إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤٩

إعراب آياتها

(وَالضُّحى) (١)

(وَالضُّحى) : الواو واو القسم حرف جر. الضحى : مقسم به مجرور بواو القسم وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف أي أقسم بالضحى وأبدلت الباء بالواو أو بتقدير : ورب الضحى أو وحق الضحى وهو أول النهار. أي وقت ارتفاع الشمس والمراد بالضحى : وقت الضحى وهو صدر النهار حتى ترتفع الشمس وتلقي شعاعها.

(وَاللَّيْلِ إِذا سَجى) (٢)

تعرب إعراب الآية الكريمة الثانية من سورة «الليل» بمعنى : سكن وركد ظلامه. أو إذا سكن الناس فيه للراحة بعد أن أظلم.

(ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) (٣)

(ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ) : نافية لا عمل لها واقعة في جواب القسم والجملة لا محل لها لأنها جواب القسم. ودعك : فعل ماض مبني على الفتح والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم. ربك : فاعل مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بمعنى ما قطعك قطع المودع.

(وَما قَلى) : معطوفة بالواو على جملة (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ) وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الرب سبحانه بمعنى : وما قلاك أي وما أبغضك وحذف الضمير ـ كاف المخاطب ـ اختصارا من «قلى» وهو اختصار لفظي لظهور المحذوف قبله في «ودعك» وذلك مراعاة لرءوس الآيات ـ الفواصل ـ كما حذف أيضا من الآيات السادسة .. السابعة والثامنة في الأفعال «آوى» أي آواك. و «هدى» أي وهداك. و «أغنى» أي وأغناك.

٦٤١

(وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى) (٤)

(وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ) : الواو استئنافية. اللام لام التوكيد. الآخرة : مبتدأ مرفوع بالضمة. خير : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة ونون آخر اللفظة بعد حذف الألف طلبا للفصاحة والأصل : أخير.

(لَكَ مِنَ الْأُولى) : جاران ومجروران متعلقان بخير وعلامة جر «الأولى» الكسرة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : إن حاله في الدار الآخرة خير له من هذه الدنيا الفانية.

** (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة المعنى : ما تركك ربك يا محمد في حالة قراءة «ودع» بتخفيف الدال ـ لأن قولهم : دع ذا : أي اتركه أصله : ودع ـ يدع. وقد أميت ماضي هذا الفعل واسم فاعله فلا يقال : ودع وإنما يقال : ترك. ولا يقال : وادع ولكن يقال : تارك. وربما جاء في ضرورة الشعر : ودعه فهو مودوع .. على أصله.

** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة ردا على المشركين .. حين أبطأ على الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ الوحي أياما ، فقالوا : إن محمدا ودعه ربه وقلاه. والتوديع : هو مصدر الفعل «ودع» والاسم منه : الوداع. نحو : ودع القوم المسافر يودعونه توديعا وكان وداعا رائعا بمعنى : شيعوه عند رحيله : أي خرجوا معه وتبعوه ليودعوه أما «الوداع» بكسر الواو فمأخوذ من الفعل «وادع» نحو : وادعه ـ يوادعه ـ موادعة ووداعا : بمعنى : صالحه وسالمه وفي رواية : كان الوحي قد احتبس عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ نحو خمس عشرة ليلة فقال الكفار والمنافقون إن إله محمد قد قلاه وإن الوحي جبريل ـ عليه‌السلام ـ قد أبغضه فأنزل الله تعالى هذه الآية. ومن أخطائهم قولهم : ودعنا مبلغا من المال في المصرف .. والصواب : أودعنا بمعنى : جعلناه وديعة وعلى ذكر «المصرف» فهو بكسر الراء وليس بفتحها لأنه اسم مكان ومضارعه : يصرف ـ بكسر عينه أي الراء ـ.

** (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة .. المعنى : وجدك ربك يتيما لفقد أبيك .. وهو من الوجود بمعنى العلم .. فآواك أي فوجد لك المأوى وهو ضمك إلى من يكفلك وهو عمك أبو طالب والفعل «وجد» تعدى إلى مفعولين بمعنى علم .. ذلك أن أباه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ مات وهو جنين وقد أتت عليه ستة أشهر وماتت أمه وهو ابن ثماني سنوات فكفله عمه أبو طالب وعطفه الله عليه فأحسن تربيته. قال الزمخشري : ومن بدع التفاسير : أنه من قولهم : درة يتيمة وأن المعنى : ألم يجدك واحدا من قريش عديم النظير فآواك. وقرئ : فأوى ـ بتخفيف الهمزة ـ وهو على معنيين : إما من «أواه» بمعنى : آواه .. وإما من أوى له : إذا رحمه.

