إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤٩

(بِيَوْمِ الدِّينِ) : جار ومجرور متعلق بيكذبون. الدين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة والجملة الفعلية «يكذبون بيوم الدين» صلة الموصول لا محل لها. أي بيوم الجزاء أي بحدوثه.

(وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ) (١٢)

(وَما يُكَذِّبُ بِهِ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. يكذب : فعل مضارع مرفوع بالضمة. به : جار ومجرور متعلق بيكذب.

(إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ) : أداة حصر لا عمل لها. كل : فاعل مرفوع بالضمة. معتد : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة قبل التنوين لأنه اسم منقوص نكرة. أثيم : صفة نعت ـ لمعتد مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة وهو من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ بمعنى إلا كل متجاوز الحدود كثير الذنوب.

(إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (١٣)

(إِذا تُتْلى) : ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب. تتلى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.

(عَلَيْهِ آياتُنا قالَ) : جار ومجرور متعلق بتتلى. آيات : نائب فاعل مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه وجملة «تتلى عليه آياتنا» في محل جر بالإضافة. قال : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الاسمية بعده «أساطير الأولين» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول والجملة الفعلية «قال أساطير الأولين» جواب شرط غير جازم لا محل لها.

(أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره : تلك أساطير أو هي أساطير .. مرفوع بالضمة وهو مضاف. الأولين : مضاف إليه مجرور

٥٤١

بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى خرافات الأقدمين وأباطيلهم.

(كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) (١٤)

(كَلَّا بَلْ رانَ) : حرف زجر وردع لا عمل له أي ردع للمعتدي الأثيم عن قوله. بل : حرف إضراب للاستئناف لا عمل له. ران : فعل ماض مبني على الفتح بمعنى غلب الدنس وأصدأ قلوبهم أو غطى على قلوبهم حجاب أعماهم.

(عَلى قُلُوبِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بران و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.

(ما كانُوا يَكْسِبُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يكسبون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «كانوا يكسبون» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعوله به. التقدير : ما كانوا يكسبونه من الآثام.

(كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) (١٥)

(كَلَّا إِنَّهُمْ) : حرف زجر وردع لا عمل له وهو ردع عن الكسب الرائن على قلوبهم. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل .. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب اسم «إن».

(عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ) : جار ومجرور متعلق باسم المفعولين «محجوبون» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. يومئذ : يعرب إعراب «يومئذ في الآية الكريمة العاشرة.

(لَمَحْجُوبُونَ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ محجوبون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى لممنوعون من رؤية ربهم يوم القيامة.

٥٤٢

(ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ) (١٦)

معطوفة بحرف العطف «ثم» على الآية الكريمة السابقة وتعرب مثلها. وحذفت نون «صالون» للإضافة. الجحيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى لداخلو الجحيم وهو من إضافة اسم الفاعل .. لمفعوله ولو كان المضاف مثبتة فيه النون لانتصب «الجحيم» مفعولا به لاسم الفاعلين.

(ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (١٧)

(ثُمَّ يُقالُ) : حرف عطف. يقال : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. بمعنى : ثم يقال لهم ..

(هذَا الَّذِي) : الجملة الاسمية مع الخبر في محل رفع نائب فاعل. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هذا» أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره هو فتكون الجملة الاسمية «هو الذي» في محل رفع خبر «هذا» والوجه الثاني من الإعراب أفصح.

(كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. به : جار ومجرور متعلق بتكذبون. والجملة الفعلية «تكذبون» في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) (١٨)

تعرب إعراب الآية الكريمة السابعة مع ملاحظة الفرق بين المعنيين وفي «كلا» ردع عن التكذيب و «كتاب الأبرار» هو ما كتب من أعمالهم وعلامة جر «عليين» الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وهو جمع «علي» بكسر العين وقيل : هو اسم جمع على «فعيل»

٥٤٣

من «العلو» سمي بذلك لأنه مرفوع في السماء السابعة. وقيل : هو اسم لأعلى الجنة وعكسه : سفليون ـ بكسر السين ـ واللفظة جمع «علي» أي بار.

(وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ) (١٩)

تعرب إعراب الآية الكريمة الثالثة من سورة «الحاقة» وعلامة رفع «عليون» الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى ما أعلمك ما كتابهم!

(كِتابٌ مَرْقُومٌ) (٢٠)

أعربت في الآية الكريمة التاسعة. بمعنى كتاب البررة مسطور بين.

(يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) (٢١)

(يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ثانية لكتاب. وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. المقربون : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى يحضره الملائكة ذوو المنزلة الرفيعة عند الله تعالى فحذف الموصوف «الملائكة» وأقيمت الصفة «المقربون» مقامه.

(إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ) (٢٢)

(إِنَّ الْأَبْرارَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الأبرار : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة أي المؤمنين ..

(لَفِي نَعِيمٍ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ في نعيم : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» المحذوف بمعنى مقيمون في نعيم ..

(عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) (٢٣)

(عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) : جار ومجرور في محل رفع خبر ثان لإن أو في محل نصب متعلق بحال محذوفة من «الأبرار» التقدير : جالسين على الأرائك أي على الأسرة جمع «أريكة». ينظرون : الجملة الفعلية في محل نصب حال

٥٤٤

ثانية من «الأبرار» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : ينظرون إلى مناظر الجنة وما أولاهم الله من النعمة والكرامة.

(تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) (٢٤)

(تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. في وجوه : جار ومجرور متعلق بتعرف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه.

(نَضْرَةَ النَّعِيمِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. النعيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. بمعنى بهجة النعيم وحسنه ورونقه.

(يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ) (٢٥)

(يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ) : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. من رحيق : جار ومجرور متعلق بيسقون أو يكون في مقام مفعول «يسقون».

(مَخْتُومٍ) : صفة ـ نعت ـ لرحيق مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة بمعنى : من شراب خالص مختوم بالمسك.

(خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) (٢٦)

(خِتامُهُ مِسْكٌ) : الجملة الاسمية في محل جر صفة ثانية لرحيق. ختامه : مبتدأ مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه بمعنى آخره. مسك : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة أو غطاؤه مسك.

(وَفِي ذلِكَ) : الواو استئنافية. في : حرف جر. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بفي. اللام للبعد والكاف حرف خطاب والجار والمجرور متعلق بيتنافس.

(فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. اللام لام الأمر. يتنافس : فعل مضارع مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه سكون آخره الذي

٥٤٥

حرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين. المتنافسون : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي فليرتغب المرتغبون وليستبقوا لنيل مرضاة الله تعالى.

(وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ) (٢٧)

(وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ) : معطوف بالواو على «ختامه» ويعرب إعرابه. من تسنيم : جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ «مزاجه» المحذوف وتسنيم : اسم علم لعين بعينها سميت بذلك أي بالتسنيم الذي هو مصدر «سنمه» إذا رفعه لأنها أرفع مكان بالجنة أو تأتي من فوق.

(عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) (٢٨)

(عَيْناً يَشْرَبُ) : مفعول به منصوب على المدح بفعل محذوف تقديره : أعني. وقيل : منصوب بيسقون وعلامة نصبه الفتحة المنونة. قال الأخفش : منصوب بيسقون وقال الزجاج : منصوبة على الحال. يشرب : فعل مضارع مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «يشرب بها المقربون» في محل نصب صفة للموصوف «عينا».

(بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) : جار ومجرور متعلق بيشرب والباء عند الثعالبي بمعنى «من» التبعيضية أي منها. المقربون : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ) (٢٩)

(إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن». أجرموا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : ارتكبوا الجرائم.

(كانُوا مِنَ الَّذِينَ) : الجملة الفعلية مع خبرها في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير

٥٤٦

متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة بمعنى كانوا في الدنيا. من : حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بيضحكون.

