إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤٩

سورة المعارج

معنى السورة : المعارج : هي المصاعد جمع «معرج» بفتح الميم وكسرها .. وهنا هي الدرجات التي يصعد فيها الكلم الطيب والعمل الصالح .. ومعرج : اسم آلة بمعنى مصعد .. وفعله : عرج ـ يعرج ـ في السلم .. من باب «دخل ـ يدخل ـ دخولا» ومصدر «عرج» عروجا : بمعنى : ارتقى. ويقال : عرج ـ يعرج ـ عرجا في مشيه .. من باب «تعب» أو «طرب» من علة لازمة فهو أعرج. أو أصابه شيء في رجله فمشى مشية العرجان وهي عرجاء .. إن كان من علة غير لازمة .. أي أصابه طارئ فهذا الفعل من باب «دخل» أو «قتل» و «المعرج» هو السلم ومنه ليلة المعراج. قال الأخفش : إن شئت جعلت الواحد ـ أي مفرد معارج ـ معرج ـ بكسر الميم وفتحها ومثله : المصعد والمرقى بمعنى واحد. ويقال : عرج في السلم بمعنى : صعد ومصدر الفعلين : عروجا .. صعودا أما «السلم» فهو المرقاة : أي ما يرتقى ـ يصعد ـ عليه سواء كان من خشب أو حجر أو غيرهما وجمعه : سلالم وهو يذكر ويؤنث ومن معانيه : الوسيلة والسبب إلى الشيء .. يقال اتخذه سلما إلى حاجته : بمعنى اتخذه وسيلة لتحقيق غايته. وقيل : سمي بذلك لأنه يسلمك إلى المرتقى إليه .. وقيل : الدرجة أوثق من السلم.

تسمية السورة : سميت إحدى سور القرآن الكريم باسم «المعارج» إكراما للكلم الطيب والعمل الصالح فالمعارج هي المصاعد أي الدرجات التي يصعد فيها الكلم الطيب والعمل الصالح قال تعالى في الآية الكريمة الثالثة من هذه السورة الشريفة : (مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ) صدق الله العظيم. تلك المعارج الشاهقة الارتفاع التي يستغرق قطعها زمانا طويلا مديدا ذلك اليوم .. هو يوم القيامة ـ ولفظة «المعارج» وردت مرتين في سورة القرآن الكريم .. مرة في سورة «الزخرف» في قوله : (وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ) ومرة في سورة «المعارج» في الآية الكريمة الثالثة.

٣٠١

فضل قراءة السورة : قال نبي الرحمة الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «سأل سائل ..» أعطاه الله ثواب الذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

إعراب آياتها

(سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) (١)

(سَأَلَ سائِلٌ) : فعل ماض مبني على الفتح. سائل : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى دعا داع بعذاب أو طلب طالب مستهزئا ..

(بِعَذابٍ واقِعٍ) : الباء حرف جر زائد للتوكيد. عذاب : اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه مفعول «سأل» على معنى «دعا» فعدي تعديته لأن في «سأل» معنى «دعا» أي استدعاه وطلبه. وقيل الباء سببية لأنه بعد سؤال أو بمعنى «عن» وهي باء المجاوزة أي عن عذاب. واقع : صفة ـ نعت ـ للموصوف «عذاب» مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة المنونة. أو بمعنى : بإنزال عذاب ..

(لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ) (٢)

(لِلْكافِرينَ لَيْسَ) : جار ومجرور متعلق بصفة ثانية لعذاب بمعنى : كائن للكافرين أو متعلق بالفعل أي دعا للكافرين بعذاب واقع أو متعلق بواقع بمعنى : بعذاب نازل لأجلهم وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. ليس : فعل ماض ناقص من أخوات «كان» مبني على الفتح.

(لَهُ دافِعٌ) : جار ومجرور متعلق بخبر «ليس» المقدم المحذوف. دافع : اسم «ليس» المؤخر مرفوع بالضمة المنونة والجملة الفعلية «ليس له دافع» في محل جر صفة أخرى لعذاب بمعنى إذا جاء وقته وتم وقوعه.

(مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ) (٣)

(مِنَ اللهِ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بواقع أو بدافع بمعنى : ليس له دافع من جهته.

٣٠٢

(ذِي الْمَعارِجِ) : صفة ـ نعت ـ للفظ الجلالة مجرور وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف بمعنى : صاحب. المعارج : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. أي الدرجات التي تصعد فيها الملائكة.

(تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (٤)

(تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الملائكة : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية في محل نصب حال من «المعارج».

(وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) : معطوف بالواو على «الملائكة» مرفوع مثلها بالضمة. إليه : جار ومجرور متعلق بتعرج المعنى تصعد إلى عرشه سبحانه.

(فِي يَوْمٍ) : جار ومجرور متعلق بواقع أي يقع في يوم طويل وهو يوم القيامة والجملة الفعلية بعده «كان مقداره ..» في محل جر صفة ـ ليوم.

(كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ) : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. مقداره : اسم «كان» مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. خمسين : خبر «كان» منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي كمقدار مدة خمسين ..

(أَلْفَ سَنَةٍ) : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. سنة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. و «ألف» نائب عن ظرف الزمان أي العدد مميز بالظرف.

** (لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية. المعنى : إذا جاء وقت العذاب فليس للكافرين له دافع إذا أوجبت الحكمة وقوعه.

** جاء في التفسير : أخرج النسائي وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال : هو النضر بن الحارث قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. وقيل بل هو أبو جهل. قال : فأسقط علينا كسفا من السماء.

** (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة المعنى : تصعد إلى الله ذي المعارج ـ أي المصاعد ـ وهي الدرجات التي يصعد فيها الكلم الطيب والعمل الصالح وتصعد الملائكة في يوم القيامة والروح : هو جبريل ـ عليه‌السلام ـ وقد أفرد عن الملائكة وهو ملك أيضا ـ لتميزه بفضله. وقيل : الروح : خلق هم حفظة على الملائكة كما أن الملائكة حفظة على الناس في يوم كان

٣٠٣

مقداره كمقدار مدة خمسين ألف سنة مما يعد الناس وهو المقدار لغير الملائكة أي لو صعد فيها غير الملك والآية الكريمة فيها بيان ارتفاع تلك المعارج. يقال : رقي الرجل الجبل ـ يرقى ـ رقيا ورقيا وفي الجبل وإليه : بمعنى : صعد ومثله : ترقى الجبل وفيه وإليه : أي صعده وصعد فيه وإليه ومثله أيضا : ارتقى في السلم : أي ترقى بمعنى : صعد. ويقال : ارتقى الخطيب المنبر ارتقاء بمعنى : صعده. يروى أن عبد الملك بن مروان سأله ولده؟ ما الذي شيبك؟ فقال له : يا بني شيبني ارتقاء المنابر ومخافة اللحن. وعلى ذكر الارتقاء وردت أبيات للشاعر الحطيئة يصف بها صعوبة الارتقاء إلى الشعر فقال :

الشعر صعب وطويل سلمه

إذا ارتقى إلى الذي لا يعلمه

زلت به إلى الحضيض قدمه

والشعر لا يطيعه من يظلمه

يريد أن يعربه فيعجمه

ولم يزل من حيث يأتي يخرمه

وقد قيل عن هذا الشاعر : إنه ما مدح قوما إلا رفعهم وما هجا قوما إلا وضعهم وكان ذميم الشكل قبيح الوجه وقد هجا نفسه حين نظر إلى المرآة فقال :

أبت شفتاي اليوم إلا تكلما

بسوء فما أدري لمن أنا قائله

أرى لي وجها شوه الله خلقه

فقبح من وجه وقبح حامله

وقالت العرب في أمثالها عن الخائف : لا يجد في السماء مصعدا ولا في الأرض مقعدا.

ويقال : درج الصبي ـ الطفل ـ يدرج ـ دروجا .. من باب «قعد» بمعنى : مشى قليلا في أول ما يمشي ومنه «المدرج» المعروف أي الخاص بأرض المطار وهو على شكل مسطح فسيح وهو بفتح الميم والراء المخففة من درجت الطائرة ـ تدرج ـ دروجا .. وهو ما تفعله عند إقلاعها وهبوطها وهو المشي البطيء ولا نقول : مدرج ـ بتشديد الراء لأن هذه اللفظة تطلق على كل ردهة أو مكان صفت فيه المقاعد.