** (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة .. والفعل «يعطي» يتعدى إلى مفعولين .. وفي الآية الكريمة حذف المفعول به الثاني اختصارا أي ادخر له ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ من الثواب الذي لا يعلم كنهه إلا الله.

٦٤٢

(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (٥)

(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة. سوف : حرف استقبال أي تأكيد الاستقبال. يعطيك : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم.

(رَبُّكَ فَتَرْضى) : فاعل مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه. والجملة الفعلية «سوف يعطيك ربك» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره ولأنت سوف يعطيك ربك وحذف المفعول به الثاني للفعل «يعطي» الفاء عاطفة. ترضى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت.

(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى) (٦)

(أَلَمْ يَجِدْكَ) : الهمزة همزة الاستفهام للتقرير بمعنى التذكير وقيل : الهمزة تفيد نفي ما بعدها ولزوم ثبوته لأنه منفي ولأن نفي النفي إثبات. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يجدك : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول. والفعل «يجد» من الوجود بمعنى العلم.

(يَتِيماً فَآوى) : مفعول به ثان منصوب بيجد وعلامة نصبه الفتحة المنونة. فآوى : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على جملة «ألم يجدك» لأن معناها : وجدك .. وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر بمعنى : فآواك. أي فجعل لك مأوى بعد أن وجدك يتيما لفقد أبيك.

(وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى) (٧)

الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها بمعنى : فأزال ضلالك عن جدك وعمك و «ضالا» بمعنى : ضائعا في صباه في شعاب مكة. أي فعلمك وهداك؟

٦٤٣

(وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) (٨)

تعرب إعراب الآية الكريمة السابقة بمعنى : فقيرا فأغناك من الغنائم أو فأغنى قلبك.

(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) (٩)

(فَأَمَّا الْيَتِيمَ) : الفاء استئنافية. أما : حرف شرط وتفصيل لا عمل له. اليتيم : مفعول به مقدم منصوب بتقهر وعلامة نصبه الفتحة بمعنى فلا تغلبه على ماله وحقه لضعفه.

(فَلا تَقْهَرْ) : الفاء واقعة في جواب «أما» لا : ناهية جازمة. تقهر : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت.

(وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) (١٠)

الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها بمعنى : فلا تزجره أو بمعنى السائل عن علم أو مال فعلمه وأعطه مالا.

(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (١١)

(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ) : الواو عاطفة. أما : حرف شرط وتفصيل لا عمل له. بنعمة : جار ومجرور متعلق بحدث.

(رَبِّكَ فَحَدِّثْ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان. الفاء واقعة في جواب «أما» حدث : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. بمعنى : فتحدث أي اشكر نعمة الله وأشعها ـ أي وأنشرها وأعلنها ـ ونعمة ربك : هي النبوة وغيرها.

***

٦٤٤

سورة الشرح ـ الانشراح

معنى السورة : الشرح : هو التوسعة والفسح والتفسير. يقال : شرح الله صدره للإسلام ـ يشرحه ـ شرحا .. من باب «قطع» بمعنى : وسعه وفسحه لقبول الحق. ويصغر المصدر «شرح» على شريح وبه سمي القاضي : شريح وكني به أيضا ومنه : أبو شريح واسمه : خويلد بن عمرو الكعبي العدوي ومنه اشتق اسم المرأة شراحة الهمدانية وهي التي جلدها علي ورجمها. ويقال : شرحت الحديث أو الشيء الغامض أشرحه ـ شرحا ـ من الباب نفسه : بمعنى : فسرته وبينته وأوضحت معناه وكشفته. والشرح : هو الكشف. وشرح صدره للشيء أو بالشيء : بمعنى : سره به وطيب نفسه ولهذا قيل : شرح الله صدر المؤمن للإسلام : أي وسعه لقبول الحق.

تسمية السورة : سميت إحدى سور القرآن الكريم «الشرح» تيمنا بآيتها الأولى وإكراما للرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ حين خاطبه الله عزوجل بقوله الكريم : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) صدق الله العظيم. المعنى : شرحنا أي وسعنا وأفسحنا لك صدرك يا محمد أي قلبك لقبول النبوة والهدى والايمان وملأناه علما وحكمة وهو كناية عن السرور أي أزلنا ضيق الغموض أي بعد أن كان ضيقا لما تشعر به من جهل الحقائق .. أو فسحنا لك صدرك حتى وسع هموم النبوة أو حتى احتمل المكاره التي يتعرض لك بها كفار قومك. وسميت السورة الشريفة أيضا بمصدر الفعل «انشرح» وهو «الانشراح» وهو بمعنى : طيب النفس والسرور والفعل «انشرح» مطاوع .. أي موافق الفعل «شرح» لأننا نقول : شرح الله صدره للإسلام شرحا فانشرح انشراحا .. بمعنى : وسّع الله قلبه لقبول الخير والحق فاتسع اتساعا. وقيل : المعنى : فسحناه حتى وسع هموم النبوة ودعوة الثقلين جميعا أي الإنس والجن وأزلنا عنه الضيق والحرج.

