الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنة - ج ٦

الشيخ محمد الصادقي

الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنة - ج ٦

المؤلف:

الشيخ محمد الصادقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: انتشارات فرهنگ اسلامى
المطبعة: اسماعيليان
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦٤

القاطعة ، فيرث كل من الزوجين الآخر في الطلاق الرجعي.

وهل ترث المطلقة بائنا في مرض الموت؟ الظاهر هنا كالنص لا لمكان أزواجكم غير الصادقة على البائنة.

ثم والزوجان في حقل الميراث هما أعم من الصغيرين والكبيرين والمختلفين ، وكذلك المدخول بها وسواها ، والولد لها أعم من كونه لهما ام لها من غيره ، ذكرا أم أنثى بواسطة أم بغير واسطة من حل أو حرام وارثا وغير وارث ، فإنما (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ) في النصف و (فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ) في الربع.

ثم (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) كما ولكم حذوا النعل بالنعل طبقا عن طبق ، مهما كانت الفتاوى (١) والروايات (٢) متضاربة حول حرمانهن عن شيء مما

__________________

(١) ذهب إخواننا أجمع وابن الجنيد من أصحابنا إلى عدم حرمانهن عن سهامهن إطلاقا ، وإن اختص علم الهدى المنع بعين ما استثني دون القيمة.

ثم اختلف أصحابنا في مادة الحرمان ، فالمشهور بينهم لا سيما المتأخرين تعميم الإرث لذات الولد وتخصيصه في غيرها بالأرض عينا وقيمة وبالطوب والخشب والآلات من الدور والمنازل عينا لا قيمة ، ورابع باستثناء بيت السكن عينا وقيمة ، وخامس عينا لا قيمة ، رغم ان الأخبار النافية لا تفرق بين ذات الولد وسواها ، اللهم إلّا صحيحة ابن أذينة النساء إذا كان لهن ولد أعطين من الرّباع (الفقيه ٤ : ٢٥٢ الرقم ٨١٣ والتهذيب ٢ : ٤١٩ والإستبصار ٤ : ١٥٥).

وحسنة الفضلاء زرارة وبكير وبريد والفضيل ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام ، فمنهم من رواه عن أبي جعفر ومنهم من رواه عن أبي عبد الله (ع) ومنهم من رواه عن أحدهما عليهما السلام «أن المرأة لا ترث من تركة زوجها من تربة دار أو أرض إلّا أن يقوم الطّوب والخشب قيمة فتعطى ربعها أو ثمنها إن كان لها ولد من قيمة الطوب والجذوع والخشب (التهذيب ٢ : ٤١٨ واللفظ له والكافي ٧ : ١٢٨).

(٢) فمن الأخبار ما تفصل بين ذات الولد وسواها كالتي سبقت ، ومنها ما تحرمها إطلاقا كصحيحة زرارة عن الباقر (ع) المرأة لا ترث مما ترك زوجها من القرى والدور والسلاح والدواب شيئا وترث ـ

٣٠١

__________________

ـ من المال والفرش والثياب ومتاع البيت مما ترك ويقوم النقض والأبواب والجذوع والقصب فتعطى حقها منه (التهذيب ٢ : ٤١٨ والإستبصار ٤ : ١٥١ والكافي ٧ : ١٢٧ والفقيه ٤ : ٢٥٢). ورواية محمد بن مسلم قال أبو عبد الله (ع): «ترث المرأة من الطوب ولا ترث من الرباع شيئا ، قال قلت كيف ترث من الفرع ولا ترث من الأصل شيئا؟ فقال : ليس لها منهم نسب ترث به وإنما هي دخيل عليهم فترث من الفرع ولا ترث من الأصل ولا يدخل عليهم داخل بسببها» (الكافي ٢ : ١٢٨ وقرب الإسناد ٢٧).

أقول : نفس السبب وارد بالنسبة للزوج فإنه ليس له منها نسب يرث به وإنما هو دخيل عليها فيرث من الفرع ولا يرث من الأصل ولا يدخل عليها داخل بسببه!.

وحسنة زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال : «لا ترث النساء من عقار الدور شيئا ولكن يقوم البناء والطواب وتعطى ثمنها أو ربعها ، قال : إنما ذلك لئلا يتزوجن فيفسدن على أهل المواريث مواريثهم» (الكافي ٧ : ١٢٩).

أقول ونفس السبب وارد في الرجال وسائر الورثة فليحرموا كلهم عما تحرم هي منه!.

وصحيحة الحسن بن محبوب عن الأحول عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول : لا ترث النساء من العقار شيئا ولهن قيمة البناء والشجر والنخل ، يعني بالبناء الدور وإنما عنى من النساء الزوجة(الفقيه ٤ : ٢٥٢).

ورواية ميسر عن أبي عبد الله (ع) قال : سألته عن النساء ما لهن من الميراث؟ قال : لهن قيمة الطوب والبناء والخشب والقصب فأما الأرض والعقارات فلا ميراث لهن فيه ، قال قلت : فالثياب؟ قال : الثياب لهن نصيبهن منه ، قال قلت : كيف صار ذا ولهذه الربع والثمن مسمى؟ قال : لأن المرأة ليس لها نسب ترث به وإنما هي دخيل عليهم وإنما صار هذا هكذا لئلا تتزوج فيجيء زوجها أو ولد من قوم آخرين فيزاحم قوم في عقارهم.

أقول : هذه العلة العليلة واردة في ميراث الوالدين والأولاد والأزواج كما الزوجات أخيرا ثم أولا هي معلقة على زواجها ، ثم على إدخاله في عقارهم ، ثم على مزاحمتهم في عقارهم ، والمزاحمة إن كانت لا تختص بالعقار ، ثم هي ممنوعة بحكم الله دون حرمان الزوجة عن العقار.

