعلامة الرفع الضمة. لكم : جار ومجرور متعلق بيفسح والميم علامة جمع الذكور.

(وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) : معطوف بالواو على مثيله ويعرب مثل إعرابه بمعنى : انهضوا : الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «آمنوا» أعربت بمعنى يرفعهم أي يرفع منزلتهم ومكانتهم في الدنيا والآخرة.

(مِنْكُمْ وَالَّذِينَ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «الذين» التقدير : حال كونهم منكم و «من» حرف جر بياني. والميم علامة جمع الذكور. والذين : معطوف بالواو على «الذين» ويعرب إعرابه وجملة «أوتوا العلم» صلة الموصول لا محل لها.

٢٣

(أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) : تعرب إعراب «آمنوا» وهي فعل مبني للمجهول مبني على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. العلم : مفعول به منصوب بالفتحة. درجات : تمييز منصوب بالكسرة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث.

(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) : أعرب في الآية الكريمة الثالثة بمعنى والله ذو خبرة بعملكم أو خبير بأعمالكم.

** (إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية عشرة .. يقال : فسح له في المجلس .. من باب «قطع» بمعنى : وسع له .. والفعلان الثلاثي والرباعي «فسح» و «أفسح» معناهما : وسع وباعد خطوه إلا أن الثلاثي «فسح» أفصح من الرباعي «أفسح» و «فسح» مثل «تفسح» أي فرج عن مكان للآخر أي وسع له وقيل إن الرباعي لغة في الثلاثي نحو : أفسح وانفسح وتفسح المكان : أي اتسع ومنه القول انفسح صدره : أي انشرح ضد «ضاق» وفي الآية الكريمة المعنى : ليفسح بعضكم لبعض .. المعنى : لا تتضاموا .. والمراد بالمجالس : مجلس رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وكانوا يتضامون في المجلس تنافسا على القرب من الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وحرصا على استماع كلامه. وقيل : هو المجلس من مجالس القتال وهي مراكز القتال أو مراكز الغزاة .. قيل : كان الرجل يأتي الصف فيقول تفسحوا فيأبون لحرصهم على الشهادة .. و «المجالس» جمع «مجلس» بكسر اللام لأنه اسم مكان ومضارعه مكسور العين ـ أي اللام ـ وهو موضع الجلوس ومصدر الفعل «جلوسا» والفعلان «جلس» و «قعد» قد يبدوان متشابهين في المعنى إلا أنهما مختلفان في الحركة والهيئة ومصدرا الفعلين بوزن واحد «فعولا» أي جلس ـ جلوسا .. وقعد ـ قعودا. وجلسة وقعدة. بفتح الجيم تعني المرة من الجلوس وبكسر الجيم تعني الهيئة والنوع. نحو : جلس جلسة الأسد .. وهي الحالة التي كان عليها الجالس. فبفتح الجيم تكون اسم المرة من المصدر «جلوس» وهو ضد «قام» وبكسر الجيم تكون هيئة الجالس كجلسة الاستراحة والتشهد وجلسة الفصل بين السجدتين لأنها نوع من أنواع الجلوس.

** (وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) : أي وإذا قيل : قوموا من مقاعدكم فأطيعوا .. يقال : نشز الرجل ـ ينشز ـ نشزا .. من بابي «ضرب» و «نصر» أي بكسر شين المضارع وبرفعه .. المعنى : ارتفع في المكان : أي قام من مقامه بمعنى : انهضوا وقوموا من مقاعدكم للتوسعة يرفع الله المؤمنين بامتثال أوامره وأوامر رسول الله .. والعالمين منهم خاصة درجات عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه كان إذا قرأ هذه الآية الكريمة قال : يا أيها الناس افهموا هذه الآية ولترغبكم في العلم. وعن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : بين العالم والعابد مائة درجة. وعنه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب. وعنه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «يشفع يوم القيامة ثلاثة : الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء» فأعظم بمرتبة هي واسطة بين النبوة والشهادة بشهادة رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وعن

٢٤

ابن عباس : خير سليمان بين العلم والمال والملك فاختار العلم فأعطي المال والملك معا. وقال عليه الصلاة والسلام : «أوحى الله إلى إبراهيم : يا إبراهيم إني عليم أحب كل عليم» وعن بعض الحكماء : ليت شعري أي شيء أدرك من فاته العلم وأي شيء فات من أدرك العلم. وعن الأحنف : كل عز لم يوطد بعلم فإلى ذل يصير.