فضل قراءة السورة : قال مهبط الوحي والتنزيل رسول الله الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «ألم نشرح» فكأنما جاء بي وأنا مغتم ففرج عني» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ

٦٤٥

إعراب آياتها

(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) (١)

(أَلَمْ نَشْرَحْ) : الألف ألف تقرير وإثبات بلفظ استفهام. لم : حرف نفي وجزم وقلب. نشرح : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. أي ألم نوسع.

(لَكَ صَدْرَكَ) : جار ومجرور متعلق بنشرح. صدرك : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه بمعنى : شرحنا قلبك.

(وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) (٢)

(وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) : الواو عاطفة. وضع : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع «نا» و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. عنك : جار ومجرور متعلق بوضعنا. وزرك : يعرب إعراب «صدرك» بمعنى حملك الثقيل. بمعنى : وأزلنا عنك حملك الذي حملت إياه وهو حرصك على هداية قومك.

(الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) (٣)

(الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ للوزر. أنقض : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ظهرك : يعرب إعراب «صدرك» أي أثقل ظهرك بمعنى : أثقلك نتيجة تفكيرك واهتمامك بهداية قومك.

(وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) (٤)

تعرب إعراب الآية الكريمة الثانية بمعنى ورفعنا منزلتك وسمعتك في الدنيا والآخرة.

٦٤٦

(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (٥)

(فَإِنَّ مَعَ) : الفاء سببية أو عاطفة على محذوف للتعليل بمعنى : فلا تيأس من فضل الله فإن .. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. مع : ظرف مكان يدل على الاجتماع والمصاحبة متعلق بخبر «إن» في محل نصب على الظرفية وهو مضاف.

(الْعُسْرِ يُسْراً) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. يسرا : اسم «إن» مؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة ويجوز أن تكون «مع» حرف جر فيكون الجار والمجرور في محل رفع خبر «إن» المقدم.

** (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى .. والاستفهام فيه يفيد نفي ما بعده ولزوم ثبوته لأن نفي النفي إثبات أو هو استفهام إنكاري للنفي مبالغة في الإثبات لأن الاستفهام جاء عن انتفاء الشرح على وجه الإنكار فأفاد إثبات الشرح وإيجابه فكأنه قيل : شرحنا لك صدرك ولهذا عطف عليه «ووضعنا».

** (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية .. المعنى : وحططنا أو أزلنا عنك حملك الثقيل .. يقال : وزر ـ يزر ـ وزرا .. من باب «وعد» بمعنى حمل و «الوزر» بكسر الواو هو الحمل وجمعه أوزار : أي أحمال أو أثقال والمراد به في الآية : الجهل والحيرة.

** (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة .. المعنى : ورفعنا لك ذكرك بإيتاء النبوة وجعلك هاديا لأمم لا يحصى عددها إلى يوم القيامة وفي القول الكريم إشارة إلى منزلة الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ عند الله عزوجل ورفع ذكره : أي قرن بذكر الله في كلمة الشهادة والأذان وفي مواضع من القرآن وفي تسميته رسول الله بعد إيتائه النبوة.

** (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) : هذا القول الكريم المكرر هو نصا الآيتين الكريمتين الخامسة والسادسة .. والعسر : ضد اليسر .. وهما لا يجتمعان فيكون التقدير : إن مع انقضاء العسر يسرا .. فحذف المضاف «انقضاء» اختصارا أو أن الله تعالى يصيبهم بيسر بعد العسر الذي كانوا فيه بزمان قريب. والآية الكريمة الثانية مؤكدة للآية الكريمة الأولى لتقرير معناها في النفوس وتمكينها في القلوب .. ونكرت «يسرا» للتفخيم أي يسرا عظيما.

** سبب نزول الآية : لما نزلت هذه الآية الكريمة قال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فيما أخرجه ابن جرير عن الحسن البصري : «أبشروا أتاكم اليسر لن يغلب عسر يسرين» ونزلت الآية الكريمة حين عير المشركون المسلمين بالفقر .. فكان معنى القول : هو إن مع كل عسر شدة يسرا آخر .. ففي مواجهة كل عسر يسران.

(إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (٦)

تعرب إعراب الآية الكريمة الخامسة.

٦٤٧

(فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) (٧)

(فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) : الفاء استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط. فرغت : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل الفاء واقعة في جواب «إذا» والجملة «فانصب» جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. انصب : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. بمعنى : فإذا فرغت من التبليغ أو العبادة أو الصلاة فاتعب في العبادة أو فاجتهد فيها وقيل : فإذا فرغت من دنياك فانصب في صلاتك.

(وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) (٨)

(وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) : الواو عاطفة. إلى ربك : جار ومجرور متعلق بارغب والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه. فارغب : تعرب إعراب «فانصب» بمعنى : واجعل رغبتك إلى الله خصوصا ولا تسأل إلا فضله سبحانه متوكلا عليه وتضرع إليه سبحانه.

***

٦٤٨

سورة التين

معنى السورة : التين لفظة عربية مفردها : تينة .. وتسمى الأرض التي يغرس فيها كثير من التين : متانة. ومنه : هذه أرض متانة .. ويؤكل ثمر «التين» أخضر ويابسا .. أما «التيان» فهو بائع التين ومجففه. أما «الزيتون» فهو ثمر معروف .. والزيت : دهنه .. وخرج الفعل «زات» من هذه اللفظة فقيل : زاته ـ يزيته : بمعنى : دهنه بالزيت .. وزات الرجل طعامه : أي جعل فيه الزيت. فالطعام مزيت ـ مفعل بمعنى مفعول ـ ومزيوت ـ اسم مفعول .. ويقال أيضا : زيتهم ـ تزييتا : بمعنى : زودهم الزيت.

تسمية السورة : وردت لفظة «التين» مرة واحدة في القرآن الكريم وسميت إحدى سوره الكريمة بها وفي آيتها الأولى أقسم سبحانه بهذه اللفظة مقرونة بلفظة «الزيتون» في قوله عزوجل : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) أي وحق التين والزيتون .. وجاء إقسامه سبحانه بهما لمنافعهما ولأنهما عجيبان من بين أصناف الشجر المثمرة. روي أنه أهدي لرسول الله الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ طبق تين فأكل منه وقال ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لأصحابه : «كلوا فلو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه» أما «الزيتون» فقد ذكر خمس مرات في التنزيل الحكيم ولفظة «زيتونة» مرة واحدة في سورة «النور» قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن الآية الكريمة الأولى (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) : هو تينكم وزيتونكم هذا. وقيل : هما جبلان لأن بعدها : وطور سينين .. الطور : هو الجبل .. وسينين وسيناء : هما اسمان للموضع الذي فيه وهو الجبل الذي نادى عليه موسى ربه. و «الزيات» هو بائع الزيت أو عاصره. و «الزيتون» يرمز ورقه منذ القدم إلى السلام والأمان.

فضل قراءة السورة : قال الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «والتين» أعطاه الله خصلتين : العافية واليقين ما دام في الدنيا وإذا مات أعطاه الله من الأجر بعدد من قرأ هذه السورة» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

٦٤٩

إعراب آياتها

(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) (١)

(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) : الواو حرف جر ـ واو القسم ـ التين : اسم مقسم به مجرور بواو القسم وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف. التقدير : أقسم برب التين أو وحق التين. والزيتون : معطوف بالواو على «التين» ويعرب إعرابه. التقدير : بشجر التين والزيتون.

(وَطُورِ سِينِينَ) (٢)

(وَطُورِ سِينِينَ) : معطوف بالواو على «التين» ويعرب إعرابه. سينين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للتعريف وهو اسم بقعة شأنه في ذلك شأن «سيناء» اللذين فيهما جبل طور.

(وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) (٣)

(وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) : الواو عاطفة. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر لأنه معطوف على مجرور أي أقسم برب هذا البلد الأمين. البلد : بدل من اسم الإشارة أو صفة له مجرور أيضا وعلامة جره الكسرة. الأمين : صفة ـ نعت ـ للبلد مجرور مثله وعلامة جره الكسرة والمراد : مكة المكرمة.

(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (٤)

(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) : الجملة جواب القسم لا محل لها. اللام واقعة في جواب القسم المقدر. قد : حرف تحقيق أو حرف توقع. خلق : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. الإنسان : مفعول به منصوب بالفتحة.

٦٥٠

(فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) : جار ومجرور متعلق بخلقنا. وصرف «أحسن» وهو أفعل التفضيل لأنه أضيف وهو في الأصل ممنوع من الصرف على وزن «أفعل» ومن وزن الفعل يجر بالفتحة بدلا من الكسرة إلا إذا أضيف أو عرف بالألف واللام. تقويم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : في أحسن تعديل لشكله وصورته. والمراد جنس الإنسان.

** (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى : المراد بالتين والزيتون : شجرهما .. يحكى أن معاذ بن جبل مر بشجرة الزيتون فأخذ منها قضيبا واستاك به وقال : سمعت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يقول : نعم السواك الزيتون من الشجرة المباركة وهي سواكي وسواك الأنبياء من قبلي. والسواك بغصن الزيتون يطيب الفم ويذهب بالحفرة : أي صفرة الأسنان.