ولا يدخل داخل جار في زواج الزوج والوالد والوالدة والابن والبنت ، فليكن كلهم لهذه العلة العليلة الاحتمالية محرومين عن ميراث العقار ، فلمن تكون ـ إذا ـ العقار؟.

٣٠٢

ترك ، كما هي متضاربة في مادة الحرمان ، وهنا الأصل ـ كما في كل مختلف فيه ـ هو القرآن الناطق بعموم الميراث لهن كما لهم ، وإنه لعموم لا يقبل التخصيص مهما كانت السنة كلمة واحدة في التخصيص ، فضلا عن انها متفاوتة متهافتة في نفسها ، وذلك أصدق مصاديق العرض على الكتاب!.

والعلل العليلة في بعض الروايات لحرمانها ، هي بعينها واردة بحق البعولة ، مما يشي باختلاق عارم في الروايات الحارمة إياها عن شطر من حقها عظيم ، ولا عبرة باجماعات وشهرات لا يؤيدها الكتاب ، بل ويخالفها ، فان «ما ترك» عام لم يخصص إلّا بوصية أو دين حسب النص المكرر في حقل الميراث.

فهنا بالنسبة لحقها (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ) نعلم بيقين أن القرآن بصدد بيان هامة الاستثناءات ، وهي كلمة واحدة الوصية والدين ، لا والأراضي وأعيان غير المنقولات!.

فلو كان شطر من التركة مستثنى عما ترك إضافة الى (وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ

__________________

ثم إن كان المانع هو إدخال الغير على الورثة لكان الصحيح اشتراط طليق الميراث بعدم الإدخال ، دون حرمانها عن قسم كبير من حقها مخافة أن تدخل عليهم غريبا.

وهذه الحكمة هي كان يقال : لا تعطوا فلانا حقه عله يبذر أو يسرف!.

وروآية محمد بن مسلم عن الباقر (ع) قال : «النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئا» (الكافي ٧ : ١٢٧) وحسنة زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهما السلام «لا ترث النساء من عقار الأرض شيئا» (الكافي ٧ : ١٢٨).

وتعارضها صحيحة الفضل بن عبد الملك وابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال : «سألته عن الرجل هل يرث من دار امرأته أو أرضها من التربة شيئا أو يكون ذلك بمنزلة المرأة فلا يرث من ذلك شيئا؟ فقال : يرثها وترثه من كل شيء تركت وترك» (التهذيب ٩ : ٣٠٠ والإستبصار ٤ : ١٥٤ والفقيه ٤ : ٢٥٢).

٣٠٣

دَيْنٍ) لكان ذكره أحق منهما وأولى ، فان استثناء هما هو طبيعة الحال وإن لم يرد في هذا النص ، وتكفيه آيات الوصية والدين.

ثم استثناء حق ثابت كأصل أحق مما ليس بهذه المثابة حيث الأصل شرعيا وعرفيا أن التركة كلها للوارث ، واستثناء الوصية والدين تنبيه لما علّه ينسى ، فاستثناء العين من ميراث الزوجات فرض لو كان ، والآية ظاهرة كالصريحة في عدم الاستثناء ، فلا تقبل التقييد بمقيدات في روايات هي في نفسها متهافتة وفي أدلتها غير صالحة!.

ذلك إضافة الى الإعتبار واقعيا حسب مختلف السؤل في ارجحية الزوجة بكامل ميراثها من الزوج ، وأن استثناء الأرض ـ ولا سيما في القرى ـ استثناء للأكثرية الساحقة من حق الميراث ، وتعليل حرمانهن في روايات انهن اغارب وليس لهن منهم نسب يرثن به وإنما هن دخيلات عليهم فيرثن من الفرع ولا يرثن من الأصل ولا يدخل عليهم داخل بسببهن ، إنه يعمهن الى أزواجهن ، ثم ولا تعم حكمة الدخيل كل الزوجات كما لا تعم كل الأزواج و «يفسدن على أهل المواريث ميراثهن» له سياج آخر غير أصل الحرمان ، كأن تحرم فقط من الأعيان دون الأثمان ، أو يراقبن برقابة شرعية صارمة حتى لا يفسدن على أهل الميراث ، ولا يفسدون كذلك على أهل الميراث.

وهنا روايات إخواننا السنة مطبقة كالبعض من رواياتنا طليقة كنص الكتاب ، فلا موقع لما يعارضها ويعارض الكتاب من روايات أصحابنا ، ولا موقع ـ إذا ـ للفتاوى الشهيرة بحرمان الزوجة مما حرمتها.

والقول إن الوصية والدين لا تقلان استثناء عن غير المنقول ، غير وارد ، حين نمحور «ما ترك» الذي فيه غير المنقول ، وكان هو الأكثرية الساحقة زمن النزول ، وحتى لو كان بين الوصية والدين وما ترك من غير المنقول عموم من

٣٠٤

وجه فالثاني ـ دون ريب ـ أكثر.

