الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنة - ج ٦

الشيخ محمد الصادقي

الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنة - ج ٦

المؤلف:

الشيخ محمد الصادقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: انتشارات فرهنگ اسلامى
المطبعة: اسماعيليان
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٤

فالمال والإحصان به هما شرطان أصيلان في (أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) وأما إذا لم يحصن بمال او دون مال فهو سفاح ، سواء أكان نكاح الزانية غير التائبة ام وطي الأمة التي لا تملكها عينا او هبة.

فكما يجوز النكاح بسماح المنكوحة عن صدقتها كذلك وطئ الامة الموهوبة بشروطه وشروطها.

ولا تقدير لصدقات النساء الا حسب التوافق ورضاهن مهما كانت نعلين أو كفا من دقيق او سويق كما في حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (١).

__________________

(١) آيات الأحكام للجصاص ٢ : ١٧١ حديث عامر بن ربيعة أن امرأة جيء بها الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد تزوجت رجلا على نعلين فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ قالت : نعم فأجازه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وحديث أبي الزبير عن جابر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إنه قال : «من أعطى امرأة في نكاح كف دقيق أو سويق أو طعاما فقد استحل» وحديث الحجاج بن ارطاة عن عبد الملك بن المغيرة الطائي عن عبد الرحمن بن السلماني قال : خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : أنكحوا الأيامى منكم ، فقالوا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما العلائق بيننا؟ قال : ما تراضى به الأهلون ، وبما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : «من استحل بدرهمين فقد استحل» وإن عبد الرحمن بن عوف تزوج على وزن نواة من ذهب وأخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : أو لم ولو بشاة ولم ينكر ذلك ، وحديث أبي حازم عن سهل بن سعد في قصة المرأة التي قالت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد وهبت نفسي لك يا رسول الله فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مالي بالنساء من حاجة فقال له رجل زوجنيها فقال : هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ فقال : إزاري هذا ، فقال : إن أعطيتها أزارك حلت ولا أزار لك ـ الى أن قال ـ : «التمس ولو خاتما من حديد» فأجاز أن يكون المهر خاتما من حديد وخاتم من حديد لا يسوى عشرة.

أقول : وروايات أهل البيت (عليهم السلام) في ذلك المعنى متواترة أنه لأحد للمهر قلة وكثرة في النكاحين.

٤٢١

ذلك ، ولكن أصل الصدقة فريضة ، ولا ينافيها جواز سماح الزوجة عنها كما (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) دليل سماح السماح ، ولكن المفروض صدقة ما حسب التراضي ثم لها ما شاءت من سماح أو تقليل.

ولماذا هنا (ما وَراءَ ذلِكُمْ) دون «من وراء»؟ علّه لأن «ما» يعني بها كل محاولات التحليل ، دون ذوات المحللات فقط ، ف (ما وَراءَ ذلِكُمْ) من نكاح وملك يمين او تحليل ، بشروطها المسرودة في الكتاب والسنة «أن تبتغوا» الحلّ بأسبابه «بأموالكم» حال أنكم «محصنين» أنفسكم وإياهن عن السفاح (غَيْرَ مُسافِحِينَ) بسفاح او نكاح محظور في شرعة الله ، وقد ذكرت شروط الإحصان وموارد السفاح في الكتاب والسنة كالتي أشرنا إليها من ذي قبل.

فقد أصبحت «أحل» طليقة نسبية ، ولكنها مقيدة ب (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) كما قيدت قبل ب «والمحصنات» ، اشارة إلى إيجابية الإحصان وسلبية المسافحة ، والتفصيل موكول الى سائر الادلة القطعية كتابا وسنة.

ومما يدل عليه (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) ان الحظوة الجنسية محصورة فيهما احصانا لهما او مسافحة ، والإحصان هو الصيانة عن السفاح.

إذا فالزواج المنقطع وملك الأمة قد يحصنان كما يحصن الزواج الدائم ، ومن شرط الإحصان الذي فيه الرجم للمتسافحين ان تكون المرأة بمتناوله حتى تغنيه وتحصنه عن السفاح.

فقد يحصل الإحصان بالمتعة كما يحصل بالدائمة كما يأتي عند البحث عن المتعة.

(فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) (٢٤).

٤٢٢

آية منقطعة النظير في التعبير عن النكاح بالاستمتاع ، مما يشي أنها تعني إما خصوص متعة النساء : النكاح المنقطع ، أم هي فيها أظهر مهما شملت النكاح الدائم ، معاكسة لكل آيات النكاح الظاهرة في الدائم ، الشاملة ـ ضمنيا للمنقطع ، بل والاستمتاع خاص بالمنقطع منقطع عن الدائم لمكان لفظته الخاصة به ، و «منهن» المستثنية عن جموع (ما وَراءَ ذلِكُمْ) و «متعة النساء» لا تعني طول التاريخ الإسلامي إلا النكاح المنقطع لا سواه.

لا نقول «أجورهن» هي الدليل على أن الاستمتاع هو متعة النساء ، حيث الأجور مستعملة في كل المهور (١) وما «هن مستأجرات» (٢) بالتي تخصهن بالأجرة ، فقد تعني أن أجرة المهور فيهن اظهر من غيرهن ، أم لأنهن كالمستأجرين بانفصالهن بتمام المدة المقررة لهن ، انما نقول «أجورهن» هنا بعد ما ذكرت صدقات النساء من ذي قبل (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) (٣) فلا وجه

__________________

(١) كما في «فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» (٤ : ٢٥) «وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» (٥ : ٥) «إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ» (٣٣ : ٥٠) «وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» (٦٠ : ١٠).

(٢) الكافي ٥ : ٤٥١ خبر محمد بن مسلم عنه (عليه السلام) وفي تفسير العياشي ١ : ٢٣٤ عن عبد السلام عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قلت له ما تقول في المتعة؟ قال : قول الله (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) ، قال قلت : جعلت فداك أهي من الأربع؟ قال : ليست من الأربع إنما هي إجارة.

