المفهوم ، ثمّ ذكر فروعاً نقلاً عن المحقّق رحمهالله في الشرائع والعلاّمة رحمهالله في القواعد ، وفرّعها على هذا البحث ، منها : « ما لو قال المقرّ : عليّ لزيد عشرة إلاّدرهماً » فإنّه يثبت حينئذٍ في ذمّته تسعة دراهم لأنّ كلمة « إلاّ » في هذا الكلام لا تكون إلاّ استثنائيّة إذ لو كانت وصفيّة لوجب أن يتّبع ما بعدها ما قبلها في الاعراب ، وبما أنّ ما بعدها في المثال منصوب مع كون ما قبلها مرفوعاً لا تكون هي وصفية فانحصر الأمر في كونها استثنائيّة ، خلافاً لما إذا قال : « عليّ لزيد عشرة إلاّ درهم » بالرفع فإنّه يثبت في ذمّته تمام العشرة لتمحّض كلمة « إلاّ » حينئذٍ في الوصفيّة ولا يصحّ كونها استثنائيّة وإلاّ لزم أن يكون ما بعدها منصوباً على الاستثناء ، لأنّ الكلام موجب ، فتمام العشرة المتّصفة بأنّها غير درهم واحد تثبت في ذمّة المقرّ » (١).
أقول : هنا نكات ينبغي الإلتفات إليها :
الاولى : أنّه ليست كلمة « إلاّ » الاستثنائيّة منحصرة فيما ترجع إلى الجملة والمفهوم التركيبي بل ربّما ترجع إلى المفرد أيضاً كما في قوله تعالى : « فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً » فلا إشكال في رجوع « إلاّ خمسين عاماً » إلى كلمة « الف سنة » لا إلى « لبث » وكذلك في كلّ مورد يكون الغرض فيه بيان مقدار العدد وتفخيمه وتعظيمه.
الثانية : أنّ كلامه في باب الإقرار إنّما يتمّ فيما إذا كان المتكلّم المقرّ أمثال سيبويه والكسائي العارف بقواعد اللغة العربيّة الفصحى ، وأمّا إذا كان المتكلّم من عامّة الناس فلا بدّ من حمل كلمة « إلاّ » على كونها استثنائيّة لأنّهم ليسوا مقيّدين بأن يستعملوا الألفاظ صحيحاً ، مضافاً إلى أنّ كون كلمة إلاّ استثنائيّة هو مقتضى الأصل الأوّلي ، فحملها على الوصفية يحتاج إلى القرينة.
بقي هنا أمران
الأمر الأوّل : إنّ ما مرّ حول كلمة إلاّ الاستثنائيّة من دلالتها على المفهوم هل هو من باب المفهوم أو المنطوق؟
فيه أقوال :
__________________
(١) أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٤٣٨.