فهناك مرجحات في استثناء غير المنقول ـ لو كان ـ ليس في الوصية والدين وهي :

١ الأكثرية فيه دونهما ـ ٢ انه خلاف القاعدة فليذكر دونهما حسب القاعدة ـ ٣ في عدم ذكره ابتلاء تضاد الفتاوى ومضادة هؤلاء الذين يثبتون نصيبهن من كل المتروك سنادا الى الضابطة والى طليق الآية دونهما ـ ٤ وقد ذكرا أربع مرات ولم يذكر ولا مرة واحدة ، أفلا تكفي هذه الأربع لتجعل «ما ترك» في نصيبهن نصا في الإطلاق ، إضافة الى الاعتبار عرفيا وعقليا وفي ميزان العدل ، وجملة القول هنا أن كل الأعراف والاعتبارات تساعد على عدم استثناء غير المنقول مما ترك الأزواج ، فالبنت بين الأبوين تأخذ نصف أخيها وهو في الحق أكثر مما لأخيها ، فبأحرى أن تأخذ النصف من زوجها لأنها حينذاك أحوج منها حين كانت بنتا حيث فقدت زوجها المنفق عليها ، والأرملة لا تتزوج في الأكثر ، بخلاف البعولة فإنهم ركزوا على حياة بزواجهم ، فهم أقل حاجة من الزوجات في تلك الحالة.

ثم الزوجة تبتلى أحيانا بشريكات لحد الثلاث فيربع نصيبها النصف فلها ـ إذا ـ بالنسبة لزوجها ثمن حقه ، فإذا حرمت عن العقار وهي لأقل تقدير نصف ما ترك فلها ـ إذا ـ ١ / ١٦ حقه.

والحكمتان المرويتان في حرمان الزوجة مما ترك الزوج آتيتان في ذات الولد ، وكذلك في الزوج ، ثم الزوجة هي التي سببت النسب فكيف لا يحسب لها حساب النسب ، ثم الأولاد كذلك يدخل بسببهم أزواجهم وزوجاتهم كما يدخل أزواج الأرامل ، فلا نجد هاتين الحكمتين تقبلهما العقول في أي من الحقول ، فكيف يفتي بمضامين هذه الروايات العليلة في عللها والمتضادة في نفسها

٣٠٥

والمخالفة لنص القرآن؟! والإجماع لو كان أو الشهرة العظيمة (١) لا يعبأ بهما أمام نص الكتاب.

والقول الفصل أن عدم النسب وإمكانية أن تتزوج فتدخل على الورثة غريبا ، ليس لهما أية سلبية لميراث الزوجة عن غير المنقول.

أما النسب فهي أصله إذ لولاها لم يولد نسب ، فهلا تكون كفروعها وهي أحرى أن تكون العليا ، ثم وهكذا الزوج ليس نسيبا للزوجة وإنما هو الأصل الآخر للنسب ، والقيل إن حرمان الزوجة مما حرمت أصلح لها حتى ترغب الى الزواج ، عليل فانها حرمت عن النصف كمبدء ولو كان هناك حرمان ثان لأدمج في الأول ، دون أن يختص بغير المنقول!.

__________________

(١) وقد يعني خلو جملة من كتب الأصحاب ـ كالمقنع والمراسم والإيجاز والتبيان ومجمع البيان وجوامع الجامع والفرائض النصيرية ـ عن هذه المسألة مع التصريح في الكل بكون أرث الزوجة ربع التركة أو ثمنها ، الظاهر في العموم ربما يؤذن بموافقة الإسكافي والمرتضى وابن الجنيد ، كما أن رواة الصحيح الذي هو مستند العموم كابن أبي يعفور وأبان والفضل ابن عبد الملك ، قائلون به ، إضافة إلى أن الفقهاء كلهم ليست لهم مؤلفات ليعرف ما إذا استثنوا أم لا.

بل عن دعائم الإسلام أن إجماع الأمة والأئمة على قول ابن الجنيد ، حيث قال : «عن أهل البيت مسائل جاءت عنهم في المواريث مجملة ولم نر أحدا فسرها فدخلت على كثير من الناس الشبهة من أجلها ـ إلى أن قال ـ : ثم ذكر ما روى عنهما عليهما السلام أيضا من أن النساء لا يرثن من الأرض شيئا إنما تعطى قيمة النقض ، وهذا أيضا لو حمل على ظاهره وعلى العموم لكان يخالف كتاب الله والسنة وإجماع الائمة والأمة» ثم أوله بالأرض المفتوحة عنوة لكونها ردا للجهاد وتقوية لرجال المسلمين على الكفار والمشركين أو بالأوقاف التي ليس للنساء فيها حظ ولا يشاركن الرجال فيها إلّا في قيمة النقض ، فأما ما كان من الأرض مملوكا للمورث فللنساء منه نصيب كما قال الله تعالى : «وهذا الذي لا يجوز غيره» (دعائم الإسلام ٣ : ٣٩٠ ـ ٣٩٥).

ولقد استحسن في المختلف قول المرتضى بإرثها من قيمة الأرض لما فيه من الجمع بين عموم القرآن وخصوص الأخبار.

٣٠٦

وجماع المشاكل في حرمان الزوجات عما حرمن كالتالية :

ليس عدم نسبتها الى زوجها بالذي يمنعها عن كل ما ترك فإن :

١ ذلك وارد بحق زوجها ايضا حيث لم يدخل في نسبها كما لم تدخل هي في نسبه.

٢ وانها كوالدة مثل الوالد هما السببان بسبب الزوجية والإيلاد بكل نسب وسبب فليكونا الى بعضهما البعض من الأولاد ، ثم يأتي دور الأولاد والوالدين.

٣ ولو كان السبب متأخرا عن النسب لم يحكم ذلك بالحرمان عن العقارات والأبنية إلا إذا كانت هي الأكثر ، ثم الحكمة الثانية ألا يدخل عليهم داخل غريب بسببها ف : ٤ كذلك الأمر في الزوج و ٥ الأولاد ٦ الوالدان و ٧ هنا حرمان كل الثلاثة عن الأراضي والأبنية ٨ ثم لا يقتضي دخول الغريب بسبب حرمان النسيب باحتمال الإضرار عليهم.

