إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤٩

إعراب آياتها

(إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١)

(إِنَّا أَرْسَلْنا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير الواحد المطاع ـ في محل نصب اسم «إن» وحذفت إحدى النونين تخفيفا. أرسلنا : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بالضمير «نا» و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) : مفعول به منصوب بالفتحة. إلى قومه : جار ومجرور متعلق بأرسلنا والهاء ضمير الغائب في محل جر مضاف إليه.

(أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ) : حرف مصدري. أنذر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. قومك : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه وجملة «أنذر قومك» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف بتقدير : بأن أنذر أي بإنذار أو يكون المصدر في محل نصب مفعولا به لأن الفعل تعدى إليه بعد حذف الباء بمعنى : أرسلناه بأن قلنا له أنذر ويجوز أن تكون «أن» حرف تفسير لا عمل له وجملة «أنذر قومك» مفسرة لا محل لها.

(مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ) : جار ومجرور متعلق بأنذر. أن : حرف مصدرية ونصب. يأتي : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم. وجملة «أن يأتيهم عذاب ..» بتأويل مصدر في محل جر بالإضافة. وجملة «يأتيهم عذاب» صلة حرف مصدري لا محل لها.

(عَذابٌ أَلِيمٌ) : فاعل مرفوع بالضمة. أليم : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى خوفهم عاقبة تماديهم في الباطل من قبل مجيئهم عذاب مؤلم إن لم يؤمنوا.

٣٢١

(قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٢)

(قالَ يا قَوْمِ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقدير هو. يا : أداة نداء. قوم : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة تجانس الياء ـ تناسبها ـ والياء المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة الدالة عليها ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى فقال لقومه يا قوم ..

(إِنِّي لَكُمْ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». لكم : جار ومجرور متعلق بنذير والميم علامة جمع الذكور أو يكون في محل نصب حالا مقدمة من «نذير» بمعنى : نذير لكم من عند الله و «إن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(نَذِيرٌ مُبِينٌ) : خبر «إن» مرفوع بالضمة. مبين : صفة ـ نعت ـ لنذير مرفوع مثله بالضمة المنونة أي نذير لكم من الله.

** (قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية أي قال نوح لقومه : يا قومي إني لكم من الله منذر أي مخوف من عقاب الله لكم إن لم تؤمنوا و «القوم» لفظ لا واحد له من لفظه .. جاء في الصحاح : القوم : هم الرجال دون النساء. قال زهير :

ما أدري ولست إخال أدري

أقوم آل حصن أم نساء

وقال : ربما دخل النساء في القوم على سبيل التبع في قوله تعالى في سورة «الحجرات» : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ ..) ولا نساء من نساء : صدق الله العظيم. لأن قوم كل نبي رجال ونساء. وجمعه : أقوام وجمع الجمع : أقاوم. والقوم : يذكر ويؤنث لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كان للآدميين يذكر ويؤنث مثل «الرهط» و «النفر» و «القوم» قال تعالى في سورة «الأنعام» : (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ) وقال في سورة «القمر» : (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ) وعلى ذكر «الرهط» يقال : رهط الرجل : هم قومه وقبيلته ومنه القول : ارتهط القوم : بمعنى : اجتمعوا. وجمعه : أرهط وأرهاط وجمع الجمع : أراهط وأراهيط أما كون اللفظ يشير إلى الجمع فهو كقوله تعالى في سورة «النمل» : (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ) فجمع وليس لهم واحد من لفظهم أي وكان في المدينة تسعة رجال أو أشخاص أو أنفس. وقيل : إن «الرهط» بمعنى : الجماعة وهو من الثلاثة إلى السبعة أو من السبعة إلى العشرة أو من الثلاثة إلى العشرة. وإذا أضيف إليه عدد ـ كما في الآية الكريمة ـ كان معناه : النفس أو الشخص وإنما جاز تمييز الرهط أي تمييز التسعة به لأنه في معنى الجماعة. والفرق بين

٣٢٢

«الرهط والنفر .. أن الرهط من الثلاثة إلى العشرة أو من السبعة إلى العشرة ـ كما ذكر ـ وأما «النفر» فهو من الثلاثة إلى التسعة. وقيل : هم جماعة الرجال من ثلاثة إلى عشرة وقيل : إلى سبعة.