(٣) في الدر المنثور ٣ : ١٣٩ ـ أخرج أبن أبي حاتم عن أبن عباس أنه كان يقرأ «فما استمعتم به منهن الى أجل مسمى» وفيه أخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن أبن عباس قال كانت المتعة في أول الإسلام وكانوا يقرءون هذه الآية «فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى ..» فكان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج بقدر ما يرى أنه يفرغ من حاجته ... وفيه أخرج عبد بن حميد وأبن جرير عن قتادة قال وهي قراءة أبي بن كعب.

٤٢٣

لتكرار ذكر المهر اللهم إلّا خاصته الخاصة بمتعة النساء.

ومما يدل على أن المعني من (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ) النكاح المنقطع أن الحل بالنكاح الدائم وملك اليمين كان معروفا من آياتهما فلا حاجة هنا بعد (أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) إلى (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ) وبهذه الصيغة اليتيمة المنقطعة النظير في كل آيات التحليل.

فقد ذكر شرطان اثنان ل «أحل» (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ) (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) فإنهما شرطان اصيلان في الحل بالنكاح الدائم واشتراء الأمة ، فأية حاجة ـ إذا ـ إلى (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ) إلّا بيان حل ثالث في حقل التحليل فهو النكاح المنقطع.

ومنه أن لو كان القصد هنا إلى التحليلين المعروفين لم يناسبهما (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ) كصيغة جديدة غير معروفة عنهما.

ومنه أن واجب الصدقة فيهما غير مشروط بالاستمتاع بالضرورة ، فهنا تحليل جديد يناط واجب الأجرة فيه بالاستمتاع.

ثم لا تختلف الأمة الإسلامية ـ على اختلافها في نسخ الحلية لمتعة النساء ـ أن هذه الآية مختصة بها.

وترى ما هو موقف (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ) بعد (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ)؟

هنا تفريع لخاصة المتعة على عامة الحل فيما وراء ذلكم الشامل لمثلث النكاح الدائم والمنقطع وملك اليمين ، حيث المتعة هي فرع لم يتبين قبل ولا بعد إلا في هذه اليتيمة المشرّعة لها بخصوصها بعد عموم الحل فيما وراء ذلكم.

وهذه تناظر توأمتها اليتيمة الأخرى : متعة الحج المفرعة على عامته :

٤٢٤

(فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) (٢ : ١٩٦).

و «ما» بدلا عن «اللاتي» موصولة قد تعني قدر المتعة ، أن أجورهن تقدّر بقدرها مادة ومدة ، دون أصل العقد الذي هو الأصل في الدائم.

كما تعني خاصة النساء المنقطعات من كل النساء الشاملة لهن وللدائمات والإماء.

إذا فقدر المتعة مادة ومدة في النساء المقدرات أجلا ، هو الأصل في قدر الأجرة ، دون أصل العقد الموجب بنفسه المهر دخل بها او لم يدخل ، تمتع بها أم لم يتمتع.

وحصالة الدلالة هنا هي تقدير الأجر بقدر الاستمتاع قدرا وزمنا ، فلا يتحقق أجورهن إلّا بالاستمتاع وطيا او مقدمات له شهية ، دون مجرد العقد وان لم يرها فضلا عن أن يتمتع بها.

وليست متعة النساء في حقل النكاح ـ الشامل لها أيا كان ـ إلّا كالبيع المشروط المنقطع ، و (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) هي أشمل ضابطة إسلامية تعم كافة العقود العقلائية ، ومنها عقد النكاح الشامل لقسميه ، ثم آيات النكاح تشملهما دون ريب ، مهما اختصت البعض منها بالدائم بقرينة الطلاق وما أشبه.

وعناية النكاح المنقطع من هذه الآية بلغت من الظهور والبهور لحد قد تقرء (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) كأنها كانت ثم سقطت ، ولكنها تفسير لها ظاهر كأنها من أصل الآية.

ومما يدل عليه ـ إضافة إلى ما استمتعتم ـ تفريع (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) على «استمتعتم» ومهور الدائمات تثبت بمجرد العقد عليهن دون شرط لواقع الاستمتاع.

٤٢٥

فحتى لو لم تنزل آية المتعة ورواياتها لكنا نحلّلها بطليق آيات النكاح ، وأن الضرورة قاضية بحلها ، إذ لو لم تحل لحلت الزنا بديلها ، إذ ليس كل أحد بإمكانه النكاح الدائم ذكرا أو أنثى ، والحاجة الجنسية من الحاجات الضرورية التي لا محيد عنها إلّا بحل النكاح المنقطع إضافة إلى الدائم ، وما قولة القائل بتحريمها إلا غائلة مائلة عن الحق تعارض كتاب الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصالح المسلمين الذين لا يجدون نكاحا دائما.

وما نسبة النسخ إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد حلّها إلّا نسبة الكفر والفسق والظلم إليه بل وأضل سبيلا : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ، ... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٥ : ٤٥ ـ ٤٧!.

فليس الرسول شارعا يشرع ولا سيما ضد ما شرع الله ، إن هو إلّا رسول ، فضلا عمن سواه من أئمة وخلفاء ، وما حديث التحريم المنسوب إلى الخليفة عمر إلا حجة عليه تخرجه عن الإسلام!.

فحين يجمع المسلمون عن بكرتهم على تحليل متعة النساء بآيتها ورواياتها ، ثم ولم ينزل التحريم في القرآن فكيف هم أنفسهم يختلفون في التحريم بعد التحليل ، دونما نص يتبع إلا مختلقات زور من روايات وفتاوى تخالف كتاب الله!.

إن حل المتعة ليس حلّا شيعيا كما يهرفه هارف غير عارف بالكتاب والسنة (١) كيف وقد اجمع عليه كبار الفقهاء والمحدثين والمفسرين من

__________________

(١) جاء في «الغدير ٦ : ٢٢٩ للعلامة الأميني» يرى موسى الوشيعة أن القول بنزول الآية من دعاوي الشيعة فحسب ولا يوجد في غير كتبهم قول به لأحد.

٤٢٦

إخواننا (١) مهما ذهب البعض منهم تبعا للخليفة عمر إلى انها حرمت بعد ما أبيحت ، وآرائهم ورواياتهم في تحريمها متعارضة (٢).