(آمَنُوا يَضْحَكُونَ) : تعرب إعراب «أجرموا». يضحكون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ) (٣٠)

(وَإِذا مَرُّوا) : الواو عاطفة. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون في محل نصب متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه. مروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وجملة «مروا بهم» في محل جر بالإضافة.

(بِهِمْ يَتَغامَزُونَ) : الباء حرف جر بمعنى الاستعلاء أي عليهم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالياء والجار والمجرور متعلق بمروا. يتغامزون : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها .. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : يغمز بعضهم بعضا ويشيرون بأعينهم استهزاء بهم.

(وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ) (٣١)

(وَإِذَا انْقَلَبُوا) : معطوفة بالواو على «إذا مروا» في الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها بمعنى وإذا رجعوا.

(إِلى أَهْلِهِمُ) : جار ومجرور متعلق بانقلبوا و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.

(انْقَلَبُوا فَكِهِينَ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وتعرب إعراب «انقلبوا» الأولى. فكهين : حال من الضمير في «انقلبوا»

٥٤٧

منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. بمعنى ملتذين بذكرهم والسخرية منهم.

(وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ) (٣٢)

(وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا) : يعرب إعراب «وإذا انقلبوا .. انقلبوا» في الآية الكريمة السابقة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ يعود على المؤمنين في محل نصب مفعول به وعلامة بناء الفعل «رأوا» الفتحة المقدرة للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله بواو الجماعة. وبقيت الفتحة دالة عليها.

(إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ) : الجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هؤلاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ ضالون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي ينسبون المسلمين إلى الضلال لإيمانهم بمحمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

(وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ) (٣٣)

(وَما أُرْسِلُوا) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. أرسلوا : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. أي ما أرسل الكفار على المؤمنين.

(عَلَيْهِمْ حافِظِينَ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بأرسلوا. حافظين حال من ضمير «أرسلوا» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : موكلين بهم يحفظون عليهم أحوالهم وهذا تهكم بهم أو هو من جملة قول الكفار إنكارا لصدهم إياهم عن الشرك ودعائهم إلى الإسلام وعلى هذا المعنى تكون الجملة أيضا في محل نصب مفعولا به ـ مقولا للقول ـ.

(فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) (٣٤)

٥٤٨

(فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا) : الفاء استئنافية. اليوم : ظرف زمان منصوب وعلامة نصبه الفتحة متعلق بيضحكون. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) : جار ومجرور متعلق بيضحكون أي يضحكون منهم في الآخرة بعد دخول المؤمنين الجنة وقدم الجار والمجرور على الفعل. يضحكون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) (٣٥)

أعربت في الآية الكريمة الثالثة والعشرين. والجار والمجرور «على الأرائك» في محل نصب حال من ضمير «يضحكون» بمعنى : جالسين على الأرائك يضحكون منهم ناظرين إليهم وإلى ما هم فيه من الهوان.

(هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) (٣٦)

(هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ) : حرف استفهام لا محل له. ثوب : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. الكفار : نائب فاعل مرفوع بالضمة بمعنى : هل جوزوا لأن «ثوبه» بمعنى : أثابه والمثوبة والثواب جزاء الطاعة.

(ما كانُوا يَفْعَلُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. كانوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» لأنه فعل ناقص والألف فارقة. يفعلون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وجملة «كانوا يفعلون» صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف العائد إلى الموصول وهو ضمير منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما كانوا يفعلونه في الدنيا. أو تكون مصدرية فتكون «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف أي على أفعالهم.