** (وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية عشرة المعنى يود الكافر لو يفتدي نفسه ببنيه وامرأته ـ زوجته ـ وأخيه. و «الصاحبة» مؤنث «الصاحب» وهو اسم فاعل للفعل «صحب» نحو : صاحبه مصاحبة وصحبه ـ يصحبه ـ صحبه وصحابة ـ بكسر الصاد وفتحها ـ من باب «سلم» بمعنى : لازمه ورافقه وعاشره فهو صاحب أي ملازم. قال ابن فارس وغيره : استصحبت الكتاب وغيره : بمعنى : حملته أو حمله صحبته أو جعله في صحبته. ويقال في النداء : يا صاح أي يا صاحبي وهو منادى مرخم مع أن القاعدة لا تجيز ترخيم الاسم المضاف إلا في هذه الحالة ـ أي النداء المضاف لأنه سمع من العرب مرخما وقد حذفت الياء من آخر «صاحبي» للترخيم. وتلفظ الكلمة بسكون الحاء «يا صاح» عند الوقت.

** (كَلَّا إِنَّها لَظى .. نَزَّاعَةً لِلشَّوى .. تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) : هذا القول الكريم هو نص الآيات الخامسة عشرة .. السادسة عشرة والسابعة عشرة .. وتدعوا : بمعنى : تجذب .. والشوى : جمع «شواة» وهي جلدة الرأس أي تدعو نار جهنم ذات اللهب من أعرض أي أدار ظهره للحق واعرض عنه عن الطاعة. وقيل : الشوى : بمعنى الأطراف أيضا أي نزاعة للأطراف وهي القوائم والجلود وهي من جوارح الإنسان ما لم يكن مقتلا .. يقال : رماه فأشواه : إذا لم يصب مقتلا .. والدعوة هنا مجازية. وقيل : مجازا عن إحضارهم كأن النار تدعوهم فتحضرهم. وقيل : يجوز أن تكون الدعوة حقيقية أي يخلق الله سبحانه فيها كلاما أو يكون دعاء الزبانية وقيل : هي بمعنى : تهلك من أدبر عن الحق وتولى عنه.

٣٠٤

قال ابن عباس : تدعو الكافرين والمنافقين بأسمائهم بلسان فصيح وتقول إلي إلي تلتقطهم كما يلتقط الطير الحب وهي : تقول لهم : إلي إلي يا كافر يا منافق. وقيل : يجوز أن يخلق الله فيها كلاما كما يخلقه في جلودهم وأيديهم وأرجلهم.

** (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً .. إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً .. وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) : هذا القول الكريم هو نص الآيات التاسعة عشرة .. العشرين .. والحادية والعشرين .. الهلع والجزع : بمعنى واحد مع اختلاف بسيط في المعنى وبالميزان الصرفي وهما اسمان ويأتيان مصدرين فالأولى من باب «تعب» أو «فرح» والثانية من الباب نفسه أي هما متفقتان معنى وصرفا واسم الفاعل هو : هلع .. جزع. وفي المبالغة : هو هلوع بمعنى : جزوع. والاختلاف بينهما هو في مجيء «جزع» بمعان غير المعنى الأول ويكون الهلع هو سرعة الجزع. قال محمد بن عبد الله بن طاهر سائلا أحمد بن يحيى : ما الهلع؟ فقال له : فسره الله ولا يكون تفسيري أبين من تفسيره سبحانه في سورة «المعارج» وفي الحديث : «من شر ما أوتي العبد شح هالع وجبن خالع».

(فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً) (٥)

(فَاصْبِرْ) : الفاء سببية .. لأن السؤال كان على وجه الاستهزاء بالرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ والتكذيب بالوحي و «اصبر» فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت.

(صَبْراً جَمِيلاً) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. جميلا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «صبرا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى فاصبر يا محمد على تكذيبهم لك صبرا لا يشوبه ضجر.

(إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً) (٦)

(إِنَّهُمْ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «إن» والجملة الفعلية بعده في محل رفع خبر إن.

(يَرَوْنَهُ بَعِيداً) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول لأن «يرى» هنا من أفعال القلوب وليست من الرؤية البصرية .. والضمير ـ الهاء ـ يعود على العذاب الواقع أو على يوم القيامة في حال تعليق «في يوم» بواقع و «بعيدا» مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : يستبعدونه. أي بعيد الحصول وبعد حذف المضاف إليه «الحصول» نون آخر المضاف «بعيد» لانقطاعه عن الإضافة.