__________________

(١) وفيه عن البخاري ومسلم وأحمد والطبري ومحمد بن كعب وعبد بن حميد وأبي داود وأبن جريح والجصاص وابن الأنباري والبيهقي والحاكم والبغوي والزمخشري والأندلسي والقرطبي والفخر الرازي والنووي والبيضاوي والخازن وابن جزي وأبي حيان وابن كثير وأبي السعود والسيوطي والشوكاني والآلوسي ، إن الآية نزلت في متعة النساء ، مهما اختلفوا في تحريمها بعد أم بقاء الحل.

أقول : وممن قال بمقال الشيعة إنها لم تحرم زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحمد بن حنبل في مسنده ٤ : ٤٣٦ بإسناد رجاله كلهم ثقات عن عمران بن حصين قال : نزلت آية المتعة في كتاب الله تبارك وتعالى وعملنا بها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم تنزل آية تنسخها ولم ينه عنه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى مات.

ومنهم أبو جعفر الطبري في تفسيره (٥ : ٩) أخرج بإسناد صحيح عن شعبة عن الحكم قال : سألته عن هذه الآية أمنسوخة هي؟ قال : لا.

وعن أبن عباس إنها محكمة ـ يعني لم تنسخ ـ وكان يقرأ «فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى».

(٢) قد اختلف في نسخ متعة النساء بخمسة عشر وجها : ١ كانت رخصة في أول الإسلام ثم نهى عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم خيبر ٢ لم تكن مباحة إلا عند الضرورة في أوقات ثم حرمت آخر سنة حجة الوداع ٣ لا تحتاج الى الناسخ وإنما أبيحت ثلاثة أيام فبانقضائها تنتهي الإباحة ٤ كانت مباحة ثم نهي عنها في غزوة تبوك ٥ أبيحت عام أوطاس ثم نهي عنها ٦ أبيحت في حجة الوداع ثم نهي عنها ٧ أبيحت ثم نهي عنها عام الفتح ٨ أبيحت يوم الفتح ونهي عنها يوم ذاك ٩ ما حلت إلا في عمرة القضاء ١٠ هي الزنا لم تبح قط في الإسلام قاله النحاس ١١ أبيحت ثم نهي عنها في خيبر ثم أذن فيها عام الفتح ثم حرمت بعد ثلاث ١٢ أبيحت في صدر الإسلام ثم حرمت يوم خيبر ثم أبيحت في غزوة أوطاس ثم حرمت ١٣ أبيحت في صدر الإسلام وعام أوطاس ويوم الفتح وعمرة القضاء وحرمت يوم خيبر وغزوة تبوك وحجة الإسلام ١٤ أبيحت ثم نسخت ثم أبيحت ثم نسخت ثم أبيحت ثم نسخت ١٥ أبيحت سبعا وعام الأوطاس وغزوة تبوك وحجة الوداع (راجع أحكام القرآن للجصاص ٣ : ١٨٢ وصحيح مسلم ١ : ٣٩٤ وزاد المعاد ١ : ٤٤٣ وفتح الباري ٩ : ١٣٩ وإرشاد الساري ٨ : ٤٤١ وصحيح مسلم للنووي هامش الإرشاد ٦ : ١٢٤ ـ ١٣٠ وشرح للزرقاني ٢ : ٢٤).

٤٢٧

وانما نشأت الفتاوى واختلقت روايات وأوّلت آيات في نسخها بعد ما حرمها الخليفة عمر ، ولم يكن لتحريمها بحديث النسخ قبل عمر عين ولا أثر وكما يدل عليه المروي عنه «متعتان كانتا في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حلالا أنا أحرمهما وأعاقب عليهما» فلو كانت محرمة زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لم تكن بحاجة إلى تحريم عمر!.

ولقد استند لإباحتها جم غفير من الصحابة والتابعين بالآية ، متابعين حلها إلى يوم القيامة (١) وكما اجمع عليه الائمة الاثنى عشر

__________________

فالقول الأول أخرج حديثه خمسة من أئمة الصحاح الست في صحاحهم وغيرهم من أئمة الحديث في مسانيدهم (صحيح البخاري ٨ : ٢٣ ـ صحيح مسلم ١ : ٣٩٧ ـ سنن ابن ماجة ١ : ٦٠٤ ـ سنن الدارمي ٣ : ١٤٠ ـ صحيح الترمذي ١ : ٢٠٩ ـ سنن النسائي ٦ : ١٢٦) ولقد اختلفوا في تحريمها يوم خيبر فمن قائل أنه صحيح «كالقاضي عياض وحكاه عنه الزرقاني في شرح الموطأ ٣ : ٢٤). ومن قائل أنه شيء لا يعرفه أحد من أهل السيرة ورواة الأثر «كالسهيلي في الروض الأنف ٣ : ٢٣٨).

وثالث يقول أنه غلط ولم يقع في غزوة خيبر تمتع بالنساء (مثل أبو عمر صاحب الإستيعاب وحكاه عنه الزرقاني في شرح المواهب ٢ : ٢٣٩ وفي شرح الموطأ ٣ : ٢٤).

ورابع يقول : ان التاريخ في الحديث إنما هو النهي عن لحوم الحمر الأهلية لا في النهي عن نكاح المتعة فتوهم بعض الرواة فجعله ظرفا لتحريمها (قاله أبن عيينة كما في سنن البيهقي ٧ : ٢٠١ وزاد المعاد ١ : ٤٤٢) فكيف خفي هذا الوهم عن طائفة كبيرة من العلماء ومنهم الشافعي وذهبوا الى تحريمها يوم خيبر كما في زاد المعاد ١ : ٤٤٢ وكيف عزب عن مثل مسلم وأخرجه في صحيحه بلفظ «نهي عن متعة النساء يوم خيبر» وفي لفظ آخر نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر ، وفي ثالث الألفاظ ، نهي عنها يوم خيبر ، وفي رابع له : نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن متعة النساء يوم خيبر؟.

ولقد جاء خامس يزيف أحاديث بقية الأحوال قائلا : فلم يبق صحيح صريح سوى خيبر والفتح مع ما وقع في خيبر من الكلام «قاله الزرقاني في شرح الموطأ» (الغدير للعلامة الأميني ٦ : ٢٢٥ ـ ٢٢٦).