** (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة .. و «من» هنا زائدة أو تبعيضية .. وثمة خلاف حولها بين علماء اللغة إذ يراها الأخفش والكسائي وغيرهما زائدة في حين يراها سيبويه والزمخشري وغيرهما للتبعيض. فعلى الرأي الأول يكون التقدير يغفر لكم ذنوبكم .. وعلى الرأي الثاني يغفر لكم بعض ذنوبكم لأن الغفران لا يكون لكل الذنوب.

** (قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة. أي قال نوح يا رب إني دعوت قومي على مدار الساعة إلى الإيمان وطاعتك وحذفت أداة النداء تعظيما وإجلالا .. والفعل يأتي ـ أي «دعوت» فعل تضرع ودعاء .. نحو دعوت الله ربي .. ويا ربي ارحمني .. والفعل فعل تضرع ودعاء لأنه صادر من العبد إلى ربه .. وقيل : الأمر لمن دونك والدعاء لمن أنت دونه .. فيقال : سألت أخي .. وأمرت ابني ودعوت ربي .. بمعنى : ابتهلت إليه بالسؤال ورغبت فيما عنده من الخير .. ويقال : دعا المؤذن الناس إلى الصلاة فهو داعي الله والجمع : دعاة وداعون ـ جمع تكسير وجمع مذكر سالم ـ والنبي داعي الخلق إلى التوحيد. والقول «ابتهل إلى الله» معناه : ضرع إليه سبحانه أي ذل وخضع فهو ضارع.

** (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الرابعة عشرة .. المعنى : تارات .. أي خلقكم أولا ترابا ثم خلقكم نطفا ـ جمع نطفة ـ ثم خلقكم علقا ـ جمع علقة ـ ثم خلقكم عظاما ولحما ثم أنشأكم. يقال : فعل ذلك طورا بعد طور : أي مرة بعد مرة وهو بفتح الطاء والطور أيضا : الحال والهيئة وجمعه : أطوار .. ويقال : تعدى طوره : بمعنى : حاله التي تليق به.

** (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة عشرة .. الضوء والنور : كلمتان مترادفتان لمعنى واحد .. وقد رجح بعض اللغويين أن الضوء أقوى وأسطع من النور .. والضوء : هو ما يشع بذاته كضوء الشمس والنار أما «النور» فهو مكتسب من جسم آخر كنور القمر ومما يؤكد صحة أن «الضوء» أقوى من «النور» قوله تعالى في سورة «يونس» : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) ومثله أيضا الآية الكريمة المذكورة في سورة «نوح» أي جعل أهل الدنيا يبصرون في ضوء الشمس كما يبصر أهل البيت في ضوء السراج ما يحتاجون إلى إبصاره. و «ضياء» منقلبة عن واو «ضوء» لكسرة ما قبلها قال الشاعر :

فوجهك كالشمس في ضوئها

وقلبي كالنار في حرها

والقمر ليس كذلك إنما هو نور لم يبلغ قوة ضوء الشمس .. يقال : أضاء القمر إضاءة : بمعنى : أنار وأشرق والاسم منه هو الضياء .. وضاء القمر ـ يضوء ـ ضوءا : بمعنى : أنار وأشرق أيضا .. فالفعل الرباعي «أضاء» يأتي لازما .. نحو : أضاء القمر ومتعديا إلى مفعوله نحو : أضاء الرجل المصباح أي أناره أو جعله ينير. فالرجل اسم فاعل والمصباح مضاء ـ اسم مفعول ـ على المعنى أما على اللفظ فهو مضيء. والقمر اسم فاعل «منير».

** (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة عشرة .. و «نباتا» مصدر منصوب بأنبت لتضمنه معنى «نبتم» لتقارب المعنى على معنى : أنبتكم فنبتم نباتا أو

٣٢٣

يكون نائبا عن المصدر المؤكد لعامله لأنه ملاقيه في الاشتقاق أو هو اسم للمصدر أقيم الاسم مقام المصدر لأن المصدر إذا كان لأفعل فاسم المصدر : فعال. والمعنى : أنشأكم منها فاستعير الإنبات للإنشاء لأنه أدل على التكوين من الأرض.