٥٤٩

سورة الانشقاق

معنى السورة : الانشقاق : مصدر الفعل «انشق» وهو فعل لازم .. بمعنى : انفرج .. نحو : انشق الشيء : أي انفرج وانصدع فهو منشق .. وانشق الفجر : بمعنى : طلع .. وإذا كان مصدر الفعل «انشق» : انشقاقا فإن مصدر الفعل الثلاثي «شق» هو شق نحو : شققت الشيء ـ أشقه ـ شقا ـ من باب «رد» أو «قتل» بمعنى : صدعته وفرقته .. فالفرق بين الفعلين «انشق» و «شق» هو أن الأول فعل لازم والثاني فعل متعد .. ويأتي لازما أيضا في قولنا : شق الصبح : بمعنى : طلع كأنه شق موضع طلوعه وخرج منه. أما «الشق» بكسر الشين : فمعناه : النصف .. الجانب .. الشقيق. ويأتي أيضا بمعنى : المشقة ومنه قوله تعالى في سورة «النحل» : (إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) وهذا قد يفتح الشين فيه .. و «الشق» المصدر ـ بفتح الشين جمعه : شقوق نحو : بيد فلان وبرجله شقوق .. جاء في «الصحاح» الشق ـ بكسر الشين ـ هو الناحية من الجبل. وقال أبو عبيد : هو اسم موضع. ويستعمل هذا الفعل كناية عن المفارقة فيقال : شق فلان العصا : بمعنى : فارق الجماعة .. أما الفعل «اشتق» فمصدره : اشتقاقا .. ومنه يقال : اشتقاق الحرف من الحرف بمعنى أخذه منه و «الشقيق» سمي بذلك لأن معناه : نصف الشيء. ويقال : شق الأمر علينا فهو شاق قال الفيومي : يقال : شاقه ـ مشاقة وشقاقا : أي خالفه. وحقيقته أن يأتي كل منهما ما يشق على صاحبه فيكون كل منهما في شق غير شق صاحبه .. وشقائق النعمان هو الشقر ـ بفتح الشين والقاف ـ سمي بذلك لأن النعمان من أسماء الدم فهو أخوه في لونه.

تسمية السورة : سميت إحدى سور القرآن الكريم باسم مصدر الفعل «انشق» تعظيما لهول ذلك اليوم المفزع وهو يوم القيامة لأن انشقاق السماء وانفطار السماء وقوله تعالى في سورة «الرحمن» : (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) هذا وغيره هو من الكنايات والاستعارات حول يوم القيامة واستعار سبحانه لفظة «وردة» للونها الأحمر لاحمرار السماء واشتعالها.

٥٥٠

فضل قراءة السورة : قال الرسول المبلغ الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) أعاذه الله أن يعطيه كتابه وراء ظهره» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

إعراب آياتها

(إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) (١)

تعرب إعراب الآية الكريمة الأولى من سورة «الانفطار» وجواب «إذا» محذوف اكتفاء بما دل أو علم في مثلها من سورتي «التكوير» و «الانفطار» وقيل : جوابها : ما دل عليه «فملاقيه» في الآية الكريمة السادسة أي إذا انشقت السماء لاقى الإنسان كدحه. وقيل : حذف الجواب للتهويل وانشقت : بمعنى : تصدعت وتفطرت أي تشققت.

(وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) (٢)

(وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) : معطوفتان بالواو على «انشقت» وتعربان إعرابها. لرب : جار ومجرور متعلق بأذنت و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة أي واستمعت له وأذعنت لربها بمعنى انقادت له سبحانه. الواو عاطفة. حقت : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها بمعنى وهي حقيقة بأن تنقاد لقدرته سبحانه ولا تمتنع بل تمتثل لأمر ربها جلت قدرته.

(وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ) (٣)

(وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ) : الواو عاطفة. إذا : أعرب. الأرض : نائب فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعدها .. وعلامة رفعه الضمة. مدت : تعرب إعراب «حقت» بمعنى : بسطت بزوال جبالها.

(وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ) (٤)

٥٥١

(وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ) : الواو عاطفة. ألقت : فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله بتاء التأنيث الساكنة وتاء التأنيث لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. فيها : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : دفن. والجملة الفعلية «دفن فيها» صلة الموصول لا محل لها بمعنى : ورمت أي الأرض بما دفن في جوفها من الموتى والكنوز وعلى هذا المعنى حذف الجار وأوصل الفعل. وتخلت : معطوفة بالواو على «ألقت» وتعرب إعرابها بمعنى : وخلت غاية الخلو أي صارت خالية مما فيها.

(وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) (٥)

تعرب إعراب الآية الكريمة الثانية بمعنى : وأصغت لربها وانقادت في إلقاء ما في بطنها إلى ظاهرها وحق لها أن تستمع وتمتثل وتنصاع إلى أمر ربها.

** (وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية .. المعنى : واستمعت له أي انقادت لأمر ربها وهي حقيقة بأن تنقاد لقدرته سبحانه ولا تمتنع .. يقال : أذن ـ له ـ يأذن ـ بالشيء .. من باب «طرب» أو «تعب» بمعنى : علم به وبمعنى استمع في قولنا : أذن له وهو من الباب نفسه. ويقال : حق بكذا فهو محقوق ـ اسم مفعول ـ وحقيق بمعنى : صار حقيقا به أي جديرا به .. وحقت في الآية الكريمة بمعنى : وجعلت حقيقة بانقيادها لأمر ربها وقدرته سبحانه فحذف المضاف «أمر» وحل المضاف إليها «ربها» محله.

** (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة عشرة .. المعنى : إنه اعتقد بأن لا يرجع إلى الله تعالى لتكذيبه بالمعاد .. يقال : لا يحور ولا يحول : أي لا يرجع ولا يتغير وعن ابن عباس : ما كنت أدري ما معنى «يحور» حتى سمعت أعرابيا يقول لبنت له : حوري. أي ارجعي وفي رواية : حتى سمعت أعرابية تقول لبنية لها : حوري.

** (فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة عشرة .. والشفق هو الحمرة التي ترى في المغرب بعد سقوط الشمس. وقيل إن عتمة الليل هي ظلام أوله عند سقوط نور الشفق .. وقيل : إن «العتمة» من الليل : هي بعد غيبوبة الشفق إلى آخر الثلث الأول منه تلفظ كلمة «العتمة» بفتحتين متتاليتين ـ أي فتح العين والتاء ـ ولا تلفظ بسكون التاء وفتح وضم العين. و «الشفق» فيه عدة أقوال لعلماء اللغة .. قال الخليل : الشفق : هو الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة .. فإذا ذهب قيل : غاب الشفق. وقال الفراء : سمعت بعض العرب يقول : عليه ثوب كالشفق وكان أحمر .. وقال ابن قتيبة :

٥٥٢

الشفق الأحمر هو من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة ثم يغيب ويبقى الشفق الأبيض إلى نصف الليل. وقال الزجاج : الشفق هو الحمرة عن جماعة من الصحابة والتابعين وقول أهل اللغة وبه قال أبو يوسف ومحمد. وعن أبي هريرة أنه البياض وبه قال أبو حنيفة. ومنه قيل : أشفقت من كذا : أي حذرت وأشفقت على الصغير : أي حنوت عليه وعطفت والاسم : الشفقة واسم الفاعل شفق وشفيق.

** (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة .. المعنى : أقسم بالقمر كائنا إذا اجتمع واستوى ليلة أربع عشرة أي تم بدرا. وعن سهيل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : «ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا أو سبعمائة ألف لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم. بأن يدخلوا صفا واحدا دفعة واحدة. وجوههم على صورة القمر ليلة البدر». وقال الشاعر :