(١) منهم عمران بن حصين قال : «نزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى ، لم تنزل آية بعدها تنسخها ـ

٤٢٨

(عليهم السلام) (١) وقد اعترف جم غفير من أعاظم إخواننا أن هذه الآية

__________________

ـ فأمرنا بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتمتعنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومات ولم ينهنا عنها قال رجل برأيه ما شاء».

ومنهم جابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري قالا تمتعنا الى نصف من خلافة عمر حتى نهى عمر الناس في شأن عمرو بن حريث (عمدة القاري للعيني ٨ : ٣١٠) وأخرجه ابن رشد في بداية المجتهد ٢ : ٥٨ عن جابر بلفظ : تمتعنا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبي بكر ونصفا من خلافة عمر ثم نهى عنها عمر الناس ، وعن جابر «كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبي بكر ثم نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث (صحيح مسلم ١ : ٣٩٥ ـ جامع الأصول لابن الأثير ـ تيسير الوصول لأبن البديع ٤ : ٢٦٢ ـ زاد المعاد لأبن القيم ١ : ٤٤٤ ـ فتح الباري لأبن حجر ٩ : ١٤١ ـ كنز العمال ٨ : ٢٩٤) وأخرج الحافظ عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريح قال أخبرني أبو الزبير عن جابر قال : قدم عمرو بن حريث الكوفة فاستمتع بمولاة فأتى بها عمر وهي حبلى فسأله فاعترف ، قال : فذلك حين نهى عنها عمر(فتح الباري ٩ : ١٤١).

وقال عطاء : قدم جابر بن عبد الله معتمرا فجئناه في منزله فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا المتعة فقال : استمتعنا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبي بكر وعمر ـ وفي لفظ أحمد ـ : حتى إذا كان في آخر خلافة عمر(صحيح مسلم ١ : ٣٩٥ ـ مسند أحمد ٣ : ٣٨٠ وذكره فخر الدين أبو محمد الزيلعي في تبيان الحقائق شرح كنز الدقائق ولفظه : «تمتعنا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبي بكر ونصفا من خلافة عمر ثم نهى الناس عنه).

(١) قد عقد في وسائل الشيعة ١٤ : ٤٣٦ ـ الى ـ ٤٩٦ وهي ستون صحيفة أبوابا حول شؤون متعة النساء وقلما نجد تواترا في حكم شرعي تبلغ أحاديثه الى هذه الوفرة المتواترة ، وبموافقتها لنص القرآن أصبح جواز المتعة مجمع الثقلين ولا محيد عنهما الى آراء مختلفة وإن كانت اطباقا بين علماء الإسلام فضلا عن أن التحريم ليس إلا من اختلاق الخليفة عمر!

ومنهم أبن عباس فيما تواتر عنه ومن ذلك عن أيوب قال عروة لابن عباس : ألا تتقي الله ترخص في المتعة؟ فقال ابن عباس : سل أمك يا عرية ، فقال عروة : أما أبو بكر وعمر فلم يفعلا فقال ابن عباس : «والله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله ، نحدثكم عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتحدثونا عن أبي بكر وعمر» (أخرجه أبو عمر في العلم ٣ : ١٩٦ وفي مختصره ٢٢٦ وذكره ـ

٤٢٩

__________________

ـ ابن القيم في زاد المعاد ١ : ٢١٩).

في الوسائل ١٤ : ٤٣٧ ح ٤ عن زرارة قال : جاء عبد الله عمر (عمير) الليثي الى أبي جعفر (عليهما السلام) فقال : ما تقول في متعة النساء؟ فقال : أحلها الله في كتابه وعلى سنته نبيه فهي حلال الى يوم القيامة فقال يا أبا جعفر مثلك يقول هذا وقد حرمها عمر ونهى عنها؟ فقال : وإن كان فعل ، فقال : أعيذك بالله من ذلك أن تحل شيئا حرمه عمر ، فقال له : فأنت على قول صاحبك وأنا على قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهلم ألا عنك أن الحق ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأن الباطل ما قال صاحبك قال : فأقبل عبد الله بن عمير فقال : أيسرك أن نساءك وبناتك وإخوانك وبنات عمك يفعلن؟ قال : فأعرض عنه أبو جعفر (عليه السلام) حين ذكر نساءه وبنات عمه.

وفيه ح ٥ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سمعت أبا حنيفة يسأل أبا عبد الله (ع) عن المتعة فقال : أي المتعتين تسأل؟ قال : سألتك عن متعة الحج فأنبئني عن متعة النساء أحق هي؟ قال : سبحان الله أما تقرأ كتاب الله (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) فقال أبو حنيفة : والله لكأنها آية لم اقرأها قط.

وفيه ح ٧ عن أبي جعفر (عليهما السلام) إن الله رأف بكم فجعل المتعة عوضا لكم عن الأشربة.

و (٩) عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن الله تبارك وتعالى حرّم على شيعتنا المسكر من كل شراب وعوضهم من ذلك المتعة.

و (١٨) عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها) قال : والمتعة من ذلك.

وفي ٤٤٢ : ١ عن بكر بن محمد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن المتعة فقال : إنى لأكره للرجل المسلم أن يخرج من الدنيا وقد بقيت عليه خلة من خلال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقضها.

و (٣) عن صالح بن عقبة عن أبيه عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال قلت : للمتمتع ثواب؟ قال : إن كان يريد بذلك وجه الله تعالى وخلافا على من أنكرها لم يكلمها كلمة إلا كتب الله له بها حسنة ولم يمد يده إليها إلا كتب الله له حسنة فإذا دنا منها غفر الله له بذلك ذنبا فإذا اغتسل غفر الله ـ

٤٣٠

نزلت بشأن النكاح المنقطع (١) مهما اختلفوا في نسخها ، والأكثرون من كبار

__________________

ـ له بقدر ما مر من الماء على شعره ، قلت : بعدد الشعر؟ قال : بعدد الشعر.

و (٤) قال أبو جعفر (عليهما السلام) إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أسري به الى السماء قال : لحقني جبرئيل (عليه السلام) فقال يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الله تبارك وتعالى يقول : إني قد غفرت للمتمتعين من أمتك من النساء.