** (وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً ..) وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا : هذا القول الكريم هو نص الآيتين الكريمتين الثانية والعشرين والثالثة والعشرين. و «كبارا» مبالغة في الكبر أي مكر الرؤساء بتحريض السفلة على قتل نوح ـ عليه‌السلام ـ مكرا عظيما أي مفرطا في الكبر والضمير في «مكروا» يعود على «من» في الآية الكريمة السابقة (وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً) وجاء بصيغة المفرد في «يزده ماله» على لفظ «من» وفي صيغة الجمع في «مكروا» على معنى «من» لأن «من» مفرد لفظا مجموع معنى. وحذف مفعول «تذرن» اختصارا المعنى ولا تذرن عبادة آلهتكم ولا تذرن عبادة ود .. وبعد حذف المفعول المضاف «عبادة» أقيم المضاف إليه «آلهتكم» و «ود» والأسماء بعده مقامه فانتصبت «آلهتكم» على المفعولية كما انتصبت الأسماء الأخرى أيضا على المفعولية .. والأسماء «ودا» وما بعده هي أسماء لأصنام شأنها في ذلك شأن : اللات والعزى ومناة الثالثة فهي أسماء أصنام كانت لقريش .. وكأن هذه الأصنام أو المسميات كانت أكبر أصنامهم وأعظمها عندهم فخصوها بعد قولهم : «لا تذرن آلهتكم» فقد انتقلت هذه الأصنام عن قوم «نوح» عليه‌السلام ـ إلى العرب .. فكان «ود» على صورة رجل وهو صنم لكلب .. و «سواع» على صورة امرأة ـ وهو صنم لهذيل ـ أو همدان ـ و «يغوث» على صورة أسد ـ صنم لمذحج .. أو لغطيف عند سبأ ـ و «يعوق» على صورة فرس ـ صنم لهمدان «لمراد» و «نسرا» لحمير .. وهي أصنام لآبائهم .. ولذلك سمت العرب بعبد ود وعبد يغوث قال الزمخشري : وقيل : هي أسماء رجال صالحين. وقيل : من أولاد آدم ماتوا فقال إبليس لمن بعدهم : إنهم كانوا يعبدونهم فعبدوهم. وقرأ الأعمش : ولا يغوثا ويعوقا وقرئ ودا ـ بضم الواو ـ قال الزمخشري : قراءة الأعمش قراءة مشكلة لأنهما إن كانا عربيين أو أعجميين ففيهما سببان لمنع الصرف. إما التعريف ووزن الفعل وإما التعريف والعجمة ولعله قصد الازدواج فصرفهما لمصادفته أخواتهما منصرفات «ودا» و «سواعا» و «نسرا» و «النسر» هو طائر معروف وجمعه : أنسر ونسور حاد البصر .. ومن أشد الطيور وأرفعها طيرانا وأقواها جناحا .. تخافه كل الجوارح وهو أعظم من العقاب له منقار متعقف في طرفه وله أظفار ولكنه لا يقوى على جمعها وحمل فريسته بها كما يفعل العقاب بمخالبه. وكنيته : أبو الأبرد وأبو الإصبع وأبو مالك وأبو يحيى .. وأنثاه يقال لها : أم قشعم. و «النسر» أيضا : كوكب وهما اثنان يقال لأحدهما : النسر الطائر وللآخر : النسر الواقع .. ويجمع النسر جمع قلة على «أنسر» وجمع كثرة على «نسور» مثل «أشهر» و «شهور» ويقال : إن النسر لا مخلب له وإنما له ظفر كظفر الدجاجة.

(أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ) (٣)

(أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) : يعرب إعراب «أن أنذر قومك» على الوجهين وكسر نون «أن» لالتقاء الساكنين وعلامة بناء «اعبدوا» حذف النون لأن مضارعه من

٣٢٤

الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : بأن اعبدوا الله وحده.

(وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ) : معطوفتان بواوي العطف على «اعبدوا» وتعربان إعرابها والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. النون : نون الوقاية وحذفت الياء ـ ضمير المتكلم ـ خطا واختصارا ومراعاة لفواصل الآي ـ رءوس الآيات ـ وبقيت الكسرة دالة على الياء والياء المحذوفة ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به.

(يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٤)

(يَغْفِرْ لَكُمْ) : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب ـ الأمر ـ بتقدير : فإن فعلتم ذلك أي فإن عبدتم الله واتقيتموه يغفر لكم. وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. لكم : جار ومجرور متعلق بيغفر والميم علامة جمع الذكور.