٣٠٥

(وَنَراهُ قَرِيباً) (٧)

(وَنَراهُ قَرِيباً) : الواو عاطفة. نراه : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول. قريبا : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والجملة الفعلية «نراه قريبا» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره نحن. أي ونحن نراه قريبا لأن موضع «إنهم يرونه» الرفع على الابتداء على تقدير : هم يرونه بعيدا ونحن نراه قريبا بمعنى : هينا في قدرتنا غير بعيد علينا ولا متعذر.

(يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) (٨)

(يَوْمَ تَكُونُ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بالصفة المشبهة «قريبا» أو متعلق بفعل محذوف تقديره : يقع .. لدلالة «واقع» عليه. تكون : فعل مضارع ناقص مرفوع بالضمة.

(السَّماءُ كَالْمُهْلِ) : اسم «تكون» مرفوع بالضمة. كالمهل : جار ومجرور متعلق بخبر «تكون» المحذوف والكاف حرف جر للتشبيه أو تكون الكاف اسما بمعنى «مثل» مبنيا على الفتح في محل نصب خبر «تكون» فتكون «المهل» مضافا إليه مجرورا بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى كدردي الزيت أي عكرة أو كالفضة في تلونها. والجملة الفعلية «تكون السماء كالمهل» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد «يوم» أي كالمادة التي تذاب على «مهل» وهي المعادن.

(وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ) (٩)

الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها بمعنى : كالصوف المصبوغ ألوانا.

(وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) (١٠)

(وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. يسأل : فعل مضارع مرفوع بالضمة. حميم : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. حميما :

٣٠٦

مفعول به منصوب بالفتحة المنونة بمعنى : في ذلك اليوم لا يسأل صاحب وقريب صاحبه عن حاله لأن كل واحد مشغول عن المساءلة بما هو فيه.

(يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ) (١١)

(يُبَصَّرُونَهُمْ) : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به بمعنى : يبصر الأحماء الأحماء ـ أي الأصدقاء الأصدقاء ـ فلا يخفون عليهم بمعنى : فيعرفونهم. والجملة الفعلية استئنافية لا محل لها أو تكون في محل نصب صفة للموصوف «حميم» بمعنى : حميما مبصرين معرفين إياهم .. وجمع الضميران في «يبصرونهم» وهما للحميمين لأن المعنى على العموم لكل حميمين لا لحميمين اثنين.

(يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة. المجرم : فاعل مرفوع بالضمة. لو : حرف مصدري لا محل له.

(يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجملة «يفتدي ..» صلة حرف مصدري لا محل لها. من عذاب : جار ومجرور متعلق بيفتدي و «لو» وما بعدها في تأويل مصدر في محل نصب مفعول «يود» التقدير : يود المجرم افتداء نفسه.

(يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. و «إذ» اسم مبني على السكون الظاهر على آخره حرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين : سكونه وسكون التنوين في محل جر مضاف إليه ثان. ببنيه : جار ومجرور متعلق بيفتدي وعلامة جر الاسم الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت نونه للإضافة ـ أصله : بنين ـ والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه.

(وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ) (١٢)

٣٠٧

(وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ) : معطوفان بواوي العطف على «بنيه» مجروران مثله وعلامة جر الأول الكسرة بمعنى «وامرأته» وعلامة جر الثاني الياء لأنه من الأسماء الخمسة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ) (١٣)

(وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي) : معطوف بالواو على «صاحبته» ويعرب إعرابه. التي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت ـ لفصيلته. والجملة الفعلية بعده «تؤويه» صلة الموصول لا محل لها.

(تُؤْوِيهِ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به بمعنى وعشيرته الأدنين الذين فصل عنهم التي تضمه انتماء إليها أو لياذا بها للنوائب. أي تضمه في النسب.

(وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ) (١٤)

(وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) : الواو عاطفة. من : اسم موصول مبني على السكون في محل جر لأنه معطوف على مجرور. في الأرض : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : استقر .. وجد. أو هو مستقر والجملة الفعلية «وجد في الأرض» صلة الموصول لا محل لها. أي ويود فداء نفسه بجميع من وجد في الكون.

(جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ) : توكيد للاسم الموصول «من» أو حال منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى مجتمعين. ثم : حرف عطف. ينجيه : معطوفة على «يفتدي» وتعرب إعرابها وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الافتداء لأن ما قبله وهو «يفتدي» يدل عليه أي ثم ينجيه الافتداء والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به أو على تقدير : لو ينجيه من في الأرض ـ وثم لاستبعاد الإنجاء يعني تمنى لو كان هؤلاء جميعا تحت يده وبذلهم في فداء نفسه ثم ينجيه ذلك وهيهات أن ينجيه من العذاب.