** (وَطُورِ سِينِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية .. وأضيف (طُورِ) وهو اسم الجبل إلى «سينين» وهي البقعة التي تضم هذا الجبل .. أقسم الله تعالى بطور سيناء للتجلي الإلهي الذي حدث فيه عند ما كلم موسى عليه. وأخرج الجماعة «مالك وأصحاب الكتب الستة» عن البراء بن عازب قال : كان النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يقرأ في سفره في إحدى الركعتين بالتين والزيتون فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه.

** (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة .. المعنى : وهذا البلد الآمن .. وهو من «الأمن» والبلد الأمين : هو مكة المكرمة حماها الله سبحانه وكرمها بالكعبة المشرفة وجعلها حرما آمنا للناس أجمعين. والأمين : هو الموثوق به أي المأمون الثقة نحو قولنا : هذا رجل مأمون الغائلة «أي الشر» ليس له مكر يخشى. ومنه القول : أمن الرجل أمانة فهو أمين ثم استعمل المصدر في الأعيان مجازا. فقيل : الوديعة أمانة. قال عمر بن كلثوم في معلقته :

قفي نسألك هل أحدثت صرما

لو شك البين أم خنت الأمينا

يقول الشاعر : قفي مطيتك نسألك هل أحدثت قطيعة لسرعة الفراق؟ أم هل خنت حبيبك الذي تؤمن خيانته؟ والصرم : هو القطيعة. و «الوشك» هو السرعة ومنه «الوشيك» أي السريع. والأمين أيضا بمعنى : المأمون ـ فعيل بمعنى مفعول ـ والأمان : بمعنى : الأمانة. والإيمان : هو التصديق. أما «المؤمن» فهو اسم فاعل للفعل «آمن» وهو أيضا من أسماء الله الحسنى .. لأنه سبحانه آمن عباده من أن يظلمهم. والأمن : ضد الخوف ويعني أيضا الاطمئنان وسكون القلب فالأمين في الآية الكريمة المذكورة آنفا : بمعنى : الآمن وهو من «الأمن» والأمين والمأمون والمؤتمن من صفات رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهي كصفاته الأخرى مثل : الحامد .. المحمود .. محمد .. المجتبى .. المصطفى .. المختار ومن أقواله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «المسلم من أمن الناس بوائقه» أي شروره «جمع بائقة».

** سبب نزول الآية : أخرج الترمذي عن أبى هريرة قال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «فإذا قرأ أحدكم» «والتين والزيتون» فأتى على آخرها (أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ) فليقل : بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين أي نعم أنت سبحانك أحكمهم قضاء.

٦٥١

(ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) (٥)

(ثُمَّ رَدَدْناهُ) : حرف عطف. ردد : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بالضمير «نا» و «نا» ضمير الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به.

(أَسْفَلَ سافِلِينَ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق برددنا وهو مضاف بمعنى في أسفل. سافلين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى ثم كان عاقبة أمره حين لم يشكر نعمة تلك الخلقة الحسنة القويمة السوية أن رددناه أسفل من سفل خلقا وتركيبا أو رددناه إلى الانحطاط أي أرذل العمر وهم أصحاب النار والمراد بضمير الغائب الكافر من جنس الإنسان.

(إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (٦)

(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) : أداة استثناء. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مستثنى بإلا استثناء متصلا ظاهر الاتصال على المذهب الأول أي الوجه الأول أي من الهاء ـ الضمير ـ في «رددناه» العائد إلى الإنسان لأنه بمعنى «الجماعة» وإن كان لفظه لفظ مفرد ويكون على الوجه الآخر استثناء منقطعا بمعنى : ولكن الذين كانوا مؤمنين أي صالحين من الهرمى ـ جمع هرم ـ آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب إعرابها. الصالحات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم وهو في الأصل صفة لموصوف محذوف

٦٥٢

التقدير : الأعمال الصالحات فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه أو تكون اللفظة من الصفات التي جرت مجرى الأسماء.

(فَلَهُمْ أَجْرٌ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل أو تكون واقعة في جواب «الذين» المتضمن معنى الشرط. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم محذوف. أجر : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : فلهم ثواب دائم غير منقطع ولا يمن عليهم لطاعتهم وصبرهم.

(غَيْرُ مَمْنُونٍ) : صفة ـ نعت ـ لأجر مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة. ممنون : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ) (٧)

(فَما يُكَذِّبُكَ) : الفاء استئنافية. ما : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ يفيد هنا التقرير. يكذبك : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «ما» وهي فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به وهو خطاب للإنسان على طريقة الالتفات .. أي فما يجعلك كاذبا بسبب الدين وإنكاره بعد هذا الدليل أو فما سبب تكذيبك أيها الإنسان بعد هذا الدليل القاطع بالجزاء. أي بيوم القيامة.