و (٩) عن بشر بن حمزة عن رجل من قريش قال : بعثت الي ابنة عم لي كان لها مال كثير قد عرفت كثرة من يخطبني من الرجال فلم أزوجهم نفسي وما بعثت إليك رغبة في الرجال غير أنه بلغني أنه أحلها في كتابه وسنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سنته فحرمها زفر فأحببت أن أطيع الله عز وجل فوق عرشه وأطيع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعصي زفر فتزوجني متعة ، فقلت لها : حتى أدخل على أبي جعفر (عليهما السلام) فأستشيره ، قال : فدخلت عليه فخبرته فقال : افعل صلى الله عليكما من زوج.

و ٤٤٥ : ٣ ـ أحمد بن أبي طالب الطبرسي في الإحتجاج عن محمد بن عبد الله ابن جعفر الحميري أنه كتب الى صاحب الزمان يسأله عنه الرجل ممن يقول بالحق ويرى المتعة ويقول بالرجعة إلا أن له أهلا موافقة له في جميع أموره وقد عاهدها ألا يتزوج عليها ولا يتمتع ولا يتسرى وقد فعل هذا منذ تسعة عشر سنة ووفى بقوله فربما غاب عن منزله الأشهر فلا يتمتع ولا يتحرك نفسه أيضا لذلك ويرى أن وقوف من معه من أخ وولد وغلام ووكيل وحاشية مما يقلله في أعينهم ويحب المقام على ما هو عليه محبة لأهله وميلا إليها وصيانة لها ولنفسه لا لتحريم المتعة بل يدين الله بها فهل عليه في ترك ذلك مأثم أم لا؟ الجواب : يستحب له أن يطيع الله تعالى بالمتعة ليزول عنه الحلف في المعصية ولو مرة واحدة «ورواه الشيخ في كتاب الغيبة».

أقول : والروايات في حرمة النذر والحلف والعهد على ترك المتعة كثيرة.

(١) منهم أحمد بن حنبل في مسنده ٤ : ٤٣٦ وأبو جعفر الطبري في تفسيره ٥ : ٩ وأبو بكر الجصاص في أحكام القرآن ٣ : ١٧٨ والبيهقي في السنن الكبرى ٧ : ٢٠٥ والبغوي الشافعي في هامش تفسير الخازن ١ : ٤٢٣ والزمخشري في الكشاف ١ : ٣٦٠ والقاضي أبو بكر الأندلسي في أحكام القرآن ١ : ١٦٢ والقرطبي في تفسيره ٥ : ١٣٠ وفخر الدين الرازي في تفسيره ٣ : ٢٠٠ والبيضاوي في تفسيره ١ : ٢٥٩ وعلاء الدين البغدادي في تفسير الخازن ١ : ٣٥٧ وابن جزي محمد بن أحمد القرناطي في تفسير التسهيل ١ : ١٣٧ وأبو حيان الأندلسي في تفسيره ٣ : ٢١٨ ـ

٤٣١

الصحابة ذهبوا الى عدم نسخها (١).

__________________

ـ وأبن كثير الدمشقي ومنهم عروة بن الزبير أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت : ان ربيعة بن أمية أتستمع بامرأة مولدة فحملت منه فخرج عمر يجر رداءه فزعا فقال : هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيه لرجمته (أسناد صحيح رجاله كلهم ثقات أخرجه مالك في الموطأ ٢ : ٣٠ والشافعي في كتاب الأم ٧ : ٢١٩ والبيهقي في السنن الكبرى ٧ : ٢٠٦).

ومنهم الإمام علي (عليه السلام) ، فعن الحكم قال علي (عليه السلام) لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي (تفسير الطبري ٥ : ٩ بإسناد صحيح ـ تفسير الثعلبي ـ تفسير الرازي ٣ : ٢٠٠ ـ تفسير أبي حيان ٣ : ٢١٨ ـ تفسير النيسابوري ـ الدر المنثور : ١٤٠ بعدة طرق).

وعن سليمان بن يسار عن أم عبد الله ابنته أبي خيثمة أن رجلا قدم من الشام فنزل عليه فقال : إنّ العزبة قد اشتدت علي فأبغيني امرأة أتمتع معها ، قالت : فدللته على امرأة فشارطها وأشهدوا على ذلك عدولا فمكث معها ما شاء الله أن يمكث ثم انه خرج فأخبر عن ذلك عمر بن الخطاب فأرسل إلي فسألني أحق ما حدثت؟ قلت : نعم ، قال : فإذا قدم فأذنيني ، فلما قدم أخبرته فأرسل إليه فقال : ما حملك على الذي فعلته؟ قال : فعلته مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم لم ينهنا عنه حتى قبضه الله ثم مع أبي بكر فلم ينهنا عنه حتى قبضه الله ثم معك فلم تحدث لنا فيه نهيا ، فقال عمر : «أما والذي نفسي بيده لو كنت تقدمت في نهي لرجمتك ، بينوا حتى يعرف النكاح من السفاح» (كنز العمال ٨ : ٢٩٤ من طريق الطبري).

(١) كالإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وابن عباس وعمران بن الحصين وجابر بن عبد الله وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر العددي ومعاوية بن أبي سفيان وأبو سعيد الخدري وسلمة أبن أمية الجمحي ومعبد بن عمر الجمحي والزبير بن العوام والحكم وخالد بن المهاجر المخزومي وعمر بن حريث القرشي وأبي بن كعب الأنصاري وربيعة بن عمر الثقفي وسعيد بن جبير وعطاء أبو محمد اليماني وطاووس اليماني والسدي.

أقول : هؤلاء الكبار وأصحابهم كانوا يستحلون المتعة وكما قال أبو عمر : أصحاب ابن عباس من أهل مكة واليمن كلهم يرون المتعة ضلالا وقال القرطبي ٥ : ١٣٢ : أهل مكة كانوا يستمعونها كثيرا.