(مِنْ ذُنُوبِكُمْ) : جار ومجرور متعلق بيغفر. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور وحذف مفعول «يغفر» لأن «من» التبعيضية دالة عليه بمعنى يغفر لكم بعض ذنوبكم لأن الغفران لا يكون لكل الذنوب أو تكون «من» حرف جر زائدا .. و «ذنوبكم» مفعول «يغفر» أي مجرورا لفظا منصوبا محلا بيغفر.

(وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يغفر» وتعرب إعرابها. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. بمعنى : ويؤخر أعماركم أو ويبقيكم. إلى أجل : جار ومجرور متعلق بيؤخر. مسمى : صفة ـ نعت ـ لأجل مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المقدرة للتعذر على الألف قبل تنوينها ونون آخر الكلمة لأنها اسم مقصور خماسي نكرة بمعنى : إلى ميعاد أو أمد مقدر لكم.

٣٢٥

(إِنَّ أَجَلَ اللهِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. أجل : اسم «إن» منصوب بالفتحة. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.

(إِذا جاءَ) : الجملة الشرطية مع الجواب في محل رفع خبر «إن». إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون في محل نصب خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط. جاء : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجملة «جاء» في محل جر بالإضافة ويجوز أن تكون «إذا» ظرف زمان بمعنى «حين» و «جاء» للمستقبل بمعنى «يجيء» فتكون جملة «لا يؤخر» على هذا التقدير في محل رفع خبر «إن».

(لا يُؤَخَّرُ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. لا : نافية لا عمل لها. يؤخر : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقدير هو.

(لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) : حرف امتناع لامتناع ـ أداة شرط غير جازمة. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. تعلمون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وحذف مفعول «تعلمون» اختصارا لأنه معلوم بمعنى لو كنتم تعلمون ذلك وجواب «لو» محذوف. التقدير لو كنتم تعلمون ذلك لما عبدتم غير الله.

(قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً) (٥)

(قالَ رَبِّ إِنِّي) : يعرب إعراب «قال يا قوم إني» في الآية الكريمة الثانية وأصله : يا رب. حذفت أداة النداء تعظيما وإجلالا واكتفاء بالمنادى سبحانه. والجملة المؤولة بعده «إني دعوت قومي» في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية «دعوت قومي» في محل رفع خبر «إن».

٣٢٦

(دَعَوْتُ قَوْمِي) : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل. قومي : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة أي كسرة تجانس الياء وتناسبها والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة.

(لَيْلاً وَنَهاراً) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة المنونة متعلق بدعوت. ونهارا : معطوف بالواو على «ليلا» ويعرب إعرابه بمعنى : دعوتهم إلى الإيمان.

(فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاَّ فِراراً) (٦)

(فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي) : الفاء استئنافية. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يزد : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. دعائي : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها حركة تجانس الياء والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة.

(إِلَّا فِراراً) : أداة حصر لا عمل لها. فرارا : مفعول به ثان منصوب بيزد وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي إلا هربا أي فلم يزدهم دعائي لهم إلى الإيمان إلا فرارا ـ هربا ـ مني. وحذفت الياء لأن أصله : يزيد لالتقاء الساكنين.

(وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) (٧)

(وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن» وكسر آخر «إن» لحذف نون الوقاية تخفيفا فأتبع كسرة تجانس الياء والجملة الشرطية من فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «إن». كل : اسم منصوب على نيابة الظرفية متعلق بشبه جواب الشرط «جعلوا» وهو مضاف و «ما» مصدرية. وجملة «دعوتهم» صلة حرف مصدري لا محل لها

٣٢٧

و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر مضاف إليه. و «كلما» بهذا التركيب نائبة عن الظرف متضمنة شبه معنى الشرط. دعوت : أعربت في الآية الخامسة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به.

(لِتَغْفِرَ لَهُمْ) : اللام حرف جر للتعليل. تغفر : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بتغفر. وجملة «تغفر لهم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بدعوت بمعنى : ليتوبوا عن كفرهم فتغفر لهم خطاياهم وذنوبهم.

(جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ) : الجملة الفعلية لا محل لها لأنها مشبهة لجواب الشرط وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى وضعوا. أصابع : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه أي سدوها عن السماع.

(فِي آذانِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بجعلوا و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.

(وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «وضعوا أصابعهم» وتعرب إعرابها بمعنى وتغطوا بثيابهم حتى لا يسمعوا.

(وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) : تعربان إعراب «استغشوا». استكبارا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : وأصروا على كفرهم واستكبروا عن سماع النصيحة استكبارا وفيه أي في المصدر معنى التوكيد على فرط عتوهم. أي وغطوا بثيابهم وجوههم كراهة النظر إلي والاستماع مني.

(ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً) (٨)

٣٢٨

(ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ) : حرف عطف يدل على التراخي أي على تباعد الأحوال بين الدعوات. إني دعوت : أعرب في الآية الكريمة الخامسة والقول الكريم معطوف على «إني دعوت» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به.

(جِهاراً) : مصدر فيه معنى التوكيد منصوب بدعوتهم نصب المصدر وعلامة نصبه الفتحة المنونة لأن الدعاء أحد نوعيه : الجهار أو لأنه أراد بدعوتهم : جاهرتهم أو يكون صفة لمصدر «دعا» أو يكون مصدرا في موضع الحال بمعنى : مجاهرا بمعنى : ثم إني دعوتهم إلى الإيمان بك إلهي بصوت عال.

(ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً) (٩)

الآية الكريمة معطوفة على الآية الكريمة الخامسة وتعرب إعرابها. لهم : جار ومجرور متعلق بأعلنت و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور «لهم» الثاني متعلق بأسررت. أسررت لهم. معطوفة بالواو على «أعلنت لهم» وتعرب إعرابها بمعنى : دعوتهم علانية ثم دعوتهم في السر لأن «أسررت» بمعنى : أخفيت وفاتحتهم سرا. إسرارا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) (١٠)

(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) : معطوفة بالفاء على «دعوت» وتعرب إعرابها. استغفروا : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ربكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور.

(إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». كان : فعل ماض ناقص مبني على

٣٢٩

الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. غفارا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وجملة «كان غفارا» في محل رفع خبر «إن».

(يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) (١١)

(يُرْسِلِ السَّماءَ) : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الأمر «استغفروا» وعلامة جزمه السكون الذي حرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الرب سبحانه. السماء : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : المطر أو السحاب عليكم.

(عَلَيْكُمْ مِدْراراً) : جار ومجرور متعلق بيرسل والميم علامة جمع الذكور. مدرارا : حال من «السماء» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : كثير الدرور وجاءت الكلمة على التذكير على معنى : المطر.

(وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً) (١٢)

(وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ) : معطوفة بالواو على «يرسل» وتعرب إعرابها وعلامة جزم الفعل السكون. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. بأموال : جار ومجرور متعلق بيمدد.

(وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ) : معطوفة على «أموال» مجرورة مثلها بالباء وعلامة جرها الياء لأنها ملحقة بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد. ويجعل : معطوفة بالواو على جملة «يمدد» وتعرب إعرابها.

(لَكُمْ جَنَّاتٍ) : جار ومجرور متعلق بيجعل والميم علامة جمع الذكور. جنات : مفعول به منصوب بالكسرة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.

(وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً) : معطوفة بالواو على جملة «ويجعل لكم جنات» وتعرب مثلها وعلامة نصب المفعول به الفتحة المنونة.

(ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً) (١٣)

٣٣٠

(ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ) : اسم استفهام يفيد الإنكار مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. لكم : جار ومجرور متعلق بخبر «ما» المحذوف والميم علامة جمع الذكور بمعنى : أي غرض لكم. لا : نافية لا عمل لها. ترجون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «لا ترجون ..» في محل نصب حال بمعنى : لا تأملون أو لا تخافون عظمة الله .. وعند الأخفش : لا تخافون لله عظمة.

(لِلَّهِ وَقاراً) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بترجون. وقارا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : توقيرا أي تعظيما ولله : بيان للموقر وليس صلة للوقار لأنه تقدم عليه أي ما لكم لا تكونون على حال تأملون فيها تعظيم الله إياكم في دار الثواب؟

(وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) (١٤)

(وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) : الواو حالية والجملة الفعلية في محل نصب حال. قد : حرف تحقيق. خلقكم : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. أطوارا : حال من ضمير المخاطبين في «خلقكم» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : تارات .. أو طورا بعد طور.

(أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) (١٥)

(أَلَمْ تَرَوْا) : الألف ألف استفهام لفظا ومعناه التقرير. لم : حرف نفي وجزم وقلب. تروا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى انظروا ..

(كَيْفَ خَلَقَ اللهُ) : الجملة في محل نصب مفعول به. كيف : اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال. خلق : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.

٣٣١

(سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. سماوات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. طباقا : صفة ـ نعت ـ لسبع منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المنونة .. بمعنى : طبقات ـ جمع طبقة ـ أي كل سماء كالطبق للأخرى أي بعضها فوق بعض.

(وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) (١٦)

(وَجَعَلَ الْقَمَرَ) : الواو عاطفة. جعل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. القمر : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مفعول به أول لأن الفعل «جعل» بمعنى «صير» يتعدى إلى مفعولين.

(فِيهِنَّ نُوراً) : حرف جر و «هن» ضمير الإناث عائد على «السموات» مبني على الفتح في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «نورا» فقدم عليه فصار محله النصب على الحالية وقيل : في : بمعنى : مع .. عند الكوفيين بمعنى : معهن. نورا : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) : معطوفة بالواو على «جعل القمر نورا» وتعرب إعرابها و «سراجا» بمعنى : ضياء.

(وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) (١٧)

(وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ) : الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. أنبتكم : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.

(مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) : جار ومجرور متعلق بأنبت. نباتا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بأنبت لتضمنه معنى «نبتم» لتقارب المعنى وعلامة نصبه الفتحة المنونة على معنى : أنبتكم فنبتم نباتا أو يكون نائبا عن المصدر

٣٣٢

المؤكد لعامله لأنه ملاقيه في الاشتقاق أو هو اسم للمصدر أقيم الاسم مقام المصدر لأن المصدر إذا كان لأفعل فاسم المصدر : فعال.

(ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً) (١٨)

(ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها) : حرف عطف. يعيدكم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. فيها : جار ومجرور متعلق بيعيد. أو بحال محذوف. أي في الأرض بمعنى : مقبورين. و «في» بمعنى : إلى أن يعيدكم إلى الأرض.

(وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يعيدكم» وتعرب إعرابها بمعنى ثم يخرجكم يوم القيامة. إخراجا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وتأكيد الإخراج بالمصدر بمعنى : حقا لا محالة.

(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً) (١٩)

(وَاللهُ جَعَلَ) : الواو عاطفة. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. جعل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجملة «جعل ..» في محل رفع خبر المبتدأ بمعنى : صير.

(لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً) : مفعولا «جعل» منصوبان وعلامة نصب الأول الفتحة والثاني الفتحة المنونة والجار والمجرور «لكم» متعلق بجعل أو بحال مقدمة من «بساطا» والميم علامة جمع الذكور.

(لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً) (٢٠)

(لِتَسْلُكُوا مِنْها) : اللام حرف جر ـ لام التعليل ـ تسلكوا : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. منها : جار ومجرور متعلق بتسلكوا وجملة «تسلكوا منها سبلا ..» صلة حرف مصدري لا محل لها

٣٣٣

و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بجعل أو في محل نصب مفعول لأجله.

(سُبُلاً فِجاجاً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. فجاجا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «سبلا» منصوب مثله بالفتحة المنونة بمعنى : طرقا واسعة منفجة جمع «فج».

(قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً) (٢١)

(قالَ نُوحٌ رَبِ) : أعرب في الآية الكريمة الخامسة. نوح : فاعل مرفوع بالضمة المنونة.

(إِنَّهُمْ عَصَوْنِي) : الجملة المؤولة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب اسم «إن». عصوني : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون نون الوقاية. والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به بمعنى لم يجيبوا دعوتي.

(وَاتَّبَعُوا مَنْ) : معطوفة بالواو على «عصوا» وتعرب إعرابها. من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يزده : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره وأصله : يزيده .. حذفت الياء تخفيفا وتخلصا من التقاء الساكنين والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به مقدم. ماله : فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه.

(وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً) : معطوف بالواو على «ماله» ويعرب مثله. إلا : أداة حصر لا عمل لها. خسارا : مفعول به ثان منصوب بيزد وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : إلا هلاكا في الآخرة.

