إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤٩

(قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً) (٢٥)

(قُلْ إِنْ أَدْرِي) : سبق إعرابها. إن : مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. أدري : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا. وجملة «إن أدري ..» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ) : الهمزة همزة استفهام. لا عمل لها. قريب : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة. وجاز الابتداء بالنكرة لأنه مسبوق بهمزة استفهام. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل للصفة المشبهة «قريب» سد مسد خبر المبتدأ. توعدون : أعربت في الآية الكريمة السابقة والجملة الاسمية «أقريب ما توعدون» سدت مسد مفعولي «أدري» بمعنى : أقريب العذاب الذي توعدون به.

(أَمْ يَجْعَلُ) : حرف عطف ـ أم ـ المتصلة لأنها مسبوقة بهمزة استفهام. يجعل : معطوف على «أدري» مرفوع بالضمة الظاهرة.

(لَهُ رَبِّي أَمَداً) : جار ومجرور متعلق بيجعل ويجوز أن يكون في محل نصب حالا مقدمة من «أمدا». ربي : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة تجانس ـ تناسب ـ الياء والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه. أمدا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : ما أدري أهو ـ أي الموعد ـ حال متوقع في كل ساعة أم مؤجل ضربت له غاية؟

(عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً) (٢٦)

(عالِمُ الْغَيْبِ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره هو بمعنى الله تعالى هو عالم الغيب أو يكون صفة ـ نعتا ـ لربي مرفوع بالضمة وهو مضاف. الغيب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(فَلا يُظْهِرُ) : الفاء استئنافية. لا : نافية لا عمل لها. يظهر : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

٣٦١

(عَلى غَيْبِهِ أَحَداً) : جار ومجرور متعلق بيظهر. والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه. أحدا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : فلا يطلع على ما غاب عن العباد أحدا من الخلق.

(إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) (٢٧)

(إِلَّا مَنِ ارْتَضى) : أداة استثناء. من : اسم موصول مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين في محل نصب مستثنى بإلا أو يكون بدلا من «أحدا» و «إلا» أداة حصر لا عمل لها. ارتضى : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : من ارتضاه.

(مِنْ رَسُولٍ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «من» لأن «من» هنا : بيانية. التقدير : حال كونه من رسول مرتضى بمعنى : لا يطلع أحدا على بعض الغيب إلا رسولا اختاره.

(فَإِنَّهُ يَسْلُكُ) : الفاء استئنافية تفيد التعليل هنا. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». يسلك : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) : جار ومجرور متعلق بيسلك والجملة الفعلية «يسلك من بين يديه» في محل رفع خبر «إن». يديه : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى ـ أصله : يدين ـ وحذفت النون للإضافة والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى : من بين يدي من ارتضاه للرسالة أي من أمامه.

(وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) : معطوف بالواو على «من بين يديه» ويعرب إعرابه. رصدا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : حفظة من الملائكة يحفظونه من الشياطين حتى يبلغ ما أوحي به إليه.

(لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) (٢٨)

٣٦٢

(لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ) : اللام حرف جر للتعليل. يعلم : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله سبحانه وجملة «يعلم ..» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بيسلك. أن : مخففة من الثقيلة وهي حرف مشبه بالفعل واسمه ضمير شأن مستتر تقديره : أنه وخبره جملة فعلية فصلت بقد في محل رفع. قد : حرف تحقيق و «أن مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «يعلم» واسم «أن» وخبرها صلة حرف مصدري لا محل لها.

(أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. رسالات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه ثان.

(وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ) : الواو عاطفة. أحاط : فعل ماض مبني على الفتح. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بأحاط. لدى : ظرف مكان مبني على السكون في محل نصب متعلق بصلة الموصول المحذوفة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى وأحاط تعالى علمه بما عند الرسل من الحكم والشرائع لا يفوته منها شيء. والضمير في «أبلغوا» يعود على «الأنبياء».

(وَأَحْصى كُلَ) : معطوفة بالواو على «أحاط» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر بمعنى : وضبط. كل : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف.

(شَيْءٍ عَدَداً) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. عددا : حال منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : وضبط كل شيء معدودا محصورا أو يكون مفعولا مطلقا «مصدرا» بمعنى : وأحصى كل شيء إحصاء.

٣٦٣

سورة المزمل

معنى السورة : المزمل : أصله : المتزمل ـ اسم فاعل ـ بمعنى : المتلفف وفعله : تزمل : أي تلفف وحذفت تاؤه تخفيفا أو أدغمت فشددت الزاي فصار : المزمل .. من زمله في ثوبه بمعنى : دثره ولففه .. وتزمل بثوبه : أي تدثر .. فالمزمل مثل «المدثر» لفظا ومعنى ..