٣٠٨

(كَلاَّ إِنَّها لَظى) (١٥)

(كَلَّا إِنَّها لَظى) : حرف جواب للردع والزجر وهنا هو ردع للمجرم عن الودادة وتنبيه على أنه لا ينفعه الافتداء ولا ينجيه من العذاب. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» والضمير للنار ولو لم يجر لها ذكر لأن العذاب دل عليها ويجوز أن يكون ضميرا مبهما دل عليه الخبر أو ضمير القصة. لظى : خبر «إن» مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر وهو اسم علم للنار منقول من اللظى بمعنى : اللهب .. ويجوز أن يراد : اللهب الخالص.

(نَزَّاعَةً لِلشَّوى) (١٦)

(نَزَّاعَةً لِلشَّوى) : حال مؤكدة للظى منصوبة وعلامة نصبها الفتحة المنونة أو تكون منصوبة على الاختصاص للتهويل. للشوى : جار ومجرور متعلق بنزاعة وهو من تعدية اسم الفاعل لمفعوله باللام وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : الأطراف. أو هي جمع «شواة» وهي جلدة الرأس.

(تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) (١٧)

(تَدْعُوا مَنْ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير النار في «إنها لظى» أو تكون في محل رفع صفة للظى على معنى «اللهب» والتأنيث .. وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وتولى : معطوفة بالواو على جملة «أدبر» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : أدبر أي أعرض ظهره عن الحق وأعرض عنه.

(وَجَمَعَ فَأَوْعى) (١٨)

٣٠٩

الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها وحذف مفعول «جمع» اختصارا بمعنى : وجمع المال فجعله في وعاء وكنزه ولم يؤد الزكاة والحقوق الواجبة فيه.

(إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً) (١٩)

(إِنَّ الْإِنْسانَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الإنسان : اسم «إن» منصوب بالفتحة أريد به : الناس فلذلك استثنى منه «إلا المصلين» في الآية الكريمة الثانية والعشرين.

(خُلِقَ هَلُوعاً) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. هلوعا : حال من «الإنسان» منصوب بالفتحة المنونة بمعنى خلق شديد الهلع بمعنى : شديد الخوف والجزع والحرص عند إصابته بمكروه.

(إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً) (٢٠)

(إِذا مَسَّهُ) : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط ـ أداة شرط غير جازمة ـ مسه : فعل ماض مبني على الفتح والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به مقدم والجملة الفعلية «مسه الشر» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد إذا.

(الشَّرُّ جَزُوعاً) : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى : متى ما مسه الشر أي إذا ظهر له شر أظهر شدة الجزع والشر : هو المرض والفقر. جزوعا : حال من ضمير الغائب في «مسه» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والعامل فيه محذوف يفسره المعنى .. أي ظهر جزوعا أو صار جزوعا والجملة المقدرة «ظهر جزوعا» جواب شرط غير جازم لا محل لها والجملة الشرطية من «إذا» وما بعدها : تفسيرية لقوله «هلوعا» لا محل لها.

(وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) (٢١)

الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. بمعنى : وإذا ناله خير بخل به ومنعه عن الناس والخير هنا : الغنى والصحة.

٣١٠

(إِلاَّ الْمُصَلِّينَ) (٢٢)

(إِلَّا الْمُصَلِّينَ) : أداة استثناء. المصلين : مستثنى بإلا من «الإنسان» بمعنى الناس .. في الآية الكريمة التاسعة عشرة منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) (٢٣)

(الَّذِينَ هُمْ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب صفة ـ نعت ـ للمصلين. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. والجملة الاسمية «هم على صلاتهم دائمون» صلة الموصول لا محل لها.

(عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «هم» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. دائمون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : هم على صلاتهم أي على أدائها مواظبون لا يخلون بها واستثنى سبحانه المصلين لأنهم ليسوا على هذه الصفات المذكورة قبلها ..

(وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) (٢٤)

(وَالَّذِينَ) : الاسم الموصول معطوف بالواو على «الذين» في الآية الكريمة السابقة ويعرب إعرابه.

(فِي أَمْوالِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم محذوف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.

