أن فيه أيضا أن الأخبار المذكورة دلت على التفصيل في الدين بين ما يمكن أخذه وما لا يمكن أخذه والخلاف المنقول عن العامة كما نقله العلامة في المنتهى في الدين مطلقا ، فبعض قال فيه بالوجوب مطلقا ونقله عن الثور وأبي ثور وأصحاب الرأي وجابر وطاوس والنخعي والحسن والزهري وقتادة وحماد والشافعي وأحمد ، وبعض قال بعدم الوجوب مطلقا ونقله عن عكرمة وعائشة وابن عمر والشافعي في القديم. وأما القول بالتفصيل كما دلت عليه الأخبار فلم ينقل عن أحد منهم (١) وبذلك يظهر ضعف الحمل على التقية كما ذكره البعض المشار إليه.
وبالجملة فالظاهر هو قوة القول بالوجوب للأخبار المذكورة ويجب حمل مطلقها على مقيدها. والله العالم.
الثانية ـ الظاهر أنه لا خلاف في عدم الزكاة في الوقف ، لأنها مشروطة كما تقدم بالملك والوقف غير مملوك للموقوف عليه على أحد القولين أو مملوك له ولكنه غير مستقل بالملك لأنه حق البطون بعده ، ولأنه ممنوع من التصرف فيه إلا بالاستنماء. نعم تجب الزكاة في نمائه إذا كان الوقف على شخص معين أو أشخاص مع بلوغ
__________________
(١) في المغني ج ٣ ص ٤٦ : إذا كان له دين على معترف به باذل له فعلى صاحبه زكاته إلا أنه لا يلزمه إخراجها حتى يقبضه فيؤدي لما مضى ، روى ذلك عن علي (ع) وبه قال للثوري وأبو ثور وأصحاب الرأي ، وقال عثمان وابن عمر وجابر وطاوس والنخعي وجابر بن زيد والحسن وميمون بن مهران والزهري وقتادة وحماد بن أبي سليمان والشافعي وإسحاق وأبو عبيد : عليه إخراج الزكاة في الحال وإن لم يقبضه لأنه قادر على أخذه والتصرف فيه فلزمه إخراج زكاته كالوديعة ، وقال عكرمة ليس في الدين زكاة وروى ذلك عن عائشة وابن عمر ، وقال سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح وعطاء الخراساني وأبو الزناد : يزكيه إذا قبضه لسنة واحدة. وأما الدين على معسر أو مماطل أو جاحد ففيه روايتان : إحداهما ـ لا تجب قال به قتادة وإسحاق وأبو ثور وأهل العراق ، والثانية ـ يزكيه إذا قبضه قال به الثوري وأبو عبيد ، وللشافعي قولان كالروايتين ، وعن عمر بن عبد العزيز والحسن والليث والأوزاعي ومالك يزكيه إذا قبضه لعام واحد.