الثانية ـ قد أجمع الأصحاب (رضوان الله عليهم) وهو المشهور بين الجمهور أيضا (١) أنه بعد أخذ السلطان الخراج من الأرض الخراجية فإنه يجب على المالك إخراج الزكاة من ما بقي في يده ، وعليه تدل الأخبار التي قدمناها ، ولم ينقل الخلاف هنا إلا عن أبي حنيفة (٢) فإنه ذهب إلى أنه لا زكاة فيها بعد أخذ الخراج منها ، ورده في المعتبر والمنتهى بوجوه إقناعية.
إلا أنه قد ورد في أخبارنا ما يدل على ذلك : ومنها ـ رواية أبي كهمش عن أبي عبد الله عليهالسلام (٣) قال : «من أخذ من السلطان الخراج فلا زكاة عليه». وحملها الشيخ على الأرضين الخراجية فيفهم منه حينئذ القول بعدم وجوب الزكاة فيها كما هو المنقول عن أبي حنيفة مع أن العلامة في المنتهى ادعى الإجماع على ما قدمنا نقله عنهم.
ومنها ـ صحيحة سليمان بن خالد (٤) قال : «سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول إن أصحاب أبي أتوه فسألوه عن ما يأخذه السلطان فرق لهم وأنه ليعلم أن الزكاة لا تحل إلا لأهلها فأمرهم أن يحتسبوا به فجاز ذا والله لهم. فقلت أي أبت إنهم إن سمعوا ذلك لم يزك أحد؟ فقال أي بني حق أحب الله أن يظهره».
ورواية رفاعة عن أبي عبد الله عليهالسلام (٥) قال : «سألته عن الرجل يرث الأرض أو يشتريها فيؤدي خراجها إلى السلطان هل عليه فيها عشر؟ قال لا».
ورواية أبي قتادة عن سهل بن اليسع (٦) «أنه حيث أنشأ سهلآباد سأل أبا الحسن عليهالسلام عن ما يخرج منها ما عليه؟ فقال إن كان السلطان يأخذ خراجه فليس عليك شيء وإن لم يأخذ السلطان منها شيئا فعليك إخراج عشر ما يكون فيها».
__________________
(١) المهذب ج ١ ص ١٥٧ والإنصاف ج ٣ ص ١١٣.
(٢) بدائع الصنائع للكاساني الحنفي ج ٢ ص ٥٧.
(٣ و ٥ و ٦) الوسائل الباب ١٠ من زكاة الغلات.
(٤) الوسائل الباب ٢٠ من المستحقين للزكاة. وفي الفروع ج ١ ص ١٥٣ (فجال فكري) مكان (فجاز ذا) في التهذيب ج ١ ص ٣٥٩.