٩ والإضرار لا يختص بغير المنقول بل هو في المنقول أسهل ١٠ ثم الاحتمال على أية حال لا يحكم بالبتّ ١١ ثم ما هو الفرق بين ذات الولد وغيرها في هاتين الحكمتين.

١٢ وما هو الفرق بين أصل البناية وقيمتها.

١٣ ثم المعتدي يضر حتى ان لم يدخل عليهم في ملكهم إن كان يريد الإضرار.

١٤ وإن أجرة البناية المؤجرة كيف يقتسم بين الورثة فهل تحرم الزوجة

٣٠٧

حيث القيمة ليست مؤجرة؟ ثم يدفع نصيبها الى سائر الورثة؟ أم يستثنى بمقدار نصيبها عن الأجرة.

١٥ ثم بالإمكان دفع إضرار الغريب بإعطاء قيمة الأرض لها دون حرمانها.

١٦ ثم الأخبار المتعارضة معروضة على الكتاب وهو نص هنا في الإطلاق ، ولا ضرورة هنا ولا إجماع ، وحتى لو كانا فمطروحان بمخالفة نص القرآن ١٧ ولا مجال لتقديم ما خالف العامة حيث المحور الأول في الترجيح هو الكتاب.

هذه وما أشبه مما يجعل الفتوى باستثناء شيء عن حق الزوجة ـ الا الوصية والدين ـ فتوى خالية عن أي برهان ، بل وبرهان القرآن وسائر البرهان قاطع على بطلانها دون ريب!.

وأما الداخل بسببها فليس إلا كالداخلة بسببه ، بل وهي أمس دخولا منه فانها هي التي تكون عشيرة البيت وأهله.

ثم الدخول بالسبب يعم الزوجين الى الأولاد ، حيث قد يدخل بسبب البنت داخل أو تدخل بسبب الابن داخلة ، وكذلك الأب والأم ، حيث قد يدخل داخل بسببها وتدخل داخلة بسببه فيفسد على الآخرين.

وهذه الحكمة كما ترون واردة في إمكانية واقعهما في الوالدين والأولاد كما هي واردة في الأزواج ، فليست لتختص الزوجات.

فالصحيحة المطلقة لميراثها صحيحة لموافقتها نص الآية الطليقة ، والروايات الثلاث المعللة بما عللت هي معلولة بعلتيها ، والمعتبرتان المختصتان طليق ميراثها بذات الولد متعارضتان في قيمة الرباع وأصلها ، ومعارضتان بتلك

٣٠٨

الثلاث ، وكذلك طليق الآية في مفهوميهما ، وتبقى صحيحة زرارة يتيمة في الميدان تعارضها صحيحة الفضيل وصريحة الآية.

ومما يرد على إرثها من قيمة الأبنية دون أعيانها ان استأجرت الأبنية فهل لها منها أجرة؟ ولا أجرة للقيمة ، أم لا أجرة أصلا ، أو الأجرة لسائر الورثة! ، كل ذلك ممنوع فالفصل بين العين والقيمة ممنوع.

وجماع المشاكل في حرمان الزوجات عما حرمن كالتالية :

ليس عدم نسبتها الى زوجها بالذي يمنعها عن كل ما ترك فإن ١ ذلك وارد في زوجها ايضا و ٢ انها كوالدة مثل الوالد هما السببان بسبب الزوجية لكل نسب فليكونا أقرب.

وهل يرد على الزوجين حين لا وارث غيرهما أو الباقي للإمام؟ قضية «الأقربون» في نصوص آيات الإرث هو الرد وهو المتأيد بروايات (١) ولا تحرم الزوجة عن الرد كالزوج بنفس السند ، وإن الامام وارث من لا وارث له والزوجة وارثة ، والروايات القائلة أن الباقي يرد على الامام مردودة بمخالفة الكتاب والسنة القائلة أن الامام وارث من لا وارث له ، والصحيحة(٢).

ثم المستفاد من «أزواجكم» استمرار الزوجية لما بعد الموت بكل أحكامها

__________________

(١) منها صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهما السلام في امرأة توفيت ولم يعلم لها أحد ولها زوج؟ قال: «الميراث لزوجها» (التهذيب ٢ : ٤١٧)

والصحيح عن أبي بصير قال : كنت عند أبي عبد الله (ع) فدعا بالجامعة فنظر فيها فإذا امرأة ماتت وتركت زوجها لا وارث لها غيره المال له (الوسائل كتاب الفرائض ب ٣ ح ١٥) وروايات أخرى.

(٢) وفيها امرأة ماتت وتركت زوجها ، قال : المال كله له قلت : فالرجل يموت وترك امرأته؟ قال : المال لها.

٣٠٩

اللهم إلا ما يشترط فيه الحياة كالوطئ ، وليس المنع عنه دليل انقطاع الزوجية عن بكرتها ، كما وهي ممنوعة في حالات عدة والزوجية باقية كما هيه.

والقصد من الدين هنا ما يعم دين الله وخلقه ، فدين الله هو العبادة المتروكة التي يتطلب الإتيان بها مالا على أية حال كالزكاة والخمس والحج وكل الواجبات المالية في الأصالة أم بنذر أو عهد أو يمين.

(وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) ١٢.

