إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤٩

(فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) : جار ومجرور متعلق بإطعام. ذي : صفة ـ نعت ـ ليوم مجرور مثله وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. مسغبة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : ذي مجاعة وقحط.

(يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ) (١٥)

(يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ) : مفعول به منصوب بالمصدر «إطعام» وعلامة نصبه الفتحة المنونة لأن المصدر يعمل عمل فعله ـ عند البصريين ـ وعند الكوفيين منصوب بأن يطعم يتيما أي بمشتق من المصدر. ذا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «يتيما» منصوب مثله وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. مقربة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : ذا قرابة أو نسب له.

(أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) (١٦)

الآية الكريمة معطوفة بأو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها بمعنى : ذا فقر لا يملك شيئا.

(ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) (١٧)

(ثُمَّ كانَ) : حرف عطف بمعنى : الواو هنا أي وكان. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) : حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بخبر «كان» المحذوف. آمنوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وجملة «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها.

(وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) : معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب إعرابها وأصله : تواصيوا .. حذفت الياء لسكونها وسكون الواو. بالصبر : جار ومجرور متعلق بتواصوا. بمعنى : أوصى بعضهم بعضا بالصبر على الطاعة.

٦٢١

(وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) : معطوفة بالواو على «تواصوا بالصبر» وتعرب إعرابها أي بالرحمة ولم يقل بالرحمة مجاراة لرءوس الآيات.

(أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) (١٨)

(أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. والكاف حرف خطاب. أصحاب : خبر مبتدأ محذوف تقديره هم. والجملة الاسمية «هم أصحاب الميمنة» في محل رفع خبر «أولئك». الميمنة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : أولئك الموصوفون بهذه الصفات أصحاب اليمين وهم أصحاب الجنة أو أصحاب اليمن.

(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ) (١٩)

(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا) : الواو عاطفة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجار والمجرور «بآيات» متعلق بكفروا و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.

(هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «الذين» وتعرب اعراب «هم أصحاب الميمنة» بمعنى هم أصحاب النار أو أصحاب الشؤم. و «المشأمة» أي أصحاب الشمال الذين يأخذون صحيفة عملهم بشمائلهم ـ جمع شمال ـ.

(عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ) (٢٠)

(عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ) : حرف جر «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم محذوف. نار : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. مؤصدة : صفة ـ نعت ـ لنار مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة المنونة والجملة الاسمية «عليهم نار مؤصدة» في محل رفع بدل من «هم أصحاب المشأمة» أو خبر ثان للمبتدإ «الذين» بمعنى : عليهم نار مطبقة ـ مغلقة ـ عليهم واللفظة اسم مفعول. من أوصد الباب : أي أغلقه.

٦٢٢

سورة الشمس

معنى السورة : الشمس : هي الكوكب المعروف وهي لفظة مؤنثة واحدة الوجود في الكواكب ليس لها ثان .. ولهذا لا تثنى ولا تجمع .. أما إذا جمعوها على شموس فكأنهم جعلوا كل ناحية منها شمسا .. وقد سموا بعبد شمس بإضافة الأول إلى الثاني وقيل : شمس هنا : صنم قديم وقد تسموا به قديما وأول من سمي به هو سبأ بن يشجب. قاله ابن الكلبي .. كما تسموا بعبد ود وعبد الدار .. وعبد يغوث .. ومنه قيل : شمس الكافر : أي عبد الشمس. وشمس يومنا يشمس ـ شمسا .. من باب «نصر» فهو شامس : أي صار ذا شمس ومثله أشمس يومنا فهو مشمس ـ اسم فاعل ـ وهذا شيء مشمس ـ اسم مفعول بمعنى : عمل في الشمس ويكون «شمس» أيضا من باب «ضرب» ويقال : أشمس يومنا يعني أيضا اشتدت شمسه أو ظهرت.

تسمية السورة : كرم الله تعالى «الشمس» لعظمها وفائدتها فسميت إحدى سور الكتاب الكريم بها وفي الحديث : لما رأى الشمس قد وقبت قال : هذا حين حلها : يعني صلاة المغرب. ووقوب الشمس : هو دخولها في الخسوف. وقالت العرب : الشمس أرحم بنا .. ويعني أنها دثارهم في الشتاء. وفي قولنا شرقت الشمس ـ تشرق ـ شرقا ـ من باب «نصر» وشروقا ـ من باب «دخل» بمعنى : طلعت .. وأشرقت إشراقا : بمعنى : أضاءت. كما نقول أشرق وجه الرجل : أي أضاء وتلألأ حسنا. ويسمى نور الشمس الباردة عند الغروب سهاما ـ بضم السين وهو أيضا شعاعها الناصع المضيء .. أما «سهام» بكسر السين فهو جمع «سهم» أي القوس والسهام ـ بفتح السين ـ هو الحر الشديد .. حر السموم .. وهج الصيف .. ويستحسن أن يضم سين «سهام» ليدل بالاسم على شعاع الشمس وهو من المعاني الجميلة.

