من هدى القرآن - ج ٢

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-05-X
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٥٠٨

أوامر الله ، فيما يخصهما فكيف بما يتعلق ببعض من يدعون أنهم أتباعهما.

(قالَ سُبْحانَكَ)

اي انك أجل من ان يعبد أحد من دونك ، بل أنت أجل وأعلى من ان يدعي أحد أنه ندلك.

(ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍ)

إذ أني مجرد رسول من قبلك للناس ، ومسئولية الرسول هو التقيد بتعاليم من أرسله بلا زيادة ولا نقيصة ، حتى ولو كان كلام الرسول حقا فان حدود مسئوليته تستوجب الا يتجاوز حدود ما أمر الله بتبليغه ، فمثلا : رسول الله لم يكن يستطيع ان يشرح من القران ما لم يحن وقته ، بالرغم من ان القران ذاته كلام الله الحق المبين.

(إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)

إن مسئولية الإنسان أمام ربه ليست كمسؤوليته أمام شخص كعيسى عليه السلام ، أو أمام نظام أو قانون ، إذ قد يغيب على الشخص العلم ببعض أعمال الفرد ، بينما الله سبحانه علّام الغيوب ، لا يعلم فقط أعمال الإنسان ، بل يعلم أيضا خلفيات هذه الأعمال.

دور الرسول :

[١١٧] إن دور الرسول هو دور المبلّغ والشهيد ، أما التبليغ ، فانّ مسئوليته هي : نقل رسالة الله بلا زيادة أو نقيصة ، وأما الشهادة فتعني : مراقبة مدى تطبيق

٥٠١

الإفراد لهذه الرسالة ، ومحاولة هدايتهم الى الصراط المستقيم ببيان طريقة تطبيق المبادئ ، وقد أدى عيسى عليه السلام هاتين المسؤوليتين بأمانة وقال :

(ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ)

بيد أن شهادة الرسول هي شهادة محدودة ، إنها شهادة وقتية ، تختص بأيام حياته أما بعدئذ فان الله هو الشهيد.

(فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ)

تراقب أعمالهم لتحاسبهم عليها في الدنيا والآخرة ، أما رقابة الله لأعمال العباد فتنعكس في جزائه لهم عليها جزاء عاجلا في الدنيا ، أو آجلا في الآخرة ، من دون أن يقدر أحد على الفرار منها ، وهذا يدفعنا الى فرض رقابة ذاتية على أنفسنا الا تصدر منا غلطة ، يسجلها ربنا ويحاسبنا عليها سريعا.

(وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)

شهادة الله هي : هيمنته المباشرة على الحياة التي تتجسد بنصر المؤمنين المخلصين في أعمالهم ، وخذلان الكافرين والمنافقين ، وهداية المجاهدين والمحسنين. إن الله هو السلطان الحقيقي للحياة وعلينا ان نتوكل عليه ولا نخشى أحدا أبدا من دونه.

سلطان الله :

[١١٨] إن سلطان الله ليس سلطانا فعليا فقط بل ويمتد الى المستقبل ، فبيده العذاب والمغفرة.

٥٠٢

(إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

في مواجهة الفكرة الخاطئة التي اعتقد بها النصارى في عيسى وأرادوا أن يتهربوا من المسؤولية تحت غطائها ، وهي : أن عيسى وأمه إلهان يخلصانهم من عذاب الله ، في مواجهة هذه الفكرة ، نجد القرآن يشرح لنا حقيقة المسؤولية ، ويبين أن الإنسان مسئول أمام ربه على أعماله ، وعلامة مسئوليته علم الله به ، ورقابته عليه ، وشهادته عليه ، وجزاؤه على أعماله.

[١١٩] وأكد الله هذه الفكرة وبين الجانب الايجابي من المسؤولية وهو الجزاء الحسن الذي أعده ربنا لمن أحسن عملا.

(قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)

وبذلك بين أن الصدق هو الابتعاد عن التبرير والنفاق والتهرب من المسؤولية بأسلوب أو آخر ، ان هذا الصدق ، هو أهم عمل صالح يقوم به الإنسان ، إذ انه يدفعك الى تحمل مسئولياتك وأدائها أداء حسنا.

(لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)

لأنهم سعوا من أجل تطبيق أعمالهم حسب أوامر الله والتزموا الصدق ، ووافقت أفكارهم وأقوالهم الحق ، فان الله جزاهم بالرضا ، فهو رضي عنهم وهم رضوا عنه. إنّ تبادل الرضا بين العبد وبين ربه ، يأتي نتيجة انسجام العبد مع الحق ، في ممارسته ... وفي تفكيره .... في كلامه ، وفي عمله.