«كلالة» هنا تمييز عن الإيراث ، إذا فالوارث من الكلالة وهي حالة خاصة من الكلّ : الثقل ، فلا تعني الوالدين والأولاد ولا الزوجين إذ لا كلّ فيهم في نفقة حتى يكون في ميراث ، فهم ـ إذا ـ من الطبقة الثانية للإرث إخوة وأخوات كما أن «له أخت أو أخت» و (أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ) نص فيهم ، ومن الغريب تغرّب الشيخين عما دلت عليه الآية من الكلالة (١) و «الكلالة ما لم يكن والد ولا ولد» (٢) حسب الكتاب والسنة ، و (يُورَثُ كَلالَةً) لمحة صارحة

__________________

(١) في تفسير الرازي أن في تفسير الكلالة اختلاف وإختيار أبي بكر الصديق أنها عبارة عمن سوى الوالدين والولد ، وقال عمر أنه من سوى الولد ، وروي أنه لما طعن قال : كنت أدري أن الكلالة من لا ولد له وأنا أستحي أن أخالف أبا بكر ، الكلالة من عدى الوالد والولد ، وعن عمر فيه رواية أخرى هي التوقف وكان يقول : «ثلاثة لأن يكون الرسول (ص) بينها لنا أحب إلي من الدنيا وما فيها الكلالة والخلافة والربا».

وليت شعري كيف يعمم الخليفة الكلالة إلى الآباء وهم ليسوا كلا وقد بين سهامهم.

(٢) في الصحيح عن محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال : الكلالة .. وفي صحيح ابن الحجاج عنه (ع) مثله وفيها بدل «ما» «من».

٣١٠

باختصاص ميراثه بالكلالة من حيث الطبقة ، ولا ينافيه وجود أحد الزوجين لأنهما شريكان في الطبقات الثلاث.

أترى (أَخٌ أَوْ أُخْتٌ) تعني ـ فقط ـ واحدا منهما؟ و (فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ) تجمع بينهما! قد تعني (أَخٌ أَوْ أُخْتٌ) مجموعهما الى كل واحد منهما لمكان «أو» وتساوى النصيبين هنا في الثلث يفرض تساوى الأنصبة في (أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ) حيث الاختلاف يعم كما الوحدة تطم.

فكيف هنا الفرض هو التساوي بين الاخوة والأخوات ، وفي آية الكلالة الثانية التناصف : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٤ : ١٧٦)؟.

فهذه الآية طليقة في الإخوة والأخوات ، ولكنها تتقيد بالآية الأخرى فيعلم هنا إجمالا اختلاف النصيب بين هؤلاء الثلاث ، وآية اولوا الأرحام وآيات الأقربين الثلاث تقدم المنتسب بالأبوين إذا اجتمع مع المنتسب بأحدهما إطلاقا ، ثم في حالة الانفراد فالنصيب الأوفر للمنتسب بهما فتعنيه الآية الثانية ، دون المنتسب بأحدهما فتعنيه الآية الأولى ، وعل في طليق الإخوة في الثانية رجاحة الظهور في المنتسب بهما ، وحتى إذا لم تكن فطليق الأولى تتقيد بالثانية.

وقولة النسخ غير واردة إلا بفصل العمل بطليق الأولى وهو غير ثابت بل ولا إطلاق حيث ينافي آيات الأقربين اللهم إلّا في غير المختلفين انتسابا الى الأبوين أو أحدهما ، ثم لا ريب أن الثانية غير طليقة بالنسبة لاجتماع الاخوة من الأبوين مع غيرهم لأب أو لأم حيث الأقرب يمنع الأبعد ، والرواية القائلة بغير

٣١١

مقالة الآيات مردودة (١).

(.. مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) ١٢.

__________________

(١) روى الكليني عن بكير بن أعني قال قلت لأبي عبد الله (ع) : امرأة تركت زوجها وإخوتها لأمها وإخوتها لأبيها؟ فقال : للزوج النصف ثلاثة أسهم وللاخوة من الأم الثلث الذكر والأنثى فيه سواء وبقي سهم فهو للاخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين لأن السهام لا تعول ولا ينقص الزوج من النصف ولا الاخوة من الأم ثلثهم لأن الله عز وجل يقول : فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث وإن كانت واحدة فلها السدس ، والذي عنى الله تبارك وتعالى في قوله : (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ) إنما عنى بذلك الاخوة والأخوات من الأم خاصة وقال في آخر سورة النساء (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ) يعني بذلك أختا لأب وأم أو أختا لأب (فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ ـ إلى قوله تعالى ـ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) فهم الذين يزادون وينقصون وكذلك أولادهم هم الذين يزادون وينقصون ولو أن امرأة تركت زوجها وأخويها لأمها وأختيها لأبيها كان للزوج النصف ثلاثة أسهم وللأخوين من الأم سهمان وبقي سهم فهو للأختين للأب وإن كانت واحدة فهو لها لأن الأختين لو كانتا أخوين لأب لم يزدادا على ما بقي ولو كانت واحدة أو كان مكان الواحدة أخ لم يزده على ما بقي ولا يزداد أنثى من الأخوات ولا من الولد على ما لو كان ذكرا لم يزد عليه (التهذيب ٢ و : ٤١٦).

ورواه محمد بن مسلم أيضا بأدنى تفاوت (تفسير العياشي ١ : ٢٢٦).

وروى يزيد الكناسي عن أبي جعفر عليهما السلام قال : «ابنك أولى بك من ابن ابنك وابن ابنك أولى بك من أختك قال : وأخوك لأبيك وأمك أولى بك من أخيك لأبيك وقال : وأخوك لأبيك أولى بك من أخيك لأمك قال : وابن أخيك لأبيك وأمك أولى بك من ابن أخيك لأبيك وابن أخيك من أبيك أولى بك من أمك قال : وعمك أخو أبيك من أبيه وأمه أولى بك من عمك أخي أبيك من أبيه قال : وعمك أخو أبيك من أبيه أولى بك من عمك أخي أبيك لأمه قال : وابن عمك أخي أبيك من أبيه وأمه أولى بك من ابن عمك أخي أبيك لأمه قال : وابن عمك أخي أبيك من أبيه أولى بك من ابن عمك أخي أبيك لأمه» (الكافي ٧ : ٧٦).

