ونظير هذه المسألة ما تقدم في دفع المقرض زكاة مال القرض عن المقترض بشرط كان أو تبرعا ، وكذا شرط دفع زكاة قيمة المبيع كما في حديثي الباقر عليهالسلام مع هشام بن عبد الملك (١) فإن الاعتبار بمن وجبت عليه وهو المقترض والبائع لا بمن وجب عليه إعطاؤها بالشرط أو التبرع ، ولا فرق بين ما نحن فيه وبين صورة الشرط إلا من حيث إن وجوب الدفع هنا من حيث العيلولة وثمة من حيث الشرط وإلا فأصل الزكاة إنما تعلق بالمعال في ما نحن فيه وبالمشترط ثمة.
(لا يقال) إن في المعال من لا يجب عليه الإخراج مثل الصغير والعبد والفقير (لأنا نقول) الوجوب في ما نحن فيه نوع آخر غير وجوب الإخراج على من استكمل الشرائط المقررة في محلها ، ولا يلزم في من وجب الإخراج عنه أن يكون ممن يجب الإخراج عليه لو لا العيلولة ، وذلك فإنه بالعيلولة حصل هنا أمران : أحدهما تعلق الزكاة بالمعال ، والآخر وجوب الإخراج على المعيل ، إذ لا يعقل وجوب الإخراج عن أحد ما لم يستقر على المخرج عنه ويثبت عليه.
وكيف كان فالمسألة لخلوها عن النص الصريح من ما ينبغي أن لا يترك فيها الاحتياط. والله العالم.
الرابعة ـ المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) استحباب حملها إلى الإمام عليهالسلام مع وجوده ومع عدمه فإلى فقهاء الإمامية المستكملين لشروط النيابة عنه عليهالسلام وظاهر كلام الشيخ المفيد (قدسسره) في المقنعة الوجوب ، واستدل الأصحاب على ما ذكروه بأنهم أبصر بمواقعها ، ولأن في ذلك جمعا بين براءة الذمة وأداء الحق. والأظهر في الاستدلال على ذلك ما تقدم في رواية علي بن أبي راشد (٢) قال : «سألته عن الفطرة لمن هي؟ قال للإمام. قال : فقلت فأخبر أصحابي؟ قال نعم من أردت تطهيره منهم. الحديث». وقوله عليهالسلام : «من أردت
__________________
(١) ص ٤٢ ، والثاني مع سليمان بن عبد الملك.
(٢) الوسائل الباب ٩ من زكاة الفطرة. واللفظ «من أردت أن تطهره منهم».