(بَعْدُ بِالدِّينِ) : ظرف زمان مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل نصب ولأنه غاية بمعنى : بعد هذا الدليل القاطع وبعد حذف المضاف إليه «هذا الدليل» بني المضاف «بعد» على الضم لانقطاعه عن الإضافة. بالدين : جار ومجرور متعلق بيكذب بمعنى : بالجزاء. أي بالبعث وهو يوم الحساب.

(أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ) (٨)

(أَلَيْسَ اللهُ) : الألف ألف تقرير بلفظ استفهام أي استفهام إنكار للنفي مبالغة في الإثبات أو همزة إنكار دخلت على المنفي فرجع إلى معنى

٦٥٣

التقرير. ليس : فعل ماض ناقص من أخوات «كان». الله لفظ الجلالة اسم «ليس» مرفوع للتعظيم وعلامة الرفع الضمة.

(بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ) : الباء حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي الإنكاري. أحكم : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه خبر «ليس» وهو من أفعل التفضيل الممنوع من الصرف وقد صرف لأنه أضيف. الحاكمين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. والقول الكريم فيه وعيد للكفار وأنه سبحانه يحكم عليهم بما هو أهله. والجواب : بلى.

***

٦٥٤

سورة العلق

معنى السورة : العلق : جمع «علقة» بفتح العين واللام وهي قطعة جامدة من الدم وقيل : العلق : هو الدم الغليظ والقطعة منه : علقة وقوله عزّ من قائل : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) وإنما خلق الإنسان من علقة والسبب في ذلك أن الإنسان هنا بمعنى الجمع أو المراد : جنس الإنسان .. وجيء بالجمع لتناسب رءوس الآي الشريف ـ فواصل الآيات ـ ويقال : علقت المرأة .. من باب «طرب» بمعنى : حبلت. قال عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : «حدثنا رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو الصادق المصدوق قال : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمة أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله ملكا إليه في الطور الرابع حين يتكامل بنيانه وتتشكل أعضاؤه فيؤمر بأربع كلمات يكتبها ويقال له : اكتب عمله ورزقه وأجله ـ طويلا أو قصيرا ـ شقيا أو سعيدا ثم ينفخ فيه الروح .. وتبارك الله العظيم الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم : أي في أحسن هيئة وشكل ومنتصبا وفضله على بقية الخلق أجمعين.

تسمية السورة : لقد كرم الله تعالى الإنسان وشرفه في تسمية إحدى سور القرآن الكريم بسورة العلق لأن قوله تعالى (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) هو تخصيص للإنسان بالذكر من بين ما يتناوله الخلق لأن التنزيل إليه وهو أشرف ما على الأرض وهو تفخيم له ودلالة على عجيب فطرته ـ أي خلقه ـ والآية الكريمة الأولى من هذه السورة الشريفة هي (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) وبعدها : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) صدق الله العظيم. والخلق هو أولى النعم. والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

فضل قراءة السورة : قال الرسول الأكرم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «العلق» أعطي من الأجر كأنما قرأ المفصل كله» صدق رسول الله. وقيل : نزل صدر هذه السورة الشريفة أول ما نزل من القرآن الكريم أما بقية السورة فهو متأخر النزول بعد انتشار دعوة الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بين قريش وتحرشهم به وإيذائهم له ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ

٦٥٥

إعراب آياتها

(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (١)

(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. باسم : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير المخاطب بمعنى : ابتدئ يا محمد مفتتحا باسم ربك أي قل : بسم الله الرحمن الرحيم ثم اقرأ أو تكون الباء زائدة غير معلقة بشيء وهي باء الصفة بمعنى : اقرأ اسم ربك مثل قوله تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ) ربك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان.

(الَّذِي خَلَقَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت ـ للرب. خلق : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وحذف المفعول به اختصارا بتقدير : خلق كل شيء أي تناول سبحانه كل مخلوق لأنه مطلق وقوله (الَّذِي خَلَقَ) تخصيص للإنسان بالذكر من بين ما يتناوله الخلق أو يراد الذي خلق الإنسان فقيل : الذي خلق مبهما ثم فسره بقوله تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ) تفخيما لخلق الإنسان ودلالة على عجيب فطرته. وقيل : يجوز أن لا يقدر له مفعول وأن يراد أنه الذي حصل منه الخلق واستأثر به لا خالق سواه. أو تكون «خلق» في الآية الثانية بدلا من «خلق» الأولى.

(خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) (٢)

(خَلَقَ الْإِنْسانَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الإنسان : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(مِنْ عَلَقٍ) : جار ومجرور متعلق بخلق ولم يقل سبحانه : من علقة كقوله تعالى «من نطفة ثم من علقة» وقالها على الجمع لأن الإنسان في معنى الجمع أو يراد جنس الإنسان أو مراعاة لرأس الآية الكريمة الأولى.

٦٥٦

(اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) (٣)

(اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) : أعربت في الآية الكريمة الأولى وحذف مفعول الفعل اختصارا أي اقرأ يا محمد ما يوحى إليك. الواو استئنافية. ربك : مبتدأ مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه. الأكرم : صفة ـ نعت ـ للرب سبحانه مرفوع بالضمة وحذف خبر المبتدأ اختصارا بمعنى : وربك الأكرم سيجزيك على طاعتك وقراءتك فجملة «يجزيك» في محل رفع خبر المبتدأ.

** (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى .. وهو أول ما نزل من القرآن الكريم كلام الله المعجزة نزل على فخر الكائنات محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بلفظ عربي مبين في ليلة القدر من شهر رمضان المبارك وقد بدأ نزوله بعد السنة الأربعين من مولد الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو آخر الكتب السماوية نزولا وأوحي إليه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو في غار «حراء» بأول أمر من القرآن الكريم عن طريق جبريل ـ عليه‌السلام ـ وهو (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) والقرآن : مصدر الفعل «قرأ» نحو : قرأت الكتاب قراءة وقرآنا .. وقرأ الشيء : بمعنى : جمعه وضمه أو ضم بعضه إلى بعض ومنه سمي القرآن لأنه يجمع السور ويضمها وقوله تعالى في سورة «القيامة» : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) معناه : جمعه وقراءته. والقرآن الكريم منزه عن الشك لأنه كتاب الله القوي الأعلى وصوته القدسي المبارك وهديه المبين فيه للعقول غذاء وللقلوب شفاء وللنفوس دواء .. أي جمعه في صدرك وإثبات قراءته على لسانك. وقيل : سمي بعض القرآن قرآنا لأن القرآن اسم جنس يقع على كله وبعضه. والآية الكريمة المذكورة آنفا بمعنى ابتدئ مفتتحا باسم ربك أي ابتدئ قراءة القرآن أو مستعينا باسم ربك الذي خلق كل شيء في الوجود.

** (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة وفيه ردع وزجر لمن كفر بنعمة الله عليه بطغيانه وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه وقيل : كلا : حرف جواب بمعنى : نعم حقا وهو هنا ليس ردا .. يقال : طغا ـ يطغو ـ طغوا ـ من باب «قال» وطغي ـ يطغى .. من باب «تعب» ومن باب «نفع» لغة فيه. والمصدر : طغيانا وطغوانا : بمعنى جاوز الحد في العصيان فهو طاغ.

** سبب نزول الآية : روي أن أبا جهل ـ لعنه الله ـ أنه قال : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قالوا : نعم. قال : فوالذي يحلف به لئن رأيته لوطئت عنقه! فجاءه ثم نكص على عقبيه ـ أي رجع ـ فقالوا له : ما لك يا أبا الحكم؟ فقال : إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة أي أراد هذا الملعون أنه لو رأى محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يفعل ذلك ـ أي يصلي ـ أو لو رآه ساجدا ليعفرن وجهه في التراب ويطأ عنقه! فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة وما تلاها.

** (أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة .. المعنى : لأجل رؤيته نفسه غنيا ..

٦٥٧

** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في أبي جهل إذ قال لعنه الله للرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أتزعم من استغنى طغى؟ إشارة إلى قوله تعالى : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) فاجعل لنا جبال مكة فضة وذهبا لعلنا نأخذ منها فنطغى فندع ديننا .. ونتبع دينك. فنزل جبريل ـ عليه‌السلام ـ فقال : إن شئت فعلنا ذلك ثم إن لم يؤمنوا فعلنا بهم ما فعلنا بأصحاب المائدة فكف رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ عن الدعاء إبقاء عليهم.

** (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة .. المعنى : الرجوع وهي مصدر كالبشرى. وقيل : الرجعى .. توافقا مع الفواصل ـ أي رءوس الآي ـ «عبدا إذا صلى» و «كذب وتولى» وفي القول الكريم تهديد للإنسان وتحذير من عاقبة الطغيان والقول واقع على طريقة الالتفات إلى الإنسان.

** (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة .. المعنى أخبرني عن حال هذا الرجل الذي ينهى عبدنا ـ أي محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ عن الصلاة أو يكون المخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أي أخبرني يا محمد عمن ينهى بعض عباد الله عن صلاته وفي القول يراد : أبو جهل لعنه الله. وقيل : كان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يصلي فجاءه أبو جهل فنهاه. وقال الزمخشري : قيل ـ كما يروى عن الحسن ـ أن المقصود هو أمية بن خلف كان ينهى سلمان عن الصلاة.

