إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ١٠

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٤٩

النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : وأي شيء. لأنفس : جار ومجرور متعلق بتقدموا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور بمعنى وما تقدموا لأنفسكم من فعل الخير.

(مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ) : جار ومجرور متعلق بحال من «ما» ومن : حرف جر بياني. التقدير : حال كونه من خير. تجدوه : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والهاء الضمير المتصل يعود على «ما».

(عِنْدَ اللهِ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف متعلق بتجدوا. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. أو يكون متعلقا بمفعول «تجدوا» الثاني .. بمعنى : تجدوه مدخرا عند الله لكم.

(هُوَ خَيْراً) : ضمير فصل ـ عماد ـ لا محل له. خيرا : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. بمعنى : أفضل مما أنفقتم في سبيل إعلاء دين الله.

(وَأَعْظَمَ أَجْراً) : معطوف على «خيرا» ويعرب مثله. أجرا : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ) : معطوفة بالواو على «أقرضوا الله» وتعرب إعرابها بمعنى : استغفروا الله عن ذنوبكم.

(إِنَّ اللهَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(غَفُورٌ رَحِيمٌ) : خبرا «إن» خبر بعد خبر مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة المنونة ويجوز أن يكون «رحيم» صفة ـ نعتا ـ لغفور.

٣٨١

سورة المدثر

معنى السورة : المدثر : مثل «المزمل» لفظا ومعنى .. واللفظة مثلها أيضا لم ترد في القرآن الكريم إلا مرة واحدة في سورة سميت بها وأصلها : المتدثر حذفت تاؤه تخفيفا أو أدغمت فشدد الدال فصار : المدثر .. وفعله : تدثر ـ يتدثر ـ تدثرا فهو متدثر ـ اسم فاعل بمعنى : تلفف في الدثار وهو التلفف بما يلقيه الإنسان عليه من كساء وغيره أي بما كان من الثياب فوق الشعار : وهو ما يلي الجسد أو شعر الجسد من الثياب.

تسمية السورة : المراد بالمدثر : هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم .. وقد كرمه الله عزوجل فسمى سورة من سور القرآن الكريم بصفته ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إكراما وتشريفا ولم يخاطبه الله عزوجل ـ كما في سورة المزمل ـ باسمه نداء تكريما له من رب العالمين وعن جابر بن عبد الله عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : كنت على جبل «حراء» فنوديت يا محمد .. إنك رسول الله. فنظرت عن يميني وعن يساري فلم أر شيئا فنظرت فوقي فرأيت شيئا وفي رواية عائشة : فنظرت فوقي فإذا به قاعد على عرش بين السماء والأرض يعني الملك الذي ناداه فرعبت ورجعت إلى خديجة فقلت : دثروني دثروني. فنزل جبريل ـ عليه‌السلام ـ وقال : يا أيها المدثر. فحزن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وجعل يعلو شواهق الجبال فأتاه جبريل ـ عليه‌السلام ـ فقال : إنك نبي الله. فرجع إلى خديجة وقال : دثروني وصبوا علي ماء باردا. فنزل : يا أيها المدثر. وقيل : سمع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ من قريش ما كرهه فاغتم .. أي فحزن .. فتغطى بثوبه مفكرا كما يفعل المغموم فأمر ألا يدع إنذارهم وإن أسمعوه وآذوه.

فضل قراءة السورة : قال الرسول المدثر محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «المدثر» أعطاه الله عشر حسنات بعدد من صدق بمحمد وكذب به بمكة. صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٣٨٢

إعراب آياتها

(يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (١)

(يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) : أداة نداء. أي : منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» زائدة للتنبيه. المدثر : صفة ـ نعت ـ لأي لأنها مشتقة مرفوع بالضمة على لفظ «أي» لا محله أي اتباعا للفظ.

(قُمْ فَأَنْذِرْ) (٢)

(قُمْ فَأَنْذِرْ) : فعل أمر مبني على سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وأصله : قوم .. حذفت الواو تخفيفا وتخلصا من التقاء الساكنين. فأنذر : معطوفة بالفاء على «قم» وتعرب مثلها بمعنى : فحذر وخوف قومك من عذاب الله وقيل : المعنى : فافعل الإنذار من غير تخصيص له بأحد.

(وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) (٣)

(وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) : الواو حرف عطف. ربك : مفعول به مقدم أو منصوب بفعل يفسره ما بعده أي وكبر ربك وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه الفاء تفيد معنى الشرط بتقدير : وما كان فلا تدع تكبيره. كبر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. بمعنى : اختص ربك بالتكبير وهو الوصف بالكبرياء وقد يحمل على تكبير الصلاة. أي عظم ربك بالتكبير.

(وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) (٤)

(وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) : الواو عاطفة. ثيابك : مفعول به مقدم أو منصوب بفعل يفسره ما بعده بمعنى : وطهر ثيابك وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. الفاء استئنافية. طهر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والجملة تفسيرية ..

٣٨٣

(وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (٥)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة السابقة ـ الرابعة ـ الرجز : العذاب أي واترك ما يؤدي إليه من المآثم أي واترك أو واهجر الأعمال التي تؤدي إلى عذاب ربك ومنها وساوس الشيطان.

(وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) (٦)

(وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تمنن : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. تستكثر : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. وجملة «تستكثر» في محل نصب حال من ضمير «تمنن» بمعنى : ولا تعط مستكثرا رائيا لما تعطيه كثيرا أو طالبا الكثير.

** (قُمْ فَأَنْذِرْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية .. المعنى : انهض يا أيها النبي المتدثر فحذر ـ خوف قومك من عذاب الله فحذف مفعول «أنذر» وهو «قومك» وقيل : الصحيح هو فافعل الإنذار من غير تخصيص له بأحد.

** سبب نزول الآية : أخرج البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «جاورت بحراء شهرا فلما قضيت جواري نزلت فاستنبطت الوادي فنودي علي فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء فرجعت فقلت : دثروني فأنزل الله تعالى قوله الكريم : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ).

** (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة .. المعنى : وطهر ثيابك ونقي قلبك أي وطهر باطنك من العيوب لأن اللفظة من الكنايات فتحتمل المعنيين .. وعن الثياب الطاهرة قال عمر بن الخطاب المروءة الظاهرة هي الثياب الطاهرة .. يحكى أن علي بن أبي طالب نظر إلى رجل طويل الثياب فقال : يا هذا .. أقصر من هذا .. فإنه أنقى وأتقى وأبقى. يقصد بذلك أن قصر الثوب قليلا يقيه شر التلوث بما قد يكون على الأرض من أوساخ. وأتقى : أي أقل تكبرا أما و «أبقى» فمعناه : يدوم أكثر ولا يهترئ بسرعة وفي هذه العبارة بلاغة في تشابهها خطا ولفظا. جاء في أمثال العرب : فلان أكسى من بصلة .. قيل هذا المثل لمن لبس الثياب الكثيرة وضرب بالبصلة لكثرة قشورها بعضها فوق بعض. و «الثوب» لفظة مذكرة يجمع على «ثياب» و «أثواب» وهو ما يلبسه الناس من كتان وحرير وخز وصوف وقطن وفرو ونحو ذلك .. واستعملت لفظة «الثياب» كناية عن بعض صفات الناس .. فقولهم : هذا رجل طاهر الثياب : يعنون به : طاهر النفس .. منزه عن العيب .. وعلى الضد منه قولهم : هذا رجل دنس الثياب : بمعنى : خبيث الفعل .. وفي الآية الكريمة جاء الأمر بأن تكون الثياب طاهرة من النجاسات .. وقيل : هو أمر بتقصيرها ومخالفة العرب في تطويلهم الثياب وجرهم الذيول وذلك ما لا يؤمن معه إصابة النجاسة

٣٨٤

وقيل : هو أمر بتطهير النفس مما يستقذر من الأفعال ويستهجن من العادات .. يقال : فلان طاهر الثياب وطاهر الجيب والذيل والأردان : إذا وصفوه بالنقاء من المعايب ومدانس الأخلاق وفلان دنس الثياب : للغادر وذلك لأن الثوب يلابس الإنسان ويشتمل عليه فكنى به عنه.

** (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة .. المعنى : فإذا نفخ في البوق وهو مناداة الناس ليوم الحشر وبعثهم من القبور أي يوم الصيحة الثانية .. يقال : صاح ـ يصيح ـ صيحة .. والصياح : هو الصوت. والمصدر : صيحا وصيحة وصياحا ـ بكسر الصاد وضمها ـ وبمعنى : صرخ وزعق أيضا .. يقال : الزعق : هو الصياح وزعق ـ به يزعق ـ زعقا. من باب «قطع» بمعنى : صاح. وعلى ذكر الفعل «زعق» وردت في كتاب تراثي رواية تراثية تحمل الطرافة والذكاء وفيها رد على الكتاب الذين توصف كتاباتهم بالغموض المتعب والممل مبتعدين عن القول المعزز بأسلوب سلس وواضح بعيد عن الإبهام والتعقيد .. تقول الرواية : سأل أحد النحاة ـ النحويين ـ خادمه في صباح باكر : أزعقت العنافيل؟ أجابه الخادم بعد تردد : زقفيلم! بهت النحوي من هذه الإجابة فسأله : وما معنى «زقفيلم»؟ قال الخادم؟ وما معنى «أزعقت العنافيل؟» قال النحوي : أردت أن أقول : هل صاحت الديكة؟ قال الخادم : وأنا أردت أن أقول : لا. لم تصح بعد!