** (إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية عشرة .. وفيه استعارة ممن له يدان .. بمعنى : قدموا قبل مسارتكم تقديرا واحتراما للرسول صدقة قدام مسارتكم. والصدقة : هي العطية يراد بها المثوبة لا المكرمة والعتق والصدقة من أفاضل الأعمال ونقول : أقر القاضي الحكم أو أجازه أو أمضاه أو وافق عليه بدلا من قولنا : صادق أو صدق على الحكم لأن «صادقه» معناه : كان صديقا له لم يكاذبه أو اعترف بصدق قوله. وقالت العرب في أمثالها : أخوك من صدقك النصيحة : يعني النصيحة في الدين والدنيا أي صدقك في النصيحة فحذف حرف الجر وأوصل الفعل وهو مثل قولهم : صديقك من صدقك لا من صدقك : أي هو من صدقك المودة والنصيحة بمعنى : الخل الحبيب. قال الشاعر :

وليس صديقا من إذا قلت لفظه

توهم في أثناء موقعها أمرا

ولكنه من لو قطعت بنانه

توهمه نفعا لمصلحة أخرى

وقال أبو ذر ـ رضي الله عنه ـ : قول الحق لم يدع لي صديقا. وقال أحد الأدباء : لا تخدع نفسك بأن الصداقة تخول لك أن تقول أشياء غير لائقة للمقربين إليك .. فكلما ازدادت علاقتك توثقا مع شخص ما زادت الحاجة إلى اللباقة بينكما. وجاء في الأمثال : صورة المودة : الصدق.

** (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة عشرة .. المعنى : ألم تنظر يا محمد إلى المنافقين الذين والوا قوما سخط الله عليهم يعني اليهود الذين كانوا مجاورين للمدينة ما هم منكم أيها المؤمنون ولا من اليهود بل هم منافقون مذبذبون بين الاثنين يحلفون كذبا أنهم مؤمنون ويدعون الإسلام وهم يعلمون أنهم كاذبون.

** سبب نزول الآية : قال مقاتل والسدي : بلغنا أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن نبتل المنافق كان يجالس النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ثم يرفع حديثه إلى اليهود فعاتبه الرسول فحلف بالله ما فعل ذلك فأنزل الله هذه الآية. وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : «من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو عليها فاجر «أي كاذب» لقي الله وهو عليه غضبان» وهذا الحديث يؤيده قوله تعالى في الآية الكريمة المذكورة. أي يحلفون على الكذب وهو ادعاء الإسلام بمعنى : يقولون : والله إنا لمسلمون وهم يعلمون أن المحلوف عليه كذب بحت. وغضب الله سبحانه : هو إنكاره على من عصاه وسخطه عليه ومعاقبته له. قال الشاعر :

أو تحلفي بربك العلي

أني أبو ذيالك الصبي

«ذيا» تصغير «ذا» اسم الإشارة للقريب و «ذاك» اسم إشارة للمتوسط ومع «ها» للتنبيه يصير «هذاك» وتصغيره : ذياك وأضيفت له لام البعد فصار : ذيالك. وعن ابن عمر ـ رضي الله