٦٢٣

فضل قراءة السورة : قال نبي الله ورسوله الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «والشمس» فكأنما تصدق بكل شيء طلعت عليه الشمس والقمر» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال جرير :

فالشمس كاسفة وليست بطالعة

تبكي عليك نجوم الليل والقمرا

حملت أمرا عظيما اضطلعت به

وسرت فيه بحكم الله يا عمرا

هذان البيتان هما من الأبيات المشكلة ـ أي فيها إشكال ولبس ـ و «نجوم» نصبت باسم الفاعل «كاسفة» والأصح أن تنصب بتبكي .. بمعنى : تبكي النجوم لفقدها إياك. وقد خصت الشمس بالبكاء لأنها أعظم النجوم فإذا وجدت على المرء الممدوح مع عظمها بكت غيرها من النجوم لقوة جزعه. و «عمرا» منصوب على الندبة.

إعراب آياتها

(وَالشَّمْسِ وَضُحاها) (١)

(وَالشَّمْسِ وَضُحاها) : الواو حرف جر واو القسم. الشمس : مقسم به مجرور بواو القسم وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف أي أقسم بالشمس والواو قائمة مقام الفعل والباء سادة مسدهما معا. وضحى : معطوفة بالواو على «الشمس» مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف للتعذر و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى : والشمس وضوئها .. وأضيف «الضحى» إليها أيضا في قوله تعالى في سورة «النازعات» : (وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها) بمعنى : وأظلم ليل السماء وأبرز ضحاها بمعنى : نورها أي نهارها بمعنى : أبرز ضوء شمسها .. وأضيف الليل والشمس إلى السماء لأن الليل ظلها والشمس هي السراج المثقب في جوها بمعنى أقسم بالشمس وضوئها أول النهار.

(وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) (٢)

٦٢٤

(وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) : معطوف بالواو على «الشمس» ويعرب إعرابها. إذا : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بحال محذوفة من «القمر» التقدير : وأقسم بالقمر كائنا إذا تلاها. تلاها : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. بمعنى إذا تبعها في الضياء والنور أي في طلوعه عند الغروب ـ غروب الشمس ـ أي جاء بعدها.

(وَالنَّهارِ إِذا جَلاَّها) (٣)

الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها بمعنى : إذا جلى الظلمة أي أزالها أو أظهر الشمس والضمير «ها» يعود على الظلمة أو للدنيا أو للسماء أو الأرض وإن لم يجر لها ذكر في الآية الكريمة وذلك كقولهم : أصبحت باردة : يريدون الغداة أو أرسلت مطرا يريدون السماء.

(وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) (٤)

(وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) : معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعراب الآية الكريمة الثانية بمعنى والليل إذا غطى ضوء الشمس بظلامه. يغشى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

** (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى .. يقال : تشع الشمس ـ إشعاعا .. بمعنى : تنشر شعاعها ـ بضم الشين ـ أي ما يرى من ضوئها عند ذرورها أي طلوعها كالقضبان ومنه حديث ليلة القدر «إن الشمس تطلع من غد يومها لا شعاع لها» والفعل «تشع» مثل الفعل «تشرق» بمعنى : تنشر أشعتها والمصدر : إشعاع مثل «إشراق» ولا يقال الفعل الثلاثي «شع» لهذا المعنى. لأن الفعل «شع» بمعنى : أسرع .. فرق .. تفرق. قال الشاعر :