٣٣٤

(وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً) (٢٢)

(وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً) : معطوفة بالواو على «يزده» وتعرب إعراب «اتبعوا» والضمير راجع إلى «من» وجاء بصيغة الجمع لأن «من» مفرد لفظا بمعنى الجمع. مكرا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. كبارا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «مكرا» منصوب مثله بالفتحة المنونة بمعنى مكرا عظيما أي مفرطا في الكبر وفي التشديد مبالغة.

(وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) (٢٣)

(وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ) : الواو عاطفة. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. لا : ناهية جازمة. تذرن : فعل مضارع مبني على حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة في محل جزم بلا الناهية. وسبب بنائه على حذف النون اتصاله بنون التوكيد الثقيلة وواو الجماعة المحذوفة لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد الثقيلة في محل رفع فاعل ونون التوكيد لا محل لها بمعنى لا تتركن. وهذا الفعل لا ماضي له وجملة «لا تذرن آلهتكم» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ آلهتكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور وهو قول الماكرين «الرؤساء ـ لهم أي لا تتركوا آلهتكم إلى عبادة رب نوح. أي ولا تتركوا عبادة آلهتكم ولا تتركوا عبادة ود.

(وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا) : معطوفة بالواو على «لا تذرن» وتعرب إعرابها. ودا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.

(وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) : هذه الأسماء ـ أسماء الأصنام ـ معطوفة بواو العطف على «ودا» منصوبة مثله وتعرب إعرابه. و «لا» زائدة للتوكيد. ومنع «يغوث» و «يعوق» من الصرف ـ التنوين ـ للتعريف ووزن الفعل أي لأنهما يشبهان الفعل المضارع.

٣٣٥

(وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً) (٢٤)

(وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً) : الواو حالية والجملة الفعلية في محل نصب حال. قد : حرف تحقيق. أضلوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. كثيرا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والضمير في «أضلوا» للرؤساء أي أضل الرؤساء كثيرا من المتمسكين بعبادة الأصنام ويجوز أن تكون «كثيرا» صفة نائبة عن المصدر المحذوف بتقدير : وقد أضلوا بإضلالهم إضلالا كثيرا أو يكون الضمير للأصنام بمعنى أضلوا كثيرا من الناس.

(وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ) : الواو عاطفة. لا : للدعاء بصيغة النهي والعطف على قوله «إنهم عصوني» على حكاية كلام نوح ـ عليه‌السلام ـ بعد «قال» وبعد الواو النائبة عنه ومعناه : قال ربي إنهم عصوني وقال : لا تزد الظالمين إلا ضلالا. والجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ تزد : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين وحذفت الياء تخفيفا وتخلصا من التقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. الظالمين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي المشركين.

(إِلَّا ضَلالاً) : أداة حصر لا عمل لها. ضلالا : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً) (٢٥)

(مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا) : أصلها : من : حرف جر للتعليل بمعنى اللام أي بسبب و «ما» المدغمة زائدة للتوكيد. خطيئات : اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه والجار والمجرور متعلق بأغرقوا بمعنى من أجل خطيئاتهم. أغرقوا : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو

٣٣٦

ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة بمعنى : أغرقهم الله بالطوفان في الدنيا.

(فَأُدْخِلُوا ناراً) : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء للتعقيب على جملة «أغرقوا» وتعرب إعرابها. نارا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.

(فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ) : الفاء حرف عطف. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يجدوا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيجدوا أي لم يجدوا لهم من يحميهم من العذاب ونكرت «نار» لتعظيمها أو أعد الله لهم نارا معينة.

(مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً) : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «أنصارا». الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر : الكسرة. أنصارا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى فلم يجدوا لهم من دون الله آلهة ينصرونهم أو يمنعونهم من عذاب الله وفي القول الكريم تهكم بهم باتخاذهم آلهة من دون الله.

(وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٢٦)

(وَقالَ نُوحٌ رَبِ) : معطوف بالواو على بداية الآية الكريمة الحادية والعشرين ويعرب مثله والجملة بعده «لا تذر ..» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول.

(لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ) : حرف دعاء وتضرع بصيغة نهي. تذر : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. على الأرض : جار ومجرور متعلق بتذر بمعنى : لا تدع ..

(مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة مقدمة من «ديارا» في محل نصب حال وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. ديارا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : لا تترك أحدا من أصحاب الدور.

٣٣٧

(إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً) (٢٧)

(إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن» والجملة الشرطية من فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «إن». إن : حرف شرط جازم. تذر : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به بمعنى إن تدعهم أحياء.

(يُضِلُّوا عِبادَكَ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها. يضلوا : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. عبادك : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.

(وَلا يَلِدُوا إِلَّا) : معطوفة بالواو على «يضلوا» وتعرب إعرابها. لا : نافية لا عمل لها. إلا : أداة حصر لا عمل لها أي من ذرياتهم.

(فاجِراً كَفَّاراً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. كفارا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «فاجرا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة و «كفارا» من صيغ المبالغة ـ فعال بمعنى فاعل ـ أي كثير الكفران.

(رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَباراً) (٢٨)

(رَبِّ اغْفِرْ لِي) : أعرب. اغفر : فعل تضرع ودعاء بصيغة طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. لي : جار ومجرور متعلق باغفر بمعنى اغفر لي ذنوبي أو خطاياي.

(وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ) : جار ومجرور معطوف بإعادة حرف الجر على ضمير المتكلم ـ الياء في «لي» وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى وحذفت النون ـ أصله : والدين ـ للإضافة والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم في

٣٣٨

محل جر مضاف إليه والجار والمجرور متعلق باغفر. الواو عاطفة. اللام حرف جر. من : اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق باغفر. دخل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(بَيْتِيَ مُؤْمِناً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة تجانس الياء والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة. مؤمنا : حال من ضمير «دخل» منصوب بالفتحة المنونة والجملة الفعلية «دخل بيتي مؤمنا» صلة الموصول لا محل لها أي دخل منزلي أو مسجدي مؤمنا.

(وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) : جار ومجرور معطوف بواو العطف بإعادة حرف الجر اللام على «لي» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والمؤمنات : معطوف بالواو على «المؤمنين» مجرور مثله وعلامة جره الكسرة.

(وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الرابعة والعشرين بمعنى : إلا هلاكا.

***

٣٣٩

سورة الجن

معنى السورة : الجن : هو خلاف «الإنسان». والجان : هو الواحد من «الجن» وقيل : الواحد : جني. و «الجن» ضد «الإنس» قيل : سميت بذلك لأنها تتقى ولا ترى. وقد جمع الله تعالى بين الإنس والجن بلفظ «الثقلان» في سورة «الرحمن» في قوله ـ عزّ من قائل : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) صدق الله العظيم. وقد اختلف الناس في «الجن» فمن قائل : إنه لا جن وإنما كل ما يتصل بنا من العالم الروحي ـ الروحاني ـ فهو من الأرواح الآدمية ومن قائل : إنهم عالم قائم بذاته ويفهم من روح القرآن الكريم تأييده لهذا الرأي. وكان نفر ـ جماعة ـ من المشركين في عصر الجاهلية قبل الإسلام يعتقدون بالجن .. وسمي «الجن» ناسا كما سموا رجالا. قال تعالى : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ) أي يستجيرون بهم. وكانت العرب تقول : رأيت ناسا من الجن. ولكنه ـ أي ناسا ـ غلب استعماله في الإنس.

تسمية السورة : سمى الله تعالى إحدى سور القرآن الكريم بسورة «الجن» وقد ضمنها ذكر «الجن» ثلاث مرات .. قال تعالى في الآية الكريمة الأولى من هذه السورة الشريفة : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وقد وردت هذه اللفظة اثنتين وعشرين مرة منها ثلاث مرات في سورة «الجن» وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : إن نافع بن الأزرق سأله : هل تحت الأرضين خلق؟ قال : نعم. قال : فما الخلق؟ قال : إما ملائكة أو جن. وكلمة «نفر من الجن» في الآية الكريمة المذكورة .. المراد بها : جماعة من الجن. وقيل : كانوا من الشيصبان وهم أكثر الجن عددا .. وعامة جنود إبليس منهم.

فضل قراءة السورة : قال الرسول الجليل محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «الجن» كان له بعدد كل جني صدق محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وكذب به عتق رقبة» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

٣٤٠