** (ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والعشرين .. المعنى : ثم قطب وجهه وكلح والفعل «بسر» مرادف للفعل «عبس» يقال : عبس الرجل ـ يعبس ـ عبوسا .. من باب «جلس» جلوسا .. بمعنى : كلح أي تكشر وعبس ـ بتشديد الباء ـ للمبالغة ومنه القول : هذا يوم عبوس : أي شديد .. أما الفعل «بسر» فهو أيضا بمعنى : عبس .. وكلح ـ يكلح ـ كلوحا .. من باب «دخل» ومن معاني الفعل «عبس» أي مرادفاته : الفعلان : بسر وبسل نحو : بسر الرجل ـ يبسر ـ بسرا وبسورا : بمعنى : قطب وجهه واسم الفاعل هو باسر و «البسور» فعول بمعنى : فاعل. وهما من أسماء الأسد : أي الكالح الوجه أي المتعبسه والمتكشر أما الفعل «بسل» فمعناه أيضا : عبس من الغضب أو الشجاعة واسم الفاعل هو باسل وبسيل ويقال : بسل الرجل ـ بضم السين ـ يبسل بسالة : أي شجع شجاعة فهو باسل : بمعنى : بطل .. والبسالة : هي الشجاعة ومنه القول : استبسل الرجل : بمعنى استقتل في الحرب يريد أن يقتل أو يقتل لا محالة فهو مستبسل. يقال : بسر الرجل : أي اشتد عبوسه فإذا زاد قالوا : بسل.

** (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة والعشرين .. المعنى سأدخله جهنم .. و «سقر» اسم علم لجهنم مشتق من سقرته الشمس أو النار ـ تسقره ـ سقرا وبمعنى : صقرته نحو : صقر النار ـ يصقرها ـ صقرا : بمعنى : أوقدها وصقرته الشمس : أي آذته بحرها ويأتي الفعل لازما .. نحو : صقرت الشمس أو النار : بمعنى : اشتد حرها واتقدت .. والمصدر «صقر» يطلق أيضا على طائر من الجوارح يصطاد به .. أما بفتح القاف «صقر» فهو اسم من أسماء جهنم والأصح منه : سقر كما في الآية الكريمة المذكورة .. ولم ترد لفظة «صقر» اسما للنار في القرآن الكريم بل وردت بالسين «سقر» أربع مرات .. مرة في سورة «القمر» وثلاث مرات في سورة «المدثر» ويجمع «الصقر» على «صقور» و «أصقر» وقال بعضهم : الصقر : هو ما يصيد من الجوارح كالشاهين وغيره. وقال الزجاج : ويقع الصفر على كل صائد من البزاة ـ جمع باز ـ والشواهين ـ جمع شاهين ـ ويكنى «الصقر» بأبي شجاع وأبي عمران وأبي الحمراء وقد قال الشاعر :

يركض في جو السما ركضا

بخافقين ينفضان نفضا

٣٨٥

وقد ورد ذكره في الشعر العربي كثيرا .. وقد أطلق الخليفة العباسي المنصور لفظة «صقر» على القائد العربي عبد الرحمن الداخل فسماه «صقر قريش» وهو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك. و «الصقر» واحد من الطيور الجارحة الأربعة : الصقر .. الشاهين .. الباز .. العقاب.

** (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثلاثين وفيه حذف التمييز .. المعنى : على جهنم تسعة عشر من الملائكة الأشداء موكلين بحفظها وقيل : تسعة عشر ملكا يتسلطون على أهل النار .. وقيل : صنفا من الملائكة وقيل تسعة عشر صفا وهم خزنتها .. جاء في المصحف المفسر : ذكر المفسرون أقوالا في وجه تخصيص عدد التسعة عشر لخزنة جهنم منها أن مجموع القوى الحيوانية والطبيعية في الإنسان تسعة عشر .. ولكل منها أعمال خاصة وجزاءات خاصة فكان لا محيد من أن توكل كل عقوبة منها بملك خاص.

** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة والآيات التي قبلها في الوليد بن المغيرة وكان من أشد الناس عداوة للرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

** (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية والثلاثين .. المعنى : وما يعلم أحد جنود ربك إلا هو سبحانه ولأنهم كثيرون لا يعلمهم أحد أو يعرف عددهم إلا الله تعالى أي وما عليه كل جند من العدد الخاص من كون بعضها على عدد كامل وبعضها على عدد ناقص وما في اختصاص كل جند بعدده من الحكمة و «إلا هو» أي ولا سبيل لأحد إلى معرفة ذلك كما لا يعرف الحكمة في أعداد السموات والأرضين وأيام السنة والشهور والبروج والكواكب أو وما يعلم جنود ربك لفرط كثرتها إلا هو سبحانه. وقيل : هو جواب لقول أبي جهل : أما لرب محمد أعوان إلا تسعة عشر؟ والقول «ما ذا أراد الله بهذا مثلا» أي ما الذي أراد الله بهذا العدد المستغرب استغراب المثل وأي غرض قصد من جعل الملائكة تسعة عشر لا عشرين سواء؟ وهو إنكار من المشركين بأن القرآن ليس من عند الله! فرد الله تعالى عليهم : وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا .. أي وما جعلنا عددهم إلا اختبارا للكافرين وسببا ليقين المؤمنين بصحة القرآن ولا يشك الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون في الدين وعدد خزنة جهنم.