إذا حضر الشتاء فأنت شمس

وإن حضر المصيف فأنت ظل

٦٢٥

وقيل : الشتاء : جمع «شتوة» نقله ابن فارس عن الخليل ونقله بعضهم عن الفراء وغيره .. وقيل إنه مفرد علم على الفصل ولهذا جمع على «أشتية» وهذا «فعال على أفعلة» وهذا الجمع مختص بالمذكر وقال الفيومي : واختلف في النسبة إليه فمن جعله جمعا ـ أي جمع شتوة ـ قال في النسبة : شتوي ـ ردا على الواحد المفرد ـ وربما فتحت التاء فقيل : شتوي على غير قياس. ومن جعله مفردا نسب إليه على لفظه فقال : شتائي ويقال : شتونا بهذا المكان نشتو ـ شتوا : أي أقمنا به شتاء .. واشتينا : بمعنى : دخلنا في الشتاء .. وشتا اليوم : أي اشتد برده وقولهم هذا الطعام يشتينا تشتية : بمعنى : يكفينا لشتائنا ومثله القول صاف الرجل ـ يصيف ـ صيفا وتصيف بالمكان : أي أقام به في الصيف. والمشتى هو موضع الشتاء أو زمانه أو موضع الإقامة فيه يقابله : المصيف : أي المكان الذي يقام فيه صيفا والصيف : جمعه : أصياف .. ومن الخريف يقال : اخترف الرجل في مكان كذا : أي أقام فيه في فصل الخريف وجمع «الخريف» هو «أخرفة» أما الربيع وجمعه : أربعاء وأربعة فمنه اشتقوا الفعل «أربع» نحو : أربع القوم : بمعنى : صاروا في فصل الربيع وسموا الموضع الذي يقام فيه فصل الربيع المرتبع أو المربع .. وهو منزل القوم في الربيع وقولهم هذه مرابعنا ومصايفنا : معناه هنا نرتبع ونصيف ومن الشمس ينبعث الضوء إضافة إلى الحرارة ويصل ضوؤها إلى الأرض في خلال ثماني دقائق .. محسوبا على بعدها عن الأرض والبالغ ثلاثة وتسعين مليون ميل أي ما يقرب من مائة وخمسين مليون كيلومتر. وهذه المسافة تجعل الشمس أقرب النجوم إلينا وهذا هو السبب في أننا نراها أكبر من النجوم الأخرى وهي مسافة صغيرة إذا قورنت بمسافات النجوم التي تبعد عنا آلاف الملايين من السنين الضوئية وهي كبيرة الحجم جدا إذا قورنت بالأرض فهي تعادلها في ذلك مليون مرة ويبلغ وزنها قدر وزن الأرض ثلاثمائة ألف مرة .. ولو قدر أن توضع الكرة الأرضية على سطح الشمس لبدت الأرض نقطة تافهة بالنسبة إلى الشمس وتوجد حول الشمس هالة كبيرة مضيئة تظهر بوضوح في أثناء كسوف الشمس. والشمس هي المصدر الوحيد للطاقة الحرارية والغذاء على سطح الأرض قاطبة. هذا وإن سرعة الضوء في الثانية ـ وهي مائة وستة وثمانون ألف ميل في الثانية ـ تعادل الدوران حول الأرض حوالي سبع مرات .. فإذا أطلق هذا الشعاع من الضوء وجعل يستمر لمدة عام فإن المسافة التي يقطعها وتبلغ حوالي تسعة فاصلة خمسة «مليون مليون كيلومتر هي السنة الضوئية» وتمتد حدود الكون الذي يمكن رؤيته بالمجهر مسافة ألفي مليون سنة ضوئية في الأقل في كل اتجاه فسبحان الله العظيم رب هذا الكون وخالقه وموجده والمهيمن على تسييره بهذه الدقة البالغة في الاعجاز.

** (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة عشرة .. وتجمع «الناقة» على «نوق» ومنه قيل : هذه عشراء وجمعها : عشار وهي الناقة التي أتى على حملها عشرة شهور ثم هو اسمها إلى أن تضع لتمام السنة وهي أنفس ما تكون عند أهلها وأعزها عليهم. والعشار في جمع «عشراء» كالنفاس في جمع «نفساء» وتجمع «الناقة» على «أنوق» قال الصحاح : ثم استثقلوا الضمة على الواو فقدموها فقالوا أونق ثم عوضوا من الواو ياء فقالوا : أينق ثم جمعوها على أيانق .. وقد تجمع على نياق. والناقة : هي الأنثى من الإبل. قال أبو عبيدة : ولا تسمى ناقة حتى تجدع : أي تدخل السنة

٦٢٦

الخامسة. وقالت العرب في أمثالها : استنوق الجمل : بمعنى : تشبه بالناقة أو صار ناقة يضرب المثل للرجل الذي يكون في حديث أو صفة شيء ثم يخلطه بغيره وينتقل إليه .. وأصل المثل أن طرفة بن العبد كان عند بعض الملوك والمسيب بن علس ينشده شعرا في وصف جمل ثم حوله إلى وصف ناقة فقال : طرفة : قد استنوق الجمل. قال تعالى في سورتي «الأعراف» و «هود» : (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ) وناقة الله : هي ناقة امتحن الله بها طاعتهم إذ أمرهم أن لا يمسوها بسوء وأن يدعوها تأكل من حيث أرادت فلم يأبهوا بهذا الأمر وعقروها فأنزل الله بهم العذاب الموعود به على لسان نبيه لأنه سبحانه أمرهم بعدم لمسها فعقروها.