٣١٢

وترى «غير مضار» تختص ب «وصية» ألا تكون مضرة بحال الورثة كما أو كيفا أو موردا؟ وقضيته أن يأتي بعد الوصية دون فصل! أو تختص بدين؟ والمضارة في الوصية هي الظاهرة دون دين!.

الظاهر هو الشمول ، أن شرط تنفيذ الوصية والدين ألا يكونا بمضارة ، كمن يوصي بأكثر من ثلث ماله ، أو يوصي بثلثه لغير الورثة وهم فقراء لا يكفيهم الميراث كله فضلا عما يستثنى ثلثه ، وهكذا الذي يستدين دونما سماح للاستدانة ، ولكنما الدين ثابتة لا حول عنه ، فكما كان ثابتا حال حياة المورث ، كذلك بعد مماته ، اللهم إلّا إذا أوصى باستدانة لأمر غير مشروع فتشملها «غير مضار» أم والدائن عارف بحرمته فإنه ـ إذا ـ متلف لماله.

(تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ١٣.

وقضية الطاعة الطليقة لله ولرسوله هي التسليم أمام كتاب الله وسنة رسوله ، دونما تلفّت عنهما أو تفلّت في فتاوى أو أعمال أو عقائد بعيدة عن الكتاب والسنة.

(وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) ١٤.

كهؤلاء الذين يتخلفون عن حدود الله في كتابه ، وما قرره الرسول في سنته ، ككل هؤلاء الفقهاء الذين يرفضون نص الكتاب أو ظاهره الى روايات أو شهرات أو إجماعات تخالفهما ، أم يرفضون السنة القطعية لإجماعات أو شهرات أم سائر النظرات ، أيا كانت مذاهبهم العقيدية أو الفقهية ، حيث الأصل المدار في كل ما دار أو حار هو الكتاب أصلا والسنة هامشا.

٣١٣

كلام حول العول والتعصيب

الكتاب والسنة متوافقان على ألا عول في الفرائض ولا تعصيب ، فما العول : النقص في الفرائض إلّا ممن يجهل الحساب ويخطأ في مقادير الحقوق ، وما التعصيب حسب الزيادة دون نص لمن يرث الزائد إلّا ممن يغلط في الحساب!.

فكيف ينقص الميراث عن السهام المفروضة أو يزيد عنها عند من لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، ثم يبقى النقص والزيادة كما هما دونما إصلاح حتى يصلحهما الخليفة عمر ويتابعه فقهاء من إخواننا دونما حجة من كتاب أو سنة إلا فتوى الخليفة؟! (١) ودليل الكتاب وثابت السنة يقولان : «ان

__________________

(١) الدر المنثور ٢ : ١٢٧ ـ أخرج الحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال : أول من أعال الفرائض عمر تدافعت عليه وركب بعضها بعضا قال : والله ما أدري كيف أصنع بكم والله ما أدري أيكم قدم الله ولا أيكم أخر وما أجد في هذا المال شيئا أحسن من أن أقسمه عليكم بالحصص ، ثم قال ابن عباس وأيم الله لو قدم من قدم الله وأخر من أخر الله ما عالت فريضة فقيل له وأيها قدم الله؟ قال : كل فريضة لم يهبطها الله من فريضة إلا إلى فريضة فهذا ما قدم الله وكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي فتلك التي أخر الله فالذي قدم الزوجين والأم والذي أخر كالأخوات والبنات فإذا اجتمع من قدم الله وأخر بدئ بمن قدم فأعطي حقه كاملا فإن بقي شيء كان لهن وان لم يبق فلا شيء لهن».

أقول : وفي فتواه شيء من الانحراف مهما صحت في نفي العول كأصل.

وفيه أخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس قال : أترون الذي أحصى رمل عالج عددا جعل في المال نصفا وثلثا إنما هو نصفان ، وثلاثة أثلاث وأربعة أرباع؟ ورواه في الكافي ٧ : ٧٩ عن أمير المؤمنين (ع) بوجه آخر هو : «إن الذي أحصى رمل عالج يعلم أن السهام لا تعول على ستة لو يبصرون وجهها لم تجز ستة».

وفي آيات الأحكام للجصاص ٢ : ١٠٩ بعد قول ابن عباس في بطلان العول على طوله قال عبيد الله بن عبد الله فقلنا له ـ ابن عباس ـ فهلا راجعت فيه عمر؟ فقال : انه كان امرأ مهيبا ـ

٣١٤

السهام لا تعول (١).

وليس العول ـ على حد زعمهم ـ إلّا في ذوي الفرض مع بعض ، ونظرا إلى ان فروض الفرائض ستة ١ / ١٢ / ١٤ / ٨ و ٢ / ١٣ / ١٣ / ٦ ، نجد صورة العول منها في اجتماع ١ / ٢ و ١ / ٤ و ١ / ٣ كبنت وزوج وأبوين وفي ٢ / ٣ و ١ / ٣ و ١ / ٤ ، كبنتين وأبوين وزوج ، هذا في الطبقة الأولى وفي الثانية ١ / ٢ و ١ / ٣ و ١ / ٤ وكأخت وجدين للأبوين وزوج و ٢ / ٣ و ١ / ٣ و ١ / ٤ كأختين وجدين وزوج.

وصور التعصيب بنت واحدة أو أكثر مع الإخوة ، والأبوان مع عدم الولد ووجود حاجب الإخوة حيث الأم ـ إذا ـ تأخذ ١ / ٣ والأب ١ / ٦ والباقي إما للأبوين أم للإخوة.