وعن ابن جريح عن عطاء قال سمعت ابن عباس يقول : رحم الله عمر ما كانت المتعة إلا رحمة من الله رحم بها أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ولولا نهيه لما احتاج الى الزنا إلا شفا (أي إلا ـ

٤٣٢

وما اختلاق الاستدلال بآيات انها نسخت متعة النساء إلا بعد ما أفتى الخليفة عمر بحرمتها ، ف (الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ. إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ ..) (٢٣ : ٦) تحلل الأزواج والمنقطعة هي قطعا من الأزواج رغم ما استدلت بها عائشة بقيلتها العليلة أن المتمتع بها ليست زوجة! ، ثم ومكية الآية تحيل لها أن تنسخ مدنية ، اللهم إلا ان تنسخ هي بالمدنية فمتعة النساء إذا ناسخة لها ، ولكن لا تناسخ في البين لمكان عموم الأزواج.

واما (الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ

__________________

ـ قليل) (أحكام القرآن للجصاص ٢ : ١٧٩ ـ بدآية المجتهد لابن رشد ٢ : ٥٨ ـ النهاية لأبن الأثير ٢ : ٢٤٩ ـ الغريبين للهروي ـ الفائق للزمخشري ١ : ٣٣١ ـ تفسير القرطبي ٥ : ١٣٠ ـ وفيه بدل إلا شقا الأشقي ـ وكذلك في تفسير السيوطي ٢ : ١٤٠ من طريق الحافظي عبد الرزاق وابن المنذر عن عطاء ـ لسان العرب ١٩ : ١٦٦ ـ تاج العروس ١٠ : ٢٠٠ وصرف من صد الويث «رحم الله ، وزاد هو وابن منظور : قال عطاء : والله لكأني أسمع قوله «الا شقي».

أقول : هذا طرف من النقل يسير وقد تركنا التفصيل الى محاله وهو فوق التواتر أن التحريم ما كان إلا من عمر ، فنقله عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مختلق جاء بعد ما نهى عمر.

وقد ورد عن عمر انه إنما حرمه اجتهادا منه لا نص من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أخرجه الطبري في تاريخه د : ٣٢ عن عمران بن سوادة قال : صليت الصبح مع عمر فقرأ سبحان وسورة معها ثم انصرف وقمت معه فقال : أحاجة؟ قلت : حاجة ، قال : فالحق ، قال : فلحقت فلما دخل أذن لي فإذا هو على سرير ليس فوقه شيء ، فقلت : نصيحة ، فقال : مرحبا بالناصح غدوا وغشيا ، قلت : عابت أمتك أربعا ، قال : فوضع رأس درته في ذقنه ووضع أسفلها على فخذه ثم قال : هات ، قلت : ... وذكروا انك حرمت متعة النساء وقد كانت رخصة من الله نستمتع بقبضة ونفارق عن ثلاث ، قال : ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحلها في زمان ضرورة ثم رجع الناس الى السعة ثم لم أعلم ان أحدا من المسلمين عمل بها ولا عاد إليها فالآن من شاء نكح بقبضة وفارق عن ثلاث بطلاق وقد أصبت ...»

أقول : وذكره ابن أبي الحديد في شرحه ٣ : ٢٨ نقلا عن أبن قتيبة والطبري.

٤٣٣

وَعَشْراً) (٣ : ٢٣٤) ، أن ليست للمنقطعة هذه العدة ، فان لها هيه كما للدائمة لعموم الأزواج لهن كما لهن!.

وآية الطلاق (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) (٦٥ : ١) تختص النساء بالدائمات بقرينة الطلاق المختص بهن وذلك اختصاص حكمي وليس موضوعيا يخرج المنقطعات عن النساء ، وليس الانفصال دون طلاق دليل الحرمة كما تنفصل الإماء بالبيع ، وتنفصل الأم بنكاح الربيبة والمفتضة والملاعنة ، والمرتدة عن المؤمن ، والمؤمنة عن مرتد ، والزانية المصرة عن غير الزاني ، وآية الميراث (وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ ... وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ..) (٤ : ١٢) إنها كما هيه تعمم الميراث لكل الأزواج دواما وانقطاعا ، ومخمس الأحاديث حول الشمول وعدمه ، بشرط الميراث وعدمه ، معروض على عموم الآية فالأشبه ثبوت الميراث في الانقطاع كما في الدوام.

وحتى إن ثبت تخصيص بدليل قاطع لا مرد له فهو كالتخصيص بغير القاتل والكافر وهما من الأزواج قطعا ، ثم وآيات الميراث المتقدمة نزولا وترتيبا على آية المتعة ليست لتنسخ المتأخرة!.

وآية النصاب (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) (٤ : ٣) مخصصة بغير الإماء والمنقطعات بدليل السنة القاطعة ولمحة الآية في (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) حيث تشمل كل الحلائل غير الدائمات ، إضافة إلى كونها متقدمة على آية المتعة.

ذلك ، اضافة إلى ان «انكحوا» هنا إيجاب للفرار عن ترك القسط بين اليتامى فلا يشمل كل حقول النكاح الدائم فضلا عن المنقطع فلا تخصيص إذا بل هو تخصّص.

ذلك وهؤلاء مصرون على نسخ آية المتعة بهذه الآيات وما هي لو كانت لها

٤٣٤

ناسخة ونازلة بعدها ، إلّا دالة على أن متعة النساء سفاح دون نكاح ، فهل أحلّ الله السفاح لفترة ثم حرمه؟!.

ومما يؤكد حلّ المتعة بعد الضرورة الواقعية إليها في ظروف قاسية محرجة او معسرة انها مما يعف المؤمن عن السفاح (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (٢٤ : ٣٢) تشمل إيجابية الاستعفاف بمتعة النساء والإماء كما تعني سلبية النكاح الدائم أم كل نكاح ، وقد استدل الإمام لحلها بآية الاستعفاف.

فالأصل في الزواج هو الدائم ثم المتعة بالحرة أو الأمة كما في الآية التالية : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ ..) كما (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ) (٢٥).

إذا ف «لا تلحوا على المتعة إنما عليكم إقامة السنة فلا تشتغلوا بها عن فرشكم وحرائركم فيكفرون ويدعين على الآمر بذلك ويلعنونا».