(وَالسَّماءِ وَما بَناها) (٥)

(وَالسَّماءِ وَما بَناها) : معطوفة بالواو على الآية الكريمة الأولى وتعرب إعرابها. الواو عاطفة. ما : اسم موصول بمعنى «من» مبني على السكون في محل جر لأنه معطوف على مجرور أي والسماء والقادر العظيم الذي بناها وهو الله عزوجل بمعنى والفاعل القادر على بنائها. بناها : الجملة الفعلية صلة الموصول «ما» لا محل لها وتعرب إعراب «تلاها» أو تكون «ما» مصدرية وجملة «بناها» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالإضافة بعد حذف المضاف أي ورب بنائها.

(وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) (٦)

معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها بمعنى ومن بسطها وجعلها صالحة للعيش والمقام على سطحها.

(وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) (٧)

تعرب إعراب الآية الكريمة الخامسة بمعنى ونفس والحكيم الباهر الحكمة الذي أحكم خلقتها أو ونفس وتسويتها.

(فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) (٨)

(فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) : الفاء عاطفة. ألهم : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. فجور : مفعول به ثان منصوب

٦٢٧

وعلامة نصبه الفتحة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى فعرفها عصيانها. وتقواها : معطوفة بالواو على «فجورها» وتعرب إعرابها وعلامة نصب الاسم الفتحة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى وطاعتها.

(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) (٩)

(قَدْ أَفْلَحَ) : حرف تحقيق. والأصل : لقد. واللام واقعة في جواب القسم. أفلح : فعل ماض مبني على الفتح وقال الزمخشري : جواب القسم محذوف. التقدير : ليدمدمن الله عليهم أي على أهل مكة لتكذيبهم رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ كما دمدم على ثمود ـ أي أهلكهم ـ لأنهم كذبوا صالحا.

(مَنْ زَكَّاها) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل بمعنى : قد فاز من .. زكاها : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى من طهر نفسه الانسانية.

(وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) (١٠)

معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها والأصل : دسسها فأبدل من إحدى السينين ياء بمعنى : وقد خسر من أخفاها بالفسوق. أي أهمل تطهير نفسه من الذنوب.

(كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) (١١)

(كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. ثمود : فاعل مرفوع بالضمة ولم تنون لأنها ممنوعة من الصرف للتأنيث والتعريف وبتأويل القبيلة. بطغوى : جار ومجرور متعلق بكذبت وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : بطغيانها أي

٦٢٨

فعلت التكذيب بطغيانها .. وقيل : كذبت بما أوعدت به من عذابها ذي الطغوى أي بتقدير : حذف مضاف. أي بسبب طغيانها.

(إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) (١٢)

(إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين في محل نصب متعلق بكذبت أو بطغوى. انبعث : فعل ماض مبني على الفتح بمعنى : حين ذهب أو نهض. أشقى : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «انبعث أشقاها» في محل جر بالإضافة أي أشقى ثمود.

(فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) (١٣)

(فَقالَ لَهُمْ) : الفاء عاطفة. قال : فعل ماض مبني على الفتح. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بقال. والجملة الفعلية المقدرة «احذروا» أو «احفظوا» في محل نصب مفعول به لقال.

(رَسُولُ اللهِ) : فاعل مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة أي رسولهم صالح.

(ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) : مفعول به منصوب على التحذير بفعل محذوف تقديره : احذروا أو احفظوا أو ذروا بمعنى دعوا واتركوا وعلامة نصبه الفتحة. الله : أعرب. وسقيا : معطوف بالواو على «ناقة الله» منصوب أيضا وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى واحذروا منع سقياها أي شربها الخاص بيومها بل رووا ناقة الله.

(فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها) (١٤)

(فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها) : الفاء عاطفة على فعل محذوف اختصارا لأنه معلوم. كذبوه : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير

٦٢٩

متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى فكذبوا صالحا ـ عليه‌السلام ـ فيما حذرهم منه. عقروها : تعرب إعراب «كذبوه» و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. بمعنى : فذبحوها أي الناقة وقيل الفاء عاطفة على «كذبوه» ويجوز أن تكون الفاءات الثلاث استئنافية.

(فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ) : الفاء سببية. دمدم : فعل ماض مبني على الفتح. على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بدمدم. رب : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى : فأطبق عليهم العذاب من ربهم بمعنى أهلكهم جميعا.

(بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها) : جار ومجرور متعلق بدمدم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى : بسبب ذنبهم فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه «ذنبهم» مقامه. الفاء حرف عطف. سوى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى : انخسفت بهم الأرض فسويت عليهم. والضمير يعود على الدمدمة.

(وَلا يَخافُ عُقْباها) (١٥)

(وَلا يَخافُ عُقْباها) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. يخاف : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو أو تكون الواو حالية والجملة بعدها في محل نصب حالا والضمير في «يخاف» يعود على العاقر. عقبى : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى : عاقبتها وتبعتها. وقيل : المعنى لا يخاف أي لا يخشى الله عاقبة الإهلاك لأنه القادر على كل شيء.

***

٦٣٠

سورة الليل

معنى السورة : الليل هو الوقت المحصور بين مغرب الشمس إلى طلوع الفجر أو إلى طلوع الشمس وهو مفرد بمعنى جمع ومؤنثه أو واحدته : ليلة وهو لفظة مذكرة ومؤنثة. وقد جمع على «ليال» فزادوا فيه الياء على غير قياس وهو مثل «أهل» وأهال. والليلة : مثل «الليل» من غروب الشمس إلى طلوع الفجر وقياس جمعها : ليلات .. مثل «ليرة» ليرات .. وبيضة : بيضات. والليل والليلة مثل العشي والعشية .. وقولهم : عاملته ملايلة : بمعنى : ليلة وليلة .. مثل مشاهرة ومياومة : أي شهرا وشهرا ويوما ويوما. وقيل في التأكيد : هذا ليل أليل : أي شديد الظلمة.

تسمية السورة : لقد كرم الله تعالى «الليل» فسمى إحدى سور التنزيل به وتصدرت اللفظة السورة الشريفة في آيتها الأولى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) أي أقسم بحق الليل إذا يغطي الشمس أو يغطي النهار أو كل ما يخفيه بظلامه. ورد في الحديث الشريف : «من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار» ويقال : حل علينا ليل لائل : بمعنى : ليل طويل شديد السواد أي أشد ليالي الشهر ظلمة .. وهو مثل قولنا : ليلة ليلاء. وقيل : الليل : واحد بمعنى جمع وواحدته : ليلة مثل : تمر وتمرة .. وليل لائل : مثل شعر شاعر في التأكيد. وقيل : الليل : لفظة مذكرة. والليلة : مؤنثة وقيل في أمثال العرب عن «الليل» الليل : أخفى للويل. وأغدر الليل .. لأنه إذا أظلم كثر فيه الغدر.

فضل قراءة السورة : قال أفصح الناطقين بالضاد الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «الليل» أعطاه الله حتى يرضى وعافاه من العسر ويسر له اليسر» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

٦٣١

إعراب آياتها

(وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) (١)

(وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) : الواو واو القسم حرف جر. الليل : مقسم به مجرور بواو القسم وعلامة جره الكسرة .. والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف أي أقسم بالليل والواو قائمة مقام الفعل والباء سادة مسدهما معا. إذا : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بحال محذوفة من الليل التقدير : أقسم بالليل كائنا إذا يغشى .. وحذف المفعول به اختصارا لأنه معروف كما يقال : ضرب فلان .. ولا يؤتى بالمضروب ـ المفعول ـ إما لعلم السامع وإما للإبهام .. فالمعنى : حين يغطي كل شيء بظلمته فيصير له كالغشاء. وجملة «يغشى» تعني أيضا : يغطي الشمس أو النهار أو كل مضىء وغير مضىء يواريه بظلامه. يغشى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو ويجوز أن يكون الفعل لازما بمعنى : يأتي .. لأن «غشى» وأغشى : أظلم. فلا يحتاج إلى مفعول.

(وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) (٢)

(وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) : معطوف بالواو على «الليل إذا» ويعرب إعرابه. تجلى : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى وحق النهار إذا ظهر بزوال ظلمة الليل أو تبين وتكشف بطلوع الشمس وظهر لكل ذي عينين.

(وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (٣)

(وَما خَلَقَ الذَّكَرَ) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول بمعنى «الذي» مبني على السكون في محل جر لأنه معطوف على مجرور أي والقادر على خلق الذكر والأنثى من كل الموجودات الحية وغير الحية في الأرض. خلق :

٦٣٢

الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «خلق» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر .. التقدير : وخلقه. الذكر : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة أي العظيم القدرة الذي خلق الذكر والأنثى من ماء واحد وقيل : هما آدم وحواء.