ومثالا للعول إذا خلف بنتا وزوجا وأبوين فللبنت الواحدة النصف وللزوج الربع وللأبوين الثلث ، فإن كانت التركة ١٢ كان للبنت ٦ وللزوج ٣ وللأبوين ٤ والمجموع ١٣ فتنقص واحدة هي مادة العول ، فهل يرد النقص على

__________________

ـ ورعا ، قال ابن عباس ولو كلمت فيه عمر لرجع.

وفي الكافي ٧ : ٧٨ عن الصادق (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع): الحمد لله الذي لا مقدم لما أخّر ولا مؤخر لما قدم ثم ضرب إحدى يديه على الأخرى ثم قال : يا أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها لو كنتم قدمتم من قدم الله وأخرتم من أخر الله وجعلتم الولاية والوراثة لمن جعلها الله ما عال ولي الله ولا طاس سهم من فرائض الله ولا اختلف اثنان في حكم الله ولا تنازعت الأمة في شيء من أمر الله ألا وعندنا علم ذلك من كتاب الله فذوقوا وبال أمركم وما فرطتم فيما قدمت أيديكم وما الله بظلام للعبيد.

(١) كصحيحة محمد بن مسلم والفضيل بن يسار وبريد بن معاوية وزرارة بن أعين عن أبي جعفر عليهما السلام من كتاب الفرائض التي هي إملاء رسول الله (ص) وخط علي (ع) بيده : أن السهام لا تعول.

٣١٥

الجميع كما يقولون تسوية بين المتشاركين في الميراث ، وفي ذلك هدم لكل الفرائض! وهو خلاف التقدير الثابت لها!.

أم يرد النقص على ذي فرض واحد وهو هنا البنت والأب فيأخذ صاحب الفرضين نصيبه وهو هنا الزوج والأم حيث روعي له فرض الاجتماع بعد الوحدة ولم يراع لصاحب الفرض الواحد إلّا صورة الوحدة ، فليدخل النقص على ذي الفرض الواحد كالآباء والبنات ، وبأحرى الذين لا فرض لهم كالأبناء فالباقي ـ إذا ـ لذي الفرض الواحد بحساب نصيبه.

وفي مفروض المسألة يرد النقص على البنت والأب دون كل من الأم والزوجين لأن لهما فرضين.

فالورثة على ثلاثة أقسام ١ غير ذي الفرض كالأولاد الذكور ٢ ذو الفرض الواحد كالبنت والبنات والأب والاخوة والأخوات ٣ وذو الفرضين وهم الزوجان والأم ، فإذا اجتمع ذو الفرض الواحد مع غير ذي الفرض ورد النقص على الثاني كما له الزيادة ، وإذا اجتمع ذو الفرضين مع ذي الفرض الواحد ورد النقص على الثاني كما له الزيادة ، وإذا اجتمعوا ورد النقص والزيادة على غير ذي الفرض.

إذا فالنقص والزيادة واردان على البنت والبنات في صورة اجتماع الزوج والأبوين ، وعلى الأخوات من الأبوين أو أحدهما في صورة اجتماع الزوج معهن.

ومثالا للعول اجتماع بنت واحدة مع زوج وأبوين ، فإن كان له / ١٢٠٠٠ ألفا أخذ ذو الفرضين فرضه ، فيأخذ الزوج / ٣٠٠٠ والأم / ٣٠٠٠ ويقسم / ٧٠٠٠ الباقية بين البنت والأب بنسبة ١ / ٢ و ١ / ٦ نصيبهما وهكذا في كل موارد العول ، وهنا ١ / ٢ للبنت هو ثلاثة أضعاف ١ / ٦ للأب ـ والمجموع ٤ فيقسم / ٧٠٠٠ على الأربعة واحدة وهي / ١٧٥٠ للأب

٣١٦

وثلاثة وهي / ٥٢٥٠ للبنت.

ولا صورة للعول إلا الجمع بين ١ / ٢ و ١ / ٣ و ١ / ٤ من السهام ثم التعصيب.

وأصل العول من الميل لكون السهام مائلة على أهليها حيث تنقص ، دون العيلولة وهي العيل ، ولا الغلبة وهي من عال يعال.

وموارد التعصيب كبنت واحدة أو أكثر مع الأخوة ، حيث يقولون تأخذ البنت أو البنات النصيب المفروض النصف أو الثلثين والباقي للإخوة ، مستدلين بالآية : «إن امرء هلك ليس له ولد وله أخت ..» حيث البنت ليست ولدا ، فقد يرث الأخ والأخت في صورة عدم الابن مهما كان له بنت!.

ولكن «ولد» يعم الابن والبنت دون ريب ، فلا مؤنث للولد كولدة ، إنما هو الوليد أيا كان ، ذكرا أو أنثى.

ولو انحصر الولد في الابن لكان (وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) تختص الميراث بالإخوة مع وجود البنت ، وكذلك في صورة اختلاف الجنسين (وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ).

ثم (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) يعمم الأولاد لهما و (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٦ : ١٤٠) ظاهرة في البنات المؤودة أكثر من الأبناء.

وليس سلب كون البنت ولدا إلّا سلبا جاهليا لا أصل له من كتاب ولا سنة إلا ضده.

ومن ثم كيف يرث العصبة مع وجود البنت أو البنات والآيات الأربع تورث البنات وتحرم الذين ليسوا في طبقتهن :

٣١٧

ف (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) و (آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً) هي من عساكر البراهين على تزييف التعصيب العصيب ، لمكان الأقربية الطليقة للأولاد ومنهم البنات على أمثال الإخوة والأخوات!.

ثم ترى إذا كان للبنت الواحدة أو البنات المال كله فرضا وردا فلما ذا فرض لهن النصف أو الثلثان في صورة الوحدة؟.