والقول ان سكوت الصحابة عن فتوى الخليفة دليل إما على كفرهم أو على واقع النسخ ، مردود بعدم السكوت المطلق أولا ، وأن التقية من الفضاظة والغلظة قد منعت الساكتين عن الرد عليه وكما كانت التقية لأئمتنا اعتمادا على نص الكتاب وثابت السنة ، فحتى لو اجمع المسلمون على تحريم المتعة لكنا نضربه عرض الحائط بمخالفة القرآن.

فما طنطنة النسخ بالقرآن أو السنة إلا منذ حرم عمر متعة النساء فلا نجد

٤٣٥

قبله ولا إشارة إلى نسخ بكتاب أو سنة فانما رأوا نسخها فرووا نسخها بعد ما حرمها عمر (١) وقد ورد بتحريمها ـ فقط ـ من قبل عمر زهاء أربعين حديثا

__________________

(١) كما في خطبته الشهيرة «متعتان كانتا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما متعة الحج متعة النساء ، وفي لفظ الجصاص : لو تقدمت فيها لرجمت» (البيان والتبيين للجاحظ ٢ : ٢٢٣ ـ أحكام القرآن للجصاص ١ : ٣٤٢ و ٣٤٥ و ٢ : ١٨٢ ـ تفسير القرطبي ٢ : ٣٧٠ ـ المبسوط للسرخسي الحنفي في باب القرآن من كتاب الحج وصححه ـ زاد المعاد لابن القيم ١ : ٤٤٤ فقال : ثبت عن عمر ـ تفسير الفخر الرازي ٢ : ١٦٧ و ٣ : ٢٠١ و ٢٠٢ ـ كنز العمال ٨ : ٢٩٣ نقله عن كتاب أبي صالح والطحاوي ـ وص ٢٩٤ عن أبن جرير الطبري وأبن عساكر ـ ضوء الشمس ٢ : ٩٤).

فقد يستدل بهذه الخطبة على جواز المتعة حيث كانت في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الى زمن عمر حلالا وهو الذي حرمه ، كما استدل المأمون على جوازها بها وهم بأن يحكم بها كما في تاريخ ابن خلكان ٢ : ٣٥٩ واللفظ هناك «متعتان كانتا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى عهد أبي بكر وأنا أنهى عنهما ، وقال الراغب في المحاضرات ٢ : ٩٤ قال يحيى بن أكثم لشيخ بالبصرة : بمن اقتديت في جواز المتعة؟ قال : بعمر بن الخطاب ، قال : كيف وعمر كان أشد الناس فيها؟ قال : لأن في الخبر الصحيح أنه صعد المنبر فقال : إن الله ورسوله قد أحلا لكم متعتين وإني محرمهما عليكم وأعاقب عليهما ، فقبلنا شهادته ولم نقبل حرمته.

وعن أبي نضرة قال : «كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آت فقال : ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر فعلناهما مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما» (صحيح مسلم ١ : ٣٩٥ ـ سنن البيهقي ٧ : ٢٠٦).

وعن أبي نضرة عن جابر قال قلت : إن ابن الزبير ينهى عن المتعة وإن ابن عباس يأمر به قال : على يدي جرى الحديث تمتعنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومع أبي بكر فلما ولى عمر خطب الناس فقال : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا الرسول وإن القرآن وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما ـ

٤٣٦

أخرجها رواد الحديث وكبار المؤلفين من الصحابة والتابعين مفسرين ومحدثين (١).

وهل المهر فرض في النكاحين؟ نص القرآن يفرضه كما هنا (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) ومثلها آيات أخرى تسميه فريضة وهي فوق الواجب.

وقد نستوحي من «أجورهن» أن فريضة المهر هي أجرة النكاح أيا كان فسواء أسميت أم لم تسمّ كانت ثابتة (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) ثم (.. وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) (٤ : ٢٤) تسمح لما تراضيا عليه زيادة أو نقيصة بعد التسمية ، ومتى سمح في عدم فرض الفريضة فهي باقية على عهدته فيرجعان إذا لم يتراضيا إلى مهر المثل.

__________________

ـ أحداهما متعة النساء ولا أقدر على رجل تزوج امرأة الى أجل إلا غيّبته بالحجارة والأخرى متعة الحج.(سنن البيهقي ٧ : ٢٠٦ فقال : أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن همام).

وعن جابر قال تمتعنا متعتين على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الحج والنساء فنهانا عنهما عمر فانتهينا(أخرجه أمام الحنابلة أحمد في مسنده ٣ : ٣٥٦ و ٣٦٣ بطريقين أحدهما طريق عاصم رجاله كلهم ثقات بالاتفاق وذكره السيوطي كما في كنز العمال ٨ : ٢٩٣ عن الطبري) أقول وقد أخرجت صورة رابعة وخامسة عن جابر بنفس المعنى.

وأخرج الطبري عن عروة بن الزبير أنه قال لابن عباس : أهلكت الناس قال : وما ذاك؟ قال : تفتيهم في المتعتين وقد علمت أن أبا بكر وعمر نهيا عنهما؟ فقال : ألا للعجب إني أحدثه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويحدثني عن أبي بكر وعمر فقال : هما كانا أعلم بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واتبع لها منك.(كنز العمال ٨ : ٢٩٣ ـ مرآة الزمان للسبط الحنفي ٩٩).

(١) وقد عده العسكري في أولياته والسيوطي في تاريخ الخلفاء ٩٣ والقرماني في تاريخه هامش الكامل ١ : ٢٠٣ ـ أول من حرم المتعة.

٤٣٧

إذا فلا تسقط الفريضة بعدم تسميتها ، ولا تنقص بأية وسيلة إلّا أن يعفون ، ولا تجوز هبة المرأة نفسها دون مهر فإنها خاصة حسب النص بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) (٣٣ : ٥٠).

وقد نستلهم من (اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ) ان الفريضة في المنقطع لا تثبت إلا في حقل الاستمتاع وقاعا أو سواه من مقدماته بسائر الحظوات الجنسية نظرة وقبلة ولمسة ، فإذا خلى العقد عن كل ذلك فلا استمتاع فلا فريضة ـ إذا ـ اللهم إلّا في العقد الدائم حيث الآيات الفارضة للفريضة فيها طليقة غير مقيدة بالاستمتاع ، وهذه دلالة ثانية أن محط هذه الآية الأصيل هو العقد المنقطع.