(وَالْأُنْثى) : معطوفة بالواو على «الذكر» وتعرب إعرابه وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر وجواب القسم في «والليل» هو (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) في الآية الكريمة الرابعة.

** (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى .. ويغشى : أي يغطي الشمس أو النهار أو كل شيء يواريه بظلامه .. يقال : غشي الليل ـ يغشى ـ من باب «تعب» وأغشى : أي أظلم. والغشاء : هو الغطاء وزنا ومعنى. وهو اسم من غشيت الشيء : أي غطيته وحذف مفعوله اختصارا لأنه معروف كما يقال : ضرب فلان ولا يؤتى بالمضروب إما لعلم السامع وإما للإبهام .. ويجوز أن يكون الفعل مجردا لا يحتاج إلى مفعول على معنى : يأتي .. يظلم. ومثله أغشى.

** (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة .. المعنى : فأما من أعطى حقوق ماله للفقراء واتقى الله فلم يعصه فحذف مفعولا الفعلين اختصارا لأنهما معلومان.

** سبب نزول الآية : نزلت في أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ الذي كان يعتق العجائز والنساء إذا أسلمن فقال له أبوه : أراك تعتق أناسا ضعفاء .. فقال : إنما أريد ما عند الله.

** (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة .. المعنى : وصدق بالخصلة أو الملة الحسنى وهي الايمان أو بالكلمة الحسنى وهي كلمة التوحيد فحذف الموصوف «الخصلة» وأقيمت الصفة «الحسنى» مقامه. وهي مؤنث «الأحسن» وهو مثل قوله «وعملوا الصالحات» أي وعملوا الأعمال الصالحات بحذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه. والفعل المشدد «صدق» ضد «كذب» والصدق : نقيض الكذب .. والعتق والصدقة : من أفاضل الأعمال. وجاء في الحديث أن رجلا قال لرسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ دلني على عمل يدخلني الجنة. فقال : تعتق النسمة وتفك الرقبة. قال : أوليسا سواء؟ قال : نعم. إعتاقها : أن تنفرد بعتقها .. وفكها : أن تعين في تخليصها من قود ـ أي من قصاص ـ ما يلزم أداؤه من مال. صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ نقول : أقر القاضي الحكم أو أجازه أو أمضاه أو وافق عليه .. ولا نقول : صادق أو صدق على الحكم. لأن معنى «صادقه» هو كان صديقا له لم يكاذبه أو اعترف بصدق قوله.

٦٣٣

** (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة عشرة .. المعنى : وسيبعد عن النار : المؤمن الورع الذي يخاف الله وجمعه : الأتقياء. قال ابن عباس : «سادة الناس في الدنيا : الأسخياء وسادة الناس في الآخرة الأتقياء» ومن معاني «السخاء» الجود والكرم .. وعلى النقيض من هذه الأسماء الثلاثة : البخل .. الضن .. والشح وقيل : الناس صنفان : فريق يتصدق ليكف يد المعوزين أو يحفظ على بائس عفته وحياءه وقد ملأ قلبه حب الخير لله وفريق يتصدق ليمدحه الناس وليقال : إنه جواد ومحسن وسخي وكريم ولم يمر بخاطره حب الخير ابتغاء ثواب الله.

(إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) (٤)

(إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل واقع في جواب القسم والجملة من «إن» مع اسمها وخبرها جواب القسم لا محل لها. سعيكم : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور بمعنى : إن مساعيكم أو مسعاكم أي عملكم. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ شتى : خبر «إن» مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : أشتات مختلفة وهي جمع «شتيت» أي متفرق منه عمل صالح ومنه عمل طالح.

(فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى) (٥)

(فَأَمَّا مَنْ) : الفاء استئنافية. أما : حرف شرط وتفصيل لا عمل له. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وخبره الجملة الفعلية «فسنيسره لليسرى» في الآية الكريمة السابعة في محل رفع.

(أَعْطى وَاتَّقى) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض في معنى المستقبل مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وحذف مفعوله اختصارا بمعنى أعطى حقوق ماله للفقراء أو تكون «من» اسم شرط جازما في محل رفع مبتدأ فيكون الفعل «أعطى» في محل جزم بمن لأنه فعل الشرط. واتقى : معطوفة بالواو على جملة «أعطى» وتعرب إعرابها بمعنى : واتقى الله فلم يعصه.