تسمية السورة : المقصود بالمزمل هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وقد كرمه الله جلت قدرته فسمى إحدى سور القرآن الكريم بصفته إكراما له وتشريفا ولم يخاطبه الله عزوجل باسمه نداء لأن ذلك ـ كما يقول العلماء ـ من خصائصه دون سائر الرسل إكراما وتشريفا له. ووردت هذه اللفظة «المزمل» مرة واحدة في القرآن الكريم وفي الآية الأولى من هذه السورة الشريفة : «يا أيها المزمل» كان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ نائما بالليل متزملا ـ متلففا ـ في قطيفة وأمر بأن يختار على الجهود التهجد .. وعلى التزمل التشمر والتخفف للعبادة والمجاهدة في الله. ولا جرم ـ حقا ـ أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قد تشمر لذلك مع أصحابه حق التشمر وأقبلوا على إحياء لياليه ورفضوا له الرقاد والدعة ـ أي الهدوء والراحة وخفض العيش ـ وتجاهدوا فيه حتى انتفخت أقدامهم واصفرت ألوانهم وظهرت السيمى في وجوههم وترامى أمرهم إلى حد رحمهم له ربهم فخفف عنهم. قيل : دخل ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ على خديجة فرقا ـ أي خائفا فزعا ـ أول ما أتاه جبريل ـ عليه‌السلام ـ وبوادره ترعد فقال : زملوني زملوني فبينما هو على ذلك إذ ناداه جبريل ـ عليه‌السلام ـ : يا أيها المزمل. وعن عكرمة : إن المعنى : يا أيها الذي زمل أمرا عظيما : أي حمله. والمزمل : هو الحمل .. وأزمله : بمعنى : احتمله. وقد ورد فعل الأمر منه في حديث رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : عن شهداء أحد فقال : زملوهم بدمائهم ولا تغسلوهم فإنه ما من جريح يجرح في سبيل الله إلا وهو يوم القيامة يأتي وأوداجه تشخب. اللون لون الدم والريح ريح المسك.

٣٦٤

فضل قراءة السورة : قال النبي المزمل رسول الله الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «المزمل» دفع الله عنه العسر في الدنيا والآخرة» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

إعراب آياتها

(يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) (١)

(يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) : أداة نداء. أي : منادى مبني على الضم في محل نصب. و «ها» زائدة للتنبيه. المزمل : صفة ـ نعت ـ لأي لأن الكلمة مشتقة والمنادى مرفوع اتباعا للفظ «أي» لا محله وعلامة رفعه الضمة.

(قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً) (٢)

(قُمِ اللَّيْلَ) : فعل أمر مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. الليل : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بمعنى : قم صلاة الليل وبعد حذف المضاف المفعول به «صلاة» أقيم المضاف إليه «الليل» مقامه. وانتصب انتصابه وأصله : قوم .. حذفت الواو تخفيفا وتخلصا من التقاء الساكنين.

(إِلَّا قَلِيلاً) : أداة استثناء. قليلا : مستثنى بإلا من «الليل» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى إلا قليلا منه أو يكون مستثنى من «النصف» لأن «النصف» بدل من «الليل» بمعنى : قم أقل من نصف الليل.

(نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً) (٣)

(نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ) : بدل من «الليل» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه ويجوز أن يكون «نصف» بدلا من «قليلا» ويحتمل أن يكون مفعولا به بفعل محذوف تقديره فقم نصفه. أو : حرف عطف للتخيير. انقص : معطوف على «قم» ويعرب مثله وعلامة بناء الفعل السكون الظاهر على آخره وكسر واو «أو» لالتقاء الساكنين.

(مِنْهُ قَلِيلاً) : جار ومجرور متعلق بانقص. قليلا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. بمعنى : أو انقص من النصف قليلا أي إلى الثلث.

٣٦٥

(أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (٤)

(أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) : معطوفة بأو للتخيير على جملة «انقص» وتعرب إعرابها. عليه : جار ومجرور متعلق بزد. وأصله : زيد حذفت الياء تخفيفا ولالتقاء الساكنين بمعنى : أو أوزد على النصف دون الثلثين.

(وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) : الواو عاطفة. رتل القرآن : تعرب إعراب «قم الليل» في الآية الكريمة الثانية. ترتيلا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وفيه معنى التوكيد بمعنى : وأحسن قراءة القرآن على ترسل وتؤدة بتبيين الحروف.

** (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ولم يخاطبه سبحانه باسمه نداء إكراما له وتشريفا المعنى : يا أيها المتلفف بالثوب وأصل اللفظة : المتزمل أدغمت التاء في الزاي فشددت الزاي والكلمة اسم فاعل للفعل «تزمل» أي تدثر بمعنى اشتمل وتلفف بما يلقيه عليه من كساء أو غيره أي بما كان من الثياب فوق الشعار وهو ما يلي الجسد أو شعر من الثياب.