[١٢٠] الله هو الحق .. الله هو ضمير الكون الشاهد .. الله هو مدبر الكون وربه ، وحين ينفذ العبد أوامر الله ، فان الله يسخر له الكون. إذ انه يتصل

٥٠٣

بالحق .. يتصل بالضمير الشاهد .. يتصل بالقدرة .. بالعلم .. بالعزيمة.

أما حين يخالف العبد ربه فانه سيواجه كل ما في الكون فهل يقدر على ذلك؟

(لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

٥٠٤

الفهرس

سورة النساء

فضل السورة.................................................................. ٣

الاطار العام................................................................... ٤

الخطوط العامة للمجتمع الاسلامي............................................. ١٠

التشريعات المالية في الاسلام................................................... ١٨

الارث بين الاهداف والالتزام.................................................. ٣١

المرأة والمجتمع حقوق وعلاقات................................................. ٣٦

المحرمات الزوجية ومفهوم الزواج................................................. ٤٩

الانسان ومنطلقات العمل..................................................... ٦٢

الحقوق الاجتماعية في القرآن.................................................. ٧٢

مسؤولية العلم وخطر الانحراف................................................. ٨٦

شروط قيادة العلماء.......................................................... ٩٧

طاعة القيادة الرسالية واجب وضرورة.......................................... ١٠٥

الجهاد مظهر الطاعة ونجاة المستضعفين........................................ ١١٨

عوامل الانهزام وفوائد الالتزام................................................. ١٢٤

طاعة القيادة أمتداد لطاعة الله............................................... ١٣٠

دور الرسول وموقف الأمة................................................... ١٣٨

٥٠٥

الأمن الشخصي........................................................... ١٤٨

اهداف الجهاد............................................................. ١٥٦

صلاة الخوف.............................................................. ١٦٧

المذنبون بين التوبة والعصيان................................................. ١٧٤

التبرير باب النفاق وطريق الانحراف........................................... ١٨١

الشرك بين الارادة ، والهوى.................................................. ١٩٠

إبراهيم قدوتنا في الالتزام.................................................... ١٩٨

العدالة في العلاقات الأسرية................................................. ٢٠٥

المسؤولية الاجتماعية........................................................ ٢١٣

المنافقون وازدواجية الولاء.................................................... ٢٢١

المنافقون صفات وتقييم..................................................... ٢٢٨

صفات الكافرين عرض وتقييم............................................... ٢٣٥

دوافع الكفر............................................................... ٢٤٢

دلائل صدق الرسالة........................................................ ٢٥٤

لا تغلوا في دينكم.......................................................... ٢٦٣

حكم الارث............................................................... ٢٦٩

سورة المائدة

فضل السورة............................................................... ٢٧٧

الاطار العام............................................................... ٢٧٩

ركائز المجتمع المؤمن......................................................... ٢٨٧

الضوابط القانونية في العقود.................................................. ٢٩٩

التطهر واجب اسلامي...................................................... ٣٠٦

٥٠٦

الميثاق.................................................................... ٣١٥

الامة التي نقضت ميثاق ربها................................................. ٣٢٣

الاسلام بصيرة هدى ومنهاج صلاح.......................................... ٣٣٣

بنو إسرائيل في التيه......................................................... ٣٤٣

دوافع الصراع وآثاره النفسية.................................................. ٣٥٢

جزاء المحارب............................................................... ٣٥٩

الحسرة الكبرى............................................................. ٣٦٣

كيف نحقق الامن الاجتماعي................................................ ٣٦٨

حواجز تطبيق الشريعة....................................................... ٣٧٤

وحدة الرسالات الالهية...................................................... ٣٨١

فاستبقوا الخيرات........................................................... ٣٩١

الكفار بعضهم اولياء بعض.................................................. ٣٩٩

حزب الله.................................................................. ٤٠٤

عبد الطاغوت............................................................. ٤١١

اليهود : غلت أيديهم...................................................... ٤١٨

الولاية ذروة الايمان......................................................... ٤٢٧

النصاري شرك وغلو........................................................ ٤٣٤

المسلمون بين عداوة اليهود ومودة النصاري.................................... ٤٤٥

ابدأ بنفسك يصلح مجتمعك................................................. ٤٥٠

كيف نبلغ الفلاح؟........................................................ ٤٥٥

الصيد في الحج............................................................. ٤٦٢

الحج أيام الحرية............................................................ ٤٦٨

٥٠٧

الجهل والتقليد آفة الصلاح.................................................. ٤٧٦

الاشهاد والتوثيق........................................................... ٤٨٤

الانبياء في حضرة الله........................................................ ٤٦٢

عيسى : اعبدوا الله ربي..................................................... ٥٠٠

الفهرست................................................................. ٥٠٥

٥٠٨