في ليلة البدر ما يدري معاينها

أوجهها عنده أبهى أم القمر

لو خليت لمشت نحوي على قدم

تكاد من رقة للمشي تنفطر

** (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة عشرة .. المعنى : لتلاقن حالا بعد حال مطابقة لها في الشدة والهول .. ويجوز أن يكون جمع «طبقة» وهي المرتبة من قولهم هو على طبقات ومنه طبق الظهر لفقاره .. على معنى تلاقن طبقات في الشدة بعضها أرفع من بعض وهي الموت وما بعده من مواطن القيامة وأهوالها .. وتطلق لفظة «الطبق» على «الغطاء» وأصل «الطبق» هو الشيء على مقدار الشيء مطبقا له من جميع جوانبه كالغطاء له ومنه يقال : أطبقوا على الأمر : إذا اجتمعوا عليه متوافقين غير متخالفين .. ويقال : أطبق الليل : بمعنى : أظلم واسم الفاعل : مطبق .. ويقال : أطبقت على المريض الحمى فهي مطبقة ـ بكسر الباء ـ ووردت كلمة «طبق» في قول الشاعر إمرئ القيس :

ديمة هطلاء فيها وطف

طبق الأرض تحرى وتدر

الوطف : هو السحاب المسترخي الجوانب لكثرة مائه. وقوله «طبق الأرض» أي تعم الأرض. وتحرى : بمعنى : تتوخى وتقصد .. وتدر : بمعنى : تغزر وتكثر .. أما «ديمة» فمعناها : مطر يدوم في سكون بلا رعد ولا برق. يقال : مطرتهم السماء بديمة وبديم «جمع ديمة» أي بمطر دائم في سكون .. وهطلاء : بمعنى : هاطلة ولا يقال في التذكير : سحاب أهطل كقولنا : هذه امرأة حسناء ولا نقول للرجل : أحسن. وقالت العرب عن المرأة الحسناء : إذا كانت بها مسحة من الجمال فهي امرأة وضيئة وجميلة .. وإذا كان حسنها ثابتا كأنه وسم فهي وسمية .. وإذا امتازت بحظ وافر من الحسن فهي قسيمة .. وإذا كان النظر إليها يسر الروح فهي امرأة رائعة .. وتسمى المرأة التي تفوق النساء بحسنها : امرأة باهرة .. وإذا كانت شابة حسنة الشكل فهي خود. وإذا كانت مديدة القامة مع الاعتدال فهي ممشوقة .. أما إذا استغنت بجمالها عن الزينة فهي غانية أي مستغنية.

** (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والعشرين .. بمعنى : لهم أجر غير مقطوع أو غير منقوص أو غير ممنون به .. من المن أي لا يمن به عليهم. يقال : من عليه ـ يمن ـ منا .. من باب «رد» ومن عليه : أي امتن عليه .. أما «المنية» فهي الموت واشتقاقها من مني له : أي قدر لأنها مقدرة

٥٥٣

والمنية ـ بسكون النون جمعها منى ـ بضم الميم. أما «منى» بكسر الميم فهو موضع بمكة وقيل إن جبريل ـ عليه‌السلام ـ أتى إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ فقال له : تمن يا إبراهيم فسميت المنطقة التي جاءه فيها : منى. وقيل : سميت «منى» لأن إبراهيم تمنى هناك أن يجعل الله مكان ابنه كبشا يأمره بذبحه وفي «منى» مسجد «الخيف» وروي أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : في ذلك المسجد بمنى سبعمائة نبي.

(يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) (٦)

(يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ) : أداة نداء. أي : منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» زائدة للتنبيه. الإنسان : بدل أو عطف بيان لأي مرفوع بالضمة على لفظ «أي» لا محله.

(إِنَّكَ كادِحٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن». كادح : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى جاهد أو ساع.

(إِلى رَبِّكَ كَدْحاً) : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «كادح» بتأويل فعله والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه. كدحا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى إنك جاهد أو ساع إلى لقاء ربك وهو الموت وما بعده من الحال الممثلة باللقاء.

(فَمُلاقِيهِ) : الفاء عاطفة للتسبيب أو تكون واقعة في جواب «إذا». ملاقيه : معطوف على «كادح» مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة المقدر على الياء للثقل وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه وهو من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله بمعنى فملاق له لا مفر لك منه وقيل : الضمير يعود على الكدح أو فملاقي ربه .. أو يكون الضمير في محل نصب مفعولا به بمعنى فملاق عملك من خير أو شر في ذلك اليوم الموعود.