** (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية. المعنى : أقم صلاة الليل أي داوم عليها إلا قليلا منه للراحة فحذفت الصلة «منه» كما حذف المضاف المفعول «صلاة» وحل المضاف إليه «الليل» محله.

** سبب نزول الآية : أخرج الحاكم عن عائشة قالت : لما نزلت «يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا» قاموا سنة حتى ورمت أقدامهم فأنزلت الآية الكريمة العشرون : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ).

** (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة .. القول الثقيل هو القرآن .. المعنى : سنوحي إليك قولا رصينا لرزانة لفظه وضخم معناه لما فيه من الأوامر والنواهي والتكاليف وهي تكاليف شاقة ثقيلة على المكلفين وخاصة على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لأنه متحملها بنفسه ومحملها أمته .. فهي أثقل عليه وأبهظ له وأراد سبحانه بهذا الاعتراض أن ما كلفه من قيام الليل من جملة التكاليف الثقيلة الصعبة التي ورد بها القرآن لأن الليل وقت السبات والراحة والهدوء أي السكون فلا بد لمن أحياه من مضادة لطبعه ومجاهدة لنفسه. وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : «كان إذا نزل عليه الوحي ثقل عليه وتربد ـ تعبس ـ له جلده وعن عائشة ـ رضي الله عنها : «رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليرفض عرقا.

** (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة .. المعنى : ودم على ذكر ربك سبحانه في ليلك ونهارك واحرص عليه .. و «ذكر الله» يتناول كل ما كان من ذكر طيب : تسبيح وتهليل وتكبير وتمجيد وتوحيد وصلاة وتلاوة قرآن ودراسة علم وغير ذلك مما كان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يستغرق به ساعات ليله ونهاره. وتبتل إليه : أي وانقطع إليه عزوجل بالعبادة .. و «تبتيلا» مصدر لفعل الأمر «بتل» أما مصدر الفعل «تبتل»

٣٦٦

فهو «تبتلا» وإنما قال سبحانه : تبتيلا وهو نائب عن المصدر المؤكد لعامله لأنه ملاقيه في الاشتقاق فمعناه : بتل نفسك فجيء على معناه مراعاة لحق الفواصل ـ أي مراعاة لرءوس الآي الشريف.

** (وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة عشرة .. المعنى : إن لدينا للكافرين طعاما يغص به آكله .. و «الغصة» هي الشجر أي ما يعلق في الحلق من عظم وغيره وجمعه : غصص أما مصدر الفعل «غص» فهو غص ـ يقال : غصصت الطعام ـ أغص ـ غصصا .. من باب «تعب» تعبا. فأنا غاص ـ اسم فاعل ـ وغصان .. وتأتي الغصة بالطعام وبالغيظ على التشبيه. ومن أخطائهم قولهم : غص الرجل بالطعام أو الشراب ـ بضم الغين ـ أي ببناء الفعل للمجهول والصواب هو غص ـ بفتح الغين ـ ببناء الفعل للمعلوم. وإذا كان الفعل «غص ـ يغص ـ من باب «قتل» وهو لغة أيضا كان مصدره غصا .. ومن بابه ـ أي تعب ـ فالمصدر هو : غصصا. ويقال : أخذته شرقة كاد يموت منها بمعنى : أخذته غصة. والعامة تسميها : شهقة وإن كانت لفظة «شهقة» عامية إلا أنها عند المولدين بمعنى : خروج النفس بعد أخذه بسرعة مصحوبا بصوت من الحنجرة كما يفعل المتعجب من أمر ينكره .. فالفعلان «شرق» و «غص» فعلان لازمان .. ويأتي الفعل «غص» بفتح الغين إضافة إلى كونه بمعنى اعترض الطعام أو الماء في الحلق ومنع الغاص من التنفس. بمعنى آخر. يقال : غص المكان بهم : بمعنى : امتلأ وضاق عليهم. فهو غاص أي ضيق بهم وممتلئ.

** (إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة عشرة .. المخاطبون هم أهل مكة ورسولا هو محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ شاهدا على عصيانهم له أي يشهد عليهم بذلك يوم القيامة. كما أرسلنا إلى طاغية مصر «فرعون» نبي الله موسى ـ عليه‌السلام لهدايته وتبصيره ونكر «رسول» لأنه بمعنى بعض رسل الله تعالى.