** سبب نزول الآية : قال ابن إسحاق وقتادة : قال أبو جهل يوما : يا معشر قريش .. يزعم محمد أن جنود الله الذين يعذبونكم في النار تسعة عشر وأنتم أكثر الناس عددا .. أفيعجز مائة رجل منكم عن رجل منهم فأنزل الله : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً ..)

** (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والثلاثين .. المعنى كل نفس رهن بكسبها عند الله غير مفكوك أي مرهونة عند الله والكلمة مصدر مثل «شتيمة» وهي لست بتأنيث «رهين» في قوله تعالى (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) ولو أريد الصفة لقيل : رهين لأن صيغة «فعيل» بمعنى «مفعول» يستوي فيه المذكر والمؤنث وإنما هي اسم بمعنى «الرهن» كالشتيمة بمعنى «الشتم» كأنه قيل : كل نفس بما كسبت رهن بمعنى مرتهنة محبوسة عند الله بعملها.

** (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والأربعين .. المعنى فما لهم عن التذكير وهو العظة ـ يريد القرآن وغيره من المواعظ ـ صادين عن

٣٨٦

سماعه. والتذكرة أيضا بمعنى : ما تستذكر به الحاجة وتأتي اللفظة بمعنى : الشهادة وتطلق أيضا على ورقة السفر والنقل وتجمع على تذاكر تلفظ «التذكرة» بكسر الكاف ولا يصح لفظها بفتح الكاف لأنها بفتح الكاف تكون مصدر الفعل «ذكر» نحو : ذكر الله ـ يذكره ـ ذكرا وتذكارا ـ بفتح التاء ـ بمعنى : سبحه ومجده .. أما «المذكرة» و «المفكرة» فتلفظان بكسر الكاف .. لأن كلا منهما اسم فاعل. وسميت مذكرة ـ وهي الدفتر .. الذي يدون فيه صاحبه ما يريد أن يتذكره ـ لأنها تذكر صاحبها بما يريد ولا يجوز لفظها «مذكرة» بفتح الكاف ـ اسم مفعول ـ لأن من معاني هذه اللفظة : المرأة المتشبهة بالذكور.

** (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ .. فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ .. بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً) : هذه الأقوال الكريمة هي نصوص الآيات الكريمة الخمسين .. الحادية والخمسين .. والثانية والخمسين .. وفي القول الكريم الأول شبه سبحانه وتعالى فرار الكفار من النبي الكريم وهربهم من سماع الذكر ـ القرآن ـ ونفورهم منه بالحمر ـ الحمير ـ الشديدة النفار ـ وقد فرت من الأسد أو من جماعة الرماة الذين يتصيدونها .. فرت هاربة مذعورة خائفة .. بل يريد كل واحد من المشركين أن يعطى كتابا مفتوحا خاصا به من الله منشورة معنونة باسمه. وقيل : بمعنى : قراطيس تنشر وتقرأ كالكتب التي يتكاتب بها.

** سبب نزول الآية : قال بعض المشركين : لئن كان محمد صادقا فليصبح تحت رأس كل رجل منا صحيفة فيها براءته وأمنه من النار. فنزلت هذه الآية الكريمة.

** (كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والخمسين والهاء في «إنه» يعود على التذكرة السابقة (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) وإنما ذكر لأنها في معنى : الذكر والقرآن.

(وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) (٧)

(وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) : الواو عاطفة. لربك : جار ومجرور متعلق باصبر وعلامة الجر الكسرة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه. الفاء استئنافية. اصبر : فعل أمر مبني على سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت بمعنى : ولوجه الله فاستعمل الصبر وقيل : اصبر على أذى المشركين. أو واصبر لأوامر ربك وتحملها.

(فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) (٨)

(فَإِذا نُقِرَ) : الفاء استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون متضمن معنى الشرط خافض لشرط متعلق بجوابه وجوابه هنا دل عليه الجزاء على معنى : عسر الأمر على الكافرين أي اصبر يا محمد على أذاهم فبين أيديهم يوم عسير يلقون فيه عاقبة أذاهم وتلقى فيه عاقبة صبرك

٣٨٧

عليهم. نقر : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. وجملة «نقر في الناقور» في محل جر بالإضافة.