٢٥

عنهما ـ لا تحلفوا بآبائكم. أما يمين المشركين فكان بأسماء الأصنام قال ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من حلف بغير الله فقال في حلفه : واللات والعزى ـ كيمين المشركين ـ فليقل : لا إله إلا الله «أي تبرئة من الشرك». قال ابن العربي : من حلف بهما جادا فهو كافر ومن قالهما جاهلا أو ذاهلا فإن كلمة التوحيد تكفر عنه وترد قلبه عن السهو إلى الذكر ولسانه إلى الحق وتنفي عنه ما جرى به من اللغو. جاء في الأمثال : هو ورب الكعبة آخر ما في الجعبة. وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يقول : «الحلف منفعة للسلعة ممحقة للبركة» ومنفعة : أي مزيد مروج .. وممحقة : أي مذهبة بمعنى : إن الحلف اليمين الكاذبة التي ترمى جزافا لخداع الناس أو المشتري لتكون سببا في نفاق السلعة ـ أي رواجها وبيعها ـ وهذا الباطل يجلب الحق وعدم البركة في المال وضياع الثمرة المرجوة من أكل الحلال فتفسد الذرية وتضيع الثقة ويعقب ذلك الخسران المبين والنقص في التجارة ويحبط ثواب العمل. وقيل في الأمثال : حلف بالسمر والقمر قال الأصمعي : السمر : هو الظلمة .. وإنما سميت سمرا لأن العرب كانوا يجتمعون في الظلمة فيسمرون .. أي لا ينامون ويتحدثون ليلا ثم كثر ذلك حتى سمي سمرا. ومعنى المثل : حلف بالقمر وظله.

** (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية والعشرين .. المعنى : أولئك المؤمنون الذين لا يتوددون أو لا يوادون المعادين لله ورسوله أثبت الله تعالى الإيمان في قلوبهم وقواهم بقذف النور في قلوبهم. وقيل : المراد بكلمة «روح» نور القلب .. وقيل : القرآن أو النصر على الأعداء وقيل الضمير في «منه» للإيمان فإنه سبب لحياة القلب.

** سبب نزول الآية : قال عبد الله بن شوذب : نزلت هذه الآية الكريمة في أبي عبيدة بن الجراح حين قتل أباه يوم بدر .. «لا تجد قوما يؤمنون بالله ..» كما نزلت الآية الكريمة التي قبلها حينما ترجى المسلمون بلاد فارس والروم فقال عبد الله بن أبي : أتظنون الروم وفارس كبعض القرى التي غلبتم فيها والله إنهم لأكثر عددا وأشد بطشا من أن تظنوا فيهم ذلك فأنزل الله تعالى : «كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ..» و «الروح» لها عدة معان .. منها : نور القلب : أي قواهم بنور القلب أو بلطف من عنده حييت به قلوبهم .. ومنها : بمعنى : القرآن أو النصر على الأعداء ويجوز أن يكون الضمير في «منه» للإيمان أي بروح من الإيمان على أنه في نفسه روح لحياة القلوب به .. وهي سبب الحياة في قوله تعالى في سورة «غافر» : (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ) يريد به الوحي الذي هو أمر بالخير وبعث عليه فاستعار له الروح. قال عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : حدثنا رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو الصادق المصدوق قال : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله ملكا إليه في الطور الرابع حين يتكامل بنيانه وتتشكل أعضاؤه فيؤمر بأربع كلمات «يكتبها» ويقال له : اكتب عمله ورزقه وأجله ـ طويلا أو قصيرا ـ وشقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٢)

٢٦

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ) : أعرب في الآية الكريمة التاسعة. الرسول : مفعول به منصوب بالفتحة.

(فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ) : الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها. الفاء واقعة في جواب الشرط. قدموا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بقدموا وهو مضاف. يدي : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة ـ أصله : يدين ـ.

(نَجْواكُمْ صَدَقَةً) : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه ثالث والميم علامة جمع الذكور. صدقة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : قبل مسارتكم.

(ذلِكَ خَيْرٌ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. خير : خبر «ذلك» مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة ـ أصله : أخير ـ وهو ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعل ـ صيغة تفضيل وبوزن الفعل وبعد حذف الألف طلبا للفصاحة نون آخره بمعنى : ذلك التقديم خير لكم في دينكم.

(لَكُمْ وَأَطْهَرُ) : جار ومجرور متعلق بخير والميم علامة جمع الذكور. وأطهر : معطوف على «خير» مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل» صيغة تفضيل ومن وزن الفعل بمعنى وأطهر لكم في أنفسكم.

(فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا) : الفاء استئنافية. إن : حرف شرط جازم. لم : حرف نفي وجزم وقلب. تجدوا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون وهو فعل الشرط في محل جزم بلم. الواو ضمير متصل في محل رفع

٢٧

فاعل والألف فارقة وحذف مفعول الفعل اختصارا لأن ما قبله دال عليه بمعنى : فإن لم تجدوا ما تقدمونه فلا بأس عليكم ويجوز أن يكون جواب الشرط محذوفا تقديره : فلا بأس عليكم وتكون الفاء في «فإن الله» للتعليل.

(فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) : الجملة من «إن» مع اسمها وخبرها في محل جزم لأنها جواب شرط جازم مقترن بالفاء. الفاء واقعة في جواب الشرط. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. غفور رحيم : خبرا «إن» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة المنونة.

(أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١٣)

(أَأَشْفَقْتُمْ) : الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام. أشفقتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور بمعنى : أخفتم الفقر من تقديم الصدقات للفقراء قبل مناجاة الرسول؟

(أَنْ تُقَدِّمُوا) : حرف مصدري ناصب. تقدموا : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «تقدموا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به .. التقدير والمعنى : أخفتم تقديم صدقات؟

(بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة. صدقات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.

(فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) : الفاء استئنافية. إذ : ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بتقدموا وفيه معنى المجازاة. لم : حرف نفي وجزم وقلب. تفعلوا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف

٢٨

النون الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : فإن لم تفعلوا ما أمرتم به وشق عليكم .. والجملة الفعلية «لم تفعلوا ..» في محل جر بالإضافة أو بمعنى : فحين لم تفعلوا الصدقة.

(وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) : الواو عاطفة. تاب : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. عليكم : جار ومجرور متعلق بتاب والميم علامة جمع الذكور.

(فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) : الفاء واقعة في جواب «إذ». أقيموا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الصلاة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) : الجملتان الفعليتان معطوفتان بواوي العطف على جملة «أقيموا الصلاة» وتعربان إعرابها. ورسوله : الواو عاطفة. رسوله : مفعول به منصوب بالفتحة. والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.

(وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) : أعرب في الآية الكريمة الثالثة .. بمعنى : والله ذو خبرة بعملكم أو عليم بأعمالكم.

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (١٤)

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ) : أعرب في الآية الكريمة الثامنة بمعنى : ألم تنظر يا محمد إلى المنافقين وتعجب؟

(تَوَلَّوْا قَوْماً) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. قوما : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : اتخذوهم أولياء ..

(غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوما» وهم اليهود. غضب : فعل ماض مبني على الفتح. الله

٢٩

لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. عليهم : جار ومجرور متعلق بغضب و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى.

(ما هُمْ مِنْكُمْ) : الجملة في محل نصب بدل من جملة «غضب الله عليهم» أو تفسيرية لا محل لها. ما : نافية لا عمل لها. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. منكم : جار ومجرور متعلق بخبر «هم» المحذوف والميم علامة جمع الذكور.

(وَلا مِنْهُمْ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. منهم : معطوف على «منكم» و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن بمعنى : ما هم منكم أيها المؤمنون ولا هم منهم أي من اليهود بل هم متذبذبون فحذف المبتدأ «هم» لدلالة الأول عليه.

(وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ) : الواو عاطفة. يحلفون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجار والمجرور «على الكذب» متعلق بيحلفون. بمعنى : يقولون : والله إنا لمسلمون أي فيحلفون على الكذب الذي هو ادعاء الإسلام أو يكون الجار والمجرور متعلقا بحال من ضمير «يحلفون» بمعنى ويحلفون بالله كاذبين أي مدعين الإسلام.

(وَهُمْ يَعْلَمُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية «يعلمون» في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وحذف المفعول به اختصارا لأنه معلوم بمعنى : وهم يعلمون أن المحلوف عليه كذب.

(أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٥)

(أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ) : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. لهم : جار ومجرور متعلق بأعد.

(عَذاباً شَدِيداً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. شديدا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «عذابا» منصوب بالفتحة المنونة.