** (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة عشرة وفيه جاءت كلمة «الرسول» معرفة بالألف واللام والمعرفة هنا عهدية أي معهود بالذكر إشارة إلى المذكور بعينه. فأخذنا فرعون لتكذيبه الرسول «موسى» أخذا ثقيلا من وبل الشيء ـ يوبل ـ وبالا ووبولا .. من باب «وعد» بمعنى : وخم فهو وخيم أي شديد. وقد ابتدأ القول «رسولا» بالتنكير وعند تكراره ـ في الآية الكريمة التالية ـ عرف وهذا الأسلوب اللغوي يندرج في ابتداء الشيء نكرة وصيرورته معرفة عند تكراره .. ومثل هذا القول الكريم استعمال العرب أي ابتداؤهم بكلمة «سلام» نكرة ويختمون القول بتعريفه .. وكان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يقول في مكاتبة أهل الكفر مختتما كتبه إليهم : السلام على من اتبع الهدى. ويروى عن النبي الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قوله عن عبارة «عليك السلام» : إنها تحية الموتى! فلهذا التوجيه النبوي الكريم يقتضي عدم تأخير المبتدأ وهو «السلام» ورد هذا التوجيه في رواية عن أبي مكعت الأسدي يقول فيها : أتيت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فأنشدته :

يقول أبو مكعت صادقا

عليك السلام أبا القاسم

فأجابه رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قائلا : «يا أبا مكعت .. عليك السلام : تحية الموتى» وفي القرآن الكريم وردت كلمة «سلام» نكرة وهي في مبتدأ الكلام .. جاءت في سور كثيرة من القرآن الكريم .. وهذا دليل على أن تعريف السلام في ابتداء الكلام إن لم يكن غير صائب فهو مخالف للسان العربي الفصيح .. ومن تحيات العرب قولهم : أنعم صباحا : أي نعمت

٣٦٧

صباحا : بمعنى طاب عيشك في صباحك .. من النعمة وهي طيب العيش. وخص الصباح بهذا الدعاء لأن الغارات والكرائه تقع صباحا. قال الشاعر :

فلما عرفت الدار قلت لرابعها

ألا أنعم صباحا ايها الربع واسلم

هذا البيت للشاعر زهير بن أبي سلمى في معلقته .. يقول : وقفت بدار أم أوفى «وهو كنية حبيبته» فقلت لدارها محييا إياها وداعيا لها : طاب عيشك في صباحك وسلمت. أما قولهم «عم صباحا» فهو كلمة تحية أيضا وأصله : نعم .. ومضارعه : ينعم .. فحذفت نونه تخفيفا ومعناه : اتسع ولان. يقال : نعم عيشه ـ ينعم : أي اتسع ولان وطاب وهو من باب «تعب» أو «فرح» وهذا الوزن للفعل هو الصواب .. أما الوزن الأول نعم ـ ينعم ـ أي بكسر عين المضارع فهو من الأوزان الشاذة. وقد خفف «نعم» فصار : عم.

** (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة عشرة .. أي عذاب يوم بمعنى : كيف تدفعون عن أنفسكم إن كفرتم شر يوم تشيب لهوله الولدان؟ أي يوم يشيب نواصي الأطفال .. والأصل فيه أن الهموم والأحزان إذا تفاقمت على الإنسان أسرع فيه الشيب. قال أبو الطيب :

والهم يخترم الجسيم نحافة

ويشيب ناصية الصبي ويهرم

وكما قيل :

وما إن شبت من كبر ولكن

لقيت من الحوادث ما أشابا

روي عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أنه قال : «الهم نصف الهرم» وحكي أن رجلا أمسى فاحم الشعر كحنك الغراب فأصبح هذا الرجل وهو أبيض الرأس واللحية «كالثغامة» فسئل فقال هذا الرجل : رأيت القيامة والجنة والنار في المنام ورأيت الناس يقادون بسلاسل إلى النار فمن ذلك أصبحت كما ترون. وحنك الغراب : أي كسواد الغراب .. ومنه القول : فلان أسود من حنك الغراب .. أما «الثغامة» فهي شجر أبيض الزهر ينبت في الجبال .. يقال : أثغم الرأس : بمعنى : صار ثاغما : أي أبيض.

** (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة .. المعنى : تصبح السماء متشققة لهول ذلك اليوم .. ولم يقل : منفطرة .. لأن السماء تؤنث وتذكر أو على تأويل «السماء» بالسقف. أو على معنى : السماء شيء منفطر. وقال الخليل : المعنى السماء ذات انفطار به لذلك ذكر لفظة «منفطر» وقيل : السماء هنا بتأويل السقف .. يقال : سما الشيء ـ يسمو ـ سموا : بمعنى : علا ـ يعلو ـ علوا. والسماء : هي المظلة للأرض. قال ابن الأنباري السماء : تذكر وتؤنث. وقال الفراء : التذكير قليل وهو على معى «السقف» وكأنه جمع «سماوة» مثل «سحاب وسحابة» وجمعت على «سموات» بحذف الألف الأولى خطا والنطق بها لفظا وتأتي بمعنى : السقف .. المطر ولهذا تذكر وبمعنى : السحابة .. فتؤنث .. وكل عال مظل : سماء .. ولهذا قيل لسقف البيت : سماء. والسماء : هي ما يحيط بالأرض من الفضاء الواسع وينسب إليها فيقال سمائي ـ بالهمزة ـ على اللفظ .. وسماوي ـ بالواو ـ على اللفظ أيضا واعتبارا بالأصل. والسماء فوق هذا وذاك قدست لأن فيها مسكن أرواح الأبرار وأكثر من هذا وذاك فمنها نزل الوحي إلى الرسل والأنبياء وفيها العرش الكريم .. وفيها اللوح المحفوظ. قال تعالى في سورة