(فِي النَّاقُورِ) : جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل بمعنى فإذا قرع في البوق أو يكون الجار والمجرور متعلقا بنقر ونائب الفاعل مستترا بتقدير : فإذا قرع القرع في البوق بمعنى : فإذا نفخ في البوق النفخة الثانية وهي مناداة الناس للحشر. والناقور ـ فاعول ـ هو البوق وأصله القرع الذي هو سبب الصوت.

(فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ) (٩)

(فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ) : الفاء واقعة في جواب الشرط. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بيوم عسير وهو مضاف. إذا : اسم مبني على السكون الظاهر على آخره وحرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين : سكونه وسكون التنوين وهو في محل جر بالإضافة والجملة المعوض عنها بالتنوين وهي الجملة المحذوفة في محل جر بالإضافة التقدير : يومئذ ينقر في الناقور يقع يوم عسير على الكافرين أي فيوم النقر ..

(يَوْمٌ عَسِيرٌ) : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة المنونة. عسير : صفة ـ نعت ـ ليوم مرفوع بالضمة المنونة أي شديد ..

(عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) (١٠)

(عَلَى الْكافِرِينَ) : جار ومجرور متعلق بعسير وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(غَيْرُ يَسِيرٍ) : صفة ثانية ليوم مرفوع بالضمة. يسير : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) (١١)

(ذَرْنِي وَمَنْ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. النون للوقاية والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل نصب مفعول به بمعنى : دعني أو اتركني. الواو واو المعية. من :

٣٨٨

اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول معه أو تكون الواو واو عطف و «من» معطوفا على الضمير «الياء» في «ذرني».

(خَلَقْتُ وَحِيداً) : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «خلقت ..» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : مع الذي خلقته. وحيدا : حال من الضمير «الياء» في «ذرني» أي من الله عزوجل منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : دعني أو اترك أمره لي لمحاسبته أو بمعنى خلقته وحدي لم يشركني في خلقه أحد .. أو يكون حالا من ضمير الغائب المحذوف في «خلقته» على معنى : خلقته وهو وحيد لا مال له ولا ولد وقيل : المقصود به هو الوليد بن المغيرة.

(وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً) (١٢)

(وَجَعَلْتُ لَهُ) : معطوفة بالواو على جملة «خلقت» وتعرب إعرابها. له : جار ومجرور في مقام المفعول الثاني.

(مالاً مَمْدُوداً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. ممدودا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «مالا» منصوب بالفتحة المنونة بمعنى : مالا مبسوطا أي كثيرا متناميا.

(وَبَنِينَ شُهُوداً) (١٣)

(وَبَنِينَ شُهُوداً) : معطوف بالواو على «مالا ممدودا» ويعرب مثله وعلامة نصب «بنين» الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وهي مثل «سنين» تعرب بالحركة والحرف وهنا جاءت منصوبة بالحرف .. بمعنى : وأبناء حضورا معه.

(وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً) (١٤)

(وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً) : يعرب إعراب «وجعلت له» في الآية الكريمة الثانية عشرة. تمهيدا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : وبسطت له في الحياة بسطا وفي الجاه أيضا.

٣٨٩

(ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ) (١٥)

(ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ) : حرف عطف. يطمع : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أن : حرف مصدري ناصب.

(أَزِيدَ) : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. و «أن» المصدرية وما تلاها في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف بتقدير : ثم يطمع في زيادة النعم أو المال والولد.

(كَلاَّ إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً) (١٦)

(كَلَّا إِنَّهُ كانَ) : حرف زجر وردع له وقطع لرجائه وطمعه. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «كان لآياتنا عنيدا» في محل رفع خبر «إن».

(لِآياتِنا عَنِيداً) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. عنيدا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى كان معاندا لآياتنا.

(سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) (١٧)

(سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) : السين حرف استقبال ـ تسويف ـ للقريب. أرهقه : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى : سأغشيه. صعودا : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : عقبة شاقة.

(إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ) (١٨)

(إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» و «إن» هنا

٣٩٠

للتعليل أي تعليل للوعيد. فكر : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» ويجوز أن تكون «كلا» متبوعة بقوله «سأرهقه صعودا» ويعلل ذلك بعناده فتكون «إنه فكر» بدلا من قوله (كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً) بيانا لكلمة «عناده» بمعنى : فكر ما ذا يقول في القرآن وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو بمعنى : فكر في تأمل هذا القرآن. وقدر : معطوفة بالواو على جملة «فكر» وتعرب إعرابها بمعنى وقدر في نفسه ما يقوله في طعن القرآن.

(فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) (١٩)

(فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) : الفاء استئنافية. للتسبيب. قتل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى : فلعن. كيف : اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال. قدر : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) (٢٠)

الآية الكريمة معطوفة بحرف العطف «ثم» على الآية الكريمة السابقة وتعرب مثلها وفي هذا التكرير أي تكرير الدعاء عليه بالهلاك دلالة على أن الكرة الثانية أبلغ من الأولى وفيه مبالغة ذمه.

(ثُمَّ نَظَرَ) (٢١)

(ثُمَّ نَظَرَ) : حرف عطف. نظر : معطوفة على «فكر وقدر» في الآية الكريمة الثامنة عشرة والدعاء الوارد في الآيتين الكريمتين التاسعة عشرة والعشرين أي الدعاء بالهلاك اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه. بمعنى : ثم نظر في أمر القرآن مرة أخرى.

(ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ) (٢٢)

(ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ) : حرف عطف يفيد التباعد والتراخي لأن هناك تأملا وتمهلا من قبله. عبس : معطوف على «نظر» وهو فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى ثم قطب وجهه.

٣٩١

وبسر : معطوفة بالواو على «عبس» وتعرب إعرابها بمعنى : وكلح. والفعل مرادف للفعل «عبس».

(ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ) (٢٣)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة السابقة بمعنى : ثم تولى عن الحق وتعالى عنه وأعرض عن الإيمان.

(فَقالَ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ) (٢٤)

(فَقالَ) : الفاء عاطفة. قال : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(إِنْ هذا إِلَّا) : حرف لا عمل له بمعنى «ما» النافية. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. إلا : أداة حصر لا عمل لها.

(سِحْرٌ يُؤْثَرُ) : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة والجملة الاسمية «إن هذا إلا سحر» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ والجملة الفعلية «يؤثر» في محل رفع صفة ـ نعت ـ لسحر وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى : يروى ويتعلم والإشارة إلى القرآن الكريم.

(إِنْ هذا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ) (٢٥)

تعرب إعراب الآية الكريمة السابقة ولم تعطف عليها بعاطف لأنها بمنزلة تأكيد من مؤكد. البشر : مضاف إليه مجرور بالكسرة بمعنى : إن هذا القرآن أي ما هذا القرآن إلا قول إنسان وليس وحيا من الله.

(سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) (٢٦)

تعرب إعراب الآية الكريمة السابعة عشرة وعلامة رفعه «أصلي» الضمة المقدرة على الياء للثقل. بمعنى : سأدخله جهنم وهي بدل من الآية الكريمة المذكورة ولم تصرف «سقر» لأنها اسم ممنوع من الصرف للتأنيث والمعرفة وهي من أسماء جهنم.

٣٩٢

(وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ) (٢٧)

تعرب إعراب الآية الكريمة الثالثة «وما أدراك ما الحاقة» في سورة «الحاقة» بمعنى : وما أعلمك ما سقر أي وما أعلمك أي نار هي؟!

(لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ) (٢٨)

(لا تُبْقِي) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «سقر». لا : نافية لا عمل لها. تبقي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي وحذف مفعوله اختصارا لأنه معلوم بمعنى : لا تبقي شيئا إلا أهلكته أي لا تبقي على شيء يلقى فيها.

(وَلا تَذَرُ) : معطوفة بالواو على جملة «لا تبقي» وتعرب إعرابها وعلامة رفع الفعل الضمة الظاهرة على آخره بمعنى : ولا تدعه من الهلاك .. أي لا تتركه يخرج حيا منها. والفعل لا ماضي له.

(لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ) (٢٩)

(لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هي. للبشر : جار ومجرور متعلق بلواحة ـ بتأويل فعل اسم الفاعل ـ بمعنى : تلفح الجلد فتسوده. والبشر : أعالي الجلود أو تلوح للناس والجملة الاسمية «هي لواحة للبشر» في محل نصب حال ثانية لسقر.

(عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) (٣٠)

(عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال أخرى لسقر. عليها : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم محذوف. تسعة عشر : عدد مركب مبني على فتح الجزأين في محل رفع مبتدأ مؤخر وحذف المعدود ـ التمييز ـ اختصارا لأنه معلوم من سياق القول الكريم بمعنى : عليها تسعة عشر من الملائكة وهم خزنة جهنم أو تسعة عشر ملكا يتسلطون على أهل النار وقيل : صنفا من الملائكة وقيل صفا.

٣٩٣

(وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَما هِيَ إِلاَّ ذِكْرى لِلْبَشَرِ) (٣١)

(وَما جَعَلْنا) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. جعل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بالضمير «نا» و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(أَصْحابَ النَّارِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. النار : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(إِلَّا مَلائِكَةً) : أداة حصر لا عمل لها ملائكة : مفعول به ثان منصوب بجعل المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً) : معطوفة بالواو على «ما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة» وتعرب إعرابها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.