٣٠

(إِنَّهُمْ ساءَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب اسم «إن». ساء : فعل ماض مبني على الفتح لإنشاء الذم لأنه بحكم «بئس» ومعناه والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي ساء عملهم .. والجملة الفعلية «ساء عملهم» في محل رفع خبر «إن».

(ما كانُوا يَعْمَلُونَ) : نكرة تامة بمعنى «شيء» في محل نصب تمييز أي بئس شيئا. أو تكون «ما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل رفع فاعل «ساء». كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يعملون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «كانوا يعملون» صلة الموصول لا محل لها على الوجه الثاني من إعراب «ما» والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير : ما كانوا يعملونه. أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «كانوا يعملون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل «ساء» التقدير : ما أسوأ عملهم! وفي القول الكريم معنى التعجب من قبح أعمالهم وموالاتهم للأعداء.

(اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (١٦)

(اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أيمان : مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. جنة : مفعول به ثان منصوب باتخذوا المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : جعلوا أو صيروا أيمانهم التي حلفوا بها أو أيمانهم الذي أظهروه سترة يتسترون بها من قتلهم وأظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر.

٣١

(فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على جملة «اتخذوا» وتعرب مثلها. عن سبيل : جار ومجرور متعلق بصدوا وحذف مفعول «صدوا» اختصارا بمعنى : فصدوا الناس ويجوز أن يكون الفعل «صدوا» لازما بمعنى : فأعرضوا عن سبيل الله أي عن دينه. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.

(فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم محذوف. عذاب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. مهين : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع مثله بالضمة المنونة.

(لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (١٧)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة السادسة عشرة بعد المائة من سورة «آل عمران» بمعنى : لن تفيدهم أموالهم ولا أولادهم شيئا في دفع عذاب الله عنهم .. أولئك الموصوفون بهذه الصفات ..

(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ) (١٨)

(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بخالدين أو يكون مفعولا به منصوبا بفعل محذوف تقديره : اذكر. يبعث : فعل مضارع مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ والجملة الفعلية «يبعثهم الله جميعا» في محل جر بالإضافة.

(اللهُ جَمِيعاً) : لفظ الجلالة فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. جميعا : توكيد لضمير الغائبين «هم» أي كلهم ويجوز أن يكون حالا من ضمير الغائبين بمعنى : مجتمعين بمعنى يبعثهم من الموت ..

٣٢

(فَيَحْلِفُونَ لَهُ) : الفاء عاطفة. يحلفون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. له : جار ومجرور متعلق بيحلفون بمعنى : فيحلفون لله تعالى على أنهم مسلمون في الآخرة.

(كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ) : الكاف حرف جر للتشبيه. ما : مصدرية. يحلفون : أعربت. لكم : جار ومجرور متعلق بيحلفون والميم علامة جمع الذكور. والجملة الفعلية «يحلفون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالكاف والجار والمجرور متعلق بمفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف. التقدير فيحلفون له حلفا كحلفهم لكم بمعنى : كما يحلفون لكم في الدنيا على ذلك أو تكون الكاف اسما بمعنى «مثل» مبنيا على الفتح في محل نصب صفة للمصدر المحذوف بمعنى : يحلفون له حلفا مثل حلفهم لكم بأنهم منكم.

(وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يحلفون» وتعرب مثلها. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «أن» و «أن» وما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي الفعل.

(عَلى شَيْءٍ) : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» المحذوف بمعنى : أنهم على شيء من النفع من حلفهم يوم الحساب.

(أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ) : حرف استفتاح أو تنبيه. لا عمل له. إنهم : أعرب. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الكاذبون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والجملة الاسمية «هم الكاذبون» في محل رفع خبر «إن».

(اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ) (١٩)

٣٣

(اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ) : فعل ماض مبني على الفتح. على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق باستحوذ وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الشيطان : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى استولى عليهم الشيطان.

(فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ) : الفاء عاطفة. أنسى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول. ذكر : مفعول به ثان منصوب بأنسى المتعدي إلى مفعولين. الله : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.

(أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. والكاف حرف خطاب. حزب : خبر «أولئك» مرفوع بالضمة وهو مضاف. الشيطان : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : جنده وأتباعه أو يكون «حزب» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم. والجملة الاسمية «هم حزب الشيطان» في محل رفع خبر «أولئك».

(أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة و «حزب» اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الشيطان : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) (٢٠)

(إِنَّ الَّذِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن».

(يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : يعادون أصله : يحاددون فأدغمت الدال في الدال فحصل التشديد. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب

٣٤

الفتحة. الواو عاطفة. رسوله : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه.

(أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن». أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. الكاف حرف خطاب. في الأذلين : جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ المحذوف وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : في جملة من هم أذل خلق الله.

(كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (٢١)

(كَتَبَ اللهُ) : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة بمعنى : كتب سبحانه في اللوح أي قضى ..

(لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) : اللام لام التوكيد. أغلبن : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ونون التوكيد لا محل لها. أنا : ضمير منفصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع توكيد للمضمر في «أغلبن» الواو عاطفة. رسلي : معطوف على الضمير المضمر في «أغلبن» مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة أي الكسرة المجانسة للياء والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل جر مضاف إليه وحذف مفعول «أغلبن» اختصارا .. المعنى : لأغلبن بالحجة والسيف أو بأحدهما أعداء الحق ممن عادانا.

(إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. قوي عزيز : خبرا «إن» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة المنونة.

(لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ

٣٥

الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٢٢)

(لا تَجِدُ قَوْماً) : نافية لا عمل لها. تجد : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. قوما : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوما» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بالله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بيؤمنون.

(وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) : الواو عاطفة. اليوم : اسم مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بيؤمنون. الآخر : صفة ـ نعت ـ لليوم مجرور مثله وعلامة جره الكسرة.

(يُوادُّونَ مَنْ) : تعرب إعراب «يؤمنون» أو تكون في محل نصب مفعولا به ثانيا للفعل «تجد». من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول «يوادون» بمعنى : يتوددون.

(حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. الواو حرف عطف. رسوله : مفعول به منصوب بحاد وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه بمعنى من عاند الله ورسوله. أي لا يصح ولا يجوز ولا ينبغي لهم ذلك ولو كانوا آباءهم ..

(وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ) : الواو حالية. لو : مصدرية. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. آباء : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.

٣٦

والجملة الفعلية «كانوا آباءهم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «لو» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف بتقدير : حتى مع كونهم آباءهم والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من الضمير في «يوادون» التقدير : مفروضا كونهم آباءهم أو تكون «لو» بمعنى «إن» الوصلية وتكون جملة «كانوا آباءهم» في محل نصب حالا.

(أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) : أو : حرف عطف للتخيير .. وما بعده أسماء معطوفة على «آباءهم» وتعرب إعرابها.

(أُولئِكَ كَتَبَ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. كتب : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «كتب في قلوبهم الإيمان» في محل رفع خبر أولئك.

(فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) : جار ومجرور متعلق بكتب و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الإيمان : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى أثبته فيها ويجوز أن يكون الجار والمجرور «في قلوبهم» في محل نصب متعلقا بحال مقدمة من «الإيمان» أي أثبته كائنا في قلوبهم.

(وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «كتب» وتعرب مثلها. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. بروح : جار ومجرور متعلق بأيد بمعنى : بلطف منه أي من عنده حييت به قلوبهم. منه : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «روح» ويجوز أن يكون الضمير للإيمان أي بروح من الإيمان على أنه في نفسه روح لحياة القلوب فيه ويجوز أن يكون المراد بالكلمة : نور القلب بمعنى وقواهم بنور القلب أو بالقرآن.

(وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ) : الواو عاطفة. يدخل : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير

٣٧

الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول. جنات : مفعول به ثان منصوب بيدخل المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.

(تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ لجنات وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. من تحت : جار ومجرور متعلق بتجري أو بحال من «الأنهار» أي تجري الأنهار كائنة تحتها و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. الأنهار : فاعل مرفوع بالضمة.