وقد نستوحي من (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ) ان فريضة النكاح المنقطع مقدرة بقدر الاستمتاع ، فكما يجوز تعيين عدد الاستمتاع بديل الفريضة كزمن الاستمتاع ، كذلك الأمر إذا لم تفرض فريضة حيث تقدر بقدر الاستمتاع عدة أو مدة.

إذا فلا تعني «ما» هنا انفس المتمتع بهن ، وإنما هو قدر المتعة عدة او مدة.

وفي النكاح المنقطع فروع اصيلة كالتالية :

١ هل تشترط فيها ـ كما في الدائم ـ الصيغة اللفظية إيجابا وقبولا؟ قد يقال : لا ، لمكان (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ) وهي طليقة تعم الاستمتاع بعقد وغير عقد ولا دليل على ضرورة لفظية العقد كما في عقد البيع والإجارة ، وقد يتأيد الإطلاق برواية (١).

__________________

(١) وهي خبر نوح بن شعيب عن علي عن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : جاءت امرأة الى عمر فقالت : إني زنيت فطهرني فأمر بها أن ترجم فأخبر بذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال : كيف زنيت؟ قال : مررت في البادية فأصابني عطش شديد فاستقيت أعرابيا فأبى أن ـ

٤٣٨

وقد تطارده (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ) فانه قرار ومعاقدة بالأموال ، اللهم إلّا أن يقال ان ليس لزام الابتغاء بالأموال صيغة لفظية رسمية كما في سائر المعاملات ، ولكن «أحل» قد تعني حل النكاح المحرم من ذي قبل ، ولكنه حل الاستمتاع بنكاح او ملك او تحليل ، فكما تحل المملوكة بالملك دونما صيغة للتمليك ، كذلك وبأحرى حل المنقطعة.

ذلك ، ولا يترك الاحتياط بصيغة النكاح ، ولكنه إذا حصل معاطاة لا يحكم عليه بالسفاح ، حيث الحدود تدرء بالشبهات ، وهذا فيه شبهة النكاح لأقل تقدير ، والأشبه اجراء أحكام النكاح فيما كانت المعاطاة صريحة في عقد النكاح ، حيث العقد لا يختص بالصيغة المخصوصة ، فانه قرار بين الطرفين

__________________

ـ يسقيني إلا أن أمكنه من نفسي فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) تزوج ورب الكعبة(التهذيب ٢ : ٢٤٥ والكافي ٥ : ٤٦٧).

وفي الوسائل أبواب حد الزنا ب ١٨ روى الصدوق في الفقيه والشيخ في التهذيب عن محمد بن عمرو بن سعيد عن بعض أصحابنا قال : أتت امرأة الى عمر فقالت يا أمير المؤمنين (عليه السلام) إني فجرت فأقم في حد الله فأمر برجمها وكان علي (عليه السلام) حاضرا ، قال فقال له سلها كيف فجرت؟ قالت : كنت في فلاة من الأرض فأصابني عطش شديد فرفعت لي خيمة فأتيتها فأصبت فيها رجلا أعرابيا فسألته الماء فأبى أن يسقيني إلا أن أمكنه من نفسي فوليت منه هاربة وأشتد بي العطش حتى غارت عيناي وذهب لساني فلما بلغ مني أتيته فسقاني ووقع علي فقال علي (عليه السلام) قال الله : فمن اضطر غير باغ ولا عاد ـ وهذه غير باغية ولا عادية إليه فخلى سبيلها فقال عمر : «لولا علي لهلك عمر).

أقول : الحديث الثاني في مورد الاضطرار ويتبين من حكم الرجم انها كانت ذات بعل ولكن الحديث الأول وإن كان أيضا في مورد الاضطرار ولكنه نص في التزويج ، وليس الاضطرار ليجعل السفاح نكاحا ، اللهم إلّا مباحا قضية الاضطرار ، ولكن الرجم في الأول أيضا يحمله على ذات البعل!.

٤٣٩

المعنيين بأية ظاهرة لفظية أماهيه من الدالات الصريحة أو الظاهرة عند الطرفين في قصد النكاح.

٢ هل يجوز النكاح المنقطع دون إذن الولي؟ قد يقال : لا ، لقوله تعالى (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) وهو الولي ، ولكنه خاص بالدائم لمكان الطلاق : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) (٢ : ٢٣٧).

فلا دليل ـ إذا ـ على اشتراط اذن الولي في المتعة ، والأولوية القطعية في اشتراطه في المنقطعة لا تجري ـ ان جرت هنا ـ إلّا في حل الدخول بها دون صرف صيغة التحليل ، والروايات متظافرة في أصل الحل دون إذن الولي إلا في الدخول (١).

__________________

(١) الوسائل ١٤ : ٤٥٧ باب حكم التمتع بالبكر بغير إذن أبيها عن زياد بن أبي الحلال قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : لا بأس أن يتمتع بالبكر ما لم يفض إليها كراهية العيب على أهلها.

وعن محمد بن عذافر عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن التمتع بالأبكار؟ فقال : «هل جعل ذلك إلا لهن فليستترن وليستعففن» والتستر يعني عن التمتع بهن والاستعفاف يعم الاستعفاف بالمتعة والاستعفاف عن الدخول بهن.

وعن أبي سعيد قال : سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن التمتع من الأبكار اللواتي بين الأبوين ، فقال : لا بأس ولا أقول كما يقول هؤلاء الأقشاب.

وعن أبي سعيد القماط عمن رواه قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) جارية بكر بين أبويها تدعوني الى نفسها سرا من أبويها فأفعل ذلك؟ قال : نعم وأتق موضع الفرج ، قال قلت : فإن رضيت بذلك؟ قال : وإن رضيت فإنه عار على الأبكار ، أقول : عار على الأبكار لا يحلله إذن الولي. اللهم الا إذا عنى العار عند وليها وأهلها كما عند الناس.

وعن الحلبي قال سألته عن التمتع من البكر إذا كانت بين أبويها بلا إذن أبويها؟ قال : «لا بأس ما ـ

٤٤٠