٦٣٤

(وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) (٦)

(وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «أعطى» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل الفتحة الظاهرة على آخره. بالحسنى : جار ومجرور متعلق بصدق وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : بالخصلة الحسنى أي بالإيمان أي بالكلمة الحسنى وهي كلمة التوحيد.

(فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) (٧)

(فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) : الفاء واقعة في جواب «أما» أو تكون رابطة لجواب الشرط في حالة إعراب «من» اسم شرط جازما وتكون جملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من» السين حرف استقبال ـ تسويف ـ للقريب. نيسره : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. لليسرى : جار ومجرور متعلق بنيسر وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : فسنهيئه لليسر وزيدت الألف لتوافق رءوس الآيات .. وتكون الجملة «فسنيسره لليسرى» جواب شرط جازم مقترنا بالفاء في محل جزم. أو بمعنى : فسنسهل له الطريقة السهلة المؤدية إلى اليسر.

(وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى) (٨)

الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة الخامسة وتعرب إعرابها. وعلامة بناء الفعل «بخل» الفتحة الظاهرة على آخره بمعنى : وأما من بخل عن بذله ماله في سبيل الله واستغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الجنة.

(وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) (٩)

تعرب إعراب الآية الكريمة السادسة.

(فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) (١٠)

تعرب إعراب الآية الكريمة السابعة بمعنى : فسنجد له في الآخرة أي سنهيئه للطريقة السيئة التي تؤدي به إلى النار أو إلى العسر.

٦٣٥

(وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى) (١١)

(وَما يُغْنِي) : الواو استئنافية. ما : نافية لا محل لها. أو تكون اسم استفهام في معنى الإنكار مبنيا على السكون في محل نصب مفعولا به مقدما للفعل «يغني» أي وبما ذا أو وأي شيء ينفعه ماله. يغني : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل بمعنى وما يفيده ماله ..

(عَنْهُ مالُهُ) : جار ومجرور متعلق بيغني. ماله : فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه.

(إِذا تَرَدَّى) : ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه متعلق بجوابه مبني على السكون في محل نصب متضمن معنى الشرط وحذف جوابه لأن ما قبله يدل عليه. تردى : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وهو بصيغة «تفعل» من الردى وهو الهلاك بمعنى الموت أو تردى ـ أي سقط ـ في الحفرة أو الهاوية إذا قبر أو تردى في قعر جهنم. أو يكون الجار والمجرور «عنه» في مقام المفعول به المقدم على معنى : وما ينفعه ماله.

(إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) (١٢)

(إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. على : حرف جر و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بخبر «إن» المقدم وقدم الخبر للتأكيد والعناية. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ الهدى : اسم «إن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر أي الإرشاد إلى الحق. وفصل بين «إن» واللام طلبا لزيادة التوكيد بمعنى إن حكمتنا تقضي علينا هدايته أو بيان طريقي الهدى والضلال. أو إن علينا للإرشاد إلى الحق.

(وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) (١٣)

٦٣٦

معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. وعلامة نصب «الآخرة» الفتحة الظاهرة والأولى : معطوفة بالواو على «الآخرة» وتعرب إعرابها وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : إن لنا ثواب الدارين للمهتدي نعطي ما نشاء لمن نشاء.

(فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) (١٤)

(فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً) : الفاء استئنافية. أنذرتكم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول والميم علامة جمع الذكور. نارا : مفعول به ثان منصوب بأنذر وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(تَلَظَّى) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «نارا» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. وأصله : تتلظى بمعنى تتأجج وحذفت إحدى التاءين تخفيفا .. وهي نار جهنم المتقدة الملتهبة دوما.

(لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى) (١٥)

(لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ثانية للموصوف «نارا» لا : نافية لا عمل لها. يصلى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم بمعنى : لا يدخلها. إلا : أداة حصر لا عمل لها أو تكون حرف تحقيق بعد النفي. الأشقى : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : الكافر الشقي كأبي جهل.

(الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (١٦)

(الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة ـ نعت ـ للأشقى. كذب : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

٦٣٧

وتولى : معطوفة بالواو على جملة «كذب» وتعرب مثلها وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على الألف للتعذر أي وأعرض عن الإيمان بربه ورسله بعد أن كذب بالقرآن.

(وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) (١٧)

(وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) : الواو حرف عطف. السين حرف تسويف ـ استقبال ـ يفيد الترتيب. يجنب : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. الأتقى : نائب فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى وسيبعد عن النار التقي الورع الذي يخاف الله.

(الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى) (١٨)

(الَّذِي يُؤْتِي) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة ـ نعت ـ للأتقى. يؤتي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجملة «يؤتي ماله» صلة الموصول لا محل لها.

(مالَهُ يَتَزَكَّى) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه والجملة الفعلية «يتزكى» تعرب إعراب «يؤتي» وعلامة رفع الفعل الضمة المقدرة على الألف للتعذر والجملة لا محل لها لأنها بدل من جملة «يؤتي» وهي داخلة مثلها في حكم الصلة أو تكون في محل نصب حالا من الضمير في «يؤتي» بمعنى : قاصدا وجه الله متطهرا من البخل.

(وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى) (١٩)

(وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. لأحد : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم محذوف. عنده : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بنعمة وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

٦٣٨

(مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. نعمة : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر. تجزى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر وهو مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. وجملة «تجزى» في محل جر صفة ـ نعت ـ لنعمة على اللفظ وفي محل رفع على المحل ـ الموضع ـ بمعنى : لا يتصدق مجازاة لأحد على معروف سبق أن أنعم به عليه.

(إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) (٢٠)

(إِلَّا ابْتِغاءَ) : أداة استثناء. ابتغاء : مستثنى بإلا ـ استثناء منقطعا ـ أي من غير جنسه وهو النعمة منصوب وعلامة نصبه الفتحة أو تكون «إلا» حرف تحقيق بعد النفي ويجوز أن يكون «ابتغاء» منصوبا على المصدر ويجوز أن يكون مفعولا لأجله على المعنى أي لا يؤتي ماله إلا ابتغاء وجه ربه وإلا أي ولكن لمكافأة نعمه .. أي فعل ذلك طلبا لرضا ربه ليظفر بثوابه سبحانه.

(وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. ربه : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه ثان. الأعلى : صفة ـ نعت ـ للرب مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. ووجه ربه : بمعنى : رضا ربه.

(وَلَسَوْفَ يَرْضى) (٢١)

(وَلَسَوْفَ يَرْضى) : الواو عاطفة. اللام لام الابتداء للتوكيد. سوف : حرف تسويف توكيد للمستقبل. يرضى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى وسينال الثواب المرضي.

***

٦٣٩

سورة الضحى

معنى السورة : الضحى : جمع «ضحوة» وقولهم : ارتفعت الضحى معناه : ارتفعت الشمس ثم استعملت «الضحى» استعمال المفرد وسمي بها .. وأنثت اللفظة ذهابا بها إلى جمع «ضحوة» وهي ارتفاع النهار .. والضحى : فوق ذلك وهو وقت انبساط الشمس وامتداد النهار .. يقال : ضحا الرجل ـ يضحو ـ ضحوا : أي برز للشمس ومثله ضحي ـ يضحى ضحاء : أي برز للشمس أو أصابته الشمس .. أما «أضحى» فمعناه : صار في وقت الضحى .. والضاحي ـ اسم فاعل ـ بمعنى البارز للشمس ومؤنثه : الضاحية : وهي البارزة من كل شيء. وقوله تعالى في سورة «طه» : (وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) معناه : ولا تتعرض لحر الشمس أو ولا تصيبك الشمس.

تسمية السورة : سميت إحدى سور التنزيل الكريم بالضحى وجاءت آيتها الكريمة الأولى مفردة مثل اسم السورة الشريفة (وَالضُّحى) أي وحق الضحى .. بمعنى : وحق النهار لأن المراد بالضحى : وقت الضحى وهو صدر النهار حتى ترتفع الشمس وتلقي شعاعها .. وقد أريد بالضحى : النهار .. وبيان ذلك قوله تعالى في سورة «الأعراف» : (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ) وبعدها : (أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ) في هاتين الآيتين الكريمتين وردت لفظتا «ضحى» و «بياتا» متقابلتين أي نهارا وليلا .. لأن «بياتا» معناها : وقت بيات : أي ليلا .. أما الفعل «ضحى» بتشديد الحاء .. فمن معانيه : ذبح الأضحية وقت الضحى .. هذا أصله ومنه عيد الأضحى وهي لفظة مؤنثة وقد تذكر ذهابا إلى اليوم .. ويوم الأضحى : هو يوم النحر.

فضل قراءة السورة : قال نبراس المتقين ومبصر العالمين محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «الضحى» جعله الله فيمن يرضى لمحمد أن يشفع له وعشر حسنات يكتبها الله له بعدد كل يتيم وسائل «صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ».

٦٤٠