(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) (٧)

(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ) : الفاء استئنافية. أما : حرف شرط وتفصيل ـ تفصيل للعرض ـ من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

٥٥٤

أوتي : الجملة الفعلية وما بعدها صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى من أعطي .. والمراد به : المؤمن.

(كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه. بيمينه : جار ومجرور متعلق بأوتي والهاء أعرب في «كتابه» بمعنى أعطي صحيفة أعماله بيده اليمنى.

(فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) (٨)

(فَسَوْفَ يُحاسَبُ) : الفاء واقعة في جواب «أما». سوف : حرف تسويف ـ استقبال ـ يحاسب : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.

(حِساباً يَسِيراً) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. يسيرا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «حسابا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : حسابا سهلا هينا لا يناقش فيه ولا يعترض بما يسوء.

(وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً) (٩)

(وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً) : الواو عاطفة. ينقلب : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إلى أهله. جار ومجرور متعلق بينقلب والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب في محل جر مضاف إليه. مسرورا : حال من ضمير الغائب منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : ويرجع إلى أهله في الجنة فرحا بهذا الحساب.

(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ) (١٠)

(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ) : معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابعة وتعرب إعرابها. والمراد به : الكافر.

(وَراءَ ظَهْرِهِ) : ظرف مكان منصوب وعلامة نصبه الفتحة متعلق بأوتي وهو مضاف. ظهره : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو

٥٥٥

مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه ثان. لأن المجرم تكون يداه مشدودتين إلى ظهره .. أي أعطي صحيفة أعماله بيده اليسرى رغما عنه.

(فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً) (١١)

(فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً) : الفاء واقعة في جواب «أما». سوف : حرف تسويف ـ استقبال ـ يدعو : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ثبورا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : فسوف يقول يا ثبوراه. والثبور : الهلاك بمعنى يدعو الله أن ينزل عليه الثبور أي يدعو على نفسه بالهلاك الذي ينتظره.

(وَيَصْلى سَعِيراً) (١٢)

(وَيَصْلى سَعِيراً) : الواو عاطفة. يصلى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. سعيرا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي ويدخل نارا متأججة.

(إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً) (١٣)

(إِنَّهُ كانَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب في محل نصب اسم «إن». كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً) : جار ومجرور متعلق بكان والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى إنه كان في الدنيا بين أهله. مسرورا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى فرحا باتباعه شهوات النفس والجملة الفعلية «كان في أهله مسرورا» في محل رفع خبر «إن» أي مترفا بطرا كعادة الفجار.

(إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ) (١٤)

٥٥٦

(إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ) : أعرب. ظن : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «ظن» وما بعدها في محل رفع خبر «إن». أن : مخففة من «أن» الثقيلة وهي حرف مشبه بالفعل واسمه ضمير الشأن المستتر بتقدير «أنه» أن أن الشأن و «أن» وما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي ظن.

(لَنْ يَحُورَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن» المخففة. لن : حرف نفي واستقبال ونصب. يحور : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى لن يرجع إلى الله تعالى تكذيبا بالمعاد.

(بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً) (١٥)

(بَلى إِنَّ رَبَّهُ) : حرف جواب لا عمل له يجاب به عن النفي ويقصد به الإيجاب بمعنى : بلى ليحورن أي ليرجعن إلى ربه. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربه : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه والجملة الفعلية «كان به بصيرا» في محل رفع خبر «إن».

(كانَ بِهِ بَصِيراً) : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. به : جار ومجرور متعلق باسم الفعل «بصيرا» ويجوز أن يتعلق بكان والوجه الأول أفصح. بصيرا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : كان بصيرا به وبأعماله لا ينساها ولا تخفى عليه فلا بد أن يرجعه ويجازيه.

(فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ) (١٦)

(فَلا أُقْسِمُ) : الفاء استئنافية. لا : زائدة. أقسم : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. وقيل «لا» نافية أي نافية لما قبلها تراجع الآية الكريمة الأولى من سورة «القيامة».

