كان موجودا. ومقتضى كلامه هنا أن التحليل مخصوص بما يتعلق بذلك الإمام بخصوصه وزمانه دون زمن غيره من الأئمّة (عليهمالسلام) وأنه في كل عصر يحتاج إلى الرجوع إلى إمام ذلك العصر واستئذانه ، وهو خلاف ظاهر إطلاق تلك الأخبار التي استند إليها.
ومن ما ذكرنا يعلم أيضا بطلان ما أجاب به الفاضل الخراساني في الذخيرة ، حيث إنه ممن ذهب إلى القول بالتحليل مطلقا كما مضى ويأتي ، حيث نقل حديث محمد بن زيد المذكور وقال بعد الطعن في السند : ويمكن الجمع بينه وبين الأخبار السابقة بعد الإغماض عن سنده بحمله على الرجحان والأفضلية وحمل الأخبار السابقة على أصل الجواز والإباحة ، وبأن الترخيص والتحليل في أمر الخمس بيدهم (عليهمالسلام) فيجوز استثناء بعض الأفراد والأشخاص في بعض الأزمان عن عموم التحليل والترخيص لمصلحة دعت إلى ذلك وحكمة تقتضيه ، وذلك لا يقتضي انتفاء حكم التحليل وزواله عن أصله. انتهى.
وفيه أولا ـ أن ما دلت عليه رواية الطبري المذكورة ليس منحصرا فيها حتى أنه بالطعن فيها بما ذكره من ضعف السند وتأويله لها يتم ما ذكره بل الدال على ذلك جملة من الأخبار كما عرفت في القسم الثاني منها الصحيح وغيره.
وثانيا ـ أن ما ذكره من حمل الخبر على الرجحان والأفضلية دون الوجوب ينافي لفظ الخبر المذكور ، فإن سياقه صريح أو كالصريح في وجوب أداء الخمس لقوله في الرواية التي بطريق الكليني (١) «ما أمحل هذا تمحضونا المودة بألسنتكم وتزوون عنا حقا جعله الله لنا. لا نجعل أحدا منكم في حل». فأي صراحة في عدم التحليل ووجوب الإخراج أبلغ من هذا الكلام. ونظيره ما في صحيحة إبراهيم بن هاشم (٢) وقوله عليهالسلام «ليسألنهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالا حثيثا».
وثالثا ـ أن قوله ـ وبأن الترخيص والتحليل في أمر الخمس بيدهم (عليهم
__________________
(١) ص ٤٢٦.
(٢) ص ٤٢٧.