٣٦٨

«البقرة» : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) صدق الله العظيم. وهو سبحانه رب العرش وهو الإله الواحد في السماء وفي الأرض ومن هذا العرش الذي هو جرم كبير محيط بالكون تتنزل التدبيرات الإلهية.

** (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العشرين أي تقوم يا محمد أقل من ثلثي الليل .. وقد عبر سبحانه بلفظ «أدنى» الذي معناه : الأقرب لأن الأقرب إلى الشيء هو أقل بعدا منه .. كما عبر سبحانه عن الصلاة بالقراءة في قوله : فاقرءوا ما تيسر من القرآن .. بمعنى فصلوا قارئين ما يتيسر لكم من صلاة الليل لأن القراءة بعض أركان الصلاة كما عبر عنها بالقيام والركوع والسجود .. وقيل : هي قراءة القرآن بعينه. وقوله تعالى : (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ) هو كناية عن السفر في الأرض لطلب العلم والتجارة .. وقيل : سوى الله تعالى بين المجاهدين ـ المقاتلين في سبيل الله ـ والمسافرين لكسب الحلال. ولوحظ أن لفظتي «الصلاة» و «الزكاة» كتبتا في القرآن الكريم بالواو على لغة من يفخم وزيدت الألف بعدها تشبيها بواو الجماعة نحو : «صلوا» مثلا وفي الحديث : «رحم الله رجلا قال : يا أهلاه .. صلاتكم صيامكم زكاتكم مسكينكم يتيمكم جيرانكم لعل الله يجمعهم معه في الجنة.

** (وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) : المعنى : كثير الغفران .. كثير الرحمة .. «فعول .. وفعيل بمعنى فاعل وهما من صيغ المبالغة. ولم يقل سبحانه : إنه غفور رحيم بل كرر الاسم ـ قدست أسماؤه ـ للتعظيم وللتأكيد.

(إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) (٥)

(إِنَّا سَنُلْقِي) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مدغم بنون «إن» مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» السين حرف تسويف ـ استقبال ـ نلقي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. والجملة الفعلية «سنلقي عليك قولا ..» في محل رفع خبر «إن».

(عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) : جار ومجرور متعلق بنلقي. قولا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. ثقيلا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قولا» منصوب مثله بالفتحة المنونة أي القرآن الكريم لما فيه من الأوامر والنواهي والتكاليف.

(إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً) (٦)

(إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ناشئة : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الليل : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة

٣٦٩

جره الكسرة بمعنى : النفس التي تنشأ أي تنهض من مضجعها إلى العبادة .. وقيل : هي الساعات الأولى من الليل.

(هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن». هي : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. أشد : خبر «هي» مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل» ومن وزن الفعل. وطأ : تمييز منصوب بالفتحة المنونة بمعنى : أشد ثبات قدم أو أثقل على المصلي من صلاة النهار أو أشد قياما.

(وَأَقْوَمُ قِيلاً) : معطوف بالواو على «أشد وطأ» ويعرب إعرابه بمعنى : وأشد مقالا أو قولا. وأعدله.

(إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً) (٧)

(إِنَّ لَكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. لك : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» المقدم المحذوف.

(فِي النَّهارِ سَبْحاً) : جار ومجرور متعلق باسم إن «سبحا» أو متعلق بصفة محذوفة من «سبحا» قدمت عليه فصارت في محل نصب حالا مقدمة منه. سبحا : اسم «إن» المؤخر منصوب بالفتحة المنونة أي تقلبا في أشغالك.

(طَوِيلاً) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «سبحا» منصوب مثله بالفتحة المنونة بمعنى : فراغا وراحة لنومك فعليك بالتهجد ليلا.

(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) (٨)

(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) : معطوف بالواو على «رتل القرآن» ويعرب إعرابه. ربك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان.

(وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) : معطوفة بالواو على «اذكر» وتعرب مثلها. إليه : جار ومجرور متعلق بتبتل. تبتيلا : نائب عن المصدر المؤكد لعامله لأنه ملاقيه في الاشتقاق بمعنى وانقطع إليه بالعبادة منصوب وعلامة نصبه الفتحة

٣٧٠

المنونة والأصل : تبتلا .. وقيل : إن المعنى : بتل نفسك فجيء به على معناه مراعاة لحق فواصل الآيات.

(رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) (٩)

(رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. مرفوع على المدح وعلامة رفعه الضمة. المشرق : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والمغرب : معطوف بالواو على «المشرق» ويعرب إعرابه أي رب الكون.

(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) : نافية للجنس. إله : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف وجوبا تقديره موجود أو معلوم أو معبود. إلا : أداة استثناء. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع بدل من موضع «لا إله» لأن موضع «لا» وما عملت فيه رفع بالابتداء ولو كان موضع المستثنى نصبا لكان إلا إياه.

(فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) : الفاء سببية. اتخذه : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول. وكيلا : مفعول به ثان منصوب باتخذ المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة المنونة. بمعنى : كفيلا بما وعدك من النصب والإظهار.

(وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) (١٠)

(وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) : الواو عاطفة. اصبر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. على : حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعلى. والجار والمجرور متعلق باصبر. يقولون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير على ما يقولونه أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «يقولون» صلة

٣٧١

حرف مصدري لا محل لها و «ما» المصدرية وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق باصبر. التقدير والمعنى : واصبر يا محمد على قولهم فيك وفي دينك.

(وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) : معطوفة بالواو على جملة «اصبر» وتعرب إعرابها. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. هجرا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بالفتحة المنونة. جميلا ـ نعت ـ للموصوف «هجرا» منصوب مثله بالفتحة المنونة .. أي هجرا لا عتاب معه .. فسامحهم.

(وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً) (١١)

(وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ) : معطوفة بالواو على جملة «اصبر» وتعرب إعرابها. النون للوقاية والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل نصب مفعول به. الواو واو المعية. المكذبين : مفعول معه منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. أو يكون معطوفا على الضمير ـ الياء في «ذرني» بمعنى دعني ودع المكذبين بك وبرسالتك لي فأنا كفيل بهم .. والمكذبون هم رؤساء مكة من الساخرين ..

(أُولِي النَّعْمَةِ) : صفة ـ نعت ـ للمكذبين منصوبة مثلها وعلامة نصبها الياء أيضا لأنها ملحقة بجمع المذكر السالم والكلمة تكتب بواو ولا تلفظ وهي جمع بمعنى «ذوو» لا واحد لها وقيل : هي اسم جمع واحده ـ مفرده : ذو : بمعنى صاحب وهي مضافة. النعمة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جرها الكسرة بمعنى : أصحاب النعمة.

(وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً) : الواو عاطفة. مهل : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت .. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. قليلا : صفة ـ نعت ـ لمصدر محذوف .. بتقدير : وأمهلهم إمهالا قليلا منصوبة بالفتحة المنونة أو تكون صفة لظرف زمان محذوف بمعنى وأمهلهم زمانا أو وقتا قليلا.

٣٧٢

(إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً) (١٢)

(إِنَّ لَدَيْنا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. لدى : ظرف مكان مبني على السكون في محل نصب متعلق بخبر «إن» المقدم المحذوف وهو مضاف. و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.

(أَنْكالاً وَجَحِيماً) : اسم «إن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وجحيما : معطوفة بالواو على «أنكالا» منصوبة مثلها بالفتحة المنونة بمعنى : إن عندنا قيودا ثقيلة جمع «نكل» أي قيد ونارا ملتهبة.

(وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً) (١٣)

(وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ) : معطوف بالواو على «أنكالا» ويعرب مثله. ذا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «طعاما» منصوب مثله وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. غصة : مضاف إليه مجرور بالكسرة المنونة.

(وَعَذاباً أَلِيماً) : يعرب إعراب و «طعاما». أليما : صفة ـ نعت ـ للموصوف «عذابا» منصوب مثله بالفتحة المنونة.

(يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً) (١٤)

(يَوْمَ تَرْجُفُ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بما في «لدينا». ترجف : فعل مضارع مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «ترجف الأرض ..» في محل جر بالإضافة بمعنى تضطرب أو تزلزل ..

(الْأَرْضُ وَالْجِبالُ) : فاعل مرفوع بالضمة. والجبال : معطوفة بالواو على «الأرض» وتعرب إعرابها.

(وَكانَتِ الْجِبالُ) : الواو عاطفة. كانت : فعل ماض ناقص مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة حركت بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين. الجبال : اسم «كانت» مرفوع بالضمة بمعنى وتصير الجبال رخوة تغوص بها الأقدام.

٣٧٣

(كَثِيباً مَهِيلاً) : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. مهيلا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «كثيبا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : مثل رمل مجتمع هيل هيلا : أي نثر وأسيل.

(إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) (١٥)

(إِنَّا أَرْسَلْنا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». أرسل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بالضمير «نا» و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل وجملة «أرسلنا ..» في محل رفع خبر «إن».