(لِلَّذِينَ كَفَرُوا) : اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «فتنة». كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ) : اللام حرف جر ـ لام ـ كي ـ للتعليل. يستيقن : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «يستيقن الذين» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما يعدها : بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل. والجار والمجرور متعلق بمفعول لأجله محذوف بمعنى : وما جعلنا عدتهم إلا سببا لفتنة الكافرين وسببا ليقين ـ استيقان ـ المؤمنين وحيرة الكافرين.

٣٩٤

(أُوتُوا الْكِتابَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. الكتاب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى لييقنوا بصحة القرآن.

(وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا) : معطوفة بالواو على جملة «يستيقن الذين أوتوا» وتعرب إعرابها و «آمنوا» فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة وهو فعل معلوم. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. وما بعدها معطوف على «يستيقن الذين أوتوا الكتاب» ويعرب إعرابه.

(وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ) : اسم معطوف على «الذين» في «الذين أوتوا» وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. وليقول الذين : معطوفة على «ليستيقن الذين» وتعرب إعرابها.

(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ) : الجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها. في قلوب : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم محذوف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. مرض : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة وهم المنافقون أي في قلوبهم مرض النفاق. والكافرون : معطوف بالواو على «الذين في قلوبهم مرض» مرفوع على الفاعلية وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(ما ذا أَرادَ اللهُ) : الجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ ما ذا : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «أراد» أو تكون «ما» اسم استفهام مبنيا على السكون في محل رفع مبتدأ. و «ذا» اسما موصولا بمعنى «الذي» مبنيا على السكون في محل رفع خبر

٣٩٥

«ما» والجملة الفعلية «أراد الله» صلة الموصول لا محل لها. أراد : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.

(بِهذا مَثَلاً) : الباء حرف جر. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بأراد. مثلا : تمييز لاسم الإشارة «هذا» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أو يكون حالا منه وهو استعارة من المثل المضروب بمعنى : أي شيء أراد الله بهذا العدد المستغرب استغراب المثل؟

(كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. والجملة الفعلية «يضل الله» في محل رفع خبر المبتدأ. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. والإشارة إلى ما قبله من معنى الإضلال والهدى. اللام للبعد والكاف للخطاب. أو يكون الكاف في محل نصب صفة ـ نعتا ـ لمفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف .. التقدير : يضل الله إضلالا مثل ذلك المذكور من الإضلال و «يضل» فعل مضارع مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.

(مَنْ يَشاءُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يشاء : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وحذف مفعول «يشاء» اختصارا بمعنى : من يشاء إضلاله بإبعاده عن الهدى.

(وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) : معطوفة بالواو على «يضل من يشاء» وتعرب إعرابها وفاعل «يهدي» ضمير مستتر في جوازا تقديره هو أي الله سبحانه بمعنى ويهدي الله من يشاء هديه أي يرشده إلى طريق الصواب. وعلامة رفع الفعل «يهدي» الضمة المقدرة على الياء للثقل.

(وَما يَعْلَمُ جُنُودَ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. يعلم : فعل مضارع مرفوع بالضمة. جنود : مفعول به مقدم منصوب بالفتحة.

(رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في

٣٩٦

محل جر مضاف إليه ثان. إلا : أداة حصر لا عمل لها. هو : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع بدل من فاعل «يعلم» بمعنى : وما يعلم أحد جنود ربك إلا هو ويجوز أن يكون «هو» في محل رفع فاعل «يعلم».

(وَما هِيَ إِلَّا) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. هي : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. إلا : أداة حصر لا عمل لها.

(ذِكْرى لِلْبَشَرِ) : خبر «هي» مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر ولم تنون لأنها ممنوعة من الصرف كونها اسما مقصورا مؤنثا رباعيا. للبشر : جار ومجرور متعلق بذكرى أو بصفة محذوفة منها والجملة متصلة بوصف «سقر» و «هي» ضميرها. أي وما سقر وصفتها إلا تذكرة للبشر أو ضمير الآيات التي ذكرت فيها والجمل من (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ) إلى قوله (إِلَّا هُوَ) اعتراضية بين المعطوف «وما هي إلا ذكرى» والمعطوف عليه (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) في الآية الكريمة السابقة.

(كَلاَّ وَالْقَمَرِ) (٣٢)

(كَلَّا وَالْقَمَرِ) : حرف ردع وزجر تفيد الإنكار بعد أن جعلها ذكرى أن تكون لهم ذكرى لأنهم لا يتذكرون أو ردع لما ينكر أن تكون إحدى الكبر نذيرا. الواو واو القسم حرف جر. القمر : مقسم به مجرور بواو القسم وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف أي أقسم برب القمر أو وحق القمر المنير .. فحذف المضاف المقسم به وأقيم المضاف إليه مقامه.

(وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ) (٣٣)

(وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ) : معطوف بالواو على «القمر» ويعرب مثله. إذ : ظرف للزمن الماضي بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بفعل القسم المحذوف. أدبر : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. بمعنى : إذا تولى أو بمعنى تبع النهار أي خلفه أي وحق الليل المظلم إذا مضى ..

٣٩٧

(وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ) (٣٤)

(وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ) : يعرب إعراب «والليل». إذا : ظرف للزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بحال محذوف من «الصبح» التقدير : أقسم بالصبح كائنا إذا أسفر بمعنى : إذا تجلى .. أي انبلج وأضاء. أسفر : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ) (٣٥)

(إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل وقع جوابا للقسم أو يفيد التعليل لكلا فيكون القسم وما في حيزه جملة اعتراضية لا محل لها و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسمها أي إن سقر. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ إحدى : خبر «إن» مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر وهو مضاف. الكبر : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو جمع «الكبرى» أي لإحدى المصائب العظمى .. أو البلايا العظمى.

(نَذِيراً لِلْبَشَرِ) (٣٦)

(نَذِيراً لِلْبَشَرِ) : تمييز من «إحدى» منصوب بالفتحة المنونة على معنى : إنها لإحدى الدواهي إنذارا أو يكون حالا. وقال الزمخشري : وقيل : هو متصل بأول السورة يعني قم نذيرا وهو من بدع التفاسير والجار والمجرور «للبشر» متعلق باسم الفاعل «نذيرا» أو بصفة محذوفة منه.

(لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) (٣٧)

(لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ) : اللام حرف جر. من : اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق باسم الفاعل «نذيرا». شاء : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وشاء : بمعنى : أراد. منكم : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «من» و «من» حرف جر بياني. التقدير : حالة كونه منكم.

٣٩٨

(أَنْ يَتَقَدَّمَ) : حرف مصدري ناصب. يتقدم : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجملة «يتقدم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما تلاها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول «شاء» بمعنى : لمن شاء التقدم أي السبق إلى الخير.

(أَوْ يَتَأَخَّرَ) : حرف عطف للتخيير. يتأخر : معطوفة على «يتقدم» وتعرب إعرابها بمعنى : لمن أراد التأخير أي التخلف عن الخير ويجوز أن يكون الجار والمجرور «لمن» بدلا من «للبشر» بإعادة حرف الجر.

(كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (٣٨)

(كُلُّ نَفْسٍ بِما) : مبتدأ مرفوع بالضمة. نفس : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. الباء حرف جر و «ما» مصدرية.

(كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق برهينة بمعنى : كل نفس رهن بكسبها أي بعملها عند الله غير مفكوك. رهينة : خبر المبتدأ «كل» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : مرهونة عند الله والكلمة مصدر مثل «شتيمة» وهي ليست بتأنيث «رهين» في قوله تعالى في سورة «الطور» : (لُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) ولو أريد الصفة لقيل : رهين لأن «فعيلا» بمعنى «مفعول» يستوي فيه المذكر والمؤنث وإنما هي اسم بمعنى «الرهن» كالشتيمة بمعنى «الشتم» ويجوز أن تكون «ما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل جر بالباء وجملة «كسبت» صلة الموصول لا محل لها .. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : بما كسبته من أعمالها.

(إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ) (٣٩)

(إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) : أداة استثناء. أصحاب : مستثنى بإلا منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. اليمين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة

٣٩٩

جره الكسرة وقيل : هما الملائكة والأطفال لأنهم لا أعمال لهم يرتهنون بها. أو إلا الذين أوتوا صحيفة أعمالهم بأيمانهم وهم المؤمنون فقد خلصوا أنفسهم بما أحسنوا ..

(فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ) (٤٠)

(فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ) : جار ومجرور متعلق بخبر لمبتدإ محذوف تقديره : هم في جنات. يتساءلون : الجملة الفعلية في محل نصب حال وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : يسأل بعضهم بعضا عنهم أو يتساءلون غيرهم عنهم أو يتساءلون بينهم والجملة الاسمية في محل نصب حال.

(عَنِ الْمُجْرِمِينَ) (٤١)

(عَنِ الْمُجْرِمِينَ) : جار ومجرور متعلق بيتساءلون وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وكسر نون «عن» لالتقاء الساكنين بمعنى : يتساءلون عن أحوال المجرمين.

(ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) (٤٢)

(ما سَلَكَكُمْ) : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. سلككم : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «ما» وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. بمعنى : ما أدخلكم.

(فِي سَقَرَ) : جار ومجرور متعلق بسلك وعلامة جر الاسم الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للتأنيث والمعرفة. والجملة الاسمية «ما سلككم في سقر» في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف تقديره يقال ما الذي .. أي يقال لهم : ما أدخلكم في جهنم؟

(قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) (٤٣)

٤٠٠