(حَقٌّ مَعْلُومٌ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. معلوم : صفة ـ نعت ـ لحق مرفوع مثله بالضمة المنونة والجملة الاسمية «في أموالهم حق معلوم» صلة الموصول لا محل لها بمعنى : زكاة مقدرة معلومة أو صدقة يوظفها الرجل على نفسه يؤديها في أوقات معلومة.

(لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (٢٥)

٣١١

(لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) : جار ومجرور متعلق بمعلوم. والمحروم : معطوف بالواو على «للسائل» ويعرب مثله. السائل : هو الذي يسأل الناس .. أي يستجدي .. والمحروم هو الفقير أيضا الذي يتعفف عن السؤال فيحسب غنيا فيحرم.

(وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) (٢٦)

(وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ) : يعرب إعراب «الذين» في الآية الكريمة الرابعة والعشرين. يصدقون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(بِيَوْمِ الدِّينِ) : جار ومجرور متعلق بيصدقون. الدين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) (٢٧)

تعرب إعراب الآية الكريمة الثالثة والعشرين. رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى خائفون على أنفسهم من عذاب ربهم مع قيامهم بما يرضي الله سبحانه.

(إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ) (٢٨)

(إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. عذاب : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه ثان.

(غَيْرُ مَأْمُونٍ) : خبر «إن» مرفوع بالضمة. مأمون : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : لا ينبغي لأحد وإن بالغ في الطاعة والاجتهاد أن يأمن العذاب وأن يكون مترجما بين الخوف والرجاء والآية الكريمة اعتراضية بين المعطوف والمعطوف عليه لأن العذاب واقع بالتأكيد.

(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) (٢٩)

٣١٢

الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة الثالثة والعشرين وتعرب إعرابها. أي يحفظونها من الحرام ..

(إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) (٣٠)

(إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ) : أداة استثناء لا عمل لها ـ ملغاة ـ تفيد النفي. على أزواج : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «حافظون» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى إلا من زوجاتهم.

(أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) : حرف عطف. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر لأنه معطوف على «أزواجهم» والجملة الفعلية «ملكت» مع الفاعل صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. أيمان : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير ما ملكته أيمانهم بمعنى : أو بإمائهم المملوكات.

(فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) : الفاء استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم إن و «غير» خبر «إن» مرفوع بالضمة. ملومين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) (٣١)

(فَمَنِ ابْتَغى) : الفاء استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون حرك بالكسر لالتقاء الساكنين في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». ابتغى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر فعل الشرط في محل جزم بمن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى : فمن طلب غير ذلك أي زيادة في هذا.

(وَراءَ ذلِكَ) : ظرف مكان ـ مفعول فيه ـ متعلق بابتغى وهو بمعنى : سوى ناب مناب المفعول للفعل «ابتغى» بمعنى : فمن ابتغى أمرا سوى ذلك أو

٣١٣

يكون صفة لمفعول به محذوف وقيل : هو بمعنى : زيادة عن ذلك وهو مضاف. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. اللام للبعد والكاف حرف خطاب.

(فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) : الجملة الاسمية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. والكاف حرف خطاب. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ ثان حرك آخره بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين. العادون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : المعتدون والجملة الاسمية «هم العادون» في محل رفع خبر المبتدأ «أولئك» أي المتجاوزون حدود الله.

(وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ) (٣٢)

الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة الثالثة والعشرين وتعرب إعرابها. و «عهدهم» معطوف بالواو على «أماناتهم» وتعرب مثلها. و «راعون» بمعنى : حافظون. لا يخونون.

(وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ) (٣٣)

الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة الثالثة والعشرين وتعرب إعرابها و «الشهادة» من جملة الأمانات التي لا ينكرونها ولا يخفونها.

(وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) (٣٤)

الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة الثالثة والعشرين وتعرب إعرابها. يحافظون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «يحافظون» في محل رفع خبر المبتدأ «هم» أي يواظبون على أدائها بأوقاتها.

(أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ) (٣٥)

(أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ) : اسم إشارة : مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. في جنات : جار ومجرور متعلق باسم المفعولين

٣١٤

«مكرمون». مكرمون : خبر «أولئك» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : مكرمون بثواب الله. والإشارة إلى المذكورين قبلها ..

(فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ) (٣٦)

(فَما لِ الَّذِينَ) : الفاء استئنافية. ما : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ يفيد الإنكار والتعجب. اللام حرف جر ـ فصل عن الاسم المجرور ـ اتباعا لخط المصحف. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «ما» المحذوف.

(كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. قبلك : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بمهطعين وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه بمعنى : نحوك أو من جهتك. مهطعين : حال من ضمير «كفروا» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : مسرعين إلى الكفر والتكذيب.

(عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ) (٣٧)

(عَنِ الْيَمِينِ) : جار ومجرور متعلق بعزين وكسر آخر «عن» لالتقاء الساكنين بمعنى عن يمينك يا محمد وعن شمالك.

(وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ) : معطوف بالواو على «عن اليمين» ويعرب مثله. عزين : حال من ضمير «كفروا» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : فرقا شتى. والكلمة جمع «عزة» وهي الفرقة من الناس لأنهم كانوا يتحلقون حول رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ مستهزءين.

(أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ) (٣٨)

٣١٥

(أَيَطْمَعُ كُلُ) : الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام. يطمع : فعل مضارع مرفوع بالضمة. كل : فاعل مرفوع بالضمة.

(امْرِئٍ مِنْهُمْ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. من : حرف جر بياني و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «امرئ» أي من هؤلاء الكفار.

(أَنْ يُدْخَلَ) : حرف مصدري ناصب. يدخل : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة وهو فعل مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «يدخل ..» صلة حرف مصدري لا محل لها.

(جَنَّةَ نَعِيمٍ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. نعيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف تقديره في دخول والجار والمجرور متعلق بيطمع.

(كَلاَّ إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) (٣٩)

(كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ) : حرف جواب للردع والزجر أي ردع لهم عن طمعهم في دخول الجنة لأنهم منكرون للبعث والجزاء. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» وقد حذفت إحدى النونين تخفيفا أو أدغم «نا» بنون «إن». خلقنا : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بالضمير «نا» و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به.

(مِمَّا يَعْلَمُونَ) : أصله : من : حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بخلقنا. يعلمون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والعائد إلى الموصول

٣١٦

ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : مما يعلمونه و «ما» قيل : مبهمة .. وقيل المعنى : خلقناهم من نطفة.

(فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ) (٤٠)

(فَلا أُقْسِمُ) : الفاء استئنافية. لا : مزيدة ـ زائدة ـ مؤكدة. وقيل : هي نافية ولا يجوز أن تكون زائدة لأنها في أول الكلام فيكون المعنى على هذا نفي القسم لعدم الضرورة ولوضوح الأمر إذ ليس من المتعذر على الله تعالى أن يهلك الكافرين .. وقد شرحت أيضا في سورة «القيامة». أقسم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. أي برب مشارق الشمس ومغاربها.

(بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) : الباء حرف جر. رب : اسم مقسم به مجرور بباء القسم وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بأقسم. المشارق : مضاف إليه مجرور بالكسرة. والمغارب : معطوف بالواو على «المشارق» ويعرب مثله.

(إِنَّا لَقادِرُونَ) : الجملة المؤولة جواب القسم لا محل لها. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مدغم بنون «إن» مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة. قادرون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.

(عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) (٤١)

(عَلى أَنْ نُبَدِّلَ) : حرف جر. أن : حرف مصدري ناصب. نبدل : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. والجملة الفعلية «نبدل خيرا منهم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق باسم الفاعل قادرون.

(خَيْراً مِنْهُمْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وعلى التفسير يكون مفعولا به ثانيا والمفعول به الأول محذوفا بمعنى : نبدلهم خلقا خيرا

٣١٧

منهم فيكون المفعول الأول هو ضمير الغائبين المحذوف في «نبدلهم» وتكون «خيرا» بدلا أو صفة للمفعول به الثاني «خلقا» المحذوف أي أفضل منهم بمعنى : نبدل الكافرين خلقا خيرا منهم. من : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «خيرا» وحرف الجر «من» حرف بياني «من .. البيانية».

(وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) : الواو استئنافية. ما : نافية بمنزلة «ليس» ما .. الحجازية أو نافية لا عمل لها عند بني تميم. نحن : ضمير منفصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «ما» أو مبتدأ. الباء حرف جر زائد. مسبوقين : اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر «ما» أو مرفوع محلا على أنه خبر «نحن» وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : ولسنا بمغلوبين أو عاجزين عن هذا التبديل إن أردنا ذلك.

(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) (٤٢)

هذه الآية الكريمة أعربت في سورة «الزخرف» الآية الكريمة الثالثة والثمانين.

(يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) (٤٣)

(يَوْمَ يَخْرُجُونَ) : بدل من «يومهم» في الآية السابقة. يخرجون : فعل مضارع ـ مستقبل ـ مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(مِنَ الْأَجْداثِ) : جار ومجرور متعلق بيخرجون بمعنى : من القبور وجملة «يخرجون من الأجداث» في محل جر بالإضافة.

(سِراعاً كَأَنَّهُمْ) : حال من الضمير في «يخرجون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : مسرعين جمع «سريع». كأن حرف مشبه بالفعل يفيد التشبيه من أخوات «إن» و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «كأن».

٣١٨

(إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) : جار ومجرور متعلق بيوفضون أي إلى أصنام لهم. والنصب : هو كل ما نصب وعبد من دون الله. يوفضون : تعرب إعراب «يخرجون» وجملة «يوفضون» في محل رفع خبر «كأن» بمعنى : يسرعون إلى الداعي مستبقين كما كانوا يستبقون إلى أنصابهم .. أو مسرعين إلى الحشر وهي جمع «مسرع».

(خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) (٤٤)

(خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ) : حال منصوب بالفتحة المنونة. أبصار : فاعل لاسم الفاعل «خاشعة» مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه.

(تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال ثانية وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم. ذلة : فاعل مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : تغشاهم مذلة أي تلحقهم.

(ذلِكَ الْيَوْمُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اليوم : خبر مبتدأ محذوف تقديره هو. والجملة الاسمية «هو اليوم» في محل رفع خبر «ذلك» بمعنى ذلك هو يوم القيامة. اللام للبعد والكاف للخطاب.

(الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة ـ نعت ـ لليوم والجملة الفعلية بعده «كانوا يوعدون» صلة الموصول لا محل لها. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم كان والألف فارقة. يوعدون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير : يوعدونه أو يكون العائد ضميرا مجرورا بحرف جر محذوف. التقدير : يوعدون به في الدنيا.

***

٣١٩

سورة نوح

معنى السورة : نبي الله نوح ـ عليه‌السلام ـ منه تسلسل الجنس البشري الجديد بعد أن نجا هو وعائلته من الطوفان .. وقيل : ما كان بين «نوح» و «إبراهيم» إلا نبيان هما «هود» و «صالح» وكان بين «نوح» و «إبراهيم» ألفان وستمائة وأربعون سنة. وقيل : إن «نوحا» عليه‌السلام هو الذي بنى أول قرية بعد الطوفان ـ طوفان نوح ـ وهي قرية «ثمانين» في الجزيرة الفراتية شمالي العراق. وأول مدينة بنيت بمصر بعد الطوفان هي مدينة «منف» وقد روي أنه مات كل من كان مع «نوح» في السفينة غير ولده. وقيل : كان معه ثمانية وسبعون نفسا .. نصفهم ذكور ونصفهم إناث .. منهم أولاد نوح : سام وحام ويافث ونساؤهم .. وعن محمد عن النبي الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : كانوا ثمانية : نوح وأهله وبنوه الثلاثة.

تسمية السورة : كرم الله تعالى نبيه «نوحا» فسمى إحدى سور القرآن الكريم باسمه كما هو الحال مع بعض الأنبياء الكرام ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ ونوح : اسم أعجمي صفة ـ نون ـ لأنه على ثلاثة أحرف وأوسطه ساكن .. وقيل : هو اسم عربي مشتق ومنه القول : قرأت نوحا : أي سورة «نوح» فإن جعل «نوح» اسما للسورة لم يصرف قال قتادة : الناس كلهم من ذرية نوح. وقيل : كان لنوح ـ عليه‌السلام ثلاثة أولادهم سام .. حام .. يافث. فسام : أبو العرب وفارس والروم .. وحام : أبو السودان من المشرق إلى المغرب .. ويافث : أبو الترك ويأجوج ومأجوج .. وقيل : سمي نوح بهذا الاسم لكثرة نياحه : أي بكائه على نفسه. يقال : ناح الرجل ـ ينوح ـ نوحا على وفاة صديقه وهو من باب «قال» ومثله ناحت المرأة .. والاسم : النواح وربما قيل : النياح فهي نائحة. والنياحة : اسم منه. والمناحة : موضع النوح.

فضل قراءة السورة : قال النبي الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «نوح» كان من المؤمنين الذين تدركهم دعوة نوح ـ عليه‌السلام» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

٣٢٠