(إِلَيْكُمْ رَسُولاً) : جار ومجرور متعلق بأرسلنا والميم علامة جمع الذكور أو يكون الجار والمجرور متعلقا بمحذوف على أن يكون صفة للاسم «رسولا» قدم عليه فصار حالا. رسولا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(شاهِداً عَلَيْكُمْ) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «رسولا» منصوب مثله بالفتحة المنونة. عليكم : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «شاهدا» والميم علامة جمع الذكور.

(كَما أَرْسَلْنا) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب صفة أو نائب عن مفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف و «ما» مصدرية. أرسلنا : أعربت. وجملة «أرسلنا ..» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر ـ إرسالنا ـ في محل جر بالإضافة أو تكون الكاف حرف جر للتشبيه فيكون الجار والمجرور المؤول متعلقا بمفعول مطلق محذوف.

(إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) : جار ومجرور متعلق بأرسلنا وعلامة جر الاسم الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والمعرفة. رسولا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة ونكر «رسولا» لأنه بمعنى بعض الرسل.

٣٧٤

(فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً) (١٦)

(فَعَصى فِرْعَوْنُ) : الفاء استئنافية. عصى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. فرعون : فاعل مرفوع بالضمة.

(الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ) : مفعول به منصوب وعلامة نصب الفتحة. الفاء سببية. أخذ : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به.

(أَخْذاً وَبِيلاً) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وبيلا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «أخذا» منصوب مثله بالفتحة المنونة بمعنى : أخذا وخيما أي ثقيلا.

(فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) (١٧)

(فَكَيْفَ تَتَّقُونَ) : الفاء رابطة لجواب شرط مقدم. كيف : اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال والعامل فيه تتقون. تتقون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(إِنْ كَفَرْتُمْ) : حرف شرط جازم. كنتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. وحذف جواب الشرط لتقدم معناه. التقدير : إن كفرتم أي إن بقيتم على الكفر فكيف تقون أنفسكم يوم القيامة؟ أي تدفعون عن أنفسكم شر يوم ..

(يَوْماً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وهو مفعول «كفرتم» على تأويل جحدتم ويجوز أن يكون ظرف زمان منصوبا على الظرفية بمعنى فكيف لكم بالتقوى في يوم القيامة؟ إن كفرتم في الدنيا أو يكون بمعنى : فكيف تتقون الله إن جحدتم يوم القيامة.

٣٧٥

(يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «يوما» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو .. يعود على «يوما» أو يعود على الله سبحانه بمعنى يجعل الولدان فيه شيبا. الولدان شيبا : مفعولا «يجعل» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة والفتحة المنونة.

(السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً) (١٨)

(السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) : الجملة الاسمية في محل نصب صفة ثانية للموصوف «يوما». السماء : مبتدأ مرفوع بالضمة. منفطر خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة. به : جار ومجرور متعلق بمنفطر أو بفعل من جنس اسم الفاعل «منفطر» أي تنفطر بمعنى : تنشق لشدة ذلك اليوم وفي الباء معنى الظرفية أي «فيه» يعني يوم القيامة.

(كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً) : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. وعده : اسم «كان» مرفوع بالضمة. والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه وهو من إضافة المصدر إلى المفعول والضمير لليوم ويجوز أن يكون مضافا إلى الفاعل وهو لفظ الجلالة سبحانه ولم يجر له ذكر في القول الكريم لكونه عزوجل معلوما بمعنى ويتحقق وعد الله. مفعولا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) (١٩)

(إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هذه : اسم إشارة مبني على الكسر في محل نصب اسم «إن» أي إن هذه الآيات الناطقة بالوعيد الشديد. تذكرة : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : موعظة وتذكير ..

(فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ) : الفاء استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». شاء : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بمن. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وحذف مفعول «شاء» اختصارا

٣٧٦

بمعنى : فمن شاء الاتعاظ. اتخذ : الجملة الفعلية وما بعدها جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء فلا محل لها والجملة الفعلية «اتخذ» تعرب إعراب «شاء» والجملة الفعلية «شاء» صلة الموصول لا محل لها.

(إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) : جار ومجرور متعلق باتخذ أو متعلق بصفة محذوفة من «سبيلا» قدم عليه فكان محله حالا في محل نصب. سبيلا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : طريقا إلى الله بالتقوى والخشية ومعنى اتخاذ السبيل إلى الله هو التقرب والتوسل والطاعة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه.

(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢٠)

(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربك : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه. يعلم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو.

(أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم أن وأن وما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل نصب سد مسد مفعولي «يعلم» والجملة الفعلية «يعلم أنك ..» في محل رفع خبر «إن». تقوم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. أدنى : مفعول فيه ـ ظرف زمان ـ مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر في محل نصب على الظرفية متعلق بتقوم والجملة الفعلية «تقوم أدنى ..» في محل رفع خبر «أن» بمعنى : أقل. أي تقوم للتهجد ..