(خالِدِينَ فِيها) : حال من ضمير الغائبين «هم» في «يدخلهم» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. فيها : جار ومجرور متعلق بخالدين.

(رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال ثانية وهي فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. عن : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق برضي.

(وَرَضُوا عَنْهُ) : الواو عاطفة. رضوا : فعل ماض مبني على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. عنه : جار ومجرور متعلق برضوا بمعنى : رضي الله عنهم بانقيادهم له سبحانه بالطاعة ورضوا عنه تعالى بقضائه.

(أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة التاسعة عشرة .. مع الفارق الواضح في المعنى. فهو يوافقه إعرابا فقط.

***

٣٨

سورة الحشر

معنى السورة : الحشر لغة : هو جمع الناس وسوقهم للحرب واصطلاحا دينيا : هو حشد الكافرين وغيرهم لمحاسبتهم على ما عملوا في دنياهم .. يقال : حشدت القوم ـ أحشدهم ـ حشدا .. من باب «قتل» وفي لغة من باب «ضرب .. بمعنى : جمعتهم ومثله الفعل «حشر» لغة ومعنى وبابا والفعل «حشد» يستعمل لازما ومتعديا وحشر من باب «قتل» وبه قرأ السبعة ويقال : الحشر مع سوق .. أما «المحشر» بفتح الميم والشين فهو موضع الحشر وبكسر الشين أيضا ومنه «يوم الحشر» وقال عكرمة في قوله تعالى : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) : حشرها : موتها. قال الجوهري : الحاشر : اسم من أسماء النبي عليه الصلاة والسلام. قال عليه الصلاة والسلام : «لي خمسة أسماء أنا محمد وأحمد والماحي يمحو الله بي الكفر والحاشر أحشر الناس على قدمي والعاقب» أما الفعل «حشد» فمن معانيه : اجتمع : يقال : حشدوا : بمعنى : اجتمعوا ومثله الفعلان احتشد وتحشد وهذه الأفعال لازمة غير متعدية وعند حشد من الناس : بمعنى جماعة وأصله المصدر.

تسمية السورة : سميت إحدى سور القرآن الكريم بالحشر لأهمية وهول وعظمة يوم القيامة وهو حشر الجن والإنس وجاء ذكر اللفظة في الآية الكريمة الثانية في قوله عزّ من قائل : «هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ..» صدق الله العظيم. والمراد بأهل الكتاب هنا ـ كما يقول المصحف المفسر ـ هم بنو النضير من اليهود كانوا قد عاهدوا النبي محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ على ألا يكونوا له وعليه. فلما انهزم المسلمون يوم أحد نكثوا عهدهم وذهب قائدهم كعب بن الأشرف إلى مكة وحالف قريشا على حرب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقاتلهم الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وانتصر عليهم وأجلاهم إلى سورية. ويوم الحشر : هو يوم البعث والمعاد.

فضل قراءتها : قال النبي محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «الحشر» غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وعن أبي هريرة ـ

٣٩

رضي الله عنه ـ قال : سألت حبيبي رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : عن اسم الله الأعظم؟ فقال : عليك بآخر الحشر فأكثر قراءته .. فأعدت عليه فأعاد علي فأعدت عليه فأعاد علي. وأخرج أحمد والترمذي عن معقل ابن يسار قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قال حين يصبح ثلاث مرات : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ ثلاث آيات من آخر سورة «الحشر» وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي وإن مات. في يومه مات شهيدا ومن قرأها حين يمسي فكذلك» قال الترمذي : حديث حسن غريب.

إعراب آياتها

(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١)

هذه الآية الكريمة أعربت في سورة «الحديد» الآية الأولى.

(هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) (٢)

(هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ) : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو». أخرج : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(الَّذِينَ كَفَرُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «أخرج الذين كفروا» صلة الموصول لا محل لها. كفروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «الذين» التقدير : حالة كونهم من أهل الكتاب و «من» حرف جر بياني. الكتاب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة والجملة

٤٠