** (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة عشرة .. السفع : هو القبض على الشيء وجذبه بشدة. يقال : سفع بناصيته ـ يسفع ـ سفعا ـ من باب «قطع» بمعنى أخذ بشعر رأسه ـ أو مقدمة شعر رأسه ـ وجذبه بشدة. وأصل اللفظة هو «نسفعن» أبدلت نون التوكيد الخفيفة ألفا عند الوقوف عليها وهي تالية فتحة كما في التنوين وقيل : يجب في الوقف قلب النون الساكنة ألفا في نون التوكيد الخفيفة الواقعة بعد الفتحة ووقف الجميع عليها بالألف وقيل : تكتب في الخط ألفا لأنها كالتنوين. والناصية : هي مقدم شعر الرأس. والأصل : بناصيته .. ولما علم أنها ناصية أبي جهل اكتفي بلام العهد عن الإضافة.

** (ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة عشرة و «ناصية» بدل من «الناصية» السابقة ووصفها بالكذب والخطأ جاء على الإسناد المجازي وهما في الحقيقة لصاحبها وهي أبلغ من القول : ناصية كاذب خاطئ أي آثم.

** (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة عشرة .. المعنى : فليدع أهل ناديه أي قومه المجتمعين في مجلسه فحذف المضاف «أهل» وأقيم المضاف إليه «ناديه» مقامه وانتصب على المفعولية وهو مثل قوله تعالى : «اسأل القرية» يعني أهل القرية.

** سبب نزول الآية : أخرج أحمد والترمذي وغيرهما عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : كان النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يصلي فجاءه أبو جهل فقال : إنك لتعلم ما بها ناد أكثر مني. فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) بمعنى : فليطلب رجال قومه وناديه ومجلسه وسندعو الزبانية أي الملائكة الموكلين بتعذيب الكفار في جهنم ليتولوا تعذيبه. وفي القول الكريم تهديد واضح.

(الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) (٤)

٦٥٨

(الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ثانية للرب في (بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) أو يكون صفة ثانية للرب في (وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) علم : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والفعل «علم» يتعدى إلى مفعولين وهنا حذف المفعولان اختصارا لأنهما معلومان من السياق. المعنى : علم الانسان الكتابة بالقلم أو علمه الخط بالقلم. بالقلم : جار ومجرور متعلق بالمفعول الثاني المصدر «الكتابة» أو الخط بتأويل الفعل بمعنى يكتب أو يخط بالقلم.

(عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) (٥)

(عَلَّمَ الْإِنْسانَ) : أعربت في الآية الكريمة الأولى. الإنسان : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(ما لَمْ يَعْلَمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يعلم : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «لم يعلم» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما لم يعلمه بمعنى : علم عباده ما لم يعلموه ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم. لأن «الإنسان» بمعنى الجماعة وإن كان لفظه لفظا مفردا.

(كَلاَّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) (٦)

(كَلَّا إِنَ) : حرف زجر وردع لا عمل له أي ردع لمن كفر بنعم الله عليه بطغيانه وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه. وقيل : هو حرف جواب بمعنى : نعم حقا وليس ردا. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.

(الْإِنْسانَ لَيَطْغى) : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ يطغى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «ليطغى» في محل رفع خبر «إن» بمعنى : كثيرا ما يتجاوز الحدود في العصيان والتعدي.

٦٥٩

(أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) (٧)

(أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) : حرف مصدري لا عمل له لدخوله على فعل ماض. رآه : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى : أن رأى نفسه والفعل هنا من أفعال الشك والعلم يقال في أفعال القلوب : رأيتني وعلمتني وذلك بعض خصائصها ومعنى «الرؤية» العلم. ولو كانت بمعنى الإبصار لامتنع في فعلها الجمع بين الضميرين. و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف. بتقدير : برؤيته نفسه مستغنيا والجار والمجرور متعلق بيطغى. استغنى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «استغنى» في محل نصب مفعول به ثان للفعل «رأى» بتقدير : مستغنيا. أو بمعنى لأجل رؤيته نفسه غنيا بالمال والجاه والقوة اغتنى بالمال وبغيره.

(إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) (٨)

(إِنَّ إِلى رَبِّكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. إلى ربك جار ومجرور متعلق بخبر «إن» المقدم المحذوف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.

(الرُّجْعى) : اسم «إن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : الرجوع والحساب يوم القيامة للحساب والجزاء والإثابة والمؤاخذة.

(أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى) (٩)

(أَرَأَيْتَ) : الألف ألف تقرير وتنبيه بلفظ استفهام. رأيت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل بمعنى أخبرني عن الذي

٦٦٠