٥٥٧

(بِالشَّفَقِ) : جار ومجرور متعلق بأقسم. وهو الحمرة التي ترى في المغرب بعد سقوط الشمس.

(وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) (١٧)

(وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) : معطوف بالواو على «الشفق» ويعرب إعرابه. الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر لأنه معطوف على مجرور. وسق : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : وما وسقه بمعنى وما جمعه وستره وما دخل عليه في ظلامه.

(وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) (١٨)

(وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) : يعرب إعراب «والليل». إذا : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بحال محذوفة من «القمر» التقدير : أقسم بالقمر كائنا إذا اتسق بمعنى : إذا اجتمع واستوى ليلة أربع عشرة أي تم بدرا. اتسق : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «اتسق» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «إذا» وقيل : إذا تم نوره في ثلاث ليال بعد الليلة الثانية عشرة.

(لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) (١٩)

(لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً) : اللام واقعة في جواب القسم. تركبن : فعل مضارع مبني على حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة وسبب بنائه على حذف النون اتصاله بنون التوكيد الثقيلة وواو الجماعة المحذوفة لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد الثقيلة في محل رفع فاعل ونون التوكيد لا محل لها. طبقا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وجملة «لتركبن طبقا ..» جواب القسم لا محل لها بمعنى : لتدخلن في الشدة.

(عَنْ طَبَقٍ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «طبقا» أو يكون متعلقا بحال من الضمير في تركبن بمعنى : لتركبن طبقا مجاوزين لطبق أي

٥٥٨

حالا بعد حال كل واحدة مطابقة لأختها في الشدة والهول و «عن» هنا بمعنى «بعد» أي لتلاقن من الشدائد بعضها فوق بعض ..

(فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٢٠)

(فَما لَهُمْ) : الفاء استئنافية. ما : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ يفيد الإنكار والتعجب. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «ما» المحذوف. وهم الكفار.

(لا يُؤْمِنُونَ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال. التقدير : غير مؤمنين. لا : نافية لا عمل لها. يؤمنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى لا يؤمنون بالله ويوم البعث؟

(وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ) (٢١)

(وَإِذا قُرِئَ) : الواو عاطفة. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط. قرئ : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح وجملة «قرئ عليهم القرآن» في محل جر بالإضافة.

(عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ والجار والمجرور متعلق بقرئ. القرآن : نائب فاعل مرفوع بالضمة بمعنى : وإذا تلي عليهم كتاب الله.

(لا يَسْجُدُونَ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. لا : نافية لا عمل لها. يسجدون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى لا يستكينون لأمر الله.

(بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ) (٢٢)

(بَلِ الَّذِينَ) : حرف إضراب لا عمل له للاستئناف وكسر آخره لالتقاء الساكنين. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.

٥٥٩

(كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وهم المذكورون في الآيات السابقة والألف فارقة. يكذبون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «الذين» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى يكذبون بالقرآن ولا يؤمنون بالبعث ولا بيوم القيامة.

(وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ) (٢٣)

(وَاللهُ أَعْلَمُ) : الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. أعلم : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل» صيغة تفضيل ومن وزن الفعل.

(بِما يُوعُونَ) : الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بأعلم. يوعون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى بما يجمعون في صدورهم ويضمرون من الكفر والحسد والبغي والبغضاء والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : بما يوعونه. مأخوذا من أوعى الشيء : بمعنى : جعله في وعاء.

(فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٢٤)

(فَبَشِّرْهُمْ) : الفاء استئنافية للتسبيب. بشر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به وفي الجملة تهكم بالكافرين.

(بِعَذابٍ أَلِيمٍ) : جار ومجرور متعلق ببشر. أليم : صفة ـ نعت ـ لعذاب مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة بمعنى فحذرهم بعذاب مؤلم ينتظرهم.

٥٦٠