الجواب أن وحدتهن وحدتان ثانيتهما اجتماعهن أو الواحدة مع الأبوين وأحد الزوجين ، فإنها واحدة عن الأبناء ، ولا تعني (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) بعد (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) وقبل (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) ـ لا تعني إلا وحدتهن عن الأبناء لا الوحدة الطليقة فقط ، فإن كانت أو كن مع الأبوين أو أحد الزوجين فالنصف او الثلثان فقط ، وإلّا فنصيب الأبوين والزوجين مردود الى البنت أو البنات.

إذا فضابطة الميراث الثابتة بالكتاب والسنة أن لصاحب الفرضين فرضه الأول أو الثاني ، ولصاحب فرض واحد فرضه ، ولا نقص ـ إذا ـ إلا على صاحب الفرضين ، ولغير صاحب الفرض الباقي بعد السهام المفروضة ، فلا عول ـ إذا ـ ولا تعصيب حتى يتكلف العول العليل والتعصيب العصيب والله من وراءهم رقيب!.

كلام حول الإرث بوجه عام

الإرث أصل ثابت لا مرد له ـ بمختلف صوره ـ على مر الزمن بين كافة الأقوام قديما وحديثا ، ولا نجد ـ في الحق ـ أنصبة وسهاما بين كافة الملل والنحل

٣١٨

كما في الإسلام ، حيث روعي فيها شأن الخلود لشرعة القرآن ، وحوسب فيها كافة الحسابات المتضاربة بين المورثين والوارثين عاطفيا واقتصاديا ومصلحيّا في كافة الجنبات الحيوية العادلة.

نرى المرأة المظلومة في حقل الإرث ـ ومعها سائر ضعفاء الوراث ـ روعي حقها في شرعة القرآن أكثر من الرجل ، رغم ظاهر المضاعفة لرجل ، فإن ارث الرجل هي رأس ماله وصدقة الزوجة ونفقتها ونفقة الوالدين والأولاد ، ولكن أرث المرأة لا تكليف فيها كأصل ، اللهم الا هامشيا في بعض جنبات الحياة ، والنتيجة أن نصيب المرأة ـ في الأكثرية الساحقة ـ أكثر بالمآل من نصيب الرجل.

وقد فرض القرآن الوصية في الأموال لظروف استثنائية ، رعاية لأحوال الأحوج من الورثة وسواهم من الأقارب والأغارب ، كما كانت هذه الرعاية مسئولية إسلامية في حياة المورث ، أن يزيد المحاويج تزويدا للمال على غيرهم ، فليراعهم بعد موته بصالح الوصية (بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) ابتداء بالوالدين والأقربين : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ).

ولقد تأثرت القوانين ـ منذ الإسلام ـ في حقل الإرث بما قرره القرآن ، وسنت قسما كبيرا من فرائض الميراث على ضوء الإسلام ، حينما عرفوا أنها أعدل المسنونات في الميراث على مر الزمن بمختلف السنن فيه.

وحتى الآن ما وجد مدخل ومنقصة على هذه السهام الإسلامية إلا قيلات وشطحات نجد الإجابة عنها في ذلك النظام البارع نفسه دونما حاجة إلى مدافع سواه ، مما يدل على نجاحه وفلاحه دونما حول عنه ولا شذوذ.

٣١٩

قول فصل حول الوصية

. هل الوصية عقد تحتاج الى إيجاب وقبول؟ عدم الدليل على اشتراط القبول مهما ردها الرد أحيانا من الموصى له ، وطليق الآية في ما صدقت الوصية قبلت ام لم تقبل ، وابتغاء وارث للموصى له الميت كما في الصحيحة (١) إنها دليل إيقاع مشروط بعدم الرد من الموصى له ، فما لم ترد الوصية فهي ثابتة سواء أكانت خاصة أم لمجموعة (٢) ولو كانت عقدا فكيف يبتغى وارث للموصى له وكيف يكتفى بقبول الوارث وليس هو طرف الوصية؟.

ولا فرق في عدم اشتراط القبول واشتراط عدم الرد بين الوصية العهدية والتمليكية ، بل لا ريب أن العهدية ليست عقدا وإنما الشبهة والخلاف في التمليكية.

__________________

(١) كما رواه العباس بن عامر في الصحيح قال : سألته عن رجل أوصى بوصية فمات قبل أن يقبضها ولم يترك عقبا؟ قال : أطلب له وارثا أو مولى نعمة فادفعها إليه ، قلت : لم أعلم له وليا ، قال : اجهد على أن تقدر له علي ولي فإن لم تجده وعلم الله منك الجد فتصدق بها(الإستبصار ٤ : ١٣٨ والتهذيب ٢ : ٣٩٧ والفقيه ٥٣) وما رواه المشايخ الثلاثة في الصحيح عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهما السلام قال : قضى أمير المؤمنين (ع) في رجل أوصى لآخر والموصى له غائب فتوفي الذي أوصى له قبل الموصي؟ قال : الوصية لوارث الذي أوصي له ، قال : ومن أوصى لأحد شاهدا كان أو غائبا فتوفي الموصى له قبل الموصي فالوصية لوارث الذي أوصي له إلّا أن يرجع عن وصيته قبل موته (الكافي ٧ : ١٣ والفقيه ٥٣٠).

(٢) وتدل عليه صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهما السلام في رجل أوصى بثلث ماله في أعمامه وأخواله فقال : «لأعمامه الثلثان ولأخواله الثلث» (الفقيه ٥٣٠) وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المرأة قالت لأمها : إن كنت بعدي فجاريتي لك فقضى أن ذلك جائز وإن ماتت الابنة بعدها فهي جاريتها(المصدر باب الوصية للوارث رقم ٨).

٣٢٠