٣٧٧

(مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ) : جار ومجرور متعلق بأدنى وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى ـ أصله : ثلثين ـ حذفت النون للإضافة و «الليل» مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ) : معطوفان بواوي العطف على «أدنى» ويعربان إعرابه وعلامة نصبهما الفتحة الظاهرة والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.

(وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ) : الواو عاطفة. طائفة : فاعل لفعل محذوف اختصارا لأن ما قبله دال عليه مرفوع بالضمة المنونة بمعنى وتقوم طائفة .. من : حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «طائفة». معك : ظرف مكان يدل على الاجتماع والمصاحبة متعلق بفعل محذوف تقديره وجدوا .. كانوا وهو مضاف والكاف أعرب. وجملة «وجدوا معك» صلة الموصول لا محل لها.

(وَاللهُ يُقَدِّرُ) : الواو عاطفة. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. يقدر : تعرب إعراب «يعلم» بمعنى : مقادير ساعات ..

(اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. والنهار : معطوف بالواو على «الليل» ويعرب مثله والجملة الفعلية «يقدر الليل والنهار» في محل رفع خبر المبتدأ بمعنى ساعاتهما وأوقاتهما.

(عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أن : ملغاة لأن العرب إذا جمعت بين حرفين عاملين ألغت أحدهما. لن : حرف نصب ونفي واستقبال. أو تكون «أن» مخففة من «أن» الثقيلة وهي حرف مشبه بالفعل واسمه ضمير شأن مستتر تقديره : أنه و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «علم». تحصوه : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل

٣٧٨

نصب مفعول به وجملة «لن تحصوه» في محل رفع خبر «أن» بمعنى : علم أنه لا يصح منكم ضبط الأوقات وذلك شاق عليكم أي لا تقدرون» عليه.

(فَتابَ عَلَيْكُمْ) : الفاء سببية. تاب : تعرب إعراب «علم». عليكم : جار ومجرور متعلق بتاب والميم علامة جمع الذكور.

(فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ) : الفاء استئنافية. اقرءوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. تيسر : تعرب إعراب «علم» والفاعل يعود على «ما».

(مِنَ الْقُرْآنِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول. التقدير : حال كونه من القرآن و «من» حرف جر بياني. والجملة الفعلية «تيسر من القرآن» صلة الموصول لا محل لها.

(عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ) : تعرب إعراب «علم أن» الأولى. السين حرف تسويف ـ استقبال ـ أو تنفيس. يكون : فعل مضارع ناقص مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «سيكون ..» وما بعدها في محل رفع خبر «أن» ورفع الفعل بعدها لأنه مفصول عنها بحرف تنفيس ولأنها مسبوقة بجملة تدل على العلم وأن مصدرية وخبرها جملة فعلية فعلها متصرف إضافة إلى كونها مخففة من «أن» الثقيلة.

(مِنْكُمْ مَرْضى) : جار ومجرور متعلق بخبر «يكون» المقدم المحذوف. مرضى : اسم «يكون» مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والميم في «منكم» علامة جمع الذكور. أو يكون الفعل «يكون» فعلا تاما ويكون الجار والمجرور «منكم» متعلقا بيكون «ومرضى» فاعل «يكون» أي لا يطيقون ذلك.

(وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ) : معطوف بالواو على «مرضى» مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من حركة المفرد بمعنى : وسيكون منكم آخرون. يضربون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو

٣٧٩

ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «يضربون في الأرض» في محل رفع صفة للموصوف آخرون.

(فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ) : جار ومجرور متعلق بيضربون. يبتغون : تعرب إعراب «يضربون» بمعنى : سائحين في الأرض للتجارة ويجوز أن تكون الجملة الفعلية «يبتغون» في محل نصب حالا من «آخرون» بعد أن وصفت فاكتسبت التعريف.

(مِنْ فَضْلِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بيبتغون. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) : تعرب إعراب «وآخرون يضربون في الأرض» والجار والمجرور «في سبيل» متعلق بيقاتلون. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) : سبق إعرابه والهاء يعود على القرآن.

(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) : معطوفة بالواو على «اقرءوا وتعرب إعرابها. الصلاة : مفعول به منصوب بالفتحة.

(وَآتُوا الزَّكاةَ) : معطوفة بالواو على «أقيموا الصلاة» وتعرب إعرابها بمعنى : وأدوا الصلاة المفروضة والزكاة الواجبة.

(وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) : تعرب إعراب «وأقيموا». الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. قرضا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. حسنا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قرضا» وعلامة نصبه الفتحة المنونة. و «قرضا» مفعول «أقرضوا» الثاني بمعنى وسلفوه أي أنفقوه في سبيل الله.

(وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) : الواو استئنافية. ما : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم لفعل «تقدموا» لأنه لم يستوف مفعوله. تقدموا : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بما وعلامة جزمه حذف

٣٨٠